منتدى صداقة سوفت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى صداقة سوفت

نورت منتديات صداقة سوفت ياآ ~ زائر ~ إن شاء الله تكون بألف خير وعاآفية ... نحن نناضل لبناء مجتمع تعمه معاني الصداقة والأخوة المعمقة بالحب والود
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" ***
يُنصَبُ حول العرش يوم القيامة منابِر من نور عليها قوم لباسهم من نور ووجوههم نورليْسُوا بأنبياء ولا شهداء....يغبِطهم الانبياء والشهداء...هم المتحابون في الله على غير انساب بينهم ولا أموال يتعاطونها .



 

 المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زكرياء
مدير الموقع
مدير الموقع
زكرياء


البلد : غير معروف
الهواية : المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري Sports10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8685
الجنس : ذكر
نقاط : 174269
السمعة السمعة : 188

المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري Empty
مُساهمةموضوع: المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري   المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري Emptyالسبت ديسمبر 15 2012, 13:16





المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري Besm4
المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري Bluline
المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري 17-50c5da48d9f72
ما هو الإنجاز الأهم في حقل الفيزياء عام 2010؟ إذا صدقنا ما جاء في مجلة معهد الفيزياء في لندن، Physics World، فإن السعفة الذهبية تعود إلى فريقين من مركز البحث النووي الأوروبي CERN توصلا خلال لحظات قصيرة جداً، كل على حدة، لرصد وضبط ذرات هيدروجين مضادة بل والتحكم بها. والهيدروجين المضاد مثله مثل الهيدروجين العادي، هو أبسط ذرات المادة، إنما المضادة، ويتألف من بروتون مضاد وبوزيتون (أي إلكترون موجب).
أن إمكانية التحكم بالمادة المضادة ودراستها سيتيح أخيراً فهْمَ لماذا اختفت المادة المضادة من الكون. فبعد الانفجار الكبير مباشرة، أي منذ 13,7 مليار سنة، كان الكون الوليد حاراً جداً وكثيفاً جداً ويشتمل على كمية متعادلة من الجسيمات المادية ومن جسيمات المادة المضادة. لهذا كان يجب أن تنعدم مكونات هذا الكون الوليد وتختفي بشكل إضاءة. وما كنا لنحصل سوى على فوتونات لن نكون موجودين لكي نتناقش حولها. لكن يبدو أن جزءاً قليلاً جداً من المادة بقي ولم يختف، جزء ضئيل من المادة تفوقت فيه المادة على المادة المضادة، جزء لا يتجاوز واحد من المليار. وما يريد العلماء معرفته هو لماذا وُجد هذا الفارق البسيط أصلاً بين المادة والمادة المضادة.
للإجابة على هذا السؤال، لا بد من إمكانية المقارنة بين المادة والمادة المضادة، وهما نظرياً انعكاس الواحدة للأخرى. غير أن عقبة كبيرة تحول دون هذه الإمكانية: فالمادة والمادة المضادة تتفانيان عند تصادمهما في إطلاق للطاقة. فمن ربع غرام من المادة المضادة يمكن أن نحصل على ما يكافئ قنبلة هيروشيما الذرية. إن شروط بقاء واستمرار أي جسيم مضاد في عالمنا المادي، حتى لو على فترة بسيطة جداً، هي شروط مستحيلة ومعدومة. فهذا الجسيم سوف يصادف دائماً مادة سيدمر نفسه بالاصطدام بها. ومن هنا الصعوبة البالغة في اكتشاف جسيم مضاد وفي التحكم به.

إبطاء الذرات
يمكن أن نفهم بشكل أفضل اليوم ما توصل إليه مؤخراً فريقا المركز الأوروبي للبحوث النووية من محاصرة ذرات من الهيدروجين المضاد. إنها نتيجة تتوج خمس عشرة سنة من الجهود والأبحاث التي بدأت عام 1995 عندما تم إنتاج أول تسع ذرات من الهيدروجين المضاد. وفي ذلك الوقت استطاع الفيزيائيون الحصول على هذه الذرات المضادة في حلقة الـ LEAR، وهي حلقة البروتونات المضادة المنخفضة الطاقة في CERN. وكانت التقنية شاقة وتشتمل على قذف ذرات عناصر ثقيلة بواسطة بروتونات مضادة، على أمل صدور أزواج الإلكترونات - البوزيتونات وأن ترتبط البوزيتونات مع بروتونات مضادة. غير أن ذرات الهيدروجين المضادة التي كانت تولد على هذا النحو لم تكن تعيش سوى 40 جزءاً من المليون من الثانية، وكانت تقطع خلالها بضعة أمتار بسرعة قريبة من سرعة الضوء قبل أن تنعدم. وهذا يعني إنه لم يكن بالإمكان استخدامها أو التحكم بها.
وفي بداية القرن الحادي والعشرين انتقل مركز البحوث النووية الأوروبي إلى المرحلة التالية: إنتاج كمية معقولة من الهيدروجين المضاد ثم كبحها أو تبطيء سرعتها. وكانت تلك المهمة الأولى في التجربتين أثينا وأترب، حيث استفادتا من بناء جهاز جديد هو مبطئ أو كابح البروتونات المضادة (AD)، وكان قادراً على تقليص سرعة الجسيمات المضادة إلى عشر سرعة الضوء. ولكن حتى مع تقليص سرعة هذه الجسمات المضادة إلى أقل من ذلك بواسطة تجهيزات مختلفة قبل خلطها مع البوزيتونات فإن ذرات الهيدروجين المضاد كانت لا تزال تحمل طاقة عالية جداً بحيث لا يمكن أسرها أو التحكم بها.

النجاح في أسر الذرات المضادة
كان لا بد بالدرجة الأولى من تحسين عملية الأسر أو الكبح لكي يمكن فيما بعد الإمساك إن صح التعبير بذرات الهيدروجين المضاد. وكان أول الناجحين في ذلك مجموعة ألفا Alpha (وهي اختصار لـ Antihydrogen Laser PHysics Apparatus) وقد نشرت نتائجها في المجلة العلمية المحكمة1 Nature في 17 تشرين الثاني 2010. وقد عمل هذا الفريق للوصول إلى هذه النتائج على تحسين تجهيزات تجربة "أثينا" التي ورثها مباشرة عن الفريق السابق له. فبدأ بعملية الكبح ثم التخزين، من جهة لنحو 30000 بروتون مضاد تم تصنيعها من قبل الـ AD في CERN، ومن جهة أخرى للبوزيتونات التي كانت تنتجها مصادر إشعاعية. ثم مزج الباحثون غمامة البروتونات المضادة مع غمامة البوزيتونات، الأمر الذي أدى إلى تكوين الهيدروجين المضاد. وتكمن الصعوبة الكبيرة في أن الذرات المضادة محايدة كهربائياً ولا يمكننا الاعتماد على شحناتها للتحكم بها كما نفعل بالنسبة للبروتونات المضادة أو للبوزيتونات. لكن لحسن الحظ، فإن هذه الذرات، ذات العزم المغنطيسي تتصرف كمغانط كهربائية ذات كثافة ضعيفة جداً. وبالتالي إذا جمعنا حقولاً كهربائية ومغنطيسية مناسبة يمكننا توجيهها وإرغامها على البقاء في الفخ أو بعبارة أخرى التحكم بها. مع ذلك، فإن هذه الطريقة غير فعالة ولا تؤثر على الذرات المضادة الحارة، وهي الأكثر حركة وسرعة. ولهذا ترك العلماء هذه الذرات تفلت منهم. وحدها ذرات الهيدروجين المضاد الباردة، وبالتالي الأبطأ، ظلت حبيسة الفخ لفترة زمنية قصيرة، حتى يتم تحريرها من أجل عدّها. وبعد محاولات وصل عددها إلى 335 استطاع فريق ألفا أسر 38 ذرة من الهيدروجين المضاد بشكل مغنطيسي، لفترة لا تقل عن 172 ميلي ثانية.
بعد أيام قليلة من فريق ألفا أعلن فريق أساكوزا Asacusa (اختصاراً لـ Atomic Spectroscopy And Collisions Using Slow Antiprotons) عن توصله إلى نجاح مماثل. يتألف هذا الفريق بشكل رئيسي من باحثين يابانيين، وقد اعتمد استراتيجية مختلفة تتلخص على النحو التالي: قام هذا الفريق بتصميم فخ، ميزته إنه لا يأسر أو لا يفخخ! وشكلوا نوعاً من كرة صغيرة مجوفة من البوزيتونات حقنوا بداخلها بروتونات مضادة. وما أن تولدت ذرات الهيدروجين المضاد حتى كان من السهل قيادتها وتوجيهها مثل مغانط صغيرة، مستخدمين في ذلك العزم المغنطيسي الذي استخدم في تجربة ألفا للتفخيخ، وهكذا كانت هذه الذرات تخرج تابعة محور الجهاز ومشكلة حزمة مضبوطة يمكن التحكم بها. وهكذا استطاع العلماء مشاهدة هذه الذرات المضادة وهي تنعدم عند خروجها من الجهاز.

توائم مضادة
بعد أن حصل الفيزيائيون على ذرات مضادة أصبح بإمكانهم سبرها من الداخل ومحاولة التأكد مما إذا كانت هذه المادة المضادة هي التوءم الحقيقي للمادة، وإذا كانت تحترم فعلاً أحد أسس النموذج المعياري في فيزياء الجسيمات الدقيقة، والذي يسمى مبرهنة CPT (اقتران الشحنة والتكافؤ وانعكاس الزمن). وتؤكد هذه المبرهنة في الواقع أننا إذا قمنا بعملية ثلاثية تناظرية لكوننا- أي يتم تحويل كل جسيم إلى جسيمه المضاد، مما يعكس شحنته، وكل إحداثية مكانية تقلب بحيث يصبح اليسار يميناً والأعلى أسفلاً والأمام وراء، وأخيراً بحيث ينعكس الزمن- فإنه يكون للكون الناتج بالضبط السمات والقوانين الفيزيائية نفسها لكوننا الحالي.
يعني ذلك أن المادة المضادة يجب أن تتصرف مثل المادة. على سبيل المثال، عند قياس طيف ذرة هيدروجين مضاد، فإننا نحصل على القيم نفسها التي نحصل عليها عند قياس هذا الطيف لذرة هيدروجين عادية. بالمقابل، إذا تبين أن هذه المعطيات اختلفت، فإن التناظر CPT يكون مكسوراً (وهو أمر لم تثبته أية تجربة حتى اللحظة)، الأمر الذي سيفسر ربما لماذا تغلبت المادة على المادة المضادة مباشرة بعد الانفجار الكبير.
يفسر ذلك العالم الفيزيائي الياباني ياسونوري يامازاكي Yasunori Yamazaki، من مركز الأبحاث الياباني ريكن Riken، وهو يعمل لصالح التجربتين ألفا وأساكوزا معاً، فيقول: "إن مجتمع الاختصاصيين في الهيدروجين كانوا مهووسين حتى الآن بتطور التقنيات الخاصة بتصنيع الذرات الباردة من الهيدروجين المضاد. أما الآن، فمع تدقيق وتطوير تقنياتنا في سبيل معالجة وضبط أفضل لذرات الهيدروجين المضاد، فإننا سنستطيع البدء أيضاً بإجراء تجارب فيزيائية حقيقية حول المادة المضادة".
هذا يعني أن أسر الهيدروجين المضاد لم يكن سوى مقدمة، وفاتح شهية دام خمس عشرة سنة. لكن الدخول في البحوث الجادة بدأ لتوه في عام 2011، وخاصة مع البدء بدراسة ذرات الهيدروجين المضاد بدقة عالية بواسطة المطياف الليزري بالنسبة لتجربة آلفا، وبواسطة مطياف الأمواج الميكروية بالنسبة لتجربة أساكوزا.
ويعتبر ذلك أيضاً سبقاً عالمياً في هذا المجال. فقد أعلن جفري هانغست Jeffrey Hangst، وهو من جامعة أروس Aarhus في الدانمرك والمتحدث باسم تجربة ألفا: "إننا سنحاول البدء بقياسات حول ذرات الهيدروجين المضاد بمجرد عودة العمل في مركز الأبحاث النووي الأوروبي CERN في أيار 2011". وهو ما تحقق فعلاً. وما سيحصل على الأرجح خلال العقد القادم كما يقول هو أننا سوف "نعمل بلا كلل لتحسين دقة هذه القياسات. إننا نبحث عن فارق بسيط جداً من المادة المضادة، يمكن أن يصل إلى جزء من المليار من المليار". وعند الوصول إلى هذا المستوى من الدقة سيمكن الحسم فيما إذا كانت المادة والمادة المضادة انعكاساً الواحدة للأخرى أم لا.

السقوط إلى الأعلى
غير أن الصعوبات لا تنتهي عند هذا الحد. بل ثمة تحد أكثر جنوناً إن صح التعبير، وهو ما يتعلق بالجاذبية المضادة. ويتعلق الأمر هنا بمحاولة معرفة، ضمن حقل الجاذبية الأرضية، إذا كانت المادة المضادة تسقط بالطريقة نفسها التي تسقط بها المادة العادية. وفي الواقع، فإن النظرية التي يطرحها غابرييل شاردان تتنبأ بأن المادة المضادة لها كتلة سالبة. فإذا أردنا التبسيط يمكن تشبيه ذلك بتفاحة افتراضية من المادة المضادة على أرضنا، تنفصل عن شجرتها، لكنها بدلاً من الوقوع على الأرض (لتنعدم في انفجار هائل) فإنها تسقط نحو الأعلى! وضمن هذا المنظور تم تخيل تجربتين ستظهر نتائجهما نحو عام 2015 أو بعد ذلك. الأولى هي AEGIS التي يتم التحضير لها في مركز البحوث النووية الأوروبي. أما الثانية فهي GBAR وسوف تطرح على إدارة المركز الأوروبي نفسه للبحث النووي CERN هذه السنة. يقول المسؤول عن التجربة الثانية "إن الفكرة تشتمل في الحالتين على تبطيء المزيد من ذرات الهيدروجين المضادة لكي نستطيع رؤية سقوطها ضمن الجهاز. وللوصول إلى ذلك تم في التجربة الثانية اقتراح تصنيع ذرات هيدروجين مضادة مؤينة، أي بروتون مضاد مقترن مع بوزيتون. وبما أن هذه الذرة من الهيدروجين المضاد مشحونة فإنه يمكن تبريدها بشكل أكثر فعالية، أولاً من خلال حقول كهرمغنطيسية ثم عبر تبادل للطاقة مع أيونات البيريليوم المبردة. ولكي نحصل في النهاية على ذرات وليس على أيونات يتم إرسال فوتونات على الأيونات لكي تجعل البوزيتون الزائد "يقفز" دون تبديد الكثير من الطاقة إلى حالة الذرة المضادة.
لا يبقى بعد ذلك سوى مراقبة ورصد سقوط ذرة الهيدروجين المضاد. فإما سيكون السقوط مماثلاً تماماً، وعندها سوف يواسي العلماء أنفسهم بأن هذه التجربة ستظل محفوظة في كتب تاريخ الفيزياء، أو سيكون ثمة انحراف بسيط، أو أن الهيدروجين المضاد سيصعد بدلاً من أن يهبط، وعندها فإن ذلك سيؤدي إلى قنبلة إعلامية، وعلمية في الوقت نفسه، لأنه يخرق كل ما هو معروف. وفي كافة الأحوال، ومهما كانت النتائج، فإن العلماء يعملون منذ الآن على إعادة النظر في النماذج النظرية لفيزياء بداية الكون.

المادة المضادة في الفضاء
مع فرق العمل الأرضية والتجارب التي تتم في المسرعات، اعتُبر إطلاق التجربة AMS (اختصاراً للمطياف المغنطيسي ألفا) في أيار الماضي خطوة حاسمة على طريق حسم النقاشات حول وجود المادة المضادة في الكون، وبالتالي حول فهم بدايات الكون وطبيعة الظاهرات الملحوظة حالياً في الأرصاد الكونية.
إنها تجربة لرصد المادة المضادة لا سابق لها حيث حمل المكوك الفضائي أنديفور هذا الجهاز إلى متن المحطة الفضائية الدولية ISS على ارتفاع 400 كلم فوق سطح الأرض. وإن كانت هذه التجربة قد بدأت قبل هذه السنة ولم تنجح لكنها استفادت من ذلك لتحسين أدواتها، وهي جاهزة كما يقول أحد العلماء لتجيبنا بوضوح حول إمكانية وجود مجرات مضادة!
وما نعرفه عن وجود المادة المضادة في الفضاء بشكل واضح وقابل للقياس أنها موجودة بكمية ضعيفة في الأشعة الكونية. وهي عبارة بشكل أساسي عن بروتونات مضادة وبوزيتونات تنتج كما ذكرنا عن الصيرورات المسماة "بالثانوية": فعندما يصطدم بروتون من الإشعاع الكوني، محملاً بسرعة عالية جداً قياساً للمجرة، مع مادة الوسط ما بين النجمي، فإنه يمكن أن يؤدي إلى تشكل بروتون مضاد.
أن قوانين الفيزياء النووية تسمح بحساب الاحتمال المقترن بهذه الظاهرة المعيارية تماماً وتفسر دونما صعوبة تذكر دفق البروتونات المضادة المرصودة. وتمثل هذه الجسيمات المضادة نحو واحد من عشرة آلاف من الجسيمات. وهي نسبة ضعيفة جداً لكنها غير مهملة. لكن هذه المادة المضادة "الثانوية" كما تسمى لا تقارن مع حديثنا عن مجرات مضادة، وهي لا تشكل سوى مركبة بسيطة جداً من مكونات وكتلة وطاقة مجرتنا.
أما بالنسبة للعوالم المضادة، فلا تزال المسألة لغزاً كاملاً. وفق نظرية الانفجار الكبير، وجدت المادة والمادة المضادة منذ بداية الكون بنسب متساوية، كما أن القوانين التي تحكمهما هي نفسها. فأين اختفت المادة المضادة. يقول أحد العلماء بصيغة المرح أن نيل أرمسترونغ لم يضمحل عندما مشى على سطح القمر، فالقمر مكون من المادة فقط. ونحن نعرف أن مجرتنا كلها باستثناء هذا المقدار الضئيل الذي نلحظ أثره في الأشعة الكونية من المادة المضادة مكونة من المادة العادية. ولهذا فالسؤال المطروح هل المادة المضادة غائبة بالمثل عن الكون كله أم أنها ماثلة في مكان ما منه؟
يعتبر العلماء عموماً أن الكون مؤلف بالكامل من المادة. لكن أفكاراً جديدة بدأت تطرح وجود مناطق كونية بحيث تتقاسمها المادة والمادة المضادة. وبالتالي قد توجد مناطق تتوزع فيها المجرات المضادة التي تضم نجوماً مضادة تدور حولها كواكب مضادة، بل وربما علماء فلك فيزيائي مضادين!
فإذا تم الكشف مثلاً عن نواة كربون مضادة، فهذا يعني حتماً وجود نجم مضاد، إذ لا يمكن تصنيع مثل هذه النوى خارج النجوم. سيكون ذلك كشفاً كبيراً لاشك. أما إذا لم يمكن الكشف عن مثل هذه النوى، فهذا يعني انتصار الكون غير المتناظر، الذي يسَّر غلبة المادة على المادة المضادة. وهو السيناريو الذي يرجحه حتى اليوم معظم العلماء، لأنه كما يقولون، لو كان الكون مقسماً إلى مناطق مادة ومادة مضادة فمن المرجح أن تصادمات هائلة وحالات فناء كبيرة قد حصلت على تخوم هذه المناطق ولم يتم اكتشاف أية إشارة مرتبطة بمثل هذا النوع من "الفناء"!!
لكن دراسة المادة المضادة لا تنحصر في البحث عن النجوم المضادة. فثمة تحديات أخرى كثيرة مرتبطة بها. إن هذه المادة قليلة في الكون، ممثلة بنسبة قليلة جداً في الإشعاع الكوني، لكن ذلك قد يشكل ميزة إذا تم التركيز على رصد البروتونات في هذه الأشعة الكونية. وهكذا يمكّن أن نرصد بينها عدداً من البروتونات المضادة. أو بالمقابل يمكن أن نرصد ظاهرات هامة جداً تولد دفقاً ضئيلاً من المادة المضادة ويأتي في مقدمة هذه الظاهرات فناء الجسيمات من المادة السوداء.
نلامس هنا مسألة أخرى مركزية في الفيزياء الفلكية وفي فيزياء الجسيمات الأولية: وهو ما يعرف بالمادة السوداء. يقول العلماء أن 99% من كتلة الكون غير مرئية. والجزء الأعظم من هذه الكتلة الخفية مكون من جسيمات غير معروفة لنا، على الأقل من جسيمات لا تنتمي إلى النموذج المعياري في فيزياء الجسيمات.
إن هذه المادة السوداء ليست مرتبطة بالمادة المضادة بشكل مباشر، إنما بشكل غير مباشر لأنها يمكن أن تُصدرها. وفي الواقع، فإن أفضل دليل أو مرشح لدينا اليوم على المادة السوداء هو ما بات يعرف بـ "الجسيم الفائق التناظر". غير أن هذه الجسيمات الفائقة التناظر إذا اجتمعت، على سبيل المثال في المناطق الكثيفة مثل مركز المجرة، سوف تنعدم وتتفانى مصدرة كمية مساوية من المادة والمادة المضادة. إن رصد الفائض من هذه المادة المضادة الناجمة عن هذا الفناء هو أحد الطرق المفضلة لدى العلماء من أجل رصد المادة السوداء.
وهناك تجارب كثيرة تحاول اليوم العمل في هذا المجال، وخاصة التجربة الفضائية باميلا Pamela. كذلك فإن التجربة AMS تركز على محاولة الكشف عن هذه الجسيمات المضادة وقد تسلحت بتجهيزات غير مسبوقة فائقة الدقة، ناهيك عن محاولتها التي تعتبر على تخوم الغرابة لرصد مجرات مضادة.

نحو نظرية جديدة للكونيات
وفق النموذج المعياري فإن المادة والمادة المضادة يجب أن تكونا قد أنتجتا بكميتين متساويتين في بداية الكون. فهل انكسر هذا التناظر فعلاً؟ إن الإجابة على هذا السؤال ليست بسيطة كما يبدو للوهلة الأولى كما يقول غابرييل شاردان Gabriel Chardin. لكن متى ينتج انكسار التوازن بين المادة والمادة المضادة في السيناريو الذي تصفه النماذج الكونية الحديثة؟ يجيب شاردان إن الجسيمات والجسيمات المضادة كانت متواجدة بكميات متساوية وفق النموذج الكوني المعياري الذي يبدأ مع الانفجار الكبير في بدايات الكون. وقد استمر هذا الحال حتى 3. 10- 5 ثانية من عمر الكون، أي خلال الأجزاء الأولى من الثانية. وكان الكون عندها عبارة عن حساء من الكواركات والغليونات، حيث كانت الكواركات والكواركات المضادة لا تزال موجودة فيه بكميات متساوية عملياً. ولكن في هذه اللحظة بدأت تتشكل البروتونات والإلكترونات. وظهر انكسار شديد في التناظر. ولم يبق سوى واحد من المليار من المادة. أما السبب فلا يزال أحد أكبر الألغاز في الفيزياء.
لكن ما الذي يملي وجود هذا التناظر الأولي؟ ببساطة إنه النموذج المعياري في الفيزياء لللجسيمات الأولية، وخاصة مبرهنة التناظر في الشحنة والمكان والزمان CPT، وهو مبدأ على كل نظرية جديدة في الفيزياء أن تحترمه. فالمعادلات التي تصف سلوك الجسيمات تقدم لنا حلين متناظرين لهما شحنات كهربائية وطاقات متعاكسة. ذلك كان الاكتشاف الكبير الذي حققه بول ديراك في عام 1928 والذي قاد إلى مفهوم الجسيمات والجسيمات المضادة. ووفق مبرهنة التناظر CPT، فإن التناظر لا يتوقف هنا. فالخصائص الجوهرية لزوج من جسيم وجسيم مضاد، أي كتلتهما وقيمة شحنتهما وعزمهما المغنطيسي ومدة حياتهما، هي قيم متطابقة.
ونحن نعرف بعض جوانب أو مظاهر هذا الانكسار في التناظر. فعلى سبيل المثال، لقد رصدنا انكساراً في التناظر بين المادة والمادة المضادة، أو عدم توازن بينهما، في تحلل منظومتين من الجسيمات معينتين بدقة، الميزونات الحيادية K وB. لكن دون أن يستطيع العلماء فهم هذا الانكسار بشكل فعلي أو تفسيره. إن هذه الشروخ ممكنة في إطار النموذج المعياري في الفيزياء، لكن هذا النموذج غير قادر على التنبؤ بقيمة أو مقدار هذا الانكسار. فلا بد اليوم في نظر الكثير من العلماء من تجاوزه. أضف إلى ذلك أن ما نعرفه اليوم من شرخ التناظر بين المادة والمادة المضادة لا يسمح لنا بتفسير هذا المقدار الذي يشكل جزءاً من مليار من المادة الذي استمر وبقي بعد هذا الفناء الرهيب للجسيمات والجسيمات المضادة في بداية الكون هذه.
يعتقد الفيزيائيون أن هذا اللاتوازن قد حصل خلال مرحلة انتقالية في بدايات الكون. وهم يتصورون ثلاث إمكانيات لحدوث ذلك أو في الحقيقة لتفسير حدوث ذلك. ففي النموذج المعياري، هناك الحل الأول المتمثل بما سمي بمرحلة الوحدة الكبرى للقوى الأساسية، وهي ترجع إلى نحو 10-38 ثانية. وتوافق هذه المرحلة اللحظة التي كانت فيها كافة التفاعلات الأساسية، باستثناء الجاذبية، ما تزال موحدة. ونحن لا نعرف في الحقيقة حتى الآن إن كانت هذه المرحلة قد وجدت فعلاً أم لا. إنما هي مرحلة يمكن أن يظهر فيها شرخ ما، يسمح بالتالي للبروتون بأن يتحلل إلى بوزيتون إضافة إلى جسيمات أخرى، أي إلى قيمتين متساويتين من المادة والمادة المضادة. غير أن هذا الحل يبدو اليوم بعيداً ولم يعد يجذب الكثير من العلماء، لأن عدم التوازن الترموديناميكي ضروري لكي نجعل الكون ينقلب لصالح المادة.
أما الحل الثاني فهو ما يسمى الانتقال الكهرضعيف، أي اللحظة التي انفصلت فيها القوة الكهرضعيفة إلى تفاعلين، الضعيف والكهرمغنطيسي. وفي النموذج المعياري يفترض أن ذلك حدث في اللحظة 10-10 من عمر الكون. إن هذا الانتقال يمكن أن يحرض انكساراً شديداً في التناظر بين النيوترينوهات والنيوترينوهات المضادة، وهي المشاركات الحيادية للإلكترونات والبوزيتونات. لكن مثل هذا الانكسار لم يتم قياسه بعد إنما هو التحدي الذي تحاول عدة مشاريع طموحة القيام به، وهي التي باتت معروفة اليوم في أدبيات العلم بخزانات النيوترينوهات العملاقة. فإذا كان ثمة فعلاً شرخ في التناظر بينهما فإن ذلك سوف ينتشر ويظهر في عالم الطاقة المنخفضة جداً. وسيشكل ذلك نوعاً من آلية لعدم توازن كامن. غير أن آلية البحث هذه لا تزال حتى اللحظة غير كاملة إنما باتت تجذب اليوم الاهتمام أكثر فأكثر بين العلماء.
أما الحل الثالث فكان قد ذكر منذ ستينيات القرن الماضي، وهو أكثر هذه الحلول شطحاً إن صح التعبير. فهو يعود إلى المرحلة التي تشكلت فيها النوترونات والبروتونات أي إلى 3. 10-5 ثانية. وعلينا أن نتخيل الكون قبل هذه المرحلة الانتقالية مثل نجم نيوتروني، فقد كانت كثافته لا تزال فائقة الشدة. أما الانتقال الذي أدى إلى المادة فقد أسفر عن كون شبه خال من المادة النووية. فلا بد بالتالي من التأكد من عدم ظهور أية آلية فصل أو تمايز في هذه اللحظة يمكن أن تقود إلى وجود جيوب من المادة المضادة في الكون. وقد أدت فرضية وجود جيوب من المادة المضادة في الكون إلى نشر المئات من الأبحاث العلمية حول تأليف النوى في بدايات الكون هذه. مع ذلك، يُعتقد حالياً أن قطرات المادة المضادة التي كان يمكن أن تتشكل في مرحلة 10-10 ثانية لم يكن لها الحجم الكافي الذي سيسمح لها بمقاومة الفناء.
تظل كافة هذه الحلول ماثلة في إطار النموذج المعياري في علم الكونيات المعاصر. مع ذلك هناك أفكار وطروحات حديثة تخرج عن إطار النموذج المعياري نفسه. وهذا يعني أنها تطور علم كونيات جديد تماماً. وأحد الذين يمثلون هذا الاتجاه هو غابرييل شاردان.
كان النموذج المعياري للكونيات قد تعرض لهزة كبيرة في عام 1998. فقد أدى اكتشاف تسارع التمدد الكوني إلى مفاجأة كبيرة. وكان لا بد لتفسير الظاهرة من إدخال مركبة دفع سالبة، هي ما سُمي "الطاقة السوداء" في النموذج. ولدينا نموذج على مثل هذا التعديل في الثابتة الكونية، وطاقة الفراغ، التي كان أينشتين قد أدخلها. وتعمل هذه المركّبة المضافة مثل قوة جاذبية دافعة، أي على عكس الجذب المألوف بالنسبة لنا. فتحت تأثيرها تتباعد المجرات بشكل متسارع الواحدة عن الأخرى. ومع أن هذا الطرح لم يرض الفيزيائيين العاملين في هذا المجال منذ عقد من الزمن، لكن غالبيتهم مقتنعون به اليوم. وتظل بعض النقاط التي تثير التساؤلات وتحتاج إلى حلول. لكن ثمة أمر واحد على الأقل مثبت بشكل مؤكد، وهو أننا لا نعيش في كون على حافة الانهيار والذي يتباطأ توسعه كما اقترح أينشتينEinstein ودو سيتر de Sitter.
قاد هذا الاكتشاف الجديد عدداً من العلماء إلى محاولة طرح نموذج كوني جديد. وقدم شاردان نموذجاً متماسكاً يثير النقاش حالياً بين العلماء. وقد بدأ بإعادة النظر بالنموذج السائد نفسه. وتساءل إن كنا مستعدين لإدخال مركبات لدفع أو ضغط سالبة فهل نحن في عالم متناظر بشكل كامل كما كان يتخيل ديراك، حيث تتواجد المادة والمادة المضادة معاً، حيث توافق المادة الكتلة الموجبة، والمادة المضادة للكتلة السالبة؟
ولكن ما هي الكتلة السالبة؟ إذا أخذنا صورة لشبه ناقل، بإلكتروناته وثقوبه. فالإلكترون يوافق منفذاً من الكثافة في شبه الناقل في حين أن الثقب يوافق تشوهاً خفيفاً جداً في الكثافة. فبالنسبة لوسط شبه الناقل يكون للإلكترون كتلة موجبة، وللثقب كتلة سالبة. وبتطبيق هذه الصورة على النموذج الكوني فإن الفراغ هو شبه الناقل، والجسيمات والجسيمات المضادة توافق الإلكترونات والثقوب. هكذا يمكن أن نعتبر الفراغ، ذا الكثافة المعدومة، مسكوناً بالجسيمات، وبالتالي توجد فيه كتل موجبة، وبالجسيمات المضادة ذات الكتل السالبة. وتحت تأثير حقل جاذبي يمكننا أن نتصور على هذا النحو أن المادة تسقط مثلاً في حين أن المادة المضادة تصعد أو تنقذف للأعلى، تماماً مثل الثقوب "ذات الجاذبية السالبة" بتأثير الثقالة في شبه الناقل. ومع مرور الزمن تتوسع الكتل السالبة في حين تتجمع الكتل الموجبة فيما يشبه الجدران والسدم والحشود. إنها رؤية غير معتادة لكنها ممكنة التصور تماماً. وهكذا يرى شاردان علم الكونيات من منظور تناظري من خلال الكتل الموجبة والسالبة والتي توافق المادة والمادة والمضادة. تلك هي الفرضية التي طورها شاردان مع أحد طلابه.
وما يتميز به هذا النموذج الجديد إنه ليس بحاجة إلى ما سمي خلال العقد الماضي بالمادة السوداء ولا إلى ما سمي بالطاقة السوداء. هكذا، لا يكون علينا البحث عن ماهية هذه المادة العاتمة ولا محاولة فهم لمَ كان تطور هاتين الكينونتين، المادة والطاقة العاتمتين، مختلفاً جداً خلال تاريخ الكون ولماذا كان على الطاقة السوداء، التي كانت مهملة عملياً أو شبه معدومة خلال المليارات العشر الأولى من عمر الكون أن تصبح هي السائدة فيه بعد هذا التاريخ.
في هذا النموذج لا نعود بحاجة أيضاً إلى تسارع التمدد الكوني. فمع هذه الكتل من المادة السالبة والموجبة، نكون أمام كون لا يتباطأ ولا يتسارع أبداً. فالتوسع الكوني يستمر إنما بشكل هادئ! ولهذا فإن المراحل البدئية للكون تدوم لفترة أطول بكثير، فعلى سبيل المثال تتحول الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون التي كانت ضرورية لخلق النوى الثقيلة في النموذج المعياري إلى ثلاثين سنة في نموذج شاردان.
يقول شاردان عن نظريته إنها لا تزال في نظر العلماء غير مفهومة وتعتبر كنظرية غريبة بل وشاذة. لكن مع ذلك بدأ فريقه محاولات لدراسة الجاذبية في إطار هذا النموذج. وبدأت الفكرة تنتشر في الواقع أكثر فأكثر حيث تعتبر الجاذبية كظاهرة منبثقة، مرتبطة بخصائص الوسط الذي ندعوه الفراغ. وفي هذا المنظور يمكن أن تكون الجاذبية نوعاً من ردة فعل للفراغ، واستقطاباً تحرضه أجسام ذات كتل موجبة تتمركز أو تتجمع، أو تحرضه كتل سالبة تتباعد. وبالتالي لا تعود الجاذبية قوة بذاتها.
يعود اليوم علم الكونيات ليحتل مركز الاهتمام في الدراسات الفيزيائية. وترتبط النظريات الكونية بشكل مباشر بفهم تطور المادة منذ بدايات الكون. بالمقابل يطرح بناء النماذج الكونية تصورات جديدة لتاريخ الكون ترتكز على إعادة النظر في مفاهيمنا التي بنيت خلال القرن الماضي.
المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري Bluline

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sadakasoft.yoo7.com
 
المادة المضادة وبداية الكون - موسى ديب الخوري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» هذا فرعون موسى ,,,,,,,
» الحية و الثعبان : إعجاز بياني في قصة موسى
»  تمرين محلول في المادة و تحولاتها
» تعرف على الكون
»  أبو موسى الأشعري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى صداقة سوفت :: ¯°·.¸¸.·°¯°·.¸¸.·°¯ الثقافة والإعلام و التاريخ ¯°·.¸¸.·°¯°·.¸¸.·°¯ :: ۩ منتدى الثقافة العامة و جديد العلوم ۩-
انتقل الى: