إذا تقادم الزّمان ، و لم يعد يعجبك رونق المكان ، و لا طلاء تلك الجدران ، ولا بهاء السّقف و الأركان
احتضنتَ قرطاسا و قلما ، و احتسبتَ الأمور جِلاًّ و لمَماً ، و بادرتَ الوقت و لم تؤخّر قدما
ثمّ بعد أيَّام من ذلك ، يتبدّلُ جلُّ ما هنالك ، و يزوغُ البصر لتلك المسالك ، التي تخالها من الحُسنِ أمُّ السّبائك
أغلبنا قد أتت عليه سنون ، و هو يُعمل قلمه في صحائف منتداه ، فهل أجال نظره فيما سوّدت يوما يداهُ ، و صعّدَ الفكر فيما أراقتْ مِدادَه يُمناه
فليحتضن مصفوفة الحروف ، و ليَصْرِفْ بصرَه تلقاء وجهِ الحاسوب ، و يقلِّبُ صفحاتِ مخطوطتِه مُدقِّقا و يُصوِّبُ اللُّبَّ فيها مُحقِّقا
و يٌنقِّحُ و يُرجِّح ، و يُصحِّحُ و يُلقِّح
فإنّ المرء قد يَسْطُرُ اليوم ما لا يَرتضيه غدا ، و يَستقبحُ اليومَ ما استحسنه أمسِ
فهي دعوةٌ ، لتجديد البناء ، و استصلاح الفِناء ، فقد يطول بكتابك بعدك البقاء
مامــن كاتــب إلا سيفـــــنى ................... ويُبقِي الدهرُ ماكتَبت يداهُ
فلا تكتب بكفك غير شيء ................... يسرُّك في القيامة أن تراه