منتدى صداقة سوفت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى صداقة سوفت

نورت منتديات صداقة سوفت ياآ ~ زائر ~ إن شاء الله تكون بألف خير وعاآفية ... نحن نناضل لبناء مجتمع تعمه معاني الصداقة والأخوة المعمقة بالحب والود
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" ***
يُنصَبُ حول العرش يوم القيامة منابِر من نور عليها قوم لباسهم من نور ووجوههم نورليْسُوا بأنبياء ولا شهداء....يغبِطهم الانبياء والشهداء...هم المتحابون في الله على غير انساب بينهم ولا أموال يتعاطونها .



 

 كيف نبني طلابنا ؟

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
BLACK MAN
صديق برونزي
صديق برونزي
BLACK MAN


البلد : الجزائر
عدد المساهمات عدد المساهمات : 1483
الجنس : ذكر
نقاط : 2970
السمعة السمعة : 20

كيف نبني طلابنا ؟ Empty
مُساهمةموضوع: كيف نبني طلابنا ؟   كيف نبني طلابنا ؟ Emptyالجمعة يوليو 12 2013, 11:30




كيف نبني طلابنا ؟ Salam11rp7re6
كيف نبني طلابنا: بالمعارف أم بالكفاءات(1)؟ ترجمة الدكتورة ماري شهرستان(3)
هناك على الدوام جدل حول مسألة إيصال المعلومات إلى تلاميذ المدرسة. المواجهة القديمة بين نصيري المعارف ونصيري التربية عادت اليوم إلى الظهور من جديد عبر انتقادات حادّة لفكرة المهارات.

كيف نبني طلابنا ؟ Tlab-51c014202616a

لا يوجد على الإطلاق مسألة أكثر أهمية بالنسبة إلى المدرسة من تحديد ما يتم اعتقاده أنه جيد وضروري وينبغي تعليمه للتلاميذ. اتسمت المجادلات حول هذا الموضوع, لعقود خلت, بمواقف هجومية وحرب كلامية بالكتابة: هل ينبغي أن نعلِّم التلاميذ مهارات – أي معرفة كيفية استخلاص المعلومة من النص على سبيل المثال- أم نجعلهم يحفظون نصوصاً ويتلونها عن ظهر قلب؟ يدل هذا التناقض على اختلاف المواقف العقائدية, كما يثير أيضاً مسائل تربوية وفلسفية حقيقية.

المدرسة وعالم العمل

برزت فكرة الكفاءة في المهنة مطلع عام 1980 بعد أن هزت الانتقادات العديدة المدرسة(4), التي كان عليها القبول بالتنازل عن امتياز نقل المعارف والاقتناع أن المعلومات المدرسية ليست مقدسة ولا غير قابلة للنقاش. كما أن نقد نخبوية الثقافة المدرسية أصبح أمراً محتماً على الأخص مع دمَقْرطة الدراسات, واستقبال الثانويات لجميع الطلاب وليس للورثة فقط. وتدور الجدالات أيضاً في سياق انفراج نسبي للعلاقات بين المدرسة وعالم العمل وهناك جهود لإعادة تقييم الإعداد المهني مع تطور الإعداد المستمر بالتعاون مع أوساط العمل التي جلبت إلى الوسط المدرسي تساؤلات كانت تعتبر حتى ذلك الوقت غير لائقة: فإن كان بإمكان التدريس المتعاقب أن يكون "تربوياً" فماذا نحتاج كي نندمج في "الحياة الحقيقية؟"
هذه التساؤلات كان قد طرحَها بعض المربّين التقدميين(5) منذ فترة بعيدة. عظَّم المربّون في التربية الحديثة من شأن التربية النشطة التي تجعل الطالب مستقلاً في بناء معارفه, وبتعبير آخر يصبح أكثر كفاءة مما كان عليه سابقاً. وانطلاقاً من عام 1970, فضّل العديد من المربين إعطاء الأولوية لمنهجيات التعلم ("أن نتعلم كيف نتعلم") بالنسبة إلى معارف الفروع العلمية, وذلك تبعاً لـ"باسيل بيرنشتاين Basil Bernstein" الاختصاصي في علم الاجتماع في بريطانيا. كان هذا الباحث يدافع عن علم أصول للتدريس "واضح" يجزَّأ بدقة ويبيّن فكرته في التدرب والامتهان (التمهين) بشكل يكون أكثر سهولة للاستيعاب بالنسبة إلى الطلاب البعيدين ثقافياً عن المدرسة, وذلك على عكس علم التربية "المحتجب" الظليل والنخبوي الذي كان شعار الثانويات القديمة. كان القصد من ذلك توفير عرضاني لتنوع الكفاءات يعطي فرصة لكل فرد بدل أن يكون هناك مراتبية في المعارف.

هل العلم هو ضد السوق؟

في فرنسا ووفق علم وزعامة المربين أمثال فيليب ميريو, ظهرت مفاهيم تربوية جديدة مثل عبر المناهجية, وأصول التدريس وفق الأهداف, أو العقد, والعمل بمجموعات, والفردانية.... الأولوية هي لتكوين أشخاص مستقلين يكون بإمكانهم أن يتدبروا أمرهم في الحياة بفضل سلسلة مفتوحة من "المهارات" و"آداب السلوك", حتى لو أن هناك مفكرين أمثال "آلان فن كلكراوت Alain Finkielkraut" ثاروا باسم الجمهورية, ضد أولئك المربين الذين يهاجمون المعارف ويضحون بالثقافة في سبيل التربية(6), وافقت النصوص الرسمية على هذا التطور. وفي فرنسا, خصص قانون البرامج لعام 1992 فكرة المهارات الواجب أداؤها في نهاية التعلم, وأصبح البرنامج "عقد تدريس" لطالب وضعه قانون التوجه لعام 1989 "في مركز النظام".
بسرعة كبيرة أثارت فكرة المهارات تساؤلات عديدة, حيث شعر المدرِّسون أنها تنشر بطريقة مستترة مفهوماً مختلفاً للمعارف ولدور المدرسة, عندما تنفذ سياسة التعلم الفعلي, وتعديد الحرف, الذي يحكم عليه وفق فعاليته, وأنَّ كل تلميذ مستقل بإمكانه النجاح. وعندما تجري تنشئة التلاميذ ليكتسبوا مهارة منهج ما من العلوم يقيَّم لذاته, وتبريراً لسلطتهم, لم يستطيعوا تجاهل أن هذا الأمر ينبئ بتحول لعملهم مع التلامذة وأنه رفض لجوهر الفضيلة التربوية والديمقراطية والمحرِّرة, وللمعارف المنهجية بالصورة التي حددوها ونشروها بأنفسهم.
منذ عام 2000, أخذ نقد المقاربة بالكفاءات منحىً جديداً: ألا تعزز دخولاً حتمياً للنيوليبيرالية إلى المدرسة(7)؟ في عالم العمل الذي تكون فيه المواصفات المكتسبة طارئة ومتنوعة, ينبغي على العامل, كي يكون فعالاً, التحرك وإظهار أنه مرن ومتعدد الكفاءات. وقد ركزت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية(8) l’OCDE على مسائل الثقافة المهنية والتدريب لتلبية حاجات الاقتصاد ودعم النمو الاقتصادي الذي هو المقصد الأول, فشجعت الدول المنضوية تحت لوائها على منهجة أنظمتها التعليمية لتجهيز الشباب بمهارات يحتاجونها في حياتهم, وتكون مهنية بالدرجة الأولى. ومع استقصاءات بيزا Pisa التي تم إطلاقها عام 2000 برعايتها, جرى تقييم كفاءات الطلاب بعمر الـ15 سنة في ثلاثة ميادين: فهم النصوص المكتوبة, الرياضيات, الثقافة العلمية. المهم في الموضوع أن يتم حصر وضبط ما يمكن للشباب بعمر الـ15 أن يقوموا به بعد البرامج الوطنية؛ فهل هم على سبيل المثال قادرون على فهم واستخدام وتحليل النصوص المكتوبة؟
وعندما تدخل الكفاءات إلى المدرسة يتمركز فيها آلية كاملة تقويمية بشكل يربك المدرسين: كيف يمكن ترقيم درجة المهارة التي تكون أحياناً تجريدية وربما مبهمة مثل "تكيف الاتصال وفق السياق"؟ ثم كيف يمكن التأكد بأن هذه الكفاءات, التي ننهك أنفسنا في تقويمها والتي قد تكون الإقرار النهائي لفعالية التدريس, هي قابلة للنقل والتدريس: كيف يكون الطالب معداً وجاهزاً – هل هو قادر على فهم نصٍ مكتوبٍ – هل تُضمن خلف التمرين الناجح, كفاءة عامة مهما كانت النصوص وطوال حياة الطالب؟
إذا أخرجنا هذه التساؤلات من غطائها الحِرفي أو الأيديولوجي, تثير مقاربة الكفاءات مسائل حقيقية وجوهرية بالنسبة إلى المربين (9). تثير أولاً مسألة نقل المعلومات: كيف نعمل وبأية طريقة ندرِّس بها التلميذ بشكل يستطيع به لاحقاً أن يتعلم عندما يلزمه ذلك؟ وكيف نعمل كي تصبح هذه المعارف بانية بالفعل, أي تساعد الطفل على التفتح والانخراط في الحياة؟
أسئلة كبيرة, لكن لا يمكننا تجنبها إذا نادينا بالعودة إلى أولوية المعارف: إنه من غير الممكن أن نقوم بمواجهة المعارف بالكفاءات, لنفكر ماذا سيستطيع التلميذ إنجازه بفضل تعلمه. كي ينجح باستعمال آلة ما مهما كانت, غير كاف أن يعرف آلية عملها على الورق (أو أن يقرأ التعليمات), أو وفق مقاربة بالكفاءات أن نعالجها وحدنا باليد.. المعرفة تلعب دوراً في العمل للوصول إلى المهارة.

ديكتاتورية المفيد؟

هناك مسألة هامّة أخرى تتعلق بهذه الأولوية للمفيد والناجمة عن المقاربة بالكفاءات. إن التساؤل الشائع الذي يتم ترديده على الدوام"ماذا يفيد؟" سرى لدرجة أننا نحسب الطلاب قد قلَّ اهتمامهم بالشأن المدرسي. بالإضافة إلى ذلك, هناك موضوع الوظيفة وإطارها ومتطلباتها, الذي يولي الأولوية للطابع "المثمر" فيما ينبغي أن يتعلمه الطلاب, بشكل يكون له تأثير على المردود أو الدخل. لا يوجد شيء مكروه: أن ننجح في الحياة, لا يقتصر على الدراسة في صفوف عليا, ولا بفضل المعارف المدرسية المتراكمة, فكل فرد بحاجة لأن يجد منفذاً ومنطلقاً في عالم العمل بالمواصفات التي امتلكها. كما أن هناك مخاطرة كبيرة في تعيين ما هو المفيد اليوم بالنسبة إلى تقلبات الغد. بالإضافة إلى ذلك, تقول بعض الآراء إن محاولة تحريك التلاميذ بواسطة المفيد يجعل منهم منفعيين ويقتل عندهم معنى كل التعلم في سبيل منفعة غير محققة وغامضة, هذا ناهيك عن خيبات الأمل التي قد تفاجئهم بها الحياة بهذا الخصوص.
ويتبيّن لنا بين السطور أن هناك مسألة وهي التساؤل المستمر عن معرفة أية تنشئة نشجع عليها في مدارسنا إذا قبلنا بديكتاتورية المفيد. رفضت الفيلسوفة مارتا نوسباوم Martha Nussbaum تربية "متجهة نحو الربح". فهي على العكس من ذلك تفضل تربية بالطريقة الديمقراطية, تنمّي استقلالية الفكر, والخيال والمقدرة على معرفة الغير, ومبنية على الشؤون الإنسانية والفنون. الموضوع ليس في أن نخلق منهجاً إضافياً بل في خلق حالة فكرية تحصل عندما ندعو الطلاب إلى تقمص شخصية رواية ما, أو إلى تحليل انفعالاتهم أمام عمل فني, وإلى الانبهار والتعبير عن الدهشة عندما يفهمون تماماً أفكار كاتب, فيلسوفاً كان أم سياسياً, ويعود تاريخياً إلى عدة قرون خلت...
أن نربي, هو أن نسمح للطلاب بالشعور بمتعة الاكتشافات المجانية, ومتعة تخطي صعوبة برهنة ما, ومتعة الفهم, و"استعادة معنى المعارف والثقافة(10)"...
فإذا كان الجدال بين المعارف والكفاءات يظهر بهذه الشدة, ذلك لأنه يسائل الطبيعة والطموح وطرق التربية التي لا تقتصر على نقل المعارف. إن فكرة المهارة لها الفضل في تبيان المقاصد التي نسعى إليها وبالتالي نفتح الجدل حول ما ينبغي أن يكون عليه المشروع التربوي في مدارسنا: إذا استطعنا معارضة الطابع الديمقراطي للتوجيهات الأوروبية في مادة المهارات الواجب تعليمها, هل نحن واثقون بأن الأسلوب الذي يجدول فيه العالَم الأكاديمي المعارف المناهجية لوضعها في البرنامج ستكون أكثر بكثير؟ بعد تفكير وتأمل حقيقي حول الثقافة الواجب توفيرها للجميع, نصل إلى نتيجة مفادها أنه ينبغي تجاوز التضاد والمواجهة بين المعارف والكفاءات(11), كما ينبغي طرح تساؤلات أخرى, قد تكون أكثر إحراجاً ومنها شرعية امتياز المدرسة واختصاصيّي منهج معيّن في التربية, والقيمة البناءة لتربية تعطي الأهمية للعقل.

في التربية: الجزرة أم العصا؟
يفضل الأبوان توريث أولادهم قيماً وتذوقاً وثقافةً تكون انعكاساً للهوية العائلية. لكن كيف يمكن تطبيق ذلك وبأي أسلوب؟
ظهر عام 2011 كتاب بعنوان "أنشودة معركة الأم النمرة (12)"حيث أثار ضجة كبيرة على طرفي الأطلنطي. مؤلفته آمي شوا Amy Chua, من أصل صيني, مجازة من جامعة هارفرد ومتزوجة في الولايات المتحدة الأمريكية, تروي فيه كيف أنشأت ابنتيها وفق أسلوب تربية صيني. فهي ترفض اتباع النموذج الغربي الذي تعتبره متراخياً زيادة عن اللزوم ونتيجته الفشل. بالنسبة إلى صوفيا ولويزا(ابنتيها), ينبغي عليهما أن تكونا متفوقتين في المدرسة أي أن تنكبّا على الدرس لساعات عديدة بشكل متواصل ودؤوب كل يوم, وأن تعزفا على البيانو أو الكمان (حصرياً) وأن تكونا ماهرتين في الفن, وأن تتعلما اللغة الصينية الحديثة.. بالمختصر, عليهما الالتزام بالتفوق ويكمن الثمن في قائمة كبيرة من الممنوعات: ممنوع الألعاب, وممنوعة السهرات مع الزملاء, ممنوع التلفاز أيضاً, وليس هناك أية إمكانية للاعتراض أو الاختيار!
لماذا حقق هذا الكتاب مثل هذا النجاح وهو يصف أمّاً صارمة وقاسية جداً بنظر العديد من الآباء والأمهات الغربيين. هناك أساب عديدة لذلك, من جهة, سحر التفوق الباهر الذي يحلم به الكثير من الأهالي والذي أصبح طلباً حقيقياً بالنسبة إلى عدد كبير من الشبان. ومن جهة أخرى, صعوبة تربية الأطفال وتحريضهم على الدراسة بالإضافة إلى صعوبة نقل قيم وثقافة تكون انعكاساً للهوية العائلية.

من الأم النمرة إلى ناني الممتازة

هل ذهبت طرق التربية الجديدة التي ظهرت في البلدان الغربية منذ نصف قرن بعيداً في التسامح وفي الاهتمام باحترام حقوق الطفل, وإعطاء الأولوية لإبداعه وتفتّحه واختياره الحر؟ هل ينبغي أن نترك الرؤوس الشقراء والسمراء العزيزة على قلوبنا, تنتقي نشاطاتها وأسلوب هندامها وحرية اتصالاتها وتنظيم إيقاعات حياتها, كل ذلك على حساب التعلم المدرسي أو العائلي أو الاجتماعي؟ بدأ الأهالي يطلبون النجدة والمدرِّسون أصبحوا في حيرة تامة أمام رفض تلاميذهم الانصياع لأوامر المؤسسة المدرسية....
كل هذه التساؤلات تؤدي إلى طرح مسألة التعليم التربوي. لقد اشتد الجدل منذ سنين عديدة لدى علماء النفس والاجتماع والمربين. بعضهم طالب بالعودة إلى تربية أكثر صرامة(13). لكن التحولات الحاصلة في المجتمع منذ نصف قرن غيّرت النظرة إلى الأطفال. علم النفس وعلم التحليل النفسي وعلم التربية والعلوم الإنسانية أولت جميعها اهتماماً كبيراً بكل مناحي شخصية الطفل لتوفر أفضل الظروف لنموه العاطفي والمعرفي بحيث جعلوا من فترة الطفولة مرحلة نوعية في الحياة.
لهذا السبب يشرح فرانسوا دو سينغلي François de Singly وجهة نظره قائلاً: "لم يعد الطفل يحدَّد قبل كل شيء بصفته ابناً أو ابنة, أو بصفته كـ"صغير" ينبغي أن يخضع لسلطة, بل ينبغي أن يعمل ويبحث ليحقق ذاته (14)". بالنسبة إلى هذا الاختصاصي في علم الاجتماع, لقد انتهى الزمن الذي كان فيه الهدف الأولي للتربية يتبع التقيّد بالنظم الاجتماعية وباحترام القوانين, وبسلوك يسمح لكل فرد أن يجد المكانة المقرَّرة له. ومنذ عام 1960, دخلنا في عصر "الفردانية الديمقراطية". والهدف الأول للتربية أصبح يوفر لكل فرد استقلاليته. ويستند بناء هذه الاستقلالية إلى تعلُّمٍ نشط وعلى الاختيارات الفردية للطفل أكثر مما هو على التلقي العمودي والمتحكم بطريقة استبدادية.

البحث عن المسافة الجيدة

ويضاف إلى ذلك, أنه خلال القرن العشرين, عززَّ علماء النفس هذه التحولات عندما كثفوا اهتمامهم بنمو الذكاء. أبرزت النظريات البناءة (15) الطفل وكأنه هو الفاعل في تعلمه وأناطت بالبالغ المربّي دور الوسيط والمرافقة في المسار التربوي – التعليمي(16). إن نقل المعارف والقيم لا يمكن أن ينظر إليه "بصورة ميكانيكية أو كعلاقة قوة (...). التعلم الإنساني ليس بحال من الأحوال مجرد اقتباس بسيط, بل هو امتلاك المعارف وبناء الشخصية في آنٍ معاً (17), وذلك وفق الشرح الواضح والرائع للمربّي فيليب ميريو Philippe Meirieu
أما دو سينغلي de Singly من جهته, فيصف النمو الطفولي و"كأنه رحلة اكتشاف الذات والعالم, يكون الأبوان فيها مرافقين ومراعيَين. مهمتهما الأساسية ضمان أمانه من جهة ومن جهة أخرى خلق محيط ملائم كي يتمكن الطفل من اكتشاف معنى النظم وانتقاء ما يناسبه منها ضمن هذا الإطار (...). التربية الديمقراطية ليست طريقة "دعه بحريته" لأن الطاعة مطلوبة أيضاً لكنها لا تحتل أبداً المكانة نفسها في الإعداد".
هنا ربما يصبح الأمر معقداً.. لأنه من هذا المنظور, لا يمكن لدور الأبوين والمربِّين أن يتلاشى. بل على العكس من ذلك يتطلب منهم حضوراً أكثر عناية وانتباه وإحاطة مرنة وعطوفة مع غنى كاف كي يتمكنوا من وهب الطفل الأغذية المادية والفكرية التي توفر له التفتح والتفوق في آن. لذلك يتعرض العديد من الأهالي لضغوط نفسية لأن متطلباتهم بالنسبة إلى أولادهم في النجاح والكمال تزداد يوماً بعد يوم فيلجؤون إلى ملء برامج أطفالهم بنشاطات متنوعة ومتعددة – رياضة, موسيقى, تعلم لغات... – بالإضافة إلى مراقبة عصبية لحسن سير العمل المدرسي. لهذا السبب تراهم قلقين ومضطربين من صعوبة إيجاد المسافة الصحيحة لتربية ديمقراطية, ولنقل بعض القيم العزيزة على قلوبهم دون فرضها قسراً, ولوضع الطفل على سكة واعدة: التفاوض. والشرح. والتدبير, هذه هي اهتمامات أبوين يحاولان الإمساك بزمام الأمور, ونقل ميزات من الهوية العائلية, لكن دون المبالغة في السلطوية. هذا النمط من التربية يتطلب ما يدعوه بعض علماء النفس بالـ"سلطة الإيجابية".
هل التربية الغربية تسامحية؟ إنها ربما نموذج ديمقراطي يبحث عن نفسه ويعرف أخطاءه ونجاحاته التي ينساها في أغلب الأحيان. دلت دراسات حديثة على أن غالبية المراهقين يشعرون بالانسجام الداخلي مع ذاتهم (18), والغالبية العظمى منهم متميزون وسيَرهم المدرسية أكثر من مشرفة ولو أن هناك ميلاً للتركيز على فشل بعضهم.
وشوا A. Chua من جهتها لا تخفي إشارات التمرد التي بدأت تصادفها خلال مراهقة ابنتها الصغرى رغم تفوق الابنتين: تجاه رفض الوالدة أخذها إلى مصفف الشعر بذريعة أنها لم تمض ساعات كافية في التدرب على الكمان, لجأت هذه الابنة الصغرى إلى قص شعرها عشوائياً في جميع الاتجاهات. أما بالنسبة إلى الابنة البكر فقد تجرأت ووجهت بعض الانتقادات لأوامر أمها المتشددة. وتتساءل شوا A. Chua في نهاية الكتاب حول نجاعة أساليبها التربوية في إطار الديمقراطيات الغربية.
يظل الجدل حاداً حول مسألة السلطة والنقل. وقد ظهر مؤخراً كتاب في الولايات المتحدة الأمريكية يمتدح التربية على الطريقة الفرنسية (19): بنظر الكاتبة, تقدم فرنسا نموذجاً تربوياً حقيقياً صالحاً للكثيرين, وهذا ما طمأن الفرنسيين الذين دأبوا على جلد أنفسهم في هذا السبيل.

إقرار ميزان البناء

اكتشف ماتيو كروفورد Matthew Crawford, فضائل العمل الحِرَفي عندما فتح محلاً لتصليح السيارات, وكروفورد, كان في بداياته فيلسوفاً. ومن هذه التجربة دافع عن فكرة أن كل عمل يدوي يتطلب الذكاء. تعليم الحِرَف اليدوية برأيه هو تعليم بنّاء أكثر مما لو أن كل التلامذة أصبحوا مفكرين صغاراً بالقوة... (وليس بالفعل).
العمل الفكري يحررنا بكل تأكيد من المهام الفيزيائية, لكننا عندما نحاول التحرر من أي نشاط يدوي, فإننا نتعرَّض لضغوط أخرى: يصبح كل ما هو مادي غامضاً بالنسبة إلينا طالما أننا لا نتعامل معه باليد مباشرة, كما نصبح رهينة الذين يعرفون ذلك. من جهة الأعمال المسماة فكرية, المهام الواجب إنجازها, ومسؤولية كل واحد تزداد ضبابية, والصورة التي نتوصل لإعطائها إلى الآخرين, تصبح معيار تقييم رئيسي, ما يؤدي إلى شعور بعدم الارتياح النفسي وشعور بالنقص, على عكس "قانون ميزان البناء"...
وبالنسبة إلى الطلاب: عندما يبتعدون كثيراً عن الواقع, يغدون غير قابلين للاستخدام في المهن اليدوية, وفي الوقت نفسه غير قادرين على ممارسة مهن فكرية حقيقية. لا يمكننا التوقع كيف يمكنهم تدبّر أمورهم عند مواجهتهم لأشياء مواجهة قد تكون عنيفة فكيف سيبرهنون عن استقلالية فكرية وعن جرأة, وعلى الأخص إن لم ينتابهم الشعور بأنه يمكننا على الدوام تدبر المواقف الحرجة. وتصل الأمور بـ"كروفورد M. Crawford إلى القول بسخرية: " اعتباراً من مستوى معين من التراتبية الاجتماعية, إن الأفراد المفروض بهم أن يتخذوا القرارات الكبيرة التي تؤثر بنا, لا يبدو عليهم مطلقاً أنهم يشعرون بقابليتهم للخطأ", وهو يشير إلى تجار ولـ ستريت Wall Street وشعورهم بأنهم معصومون عن الخطأ, بينما كل صاحب مهنة يعرف تماماً أن الأمور يمكن أن تتحوّل إلى الأسوأ(20).


هوامش:
(1) مقالة نشرت في مجلة العلوم الإنسانية في الملفات الكبيرة رقم 27 – حزيران – تموز – آب 2012 Grands Dossiers N° 27 - juin/juillet/août 2012 (Transmettre (?cole - Famille - Culture - Religion - Entreprise
(2) الأستاذة ماري دورو- بييا Marie Duru-Bellatاختصاصية في علم الاجتماع في باريس وباحثة في المرصد الاجتماعي للتغيير, من الكتب التي نشرتها "الاستحقاق ضد العدالة Le Méritecontre la justice, صدر عن صحافة العلوم السياسية, 2009.
(3) الدكتورة ماري شهرستان, مترجمة وباحثة سورية.
(4) انظر فرنسواز روبه ولوسي طانغوي, "معارف وكفاءات". في توظيف هذه المعلومات في المدرسة والعمل, الهارتمان Voir Françoise Ropé et Lucie Tanguy (dir.), Savoirsetcompétences. De l’usage de ces notions dansl’écoleetl’entreprise, L’Harmattan, 2003.?
(5) التقدميون progressistes: أي الذين يؤمنون بالإصلاح السياسي والاجتماعي.
(6) انظر مارتين فورنييه, "المدرسة: التثقيف ضد التربية", العلوم الإنسانية, رقم 178, كانون الثاني 2007 Voir Martine Fournier, «??cole?: l’instructioncontrel’éducation?», Sciences Humaines, n° 178, janvier 2007. ?Disponiblesur [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
(7) انظر كريستيان لافال وآل., المدرسة الرأسمالية الجديدة, أو آنجيليك ديل ري, في مدرسة الكفاءات. من التربية إلى صناعة تلميذ ناجح, Voir Christian Laval et al., La Nouvelle ?colecapitaliste, La Découverte, 2011, ouAngélique Del Rey, ? l’école des compétences. De l’éducation à la fabrique de l’élèveperformant, La Découverte, 2010.?
(8) منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE, هي منظمة دولية للدراسات الاقتصادية, ومعظم أعضائها من البلاد المتطورة التي لها أنظمة ديمقراطية وتتعامل وفق اقتصاد السوق. تلعب هذه المنظمة دورها كجمعية استشارية وقد أنشئت بعد توقف المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي OECE التي رسخت مشروع مارشال والتي استمرت من عام 1948 إلى عام 1960. تضم منظمة OCDE 34 بلداً عضواً فيها ومئات الخبراء في مراكز بحوث في باريس (ومقرها في شاتو دولامويت Château de la Muette) تنشر باستمرار دراسات اقتصادية وتحاليل وتقديرات حسابية وتوصيات للسياسة الاقتصادية وإحصائيات تتعلق بالدول الأعضاء بشكل رئيس.
(9) انظر مارسيل كراهي, "أخطار, وشكوك ونقص في منطق المعرفة في التربية" Voir Marcel Crahay, «?Dangers, incertitudes et incomplétude de la logique de la connaissance en éducation?», Revue française de pédagogie, n° 154, janvier-février-mars 2006.
(10) م. غوشة "ضد أيديولوجية الكفاءة, ينبغي على المدرسة أن تعلم التفكير" (صحيفة لوموند 292011). انظر أيضاً ماري- كلير بلي, ومارسيل غوشة ودومينيك اوتافي, من أجل فلسفة سياسية للتربية M.Gauchet « Contrel’idéologie de la compétence, l’écoledoitapprendre à penser » (Le Monde, 02/09/2011). Voiraussi Marie-Claire Blais, Marcel Gauchetet Dominique Ottavi, Pour unephilosophiepolitique de l’éducation, Bayard, 2002.
(11) انظر ملاحظات فيليب بيرينو: "القاعدة والتمثال", دفاتر تربوية Voir les réflexions de Philippe Perrenoud : « Le socle et la statue », Cahiers pédagogiques, 2006, n°439, 16-18.
(12) آمي شوا, أنشودة معركة الأم النمرة, إصدار غاليمار Amy Chua, L’Hymne de bataille de la mère Tigre, Gallimard, 2011.?
(13) آلدو ناوري, تربية الأطفال. Aldo Naouri, ?duquersesenfants. L’urgenceaujourd’hui, Odile Jacob, 2008.
(14) فرانسوا دو سينغلي, كيف نساعد الطفل ليحقق ذاته؟ آرمان كولانFrançois de Singly, Comment aider l’enfant à devenirlui-même??, ?Armand Colin, 2009.
(15) برزت هذه الأفكار مع جان بياجه Jean Piaget, ليف فيغوتسكيLev Vygotski أوجيروم برونرJerome Bruner.
(16) انظر مارتين فورنييه وروجه ليكويه, ذكاء الطفل, إصدار العلوم الإنسانية, voir Martine Fournier et Roger Lécuyer (dir.), L’Intelligence de l’enfant, ?éd. Sciences Humaines, 2009.?
(17) فيليب ميريو, "أن ننقل, نعم... لكن كيف؟" العلوم الإنسانيةPhilippe Meirieu, «?Transmettre, oui… Mais comment??? Sciences Humaines, ?hors-série n° 36, mars-avril-mai 2002
(18) بحث لإيبسوس: "المراهقون يتجهون عكس ما يعتقد الأهل" EnquêteIpsos Santé/fondation Pfizer, «?Les adosvontbiencontrairement?àcequepensent les adultes?», 2012, [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
(19) باميلا دروكمان, الأطفال الفرنسيون لا يرمون الطعام إلى..., Pamela Druckerman, French Children Don’t Throw Food, Doubleday, 2012.
(20) ماتيو كروفورد, الاكتشاف, 2010, - Matthew Crawford, ?La Découverte, 2010. بحث حول معنى وقيمة العمل.

كيف نبني طلابنا ؟ 512
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زكرياء
مدير الموقع
مدير الموقع
زكرياء


البلد : غير معروف
الهواية : كيف نبني طلابنا ؟ Sports10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8685
الجنس : ذكر
نقاط : 174269
السمعة السمعة : 188

كيف نبني طلابنا ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف نبني طلابنا ؟   كيف نبني طلابنا ؟ Emptyالجمعة يوليو 12 2013, 11:35

كيف نبني طلابنا ؟ Images?q=tbn:ANd9GcQbnsDWcA9WdpS4DWSBRn7Cm5yXFScQkSlvh2XyHJvyRiA2rk8u
 طرح مميز
موضوع هام 
يحتاج إلى الكثير من المتابعة من ذوي الاختصاص 
بارك الله فيك بلاك مان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sadakasoft.yoo7.com
BLACK MAN
صديق برونزي
صديق برونزي
BLACK MAN


البلد : الجزائر
عدد المساهمات عدد المساهمات : 1483
الجنس : ذكر
نقاط : 2970
السمعة السمعة : 20

كيف نبني طلابنا ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف نبني طلابنا ؟   كيف نبني طلابنا ؟ Emptyالجمعة يوليو 12 2013, 19:33

شكرا لمرورك العطر زكرياء
و شكرا على الرد الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف نبني طلابنا ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى صداقة سوفت :: ¯°·.¸¸.·°¯°·.¸¸.·°¯ التعليم والدراسة ¯°·.¸¸.·°¯°·.¸¸.·°¯ :: ۩ منتدى الشؤون التعليمية ۩-
انتقل الى: