منتدى صداقة سوفت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى صداقة سوفت

نورت منتديات صداقة سوفت ياآ ~ زائر ~ إن شاء الله تكون بألف خير وعاآفية ... نحن نناضل لبناء مجتمع تعمه معاني الصداقة والأخوة المعمقة بالحب والود
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" ***
يُنصَبُ حول العرش يوم القيامة منابِر من نور عليها قوم لباسهم من نور ووجوههم نورليْسُوا بأنبياء ولا شهداء....يغبِطهم الانبياء والشهداء...هم المتحابون في الله على غير انساب بينهم ولا أموال يتعاطونها .



 

 الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زكرياء
مدير الموقع
مدير الموقع
زكرياء


البلد : غير معروف
الهواية : الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Sports10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8685
الجنس : ذكر
نقاط : 174269
السمعة السمعة : 188

الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Empty
مُساهمةموضوع: الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة   الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Emptyالأربعاء نوفمبر 06 2013, 10:33

الرؤية الواقعية الإسلامية في القصة القصيرة جدا
(قصص الحسين زروق نماذج)



توطئة:
أصدر الكاتب المغربي الحسين زروق مجموعتين إبداعيتين ضمن جنس القصة القصيرة جدا هما (الخيل والليل)[1] و(صريم)[2]، وهما يحملان معا رؤية واقعية إسلامية انتقادية وإنسانية.
 
ومن ثم، يعد الحسين زروق أول من كتب القصة القصيرة جدا في المغرب عن نية ووعي تجنيسي سنة 1996م. ونحن نعرف جيدا أن إبراهيم بوعلو، ومحمد زفزاف، ومحمد العتروس، ومحمد علي الرباوي، وغيرهم، قد كتبوا القصة القصيرة جدا قبل الحسين زروق، إلا أنهم لم يصدروا في ذلك عن مرجعية نظرية أو عن وعي تأسيسي أو تجنيسي واضح ودقيق. اضف إلى ذلك، أن الحسين زروق جنس مجموعتيه معا بمصطلح(لقطات قصصية)، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى وعيه بهذا الفن المستحدث في ساحتنا الثقافية العربية بصفة عامة، والساحة الثقافية المغربية بصفة خاصة.
 
إذاً، ما القضايا الدلالية التي تحبل بها قصص الحسين زروق؟ وما أهم ملامحها الفنية والجمالية؟ هذا ما سوف نبرزه في هذه الدراسة النقدية التي تتبنى المقاربة الموضوعاتية (Thématique).
 
بين تيمة الحرب والرؤية القومية:
لقد خصص الحسين زروق مجموعته القصصية (الخيل والليل) بتيمة الحرب تخطيبا وتمطيطا من خلال استحضار واقع الأمة المأساوي الذي يئن من وطأة الاستعمار، ويتألم من شدة بطش الغطرسة الصهيونية، بله عن تشريد الشعب الفلسطيني، وتفرق الأمة العربية الإسلامية إلى أشلاء واهنة يلوكها غزاة الغرب، ويستمتعون بلحمها الطري وغضروفها المعسول، وينهبون ثروات الأمة وخيراتها.
 
وما فتئت مجموعة من الشعوب الإسلامية تعاني الكثير الكثير من ويلات المحتل الغاشم بشكل مباشر أو غير مباشر، كما هو الحال في أفغانستان، والشيشان، والبوسنة، والعراق، وكشمير، وإيران، ولبنان، إضافة إلى الجرح العربي القديم الذي يتمثل في فلسطين السليبة. لذا، تحضر في هذه المجموعة موضوعة الحرب بكل مفاهيمها ومصطلحاتها وقاموسها الذي يحيل على الصراع والمقاومة والاستشهاد والجهاد في سبيل الله.
 
ويؤشر عنوان المجموعة على ثنائية الليل والخيل أو ثنائية الاستعمار والمقاومة. ويرى الكاتب بأن الحل الوحيد للقضاء على ظلمة الليل الأسود، ومجابهة المستعمر، وتحدي الظلم، هو تمثل منطق الفروسية، والتسلح بشجاعة السيف، والتأهب للعدو عددا وعدة من أجل تحرير الأمة العربية من قيودها الصدئة المسترسلة، وتخليصها من إسار الاستعباد والاسترقاق.
 
1- تيمة الحرب:
يتناول الحسين زروق مجموعة من القضايا القومية التي تؤرق الإنسان العربي انسجاما مع رؤيته الإسلامية والإنسانية، فيصور بريشته التراجيدية فظاعة الحرب، وشراسة غارات الأعداء، وأثرها على الطفولة البريئة ونفسية الإنسان المظلوم المعتدى عليه بدون وجه حق؛ مما يضطر هذا الإنسان إلى المقاومة والجهاد والتحدي والتصدي للعدو الغاشم:
الابن: أماه أين أبي؟
الأم: مسافر يا ولدي.
 
الابن: ومتى سيعود أماه؟
الأم: لا أدري يا ولدي.
 
وبعد شهور...ومع استمرار الحرب.
 
الابن: أماه لماذا لم يعد أبي؟
الأم: لا أدري يا ولدي.
 
بعد سنة...والحرب تزداد شراستها...
 
الابن: لماذا لا نسافر أيضا يا أماه؟
الأم: ربما نفعل يا ولدي.
 
الابن: ومتى يا أماه؟
الأم: لا أدري يا ولدي.
 
وفي أول غارة كان القصد منها شل الحركة الطبيعية للأحياء سافر الابن ولم تضع الأم مزيدا من الوقت... بل سارعت لشراء تذكرة سفر... صارت تملك بندقية"[3].
 
وتزداد بشاعة الحرب سوءا حينما تودي بالأطفال الرضع تنكيلا وقتلا وفتكا، وتعرضهم للهلاك والفناء ظلما وجورا واعتداء:
" اتكأت الأم واستندت على مخدة لتمكن رضيعها من الثدي، وتراخى الرضيع ثم نام. لم يفارق فوه الثدي ولا الثدي فارق فاه. لكن الأم كانت قد سافرت... رحلت مع أول قنبلة."[4].
 
وتتحول الحرب إلى هستريا وجنون بشري، حينما تصبح فعلا يوميا، وسلوكا طائشا، وعملا شائنا قائما على العنف والإبادة والتشريد:
"الحرب" هذا اللفظ أرقه، فكيف بعنفها؟

 

هو يؤمن بأن التكرار يفيد الإيلاف، ولذلك سمى ابنه الأول "حرب". رفضت الزوجة... صار يناديه متعمدا وكلما اجتاح شيئا يناديه: (يا حرب افعل كذا...لا تفعل كذا... يا حرب اذهب... اخرج) استمرت الحرب ترهق أعصابه- سمى ابنه الثاني "حرب 2" استمر الوضع على ما هو عليه، سمى ابنه الثالث حرب3" ارتاح قليلا- تخيل أنه سينعم بالسلام لكنه ما لبث أن شاهد وهو عائد من السوق دخانا يتصاعد من منزله...كانت الدار تفحمت وكان الناس ينظرون إليه بجنون."[5].
 
وأغلب قصص المجموعة تدور حول تيمة الحرب، وربما يكون الكاتب قد تأثر بمشاهد الحروب العربية الإسلامية التراجيدية تأثرا كبيرا. ومن ثم، فقد تعاطف مع المظلومين والجرحى والقتلى والأطفال المشردين، فكان من نتائج ذلك أن كتب هذه المجموعة في فترة التسعينيات من القرن العشرين، حينما اندلعت في الشرق الأوسط مجموعة من الحروب الدامية كالحرب العراقية الإيرانية، وحرب اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، وحرب الصحراء التي عكرت صفو اتحاد المغرب العربي، وحروب إسرائيل مع فلسطين ولبنان، وحرب الروس ضد الشيشان، وحرب الصرب ضد البوسنة والهرسك، ناهيك عن حروب أفغانستان وكشمير والهند وباكستان ذات البعد الفجائعي والدرامي...
 
2- تيمة الفقر:
تعرض الكاتب الحسين زروق في لقطاته القصصية القصيرة جدا لظاهرة الفقر في مجتمعاتنا العربية بسبب التفاوت الاجتماعي، وتفاقم الصراع الطبقي، وانتشار الاستبداد المطلق، وطغيان الحكم المتجبر، وانعدام الديمقراطية الحقيقية، وفقدان العدالة الاجتماعية، والانسياق وراء الأنظمة الاقتصادية الغربية اتباعا وتمثلا واتكالا، دون مراعاة خصوصيات مجتمعاتنا وأعرافها ومعتقداتها:
 لماذا نحن فقراء يا أماه؟
 لأنهم أغنياء يا ولدي
 ولماذا هم أغنياء يا أماه؟
 لأننا فقراء يا ولدي.
 لماذا نموت نحن الفقراء في الحرب أماه؟
 لأنها الحرب يا ولدي.
 ولماذا هي كذلك يا أماه؟
 لأننا فقراء يا ولدي."[6].
 
ويلاحظ أن الكاتب الحسين زروق في قصصه القصيرة جدا يربط الحروب بالفقر، كما يعتبر الفقر أيضا نتيجة لهذه الحروب الطائشة التي لا يموت فيها سوى الفقراء والمنبوذين في المجتمعات المنكوبة، والمحكومة عليها بالضياع والتهميش والفاقة.
 
3- تيمة الاستبداد:
ينتقد الحسين زروق في مجموعته سياسة الاستبداد، ويدين التعسف السياسي، ويرفض أن تصادر حقوق الإنسان، وتغتصب حرياته العامة والخاصة، وينكل به عنفا وشراسة. كما يثور على الذين يزجون بالوطنيين الغيورين على مصلحة البلاد في زنازين الاعتقال وسجون التعذيب والإعدام:
"المستر جون" يجلس في حديقة وبجانبه "سي أحمد" الأحداث أمامهما تجري مجراها العادي.. شرطي يخترق هذا الصمت وينهال على رجل ضربا بالعصا. يعلق "المستر جون"
 
ياه... هؤلاء لا يحترمون حقوق الإنسان!؟! حتى إنه ليكاد أن يتقيأ أمعاءه... ثم ينسحب حزينا"[7].
 
كما يصور الكاتب بشاعة المخابرات بأجهزتها الوحشية التي تتجسس على المواطنين، وتجس نبضهم، وتمنعهم من النقد والحوار والتساؤل والنقاش والاستفهام. وفي المقابل، تطالبهم بلغة الصمت والسكوت الأبدي:
" عندما نريد التدخل يمنعنا الآخرون، وعندما يريدون التدخل نمنعهم سألت والدي:
 ما علاقة أطفال" هناك" بخلافاتنا؟
صفعني...ثم سكت...ثم صفعني للمرة الثانية
وسكت للمرة الألف...وقال:
 ... اللجان في كل مكان...
 دقات قلبك محسوبة لدى الجهات الرسمية... ثم قبلني وعانقني وبكى... قال:
 دع كل ذلك ولدي... أرجوك. من جديد...
أوقف ساعده مثلما تقف شجرة الصفصاف وصفعني ثم سكت... ثم قبلني ثم بكى."[8].
 
وتزداد بشاعة الاستبداد بتفاقم شطط السلطة، والتدخل في حريات الناس، والتطفل على شؤونهم العامة والخاصة، ومحاسبة أنفاس المواطنين، واعتقالهم ظلما وجورا، والكيد بالأطفال الصغار، ومحاصرتهم في أفكارهم الاستشرافية وتطلعاتهم السياسية والمستقبلية، وتطويقهم ذهنيا ووجدانيا وحركيا كما في قصتي (استنطاق) و(استخبارات):
" سئل الطفل بمجرد أن ولد:
 يميني أنت أم يساري؟ مؤيد أم معارض؟
• وأرغم على الاختيار ثم كان السؤال الآخر:
 تجيد الانحناءة؟
وعندما بكى الوليد، أدار الكاتب وجهه جهة رئيسه وسأله:
 ماذا أكتب؟
وببساطة أجاب الرئيس:
 اكتب معارض متمرد."[9].
 
ويورد الكاتب أيضا قصة بعنوان (بتر)، يحدثنا فيها عن الأسلاك الحدودية التي تفصل بين الشعوب الواحدة التي تجمع بينها مجموعة من المقومات والأواصر، مثل: آصرة الأخوة، وآصرة الدين، وآصرة الحضارة، وآصرة التاريخ المشترك، وآصرة اللغة، وآصرة المصير المشترك، بيد أن هذه الحدود الوهمية لا تخدم سوى السلطان الذي يرغب في تأمين حكمه، والحفاظ على ممتلكاته الزائلة:
التلميذ: أستاذ...أستاذ... لماذا نرسم الحدود بين دول حضارتنا؟
الأستاذ: لاستنفاذ الأسلاك الشائكة.
 
التلميذ: ولماذا الأسلاك الشائكة؟
الأستاذ: لأنها تسهم في خلق فرص الشغل.
 
التلميذ: ولماذا فرص الشغل؟
الأستاذ: حتى لا تقوم الفوضى في البلاد.
 
التلميذ: ولماذا الفوضى؟
الأستاذ: للإطاحة بالنظام.
 
التلميذ: ولماذا النظام؟
الأستاذ: لأنها رأس الحربة.
 
التلميذ: (يفكر ثم يسأل) ألا يمكن كسر هذه الحربة؟
الأستاذ: (ينظر عن يمينه وعن شماله ويتلعثم) أش ش ش."[10]
 
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sadakasoft.yoo7.com
زكرياء
مدير الموقع
مدير الموقع
زكرياء


البلد : غير معروف
الهواية : الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Sports10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8685
الجنس : ذكر
نقاط : 174269
السمعة السمعة : 188

الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة   الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Emptyالأربعاء نوفمبر 06 2013, 10:34

هذا، ويتهكم الكاتب من سياسة القمع والاستبداد في قصته (الشورى) التي يسخر فيها من أنظمة القهر التي لا تعترف لا بالشورى، ولا بالديمقراطية، ولا بحقوق الإنسان، بل تعترف بلغة واحدة، وهي لغة المقصلة والتعذيب، أو بلغة الفتك والتنكيل والتقتيل. وبالتالي، يرتكز خطابها السياسي دائما على الإمارة والحكمة والسيف، فتوظف أنواعا من أجهزة الردع حسب فئات المجتمع وطوائف الناس. وكل من سولت له نفسه أن يعارض أوامر السلطة، فسيتعرض - بلا محالة- للتصفية الجسدية، والترحيل المبكر:
" داخل بلاط من الطراز القديم والفاخر... يجلس السلطان ويحيط به الخدم...للتهوية والسخرة...والسخرية.
 
• السلطان: قل لي: كيف يحصل أن تجمع القوة الرادعة في اليد الواحدة؟
 الفيلسوف: الإمارة والحكمة والسيف سيدي.
 
• السلطان: أينفع أحدهما؟
 الفيلسوف: لا سيدي...الحكمة لسد الطرق أمام الحكماء...والإمارة لوضع حد للطامعين في عرشكم الكريم. والسيف للترهيب. والجمع بين كل ذلك فيه منفعة للسلطان.. وقمع الإنسان.
 
السلطان: والحرب ما تقول فيها؟
 الفيلسوف: تابعة سيدي...لا متبوعة... هي مزيج بين الحكمة والسيف والإمارة.
 
• السلطان: وكيف ذلك؟
 الفيلسوف: إذا لم ينفع السيف والإمارة والحكمة نفعت الحرب...هي لدفع كل مشاغب إلى الموت... لولا يكون ذلك إلا بالحكمة وأمر السلطان...والحث على الجهاد بعد السيف!!
 
• السلطان: والسجن ما تقول فيه؟
 الفيلسوف: تقريب الطريق.. وإلغاء من لا يمكن تقويمه...
 
فإن هو أبى إلا ذلك فهو والعتمة... وهو ومتاهات السجن.
 
 السلطان: فإن صادف احتجاجا؟
• الفيلسوف: يا سيدي...وما دور الحكمة والإمارة والسيف...
 
• يا سيدي:...السيف...السيف..."[11].
 
لقد قدم الكاتب في هذه القصة صورة كاريكاتورية ساخرة للأنظمة المستبدة، إذ شخصها تشخيصا سلبيا قائما على المفارقة والرمزية والتشويه والكروتيسك والباروديا.
 
4- تيمة المقاومة:
تنبض قصص الحسين زروق بروح الجهاد والمقاومة والتحدي والكفاح والصمود رغبة في تغيير أوضاع المجتمع، واستبدالها بما هو أفضل وأحسن، والسعي الجاد من أجل تحرير البلدان الإسلامية من قبضة الاحتلال، كتخليص البوسنة – مثلا- من شرنقة الاحتلال الصربي كما في قصة(صديقي):
" كل يوم صديقي يسألني:
متى نغادر هذا المكان؟ متى نرحل إلى هناك؟
أربت على كتفه، وأقول ساخرا:
 إلى المقبرة؟!
يحمر وجهه... يغضب... يقول:
 إلى البوسنة.
 والتأشيرة.
أصدمه... فيصمت... يسب...يلعن... يبكي...يصمت... يلعن...يبكي...
يسب...يموت."[12].
 
يبدو أن الكاتب يحمل في إبداعه أطروحة المقاومة والاستشهاد والجهاد من أجل تحرير الأمة من قيودها المادية والمعنوية. ومن هنا، تتسم قصص المبدع بالثورية والرفض والتمرد، والميل إلى الممارسة والفعل بدلا من القول والتقاعس النظري. كما يتحلى الكاتب بالجرأة السياسية، والاستهداء بالشرع الرباني، والإيمان بالرسالة الإسلامية التي تدافع عن الإنسان، بجعل كيد الأعداء في نحرهم عبر فعل المقاومة والتحدي والصمود.
 
5- تيمة الوحدة:
يدعو الكاتب إلى الوحدة والاتحاد من أجل العيش في وئام وسلام، مقابل الحرب والتمزق والتشرذم، و رغبة في رد كل الاعتداءات الخارجية، ومجابهتها بالنضال والاستشهاد والمقاومة الباسلة. وإن الوحدة هي السبيل الحقيقي لتحقيق الاستقلال والازدهار الاقتصادي. ولكن أين هذه الوحدة التي يحلم بها الإنسان العربي ليلا ونهارا، ويستشرفها في آلامه وأحلامه وآماله؟ فهل ستتحقق يوما ما؟!:
 لماذا تأخر القطار؟...قطار الوحدة؟!
 لعله تعثر في محطة ثانوية.
 ولكن ليست هناك محطات ثانوية؟
ولكن هذا ما حصل!"[13].
 
إذاً، يحلم الكاتب في هذه القصة بالوحدة الحقيقية التي تجمع بين الإخوة العرب من أجل تحقيق السعادة والرفاهية لكل شعوب الأمة، بدلا من عيشها الآني والمستمر في الأزمات تلو الأخرى دون سند أو معيل، سوى توكلها على قدرة الله سبحانه وتعالى.
 
6- تيمة الأخوة:
لم ينس الكاتب أن يطرح موضوع الأخوة للمناقشة والنقد والتفصيل؛ لأن الوحدة هي جوهر التضامن الإسلامي، وأس انتصار الأمة في مسارها المستقبلي والحضاري. بيد أن الكاتب وقف موقفا ساخرا من هذه الوحدة الشكلية الزائلة التي تتصدع بمجرد اشتعال الحروب ذات الأبعاد الدينية والحضارية والتحررية، وتكالب الأعداء على الشعوب الإسلامية الضعيفة، واندلاع حروب البسوس الزائفة بين الإخوة العرب على أتفه الأسباب:
" عندما دخلت بيت صديقي وجدته يهتف:
• عظيم...عظيم...الحمد لله...الحمد لله...
اقتربت منه وسألته:
 ما الداعي إلى قولك؟
لم يأبه لقولي.. واستمر....
 جميل... جميل... هكذا الأخوة... عظيم... عظيم
 وكررت السؤال...أجاب.
 تمت مساعدة البوسنيين لأداء الحج في البوسنة هذا العام على الأقل؟
 اقتربت منه أكثر...قلت له:
 ولماذا يا شاطر لا يكون الحج في البوسنة هذا العام على الأقل؟
 نظر في وجهي... سبني ثم أحجم...ثم بكى وانسحب."[14].
 
ويشدد الكاتب في قصصه المعروضة على مبدأ الأخوة باعتباره ملاذا للعرب من التفريق والتمزق والضياع والتشتت شذر مذر، ويورد قصة (الثيران الثلاثة) للبرهنة على أهمية الوحدة باعتبارها مصدرا للقوة والاستقلال والحرية والاطمئنان، مع الاستدلال على خطر التمزق والتفرق اللذين يعرضان الأمة للذل والمهانة والعار والهلاك والموت المحتوم:
" الأب: كيف يغلب الجمع يا أبنائي؟
ابن: يا أبي الأسد لم يأكل الثيران الثلاثة دفعة واحدة...ولكنه أكلهم واحدا واحدا... قبل كل شيء فرق الجمع ثم صار الثيران في خبر كان."[15].
 
ويلاحظ أن الحسين زروق قد حصر مجموعته الأولى (الخيل والليل) في تيمة الحرب باعتبارها شرا ميتافيزيقيا، يستعمله العدو لإبادة البشرية، ودك الإنسانية دكا.
 
هذا، ويصدر الكاتب في أضمومته (الحربية / الجهادية) الأولى عن رؤية إسلامية قومية، يدافع فيها الكاتب عن سيادة الأمة، وينافح عن وحدتها وكرامتها، ولن يتأتى لها ذلك إلا عن طريق الوحدة الحقيقية، وإعداد العدد والعدة، والمشاركة في الجهاد المبارك، وتحقيق الأخوة، وتمثل الشورى والديمقراطية الحقيقية، والقضاء على الاستبداد والشطط السياسي، وإرساء دولة القانون وحقوق الإنسان في ضوء الشرع الرباني، لا على أساس قوانين السلطة الحاكمة الجائرة.
 
7- تيمة الهجرة:
لم يكتف الكاتب بما هو قومي وحضاري في مجموعته الأولى (الخيل والليل)، بل استعرض مجموعة من القصص في مجموعته الثانية (صريم) ذات تيمات وقضايا دلالية مختلفة ومتنوعة، تتناول ما هو محلي ووطني، مثل: قضية الهجرة التي أصبحت حلم الجميع أمام تفسخ النظام الاستبدادي، وانتشار الفقر والبطالة والظلم، وانعدام الحريات الخاصة والعامة، وغياب حقوق الإنسان، وتباين المستوى المعيشي بين الطبقات الاجتماعية:
" في صباح باكر قمت باحثا عن جواز سفري...كان حلما مزعجا، وكان علي أن أجد جوازي بسرعة لأغادر البلاد قبل أن يقذف بي في العتمات.
 
وفي الخارج كان الناس يسيرون في كل مكان وفي كل الجهات... كنت ألهث... وتصورت أن أمرا ما قد وقع للكل...وأنهم جميعا رأوا ما رأيت... وأنهم أيضا يريدون الفرار بجلودهم قبل أن يلقى عليهم القبض.. كانت عيناي متعبتين، وكنت أحس بقطرات العرق تخترق جسمي بكامله، ارتطم الكتفان مرارا بأجساد تلهث في كل اتجاه... وعندما وصلت البحر بدا لي خلفه عالم هادى، وأناس يبتسمون بمناسبة حلول يوم جديد... ناولت صاحب الزورق ما كان معي من مال وأشرت بعيدا خلف البحر... وأنا أغادر كان الناس يتابعون إبحاري، وكان شيء ما يدفعني إلى مزيد من الابتعاد... وعندما رفعت يدي مشجعا لهم على اللحاق بي، تعالت صيحاتهم، وارتفعت أكفهم تودعني... تودعني... فازددت إمعانا في الفرار."[16].
 
تلكم-إذاً- أهم التيمات التي كان ينقر عليها الحسين زروق قصصيا ودلاليا وموضوعاتيًا. وبالتالي، فهي تحمل في طياتها رؤية واقعية إسلامية نابضة بالحس القومي. ومن ثم، فهي تهدف إلى تغيير الواقع الكائن الموبوء بالحروب والأزمات والرذائل، واستبداله بواقع أفضل وأحسن يتمثل في الواقع الإسلامي الإنساني.
 
من التناص إلى التقريرية المباشرة:
تتميز قصص الحسين زروق بمجموعة من الخاصيات الفنية والجمالية على النحو التالي:
1- التركيب القصصي:
أورد الكاتب قصصه القصيرة جدا، المسماة بلقطات قصصية، ضمن تركيبات بنائية متنوعة، حيث وظف التركيب الحواري الدرامي في شكل تساؤلات مستفزة قائمة على الاستفسار والجواب، كما يبدو ذلك واضحا في قصة (مسافر):
" التلميذ: أستاذ...أستاذ...لماذا نرسم الحدود بين دول حضارتنا؟
الأستاذ: لاستنفاذ الأسلاك الشائكة.
 
التلميذ: ولماذا الأسلاك الشائكة؟
الأستاذ: لأنها تسهم في خلق فرص الشغل.
 
التلميذ: ولماذا فرص الشغل؟
الأستاذ: حتى لا تقوم الفوضى في البلاد.
 
التلميذ: ولماذا الفوضى؟
الأستاذ: للإطاحة بالنظام.
 
التلميذ: ولماذا النظام؟
الأستاذ: لأنها رأس الحربة.
 
التلميذ: (يفكر ثم يسأل) ألا يمكن كسر هذه الحربة؟
الأستاذ: (ينظر عن يمينه وعن شماله ويتلعثم) أش ش ش."[17].
 
واستعان الكاتب أيضا بالتركيب السردي القصصي كما في قصة (تصرف):
" الشيخ الذي أغمي عليه من شدة الجوع تناولته أيدي الإسعاف. ثم علا صراخ السيارة وعلا معه شهيقها وزفيرها...ولما ابتعدت عن الحي رمته في شاطئ البحر...لم يستيقظ والمقابر تفتح صدرها له. ولكن لأن البحر استدعاه للقاء خاص."[18].
 
وشغل تركيب القص الخطابي كما في قصة (صرخة):
" صعد الجبل وصرخ:" أيها الناس أليس فيكم رجل رشيد فيعفينا من الحرب؟"
 
صرخ مليون مرة، وبكى الشعب...بكى بمرارة...وقبل أن يشرع في النزول لاحظ أن بضع دبابات تزحف اتجاه قمة الجبل لتمطر الشعب موتا...تدحرج حتى السفح...أخبر الشعب خطب فيهم: " أيها الناس ليس والله أمامكم إلا الحرب أو البكاء. تقلد الشعب سلاحه وأسرع اتجاه القمة عله يمطر الآخر دموعا. لكن الدبابات كانت تنفث كل شيء وكان الشعب يدفع ثمن إنسانيته"[19].
 
وقد تتخذ القصة طابع تقرير بوليسي أثناء الاستنطاق المخابراتي كما في قصة (استنطاق).
 
وتتسم الجمل في معظم قصص المجموعتين بقصر الفواصل، وإيجاز العبارات، والميل نحو الاقتضاب، والإكثار من الجمل البسيطة ذات المحمول الواحد، سواء أكان اسميا أم فعليا أم ظرفيا أم وصفيا، كما يظهر ذلك جليا في قصة (بيت):
" الأب لابنه:
 هل ترى تلك الخريطة يا ولدي؟
 نعم يا أبتي
 (بحسرة وبنبرة معذبة) كان لنا فيها بيت ذات يوم يا ولدي.
صحيح يا أبتي؟
نعم يا ولدي."[20].
 
كما تتسم الجمل القصصية والسردية بالتتابع الفعلي، وتراكب الجمل، وتعاقبها زمنيا ومنطقيا كما في قصة( آذان):
" صعد الإمام الصومعة بعد أن انقطع التيار الكهربائي ليؤذن...كبر وسكت...نظر عن يمينه ويساره، وفغر فاه...حاول أن يكبر من جديد فلم يقدر.. ألجم فاه.... القرية التي يريد أن يؤذن فيها أطلالا صارت."[21].
 
نلاحظ في هذه القصة القصيرة جدا تتابعا في الأفعال تناميا وتصاعدا وتدرجا: كبر- سكت- نظر- فغر- حاول...وهذا يضفي على هذه اللقطة القصصية إيقاعا حركيا سريعا.
 
2- علامات الترقيم:
وظف الحسين زروق مجموعة من علامات الترقيم للتعبير عن أفكاره الثورية، وتنغيم قصصه فضائيا وبصريا، وتبئيرها دلاليا ووظيفيا. ومن العلامات الحاضرة بشكل لافت للانتباه علامة الفاصلة التي تساهم في تقصير الجمل واقتضابها وتكثيفها، وتلوين السياقات الإنجازية إخبارًا وإنشاء وتفصيلا. كما تحضر علامات الحذف الثلاث لتوجز المعاني، وتختصر ما هو ثانوي وموسع، تأشيرا على الرفض والصمت والتمرد والسكوت عما هو واضح، أو ترك المتلقي ليملأ بنفسه البياض النصي والدلالي، كما يبدو ذلك جليا في قصتي (استنطاق) و(مثقفون):
" بدأت الحرب...أول المهاجرين كانوا من فئة المثقفين حاملي لواء الكلمة... سخر منهم الشعب...هو كان يعرف أن ثرثرتهم لا تعني شيئا من الشعب وفي غمرة الحرب انبثق مثقفون جدد... صفق الشعب لا لأنهم يستحمون كل يوم ألف مرة ولكن لأنهم يكتبون بالبندقية."[22].
 
وعليه، فالكاتب قد شغل في مجموعته كل المكونات المتعلقة بالبناء القصصي والسردي من أحداث، وشخصيات، وفضاء، ووصف، ومنظور، وتزمين، وأسلبة سردية وحوارية.
 
3- التناص:
يستثمر الكاتب الحسين زروق في أضمومتيه مجموعة من المستنسخات التناصية التي تعبر عن مدى انفتاحه الثقافي، ومدى إلمامه بالنصوص الغائبة في بناء نصوصه الإبداعية، وتسلحه بالمعرفة الخلفية بأطرها الإحالية، ومدوناتها التفاعلية، ومخططاتها الواعية واللاواعية التي ساهمت في تشكيل النصوص القصصية، وتأطيرها فنيا وجماليا.
 
ومن هذه المستنسخات التناصية، نستحضر المستنسخ الأدبي كعنوان المجموعة ( الخيل والليل) الذي يحيل على أشعار المتنبي في المعارك والفروسية:
الخيل والليل والبيداء تعرفني الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Space
والسيف والرمح والقرطاس والقلم الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Space
 
كما يستحضر الكاتب خطبة الحجاج بن يوسف الثقفي من خلال هذه العبارة المسكوكة".... أن رؤوسا قد أينعت وتجري عملية القطاف لها"[23]، ويستحضر النص الديني باستيحاء كلمتي العدد والعدة كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60]"[24].
 
ومن جهة أخرى، يستحضر الكاتب قصة نوح مع فسيلته التي غرسها ليأكلها أولاده وأحفاده على غرار الآباء، وقد قيل: " غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون".، كما يظهر ذلك بينا في قصة (فسيلة):
" لما بدأت الحرب كانت في يده فسيلة غرسها دون تردد... بعد سنوات، وبالضبط مباشرة بعد إنهاء الحرب لم تعد في المكان أشجار إلا مثلما تقف بضعة أغصان سوداء في لوحة زيتية جافة...
 
عاد إلى حيث غرس الفسيلة. كانت ثمة شجرة تتحدى الحرب. لكنها كانت تسعل وبدلا من أن تنفث البصاق كان يخرج من فيها دخان أسود." [25].
 
كما يلمح الكاتب في مجموعته القصصية الأولى إلى خطبة طارق بن زياد في فتح الأندلس، وقد وردت هذه الخطبة المشهورة في كتب تاريخ الفتوحات الإسلامية إبان العصر الوسيط، و مطلعها " أيها الناس: أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدو أمامكم وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام. وقد استقبلكم عدوكم بجيشه، وأسلحته وأقواته موفورة. وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات لكم إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم."
 
وهكذا، يورد الكاتب قصة (صرخة)، مستثمرا فيها خطبة طارق امتصاصا وحوارا وتفاعلا، بغية التعبير عن راهن الأمة العربية الذي يتسم بالاستبداد والتقاعس والتواكل:
" صعد الجبل وصرخ:" أيها الناس أليس فيكم رجل رشيد فيعفينا من الحرب؟"
 
صرخ مليون مرة، وبكى الشعب...بكى بمرارة...وقبل أن يشرع في النزول لاحظ أن بضع دبابات تزحف اتجاه قمة الجبل لتمطر الشعب موتا...تدحرج حتى السفح...أخبر الشعب خطب فيهم: " أيها الناس ليس والله أمامكم إلا الحرب أو البكاء. تقلد الشعب سلاحه وأسرع اتجاه القمة عله يمطر الآخر دموعا- لكن الدبابات كانت تنفث كل شيء وكان الشعب يدفع ثمن إنسانيته"[26].
 
ويشير الكاتب تناصيا إلى نظرية مالتوس التي ترى أن السكان يتزايدون بنسبة حسابية أكثر من نسبة الإنتاج. لذا، فالحل الوحيد للحد من التزايد السكاني هو إشعال الحروب، وهذا ما تلمح إليه قصة(الحرب):
 نسبة الولادات تفوق نسبة الوفيات.
 (...)
 ونسبة التكاثر الطبيعي تفوق نسبة النمو الصناعي...
 والحل؟
 الحرب."[27].
 
وعلى أي حال، فالمجموعتان مليئتان بالمؤشرات التناصية والمستنسخات الإحالية التي تبين لنا مدى سعة الاطلاع لدى الكاتب المثقف الحسين زروق.
 
4- المفارقة الساخرة:
لم يتخل الكاتب عن السخرية الكاريكاتورية، والتلاعب بالمفارقات الصارخة، على الرغم من جدية مواقفه السياسية، والتزامه بالرؤية القومية الإسلامية، والتركيز على الرسالة الأطروحة التي تحث على الجهاد والمقاومة، والتخلي عن التهاون والتقاعس والكسل، وخير مثال لهذه المفارقة الساخرة قصة (حل):
القائد العام: الدبابات تجتاح البلاد...وليس لدينا أي خيار لتفادي ذلك.
الكاتب: يمكن تفادي ذلك...لدينا فائض في البيض...لماذا لا نستعمله ضدها؟...
 
القائد العام: (وقد اكفهر وجهه صرخ في بعض حراسه ليمسكوا بالكاتب ويحبسوه في الزنزانة العسكرية بتهمة الهزل في موضع الجد).
 
أحد الحراس اقترب منه وأول له الحل بطريقته الخاصة:
 يعني بالبيض بعض التنازلات مؤقتا...فقط مؤقتا.
أعجب القائد العام بالفكرة. للتو أمر بالإفراج عن الكاتب والاعتذار له. لكن الكاتب خيب ظنه عندما قال له:
 لم اقصد ذلك قط. وإنما قصدت أننا في الوقت الذي كانوا يفكرون في كيفية صنع آلات الحرب كنا نفكر في كيفية " تبييض" الديكة.
 
حاربونا بما لديهم، وصار من المنطقي أن نحاربهم بما لدينا.
 
لم يستطع أحد أن يتكلم... ولا حتى أن يأخذ فكرة عن ملامح الآخر ما دام خبر وصول الدبابات المدينة اخترق الأسوار المنيعة."[28].
 
وتظهر هذه المفارقة الكاريكاتورية الساخرة أيضا في الاستهزاء بالأمم المتحدة التي تضيع أوقاها في الأمور الشكلية، والانسياق وراء المتاهات القانونية، وإعداد اللجان تلو الأخرى، والتعقيد في تركيب لجيناتها على حساب صرخات الإنسانية، حتى يفوت بذلك الأوان، وتحصد الحرب ما تحصده من الأرواح، فتضيع صرخات الأطفال بدون جدوى:
" أصدر الطفل صرخة...صرختين...وقبل أن يصرخ للمرة الثالثة كانت قوات الأمم المتحدة قد سارعت في شد الرحال...تموقعت في الشمال والجنوب...في الشرق والغرب...انتظر الطفل تدخلا لإنقاذه...لإعادة الرضاعة له دون جدوى...وفي الشهر الخامس من الصرخة الألف قررت الأمم المتحدة مناقشة الوضع...اجتمعت اللجان وافترقت...افترقت واجتمعت...أجمعت كلمتها على أن تؤخر مناقشة الموضوع."[29].
 
ويمكن القول: إن قصص الحسين زروق هي لقطات ساخرة من البداية حتى النهاية، إلى درجة أنها تتحول فيها السخرية الحربية إلى جنون هستيري أو هذيان سريالي.
 
5- التصوير البلاغي والأسلوبي:
يستعمل الكاتب في قصصه الصور السردية القائمة على التوتر الدرامي والتشخيص المجازي والاستعاري والكنائي، كما تتحول لقطاته القصصية إلى رموز موحية وتعابير انزياحية على مستوى الخرق التركيبي أو الدلالي. كما يستعمل الكاتب لغة بسيطة واضحة، وأسلوبا سهلا مألوف الاستعمال والتداول. والسبب في بساطة هذه اللغة يعود إلى السقوط في كثير من الأحيان في التقريرية والمباشرة الساخرة، وتمثل الوضوح الدلالي، والابتعاد عن الغموض والترميز والتجريد. لذا، تصبح لقطاته القصصية خطابا سياسيا مباشرا يحمل أطروحة الاستشهاد والمقاومة، مع نبذ التقاعس والتماطل والتخلف عن الجهاد في سبيل الله من أجل تحرير الأمة الإسلامية من الجهل والتخلف والاستبداد والاحتلال الأجنبي، وتخليصها كذلك من مركب النقص ولهفة الانسياق وراء التغريب، وتطهيرها من عقدة الانبهار والانغماس الأعمى في بوتقة الحضارة الغربية المستلبة.
 
خاتمة:
وعلى العموم، فالمبدع المغربي الحسين زروق في مجموعتيه القصصيتين يطرح قضية الحرب والجهاد من خلال رؤية قومية إسلامية، يدافع من خلالها عن الأمة العربية الإسلامية بصفة عامة، والواقع العربي بصفة خاصة. وفي الوقت نفسه،، ينبذ العدوان الأجنبي، ويكره الظلم والاحتلال والتسلط.
 
ومن هنا، فقد شغل الكاتب في مجموعتيه أسلوبا واضحا خاليا من المساحيق البديعية والبيانية؛ لأن تبليغ الرسالة عنده أهم من التجريد والانزياح الغامض. وهذا، ما جعل قصصه تتسم بالتقريرية والمباشرة، على الرغم من ثراء قصصه بالإحالات التناصية، وغنى المعرفة الخلفية.



[1] الحسين زروق: الخيل والليل، مطبعة النور الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1996م.
[2] الحسين زروق: صريم، منشورات المشكاة، دار النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2002م.
[3] الحسين زروق: الخيل والليل، ص:7.
[4] الحسين زروق: نفسه، ص:10.
[5] الحسين زروق: نفسه، ص:11.
[6] الحسين زروق: نفسه، ص:26-27.
[7] الحسين زروق: نفسه، ص:20.
[8] الحسين زروق: نفسه، ص:22.
[9] الحسين زروق: نفسه، ص:50.
[10] الحسين زروق: نفسه، ص:57.
[11] الحسين زروق: نفسه، ص:63-65.
[12] الحسين زروق: نفسه، ص:23.
[13] الحسين زروق: نفسه، ص:43.
[14] الحسين زروق: نفسه، ص:51.
[15] الحسين زروق: نفسه، ص:62.
[16] الحسين زروق: صريم، ص:5-6.
[17] الحسين زروق: نفسه، ص:57.
[18] الحسين زروق: نفسه، ص:8.
[19] الحسين زروق: نفسه، ص:17.
[20] الحسين زروق: نفسه، ص:14.
[21] الحسين زروق: نفسه، ص:21.
[22] الحسين زروق: نفسه، ص:13.
[23] الحسن زروق: نفسه، ص:40.
[24] سورة الأنفال، الآية 60، القرآن الكريم.
[25] الحسين زروق: نفسه، ص:16.
[26] الحسين زروق: نفسه، ص:17.
[27] الحسين زروق: نفسه، ص:55.
[28] الحسين زروق: نفسه، ص:18.
[29] الحسين الزروقي: نفسه، ص:54.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sadakasoft.yoo7.com
فاطمة اكرام
صديق برونزي
صديق برونزي
فاطمة اكرام


البلد : الجزائر
الهواية : الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Travel10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2420
الجنس : انثى
نقاط : 5412
السمعة السمعة : 21
العمر : 67
الموقع الموقع : صداقة سوفت

الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة   الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة Emptyالجمعة نوفمبر 08 2013, 17:43

من يريد ان يتمرّن على كتابة القصص سيجد في هذا الموضوع ضالّته ويستشفي وينهل منه ما استطاع .بارك الله فيك زكرياء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرؤية الواقعية الاسلامية في القصة القصيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القفلة في القصة القصيرة جدا
» من أروع العبارات الواقعية
» هل قرأتم هذه القصة ؟
» فن القصة بداية وتعريف
» هل تعلم لماذا نقول القصة فيها انً...انا بقلك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى صداقة سوفت :: ¯°·.¸¸.·°¯°·.¸¸.·°¯ القسم الأدبى و الروائى ¯°·.¸¸.·°¯°·.¸¸.·°¯ :: ۩ منتدى الروايات ۩-
انتقل الى: