منتدى صداقة سوفت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى صداقة سوفت

نورت منتديات صداقة سوفت ياآ ~ زائر ~ إن شاء الله تكون بألف خير وعاآفية ... نحن نناضل لبناء مجتمع تعمه معاني الصداقة والأخوة المعمقة بالحب والود
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" ***
يُنصَبُ حول العرش يوم القيامة منابِر من نور عليها قوم لباسهم من نور ووجوههم نورليْسُوا بأنبياء ولا شهداء....يغبِطهم الانبياء والشهداء...هم المتحابون في الله على غير انساب بينهم ولا أموال يتعاطونها .



 

 من روائع المنفلوطي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
جيمي
صديق برونزي
صديق برونزي
جيمي


البلد : الجزائر
الهواية : من روائع المنفلوطي  Travel10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2317
الجنس : انثى
نقاط : 4538
السمعة السمعة : 40
العمر : 43

من روائع المنفلوطي  Empty
مُساهمةموضوع: من روائع المنفلوطي    من روائع المنفلوطي  Emptyالثلاثاء يونيو 02 2015, 17:58











السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مرحبا باحبابي:
اولا نبذه بسيطه عن هذا الاديب الكبير

هو مصطفى لطفي المنفلوطي الذي ولد بمنفلوط بصعيد مصر سنة 1876 ..
المنفلوطي كاتب مصري ، تعلم بالأزهر ، واتصل بالشيخ محمد عبده ، وعاون الشيخ علي يوسف في تحرير جريدته (المؤيد) ، وكان المنفلوطي قارئا ذواقة ، شديد التأثر برشاقة التعبير غير المتكلف في شعر القدماء ونثرهم ، وساعده في عمله في الصحافة اصطناعه اسلوب فني متحرر من المحسنات..
مجموعة مقالاته ( النظرات ) ( ثلاثة أجزاء ، 1910- 1920 ) تشمل توضيح مذهبه في الأدب والدفاع عن المثل العليا للثقافة العربية الإسلامية ونقد الرذائل الاجتماعية ، مع بعض القصص الساذج ..
صاغ باسلوبه عدة روايات ترجمت له عن الأدب الفرنسي : ( الشاعرة ) و( مجدولين ) (و في سبيل التاج) فلقيت مقالاته إقبالا كبيرا ، كما أن للمنفلوطي ديوان شعر ..
وتوفي مصطفى لطفي المنفلوطي سنة 1924 م .


























الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جيمي
صديق برونزي
صديق برونزي
جيمي


البلد : الجزائر
الهواية : من روائع المنفلوطي  Travel10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2317
الجنس : انثى
نقاط : 4538
السمعة السمعة : 40
العمر : 43

من روائع المنفلوطي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من روائع المنفلوطي    من روائع المنفلوطي  Emptyالثلاثاء يونيو 02 2015, 18:00












كتب المنفلوطي مقالا بعنوان (الله اكبر)
انا اري انه من اجمل ما كتب

اليكم المقال


جلستُ وقد مضى هزيعٌ من الليل، أهَيِّئ في نفسي بِناء قصة أُديرُها على فتىً كما أحَبَّ.. خبيث داعر، وفتاة كما أحبَّتْ.. عذراءَ مُتَمَاجِنة، كلاهما قد درس وتخرَّج في ثلاثة معاهد: المدرسة، والروايات الغرامية، والسِّيما، وهو مصري مسلم، وهي مصرية مسيحية، وللفتى هِنَاتٌ وسيئاتٌ لا يتنزَّه ولا يتورَّع، وهو من شبابه كالماء يغلي، ومن أناقته بحيث لم يبْقَ إلا أن تَلْحَقَه تاءُ التأنيث، وقد تشعَّبتْ به فنون هذه المدنية، فرفع الله يده عن قلبه لا يُبالي في أيّ أوْديتها هلَكَ، وهو طِلْبُ نساء، دأبُه التَّجوالُ في طُرقهنّ، يتْبَعُهنَّ ويتعرض لهنّ، وقد ألِفَتْه الطرق حتى لو تكلَّمتْ لقالت: هذا ضرْبٌ عجيبٌ من عربات الكنس... !.
وللفتاة تبرُّجٌ وتهتك، يعبثُ بها العبثُ نفسه، وقد أخرجتْها فنونُ هذا التأنث الأوربي القائم على فلسفة الغريزة، وما يسمّونه (الأدب المكشوف) كما يصوِّره أولئك الكتَّابُ الذين نقلوا إلى الإنسانية فلسفة الشهوات الحرَّة عن البهائم الحرَّة، فهي تبْرُزُ حين تخرج من بيتها، لا إلى الطريق، ولكن إلى نظرات الرجال، وتظهرُ حين تظهر، مصوَّرة لا بتلوين نفسها مما يجوز وما لا يجوز، ولكن بتلوين مرآتها مما يُعْجِبُ وما لا يُعجب.
وكِلا اثنيهما لا يُقيم وزناً للدين، والمسلم والمسيحيُّ منهما هو الاسمُ وحده؛ إذ كان مِن وَضْع الوالدين.
والدِّين حرِّية القيد لا حرية الحرية، فأنت بعد أن تُقيِّدَ رذائلك وضراوتِك وشرَّك وحيوانيتك أنت من بعد هذا حرٌّ ما وسعتْكَ الأرضُ والسماء والفكرُ؛ لأنك من بعد هذا مكمِّلٌ للإنسانيَّة، مستقيمٌ على طريقتها.
ولكن هبْ حماراً تفلْسَفَ وأراد أن يكون حرّاً بعقله الحماري، أي تقرير المذهب الفلسفي الحماريّ في الأدب؛ فهذا إنما يبتغي إطلاقَ حريته، أي تسليطَ حِماريَّتِه الكاملة على كل ما يتصل به من الوجود.
وتمضي قصَّتي في أساليبَ مختلفة تمْتَحِنُ بها فنونُ هذه الفتاة شهوات هذا الفتى، فلا يزال يمشي من حيث لا يصل، ولا تزال تمنعه من حيث لا تردُّه، وما ذلك من فضيلة ولا امتناع، ولكنها غريزة الأنوثة في الاستمتاع بسُلطانها، وإثباتها للرجل أن المرأة هي قوة الانتظار، وقوَّة الصبر، وأن هذه التي تحمل جنينها تسعةَ أشهرٍ في جوفها، تمسكُ رغبتَها في نفسها مدَّةَ حملٍ فكريٍّ إذا هي أرادت الحياة لرغبتها؛ ليكون لوقوعها وتحقُّقها مثل الميلاد المُفرح.
ولكنَّ الميلادَ في قصتي لا يكون لرذيلة هذه الفتاة، بل لفضيلتها؛ فإن المرأة في رأيي ولو كانت حياتُها محدودةً من جهاتها الأربع بكبائر الإثم والفاحشة لا يزال فيها من وراء هذه الحدود كلِّها قلبٌ طبيعتُه الأمومةُ، أي الاتصال بمصدر الخلق، أي كلُّ فضائل العقيدة والدين، وما هو إلا أن يتنبه هذا القلبُ بحادث يتَّصل به فيبلغُ منه، حتَّى تتحوَّلَ المرأةُ تحوُّلَ الأرض من فصلها المقشعرِّ المجدب، إلى فصلها النَّضِر الأخضر.
ففي قصتي تُذْعِنُ الفتاة لصاحبها في يوم قد اعترتْها فيه مخافةٌ، ونزلَ بها همٌّ، وكادتْها الحياةُ من كيدها، فكانت ضعيفةَ النفس بما طرأ عليها من هذه الحالة، وتخلو بالفتى وفكرُها منصرفٌ إلى مصدرِ الغيبِ، مؤمِّلٌ في رحمةِ الله، ويَخْلِبُها الشابُّ خلابةَ رُعُونته وحبِّه ولسانه، فيعطيها الألفاظَ كلَّها فارغةً من المعاني، ويقرُّ بالزواج وهو منطوٍ على الطَّلاق بعد ساعة، فإذا أوشكت الفتاة أن تُصْرعَ تلك الصرعة دوَّى في الجوّ صوتُ المؤذن: الله أكبر.
وتُلسعُ الفتاةُ في قلبها، وتتصلُ بهذا القلب رُوحانيةُ الكلمة، فتقعُ الحياةُ السماويةُ في الحياة الأرضية، وتنتبه العذراء إلى أن الله يشْهَدُ عارَها، ويَفْجؤها أنها مُقْدمةٌ على أن تُفْسِدَ من نفسها ما لا يُصلحه المستحيلُ فضلاً عن الممكن، وترنو بعين الفتاة الطاهرة من نفسها إلى جسمِ بغيٍّ ليستْ هي تلك التي هي، وتنظر بعين الزوجة من صاحبها إلى فاسق ليس هو ذاك الذي هو، ويَحْكي لها المكانُ في قلبها المفطور على الأمومة حكايةً تَثُور منها وتشمئزّ، ويصرُخُ الطفلُ المسكينُ صرختَه في أذنها قبل أن يُولد ويُلقى في الشارع... !.
الله أكبر! صوتٌ رهيبٌ ليس من لغة صاحبها، ولا من صوته ولا من خسَّتِه، كأنما تُفرغُ السماءُ فيه مِلءَ سحابةٍ على رجسِ قلبها؛ فتُنْقيه حتى ليس به ذرَّةٌ من دَنَسِه الذي ركِبَه الساعة.
كان لصاحبها في حسِّ أعصابها ذلك الصوتُ الأسود، المنطفئ، المبهَم، المتَلَجلجُ مما فيه من قوَّةِ شهواته، للمؤذِّنِ صوتٌ آخر في روحها، صوتٌ أحمر، مشتعلٌ كمعمعةِ الحريق، مُجلْجِلٌ كالرعد، واضح كالحقيقة فيه قوَّةُ الله.
سمعتْ صوتَ السلسلة وقعْقَعتَها تُلوى وتُشدُّ عليها، ثم سمعتْ صوتَ السلسلة بعينها يُكسرُ حديدُها ويتحطَّم.
كانت طهارتُها تختنقُ فنفذتْ إليها النَّسمات، وطارتْ الحمامة حين دعاها صوتُ الجو بعد أن كانت أسفَّتْ حين دعاها صوتُ الأرض، طارت الحمامة؛ لأنَّ الطبيعةَ التفتتْ فيها لفتةً أخرى.
ويُكرِّرُ المؤذِّنُ في ختامِ أذانه: الله أكبرُ الله أكبر! فإذا...
وتبلَّدَ خاطري، فوقفتُ في بناء القصة عند هذا الحد، ولم أدرِ كيف يكون جوابُ =إذا... + فتركتُ فكري يعمل عملَه كما تُلْهمه الواعيةُ الباطنة، ونِمْتُ...
ورأيتُ في نومي أنِّي أدخل المسجدَ لصلاة العيد وهو يعُجُّ بتكبير المصلين: =الله أكبر الله أكبر! + ولهم هديرٌ كهدير البحر في تلاطُمِه، وأرى المسجدَ قد غصَّ بالناس فاتَّصلوا وتلاحموا، تجدُ الصفَّ منهم على استوائه كما تجد السطرَ في الكتاب: ممدوداً محتبكاً ينتظمه وضعٌ واحد، وأراهم تتابعوا صفّاً وراء صف، ونَسَقاً على نَسَق، فالمسجد بهم كالسُنْبُلة مُلئتْ حباً ما بين أولها وآخرها، كلُّ حبَّةٍ هي في لِفٍّ من أهلها وشملها، فليس فيهن على الكثرة حبَّةٌ واحدةٌ تُميِّزُها السنبلة فضلَ تمييز، لا في الأعلى ولا في الأسفل.
وأقف متحيِّراً مُتلدِّداً ألتفت ههنا وههنا، لا أدري كيف أخلُصُ إلى موضعٍ أجلس فيه، ثم أمضي أتخطَّى الرِّقابَ أطمعُ في فُرجة أقتحمها وما تنفرج حتى أنتهي إلى الصف الأول، وأنظرُ إلى جانب المحراب شيخاً بادِناً يملأ موضعَ رَجلين، وقد نفحَ منه ريح المسك، وهو في ثيابٍ من سندسٍ خُضر، فلما حاذيته جمعَ نفسَه وانكمش، فكأنما هو يُطوى طيّاً، ورأيتُ مكاناً وسِعني، فحططتُ فيه إلى جانبه، وأنا أعجبُ للرجل ضاقَ ولم أضيِّق عليه، وأين ذهبَ نصفُه الضخم وقد كان بعضه على بعضه زِيَماً على زِيَم[2]، وامتلاءً على امتلاء.
وجعلتُ أحدسُ عليه ظني، فوقع في نفسي أنه ملَكٌ من ملائكة الله قد تمثَّل في الصورة الآدمية؛ فاكتتم فيها لأمر من الأمر.
وضجَّ الناس: الله أكبرُ الله أكبر! في صوتٍ تقشعرُّ منه جلود الذين يخشونَ ربهم، غيرَ أنَّ الناسَ مما ألِفوا الكلمةَ ومما جهلوا من معناها لا يسمعونها إلا كما يسمعون الكلام.
أما الذي إلى جانبي فكان ينتفضُ لها انتفاضةً رجَّتْنِي معه رجّاً، إذ كنت ملتصقاً به مُناكِباً له، وكأن المسجد في نفْضِه إيَّانا كان قطاراً يجري بنا في سرعة السحاب، فكلُّ ما فيه يرتجُّ ويهتزّ، ورأيتُ صاحبي يذهل عن نفسه، ويتلألأُ على وجهِه نورٌ لكل تكبيرةٍ، كأنَّ هناك مصباحاً لا يزال ينطفئ ويشتعل، فقطعتُ الرأيَ أنه من الملائكة.
ثم أقيمتْ الصلاةُ وكبَّر أهل المسجد، وكنت قرأتُ أنَّ بعضهم صلى خلفَ رجلٍ من عظماءِ النفوس الذين يعرفون الله حقَّ معرفته، قال: فلما كبَّرَ قال: اللهُ... ثم بُهِتَ وبقيَ كأنه جسدٌ ليس به روح من إجلاله الله تعالى، ثم قال: أكبر.. يَعْزِمُ بها عزماً، فظننتُ أنَّ قلبي قد انقطع من هيبة تكبيره.
قلتُ أنا: أما الذي إلى جانبي، فلما كبَّر مدَّ صوته مدّاً ينبثق من روحه ويستطير، فلو كان الصوتُ نوراً لملأ ما بين الفجر والضحى.
وعرفتُ والله من معنى المسجد ما لم أعرف، حتى كأنِّي لم أدخله من قبل، فكان هذا الجالسُ إلى جانبي كضوء المصباح في المصباح، فانكشفَ لي المسجدُ في نوره الروحيّ عن معانٍ أدخلتني من الدنيا في دنيا على حِدَة، فما المسجد بناءاً ولا مكاناً كغيره من البناء والمكان، بل هو تصحيحٌ للعالم الذي يموج من حوله ويضطرب، فإنَّ في الحياة أسبابَ الزَّيغ والباطل والمنافسة والعداوة والكيد ونحوها، وهذه كلُّها يمحوها المسجد إذ يجمعُ الناسَ مراراً في كل يوم على سلامة الصدر، وبراءة القلب، وروحانيَّة النفس، ولا تدخله إنسانيَّة الإنسان إلا طاهرةً منزَّهة مُسْبغةً على حدود جسمها من أعلاه وأسفله شعارَ الطُّهْرِ الذي يُسمَّى الوضوء، كأنما يغسلُ الإنسانُ آثارَ الدنيا عن أعضائه قبل دخوله المسجد.
ثم يستوي الجميع في هذا المسجد استواءاً واحداً، ويقفون موقفاً واحداً، ويخشعون خشوعاً واحداً، ويكونون جميعاً في نفسيَّةٍ واحدة، وليس هذا وحدَه، بل يَخِرُّون إلى الأرض جميعاً ساجدين لله، فليس لرأسٍ على رأسٍ ارتفاع، ولا لوجه على وجه تمييز، ومن ثَمَّ فليس لِذَاتٍ على ذاتٍ سلطان.
وهل تُحقِّقُ الإنسانيةُ وَحْدَتَها في الناس بأبدعَ من هذا؟ ولعمري أين يجدُ العالمُ صوابَه إلا ههنا؟
فالمسجد هو في حقيقته موضعُ الفكرةِ الواحدةِ الطاهرةِ المصحِّحةِ لكلِّ ما يزيغُ به الاجتماع، هو فكرٌ واحدٌ لكلِّ الرؤوس، ومن ثَمَّ فهو حلٌّ واحدٌ لكل المشاكل، وكما يُشقُّ النهرُ فتقف الأرضُ عند شاطئه لا تتقدم يُقامُ المسجدُ، فتقف الأرضُ بمعانيها التُّرابيَّةِ خلفَ جدرانه لا تَدْخله.
وما حركةٌ في الصلاة إلا أوَّلُها =الله أكبر+ وآخرها =الله أكبر+، ففي ركعتين من كلِّ صلاة إحدى عشرةَ تكبيرةً يجهرُ المصلُّون بها بلسان واحد، وكأني لم أفطن لهذا من قبل، فأي زمام سياسي للجماهير وروحانيَّتها أشدُّ وأوثقُ من زمام هذه الكلمة التي هي أكبرُ ما في الكلام الإنسانيّ؟
ولما قُضيتْ الصلاةُ سلَّمتُ على الملَك وسلَّم علي، ورأيتُه مقبلاً محتفياً، ورأيتُني أتيراً(3) في نفسه، وجالت في رأسي الخواطرُ فتذكرتُ القصةَ التي أريد أن أكتبها، وأن المؤذنَ يكرر في خاتمةِ أذانه: الله أكبرُ الله أكبر. فإذا...
وقلت: لأسألنَّه، وما أعظمَ أن يكونَ في مقالتي أسطرٌ يلْهِمها مَلَكٌ من الملائكة! ولم أكدْ أرفعُ وجهي إليه حتى قال:
... فإذا لطْمَتانِ على وجه الشيطان، فولَّى مدبراً ولم يُعقِّبْ، ووضعتِ الكلمةُ الإلهيَّةُ معناها في موضعه من قلب الفتاة، فلأياً بِلأي ما نَجَت.
إنَّ الدين في نفس المرأة شعورٌ رقيق، ولكنه هو الفولاذ السميكُ الصلبُ الذي تُصفَّحُ به أخلاقُها المدافعة.
الله أكبر! أتدري ماذا تقول الملائكة إذا سمعت التكبير؟ إنها تُنشدُ هذا النشيد:
بينَ الوقتِ والوقتِ من اليوم تدقُّ ساعةُ الإسلام بهذا الرنين: الله أكبرُ الله أكبر، كما تدقُّ الساعةُ في موضع ليتكلمَ الوقتُ برنينها.
الله أكبرُ! بين ساعات وساعاتٍ من اليوم تُرسلُ الحياةُ في هذه الكلمة نداءها تهتفُ: أيُّها المؤمن! إن كنتَ أصبتَ في الساعات التي مضتْ، فاجتهد للساعات التي تتلو، وإن كنت أخطأتَ، فكفِّرْ وامحُ ساعةً بساعة، الزمن يمحو الزمن، والعملُ يُغيِّرُ العمل، ودقيقةٌ باقيةٌ في العمر هي أملٌ كبير في رحمة الله.
بين ساعات وساعات يتناول المؤمنُ ميزانَ نفسه حين يسمع: الله أكبر، ليعرفَ الصِّحةَ والمرضَ من نيَّتِه، كما يضعُ الطبيبُ لمريضه بين ساعات وساعات ميزانَ الحرارة.
اليومُ الواحد في طبيعة هذه الأرض عُمْرٌ طويلٌ للشر، تكاد كلُّ دقيقة بِشرِّها تكون يوماً مختوماً بليل أسود، فيجب أن تَقسِمَ الإنسانيةُ يومها بعدد قارَّات الدنيا الخمس؛ لأن يوم الأرض صورةٌ من الأرض، وعند كل قسم: من الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء تصحيحُ الإنسانيةُ المؤمنة مُنبِّهةً نفسَها: الله أكبر، الله أكبر!.
بين ساعات وساعات من اليوم يعرِضُ كلُّ مؤمنٍ حسابَه، فيقومُ بين يدي الله ويرفعه إليه، وكيف يكون من لا يزال ينتظر طولَ عمره فيما بين ساعاتٍ وساعاتٍ الله أكبر... ؟
بين الوقتِ والوقت من النهار والليل تُدوِّي كلمةُ الروح: الله أكبر، ويجيبها الناسُ: الله أكبر؛ ليعتادَ الجماهير كيف يُقادونَ إلى الخير بسهولة، وكيف يحقِّقونَ في الإنسانية معنى اجتماع أهل البيت الواحد، فتكون الاستجابة إلى كل نداء اجتماعي مغروسةً في طبيعتهم بغير استكْراه.
النفسُ أسمى من المادة الدنيئة، وأقوى من الزمن المخرّب، ولا دِيْنَ لمن لا تشمَئِزُّ نفسُه من الدناءة بأَنَفَةٍ طبيعية، وتحمل همومَ الحياة بقوة ثابتة.
لا تضطربوا، هذا هو النظام، لا تنحرفوا، هذا هو النَّهج، لا تتراجعوا، هذا هو النداء، لن يكبرَ عليكم شيء ما دامت كلمتُكم: الله أكبر... !
_________________
[1] وحي القلم 1/314 كتبها في الأسبوع الأخير من رمضان.
[2] أي كتل على كتل، والزيم المتفرق من اللحم.
(3) لعلها: أثيراً (م).




















الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جيمي
صديق برونزي
صديق برونزي
جيمي


البلد : الجزائر
الهواية : من روائع المنفلوطي  Travel10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2317
الجنس : انثى
نقاط : 4538
السمعة السمعة : 40
العمر : 43

من روائع المنفلوطي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من روائع المنفلوطي    من روائع المنفلوطي  Emptyالأربعاء يونيو 03 2015, 16:32








.
.
من روائع المنفلوطي  Images?q=tbn:ANd9GcTlkh_btAtpOiQzviy2vDyJtIJsHRXssz-jqNXVK9D2Ggx2PSYwKA

.

من روائع المنفلوطى

الحزين



إن كنت تعلم أنك قد أخذت على الدهر عهدا أن يكون لك كما
تريد في جميع شئونك وأطوارك،،وألا يعطيك ولا يمنعك إلا كما تحب
وتشتهي فجدير بك أن تطلق لنفسك في سبيل الحزن عنانها
كلما فاتك مأرب ،، أو تعذر عليك مطلب ..
وإن كنت تعلم أخلاق الأيام وأخذها وردها وعطاءها ومنعها ،، وأنها
لاتنام على منحة تمنحها حتى تكر عليها راجعة قتستردها ،،
وأن هذه سنتها وتلك خلتها في جميع أبناء آدم سواء في ذلك
ساكن القصر وساكن الكوخ ،،ومن يطأ بنصاله هام الجوزاء
ومن ينام على بساط الغبراء ،، فخفف من حزنك ،، وكفكف
من دمعك ،، فما أنت بأول عرض أصابه سهم الزمان،،وما
مصابك بدعة خارقة في جريدة المصائب والأحزان ..
أنت حزين لأن نجما زاهرا من الأمل كان يتراءى لك في سماء حياتك
فيملأ عينيك نورا ،، وقلبك سرورا ،، وماهي إلا كرة الطرف أن افتقدته
فما وجدته ،، ولو أنك أجملت في أملك ،، لما غلوت في حزنك ..
ولو أمعنت نظرك فيما تراءى لك لرأيت برقا خاطفا ماتظنه نجما زاهرا،،
وهنالك لايبهرك طلوعه،، فلا يفجعك أفوله..




أسعد الناس في هذه الحياة من إذا وافته النعمة تنكر لها ونظر
إليها نظر المستريب بها وترقب في كل ساعة زوالها ..
فإن بقيت في يده فذاك وإلا فقد أعد لفراقها عدته من قبل ..
لولا السرور في ساعة الميلاد ماكان البكاء ساعة الموت ..
ولولا الوثوق بدوام الغنى ماكان الجزع من الفقر ..
ولولا فرحة التلاق ماكانت ترحة الفراق ..



" مصطفى لطفي المنفلوطي "





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جيمي
صديق برونزي
صديق برونزي
جيمي


البلد : الجزائر
الهواية : من روائع المنفلوطي  Travel10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2317
الجنس : انثى
نقاط : 4538
السمعة السمعة : 40
العمر : 43

من روائع المنفلوطي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من روائع المنفلوطي    من روائع المنفلوطي  Emptyالإثنين يونيو 08 2015, 17:07









السَلام عَليكم ورحمةُ الله وبركاتة

* اللقيطة
* مصطفى لطفي المنفلوطي


مر عظيم من عظماء هذه المدينة في زقاق من أزقة الأحياء الوطنية في ليلة من ليالي الشتاء ضرير نجمها حالك ظلامها فرأى تحت جدار متداع فتاة صغيرة في الرابعة عشرة من عمرها جالسة القرفصاء وقد وضعت رأسها بين ركبتيْها اتقاء للبرد الذي كان يعْبث بها عبث النكْباء بالعود وليس في يدها ما تتقيه به إلا أسمال تتراءى مزقها (قطعها) . في جسمها العاري كأنها آثار صياط المستبدين في أجسام المستعبدين. . وقف الرجل أمام هذا المشهد المحْزن المؤثّر وقْفة الكريم الذي تؤْلمه مناظر البؤس وتزْعج نفسه مواقف الشقاء ثم تقدّم نحوها ووضع يده على عاتقها فرفعت رأسها مرتاعة مذعورة وهمّت بالفرار وهي تصيح . لا أعود لا أعود . فلم يزل يمسحها ويروّضها حتى هدأ روعها وعاد إليها رشدها وعلمت أنها ليست بين يديْ الرجل الذي تخافه فنظرت إليه نظرة لو أنها اتصلت بلسان ناطق وفم لحدثت عما وراءها من لواعج الأحزان وكوامن الأشجان..

ما اسمك أيتها الفتاة ؟ ؟ .

لا أعلمْ يا سيدي..

بماذا ينادونك؟؟.

يدعونني اللقيطة..

وهل أنت لقيطة كما يقولون؟؟.

نعم يا سيدي لأنني لم أعرف لي أبا ولا أمّا في الأحياء ولا في الأموات سوى رجل يتولى شأني ويأويني في منزله وكنت أحسبه أبي فيمتلئ قلبي سرورا به وعطفا عليه فلما رأيت أنه يعذبني عذابا أليما ويحمّلني من أثقال الحياة وأعبائها ما لا يحمّله الآباء أبناءهم علمت أنني وحيدة في هذا العالم وفهمت معنى الكلمة التي يناديني بها فألمّ بنفسي من الحزن والألم ما الله عالم به وكنت كلما مشيت في الطريق ورأيت فتاة صغيرة سألْتها ألك أمّ؟ ؟ . فتجيبني نعم ثم تقصّ عليّ من قصص نعمتها ورفاهيتها وعطْف أمّها عليها ورأفتها بها ما يزيدني همّا ويملأ قلبي يأسا حتى كان يخيّل إليّ أنني أذنبت قبل وجودي في هذا العالم ذنبا عاقبني الله عليه بهذا الوجود . بيد أني صبرت على هذا الرجل وعلى ما كان يكلفني به من التسوّل على قارعة الطريق إبقاء على نفسي وضنّا بحياتي أن تغتالها غوائل الدهر وكان كلما رأى حاجتي إليه وإلى مأواه اشتطّ في ظلْمي ولؤم في معاملتي حتى صار يضربني ضربا مبرّحا كلما عدت إليه عشاء بأقل من المبلغ الذي فرض عليّ تقديمه في كلّ يوم ولم أزلْ أصابر وأتحمل منه ما يعجز عن احتماله مثْلي برهة من الزمان حتى جاءني الليلة بداهية الدواهي ومصيبة المصائب فقد حاول أن يسْلب من بين جنْبيْ جوهرة العفاف التي لم يبق في يدي ما يعزّيني عما فقدْته من هناءة الحياة ونعيمها سواها فلم أر بدّا من أن أفرّ من بين يديْه متسللة تحت جنْح الظّلام من حيث لا يراني وما زلت أمشي على غير هدى لا أعرف لي مذهبا ولا مضطربا حتى آويت إلى هذا الزّقاق كما تراني فهل لك يا سيدي أن تحسن إليّ مما أحسن الله إليك؟ ؟ . وأنْ تبتاع لي رغيفا من الخبز أتبلّغ بها فقد مرّ بي يومان لم أذقْ فيهما طعاما ولا شرابا؟؟.

لم يسمع الرجل من الفتاة هذه القصة المحْزنة حتى استقبلها بدموع حارة تنحدر على خديْه انحدار العقْد وهى سلْكه فانتثر . ثم أخذ بيدها ومشى بها صامتا واجما يكاد لا يهتدي إلى سبيله حتى بلغ قصْره وهناك صنع بها صنْع الكريم باهله وأبلغها من دهْرها ما لم تكنْ تمنّي نفسها بالنزر اليسير منه وما هي إلا أيام قلائل حتى ظهرتْ في ذلك القصْر العظيم فتاة جديدة من أجمل الفتيات وجها وأرقّهن شمائل وأكرمهن أخلاقا وأكملهن آدابا لا يعرف عنها الناس سوى أنها ابنة قريب لصاحب القصْر مات عنها فخلّفها يتيمة فكان إلى هذا القصْر مصيرها. .

وكان لصاحب القصْر فتاة من الفتيات اللاتي ربّين التربية الحديثة التي يسمونها التربية العصرية ويريدون منها التربية الإفرنجية فكان كلما حصلت عليه من العلوم والمعارف والفنون الآتية . الرطانة الأعجمية حتى مع خادمها الزنجي وكلبها الرومي ، الولوع بقراءة الروايات الغرامية الفاسدة ، البراعة في معرفة أي الأزياء أعلق بالقلوب والأجذب للنفوس ، الكبرياء والعظمة واحتقار كل مخلوق سواها حتى أبوها ، الأثْرة وحبّ الذات حبّا يملأ قلبها غيرة وحسدا حتى أنها لا تستطيع أن تسمع وصفا من الأوصاف الحسنة يوصف به غيرها . وقد رأتْ الفتاة اللقيطة أصبحت تقاسمها قلب أبيها وقلوب زائراتها من النساء بما وهبها الله من جمال الخلْق وحلاوة في الطبع وعذوبة في النفس فأضمرت لها في قلبها من البغض ما يضْمره أمثالها من اللاتي ربّين تربيتها ونهجن في الحياة منهْجها فكانت تتعمد الإساءة إليها وازدراءها وتأنيبها والفتاة لا تبالي بشيء من هذا وفاء لسيدها ووليّ نعمتها وذهابا بنفسها عن النزول إلى منزلة من يغْضب لمثل هذه الهنّات حتى حدثتْ ذات يوم الحادثة التالية

دخل صاحب القصْر قصْره ذات ليلة من الليالي فبينما هو صاعد في السّلّم إذ عثر بورقة ملْقاة فتناولها فقرأ فيها هذه الكلمات . سيدتي أنا منتظرك عند منتصف الليل في بستان القصْر تحت شجرة السرو المعهودة.حبيبك.. .

فما أتمّ الرجل قراءة الورقة حتى دارت به الأرض الفضاء وحتى لمس قلبه بيمينه ليعلم هل طار من مكانه أم لا يزال باقيا ثم كأنه أراد أن يخفّف ما ألمّ بنفسه من الحزن والقلق فقال .

ليت ذلك الموعد مع تلك الفتاة اللقيطة ومن الظلم أن أتعجل باتهام ابنتي قبل أن أقف على الحقيقة فنظر في ساعته فإذا الساعة قريبة .

فرجع أدراجه وما زال يترفق في مشيته وينتقل في الحديقة من شجرة إلى شجرة حتى وصل إلى شجرة اللقاء فكمن وراءها ينتظر ما خبّأ له الدهر من حدثانها وما أضمر له الغيب في طيّاته. . لم تكنْ الرسالة رسالة الفتاة الوضيعة بل رسالة السيدة الشريفة . وبينما كانت الثانية واقفة في غرفتها أمام مرآتها تختار لنفسها أجمل الأزياء وأليقها بموقف اللقاء كانت الأولى نائمة في غرفتها نوْما هادئا مطْمئنّا لا تزعجه زوْرة الطيْف ولا تروّعه أحلام الشباب . لقد تنبهتْ من نومها على صوت وقع أقدام سيدها على سلّم القصْر فأشرفت عليه من حيث لا يشعر بمكانها فعرفت كلّ شيء وعرفتْ أنّ سيدها سيقف على سرّ ابنته الذي كانت تعالج كتمانه زمنا طويلا وإنه لا بدّ قاتل نفسه في ذلك الموقف حزنا ويأسا فعناها من أمره ما عناها ثم أطرقتْ برأسها لحظة تتلمس وجْه الحيلة في سبيل دفْع هذه النازلة وتتطلب المخْرج منها ثم رفعتْ رأسها وقد قررتْ في نفسها أمرا..

نزلت مسْرعة من سلّم القصْر فرأتْ الفتاة قد خرجت من باب القصْر إلى ذلك الموعد فأدركتها وأمسكت بطرف ثوْبها فارتاعت الفتاة والتفتتْ إليها وقالت لها . ماذا تريدين مني أتتجسسين عليّ.

قالت لها . لا يا سيدتي . وأفْضتْ لها بالقصة من مبدئها إلى منتهاها فسقط في يدها وعلمت أنّ أباها قد وقف على سرّها فقالت لها . لا تزْعجي نفسك فإنّ أباك لا يعلم أيّتنا صاحبة الرسالة فعودي إلى غرفتك وسأذهب إلى الموعد مكانك حتى إذا رآني هناك ذهب من نفسه ما كان يخالجها من الشكّ في أمرك . ثم استمرتْ أدراجها حتى وصلتْ تلك الشجرة وهنالك برز الرجل من مكمنه واقترب منها حتى عرفها فحمد الله على سلامة شرفه وشرف ابنته . ثم قال لها أيتها الفتاة إنني أحسنت إليك واستنقذتك من يد البؤس والشّقاء فأسأت إليّ بما فعلت حتى كدت الليلة أهلك حزنا وكمدا إذ تصورْتها ابنتي ولكنه عارك وذنبك فاخرجي من منزلي فاللئيم ليس أهلا للإحسان . فخرجتْ خائبة تتعثر في أذيالها حتى وصلت إلى شاطئ النهر وهناك أخرجت مذكراتها من محْفظتها وكتبتْ فيها آخر كلمة خطّتْها أناملها. . أحمد الله أني قدرْت على مكافأة ذلك الرجل الذي أحسن إليّ بأنْ سترت عاره وأزلت همّه وحزنه ..

ثم ألقتْ بنفسها في النهر وما هي إلا دورة أو دورتان حتى افترق ذلك الصديقان الوفيّان جسمها وروحها فطفا منها ما طفا ورسب منها ما رسب . وفي صباح تلك الليلة عثر رجال الشرطة بجثة الفتاة الشهيدة فعرفوها وعادوا بها إلى منزل سيدها فبكاها بكاء كثيرا وندم على ما أساء به إليها من طردها وإزعاجها ثم أمر بدفنها ولم يبق في يده من آثارها غير حقيبتها فحفظها في صندوقه تذكارا لها..

مرت الأيام تلو والأيام وجاءت الحوادث إثْر الحوادث وظهر للرجل من أخلاق ابنته وطباعها وتهتكها واستهتارها ما لم يكن يعرفه من قبل حتى ضاق بأمرها ذرعا وجلس في غرفته في إحدى الليالي يفكّر فيما ساق إليه الدهر من خطوبه ورزاياه ثم ألمّ به الضجر فقام إلى صندوقه يفتش فيه عن شيء يتلهى به فعثر بتلك الحقيبة ولم يكن فتحها قبل اليوم ليقرأ ما في مذكّراتها إذ عثر بتلك الكلمات الأخيرة التي كتبتْها الفتاة على شاطئ النهر قبل موتها فما أتى على آخرها حتى عرف كلّ شيء فسقط مغشيا عليه يعالج من الحزن والألم ما يعالج المحتضر من سكرات الموت وما استفاق من غشيته حتى صار يهذي هذيان المحموم ولبث على هذه الحال بضعة أشهر يمرض ثم يتعافى ثم يمرض ثم يتعافى حتى أدركته رحمة الله فمرض مرضا لم ينقض إلا بانقضاء أجله..



يا أيها الوالد المجهول الذي قذف بتلك الفتاة البائسة في بحر هذا الوجود الزاخر أَعلمْت قبل أن تفعل فعلتك التي فعلْت أنك ستُبرز إلى هذا العالم فتاة تلاقي من شقائه وآلامه ما لا قبل لها باحتماله. .



ويا أيها الآباء العظماء إنْ كنتم تريدون أن تسْلموا بناتكم إلى هذه المدنية الغربية تتولى شأنهن وتكفل لكم تربيتهن فانتزعوا من جنوبكم قبل ذلك غرائز الشهامة والعزة والإباء والأنفة حتى إذا رزأكم الدهر فيهن وفجعكم في أعراضهن وقفتم أمام ذلك المشهد هادئين مطمئنين لا تتعذبون ولا تتألمون. .



ويا أيها الناس جميعا لا تحْفلوا بعد اليوم بالأنساب والأحساب ولا تفرقوا بين تربية الأكواخ وتربية القصور ولا تعتقدوا أنّ الفضيلة وقف على الأغنياء وحبائس العظماء فقد علمتم ما أضمر الدهر في طيات أحداثه من رذائل الشرفاء وفضائل اللقطاء ...







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هداية بسملة
صديق ذهبي
صديق ذهبي
هداية بسملة


البلد : الجزائر
الهواية : من روائع المنفلوطي  Painti10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 5158
الجنس : انثى
نقاط : 9688
السمعة السمعة : 110
العمر : 52
الموقع الموقع : صداقة سوفت

من روائع المنفلوطي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من روائع المنفلوطي    من روائع المنفلوطي  Emptyالإثنين يونيو 08 2015, 20:28

جميل جدا ما اخترت لنا
شكرا جزيلا جيمي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جيمي
صديق برونزي
صديق برونزي
جيمي


البلد : الجزائر
الهواية : من روائع المنفلوطي  Travel10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2317
الجنس : انثى
نقاط : 4538
السمعة السمعة : 40
العمر : 43

من روائع المنفلوطي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: من روائع المنفلوطي    من روائع المنفلوطي  Emptyالثلاثاء يونيو 23 2015, 12:31








.
.
من روائع المنفلوطي  Images?q=tbn:ANd9GcTlkh_btAtpOiQzviy2vDyJtIJsHRXssz-jqNXVK9D2Ggx2PSYwKA

.

أدب المناظرة للأستاذ مصطفى لطفي المنفلوطي


أنا لا أقول إلا ما أعتقد، ولا أعتقد إلاَّ ما أسمع صداه من جوانب نفسي؛ فربما خالفت الناس في أشياء يعلمون منها غير ما أعلم ، ومعذرتي إليهم في ذلك أن الحق أولى بالمجاملة منهم، وأن في رأسي عقلاً أُجِلُّه عن أن أنزل به إلى أن أكون سيقة للعقول، وريشة في مهاب الأغراض، والأهواء.
فهل يجمل بعد ذلك بأحد من الناس أن يرميني بجارحة من القول، أو صاعقة من الغضب؛ لأني خالفت رأيه، أو ذهبت غير مذهبه، أو أن يرى أن له من الحق في حملي على مذهبه، أكثر مما يكون لي من الحق في حمله على مذهبي؟
لا بأس أن يُؤَيِّد الإنسان مذهبه بالحجة والبرهان، ولا بأس أن ينقض أدلة خصمه، ويزيفها مما يعتقد أنه مبطل لها، ولا ملامة عليه في أن يتذرع بكل ما يعرف من الوسائل إلى نشر الحقيقة التي يعتقدها إلا وسيلة واحدة لا أحبها له، ولا أعتقد أنها تنفعه، أو تغني عنه شيئاً، وهي وسيلة الشتم والسباب.
إن لإخلاص المتكلم تأثيراً عظيماً في قوة حجته، وحُلول كلامه المحلَّ الأعظم في القلوب والأفهام.
والشاتم يعلم عنه الناس جميعاً أنه غير مختص فيما يقول؛ فعبثاً يحاول أن يحمل الناس على رأيه، أو يقنعهم بصدقه، وإن كان أصدق الصادقين.
أتدري لِمَ يَسُبُّ الإنسانُ مناظرَه؟ لأنه جاهل وعاجز معاً، أما جهله؛ فلأنه يذهب في وادٍ غير وادي مُناظِرِه، وهو يظن أنه في واديه ولأنه ينتقل من موضوع المناظرة إلى البحث في شؤون المناظر، وأطواره وصفاته وطبائعه، كأن كل مبحث عنده مبحث =فسيولوجي+.
وأما عجزه فلأنه لو عرف إلى مناظره سبيلاً غير هذا السبيل لسلكه، وكفى نفسه مئونة ازدراء الناس إياه، وحماها الدخول في مأزق هو فيه من الخاسرين، محقاً كان أم مبطلاً.
لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون الغرض من المناظرة شيئاً غير خدمة الحقيقة وتأييدها، وأحسب أن لو سلك الكُتَّاب هذا المسلك في مباحثهم لاتفقوا على مسائل كثيرة هم لا يزالون مختلفين فيها حتى اليوم، وما اختلفوا فيها إلا لأنهم فيما بينهم مختلفون، يسمع أحدهم الكلمة من صاحبه، ويعتقد أنها كلمة لا ريب فيها، ولكنه يبغضه؛ فيبغض الحق من أجله؛ فينهض للرد عليه بحجج واهية، وأساليب ضعيفة، وإن كان هو قوياً في ذاته؛لأن القلم لا يقوى إلا إذا استمد قوته من القلب، فإذا جيء بالحجج والبراهين لجأ إلى المراوغة والمهاترة،فيقول لمناظره مثلاً: إنك جاهل لا يعتد برأيك، أو إنك مضطرب الرأي لا ثبات لك، تقول اليوم غير ما قلت بالأمس، وهناك يقول له الناس: رويداً، لا تخلط في كلامك، ولا ترواغ في مناظرتك، ولا شأن لك بعلم صاحبك أو جهله؛ فإنه يقول شيئاً، فإن كان صحيحاً فسلم به، أو باطلاً فبين لنا وجه بطلانه.
وهبه قولاً لا تعلم قائله، ولا شأن لك باضطراب صاحبه وثباته، فربما كان بالأمس على رأي تبين له خطؤه اليوم، والمرء يخطئ مرة ويصيب.
فإذا ضاق بمناظره وبالناس ذرعاً فرَّ إلى أضعف الوسائل وأوهنها، فَسَبَّ مناظره، وشتمه، وذهب في التمثيل به كل مذهب، فيسجل على نفسه الفرار من تلك المعركة، والخذلان في ذلك الميدان.
على أن أكثر الناس متفقون على ما يظنون أنهم مختلفون فيه، فإنَّ لكل شيء جهتين: جهةَ مدحٍ، وجهة ذم، فإما أن تتساويا، أو تكبر إحداهما الأخرى، فإنْ كان الأول فلا معنى للاختلاف، وإن كان الثاني وجب على المختلفين أن يعترف كل منهما لصاحبه ببعض الحق، لا أن يكون كل منهما من سلسلة الخلاف في طرفها الأخير.
كان يقع بين ملك من الملوك ووزيره خلاف في مسائل كثيرة حتى يشتد النزاع بينهما، وحتى لا يسلس أحدهما لصاحبه في طرف مما يخالفه فيه؛ فحضر حوارهما أحد الحكماء في إحدى الليالي وهما يتناظران في المرأة، يعلو بها الملك إلى مصاف الملائكة، ويهبط بها الوزير إلى منزلة الشياطين، ويسرد كل منهما على مذهبه أدلته، فلما علا صوتهما، واشتد لجاجهما خرج ذلك الحكيم، وغاب عن المجلس ساعة، ثم عاد وبين أثوابه لوحٌ على أحد وجهيه صورة فتاة حسناء، وعلى الآخر صورة عجوز شوهاء، فقطع عليهما حديثهما وقال لهما: أحب أن أعرض عليكما هذه الصورة؛ ليعطيني كل منكما رأيه فيها،ثم عرض على الملك صورة الفتاة الحسناء فامتدحها ورجع إلى مكان الوزير، وقد قَلَّبَ اللوح خِلْسَةً من حيث لا يشعر واحد منهما بما يفعل، وعرض عليه صورة العجوز الشمطاء؛ فاستعاذ بالله من رؤيتها، وأخذ يذمها ذماً قبيحاً، فهاج الملك على الوزير، وأخذ يرميه بالجهل وفساد الذوق، وقد ظن أنه يذم الصورة التي رآها هو، فلما عادا إلى مثل ما كانا عليه من الخلاف الشديد استوقفهما الحكيم، وأراهما اللوح من جهتيه فسكن ثائرهما، وضحكا ضحكاً كثيراً، ثم قال لهما: هذا ما أنتما فيه منذ الليلة، وما أحضرت إليكما هذا اللوح إلا لأضربه لكما مثلاً؛ لتعلما أنكما متفقان في جميع ما كنتما تختلفان فيه لو أنكما تنظران إلى المسائل التي تختلفان فيها من جهتيها، فشكرا له همته، وأثنيا على فضله وحكمته، وانتفعا بحيلته انتفاعاً كثيراً، فما كانا يختلفان بعد ذلك إلا قليلاً .





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من روائع المنفلوطي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» روائع الكلام
» من روائع ما قرأت ..
» روائع الحكم
» من روائع القصص
» من روائع نزار قباني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى صداقة سوفت :: ¯°·.¸¸.·°¯°·.¸¸.·°¯ القسم الأدبى و الروائى ¯°·.¸¸.·°¯°·.¸¸.·°¯ :: ۩ منتدى الشعر و النثر ۩ :: منتدى الشعر و النثر العربي-
انتقل الى: