المايا هو اسم حضارة قامت شمال جواتيمالا وأجزاء من المكسيك .حيث الغابات الإستوائية وهندوراس والسلفادور وهذه المناطق موطن شعب هنود المايا، بلغت أوجها سنة 700ق.م. . كان وصول الأسبان والأوروبيين إلى الأمريكيتين سببا في تدمير هذه الحضارة.
تاريخ
ملامح حضارة مايا قد تطورت ببطء خلال سنة 2000ق.م. وسنة 300 م . ويطلق علي هذه الفترة الفترة ماقيل التقليدية في حياة شعب المايا . ومع بداية هذه الفترة كان الذين يتكلمون اللغة الماياوية يعيشون في ثلاث مناطق متجاورة في أمريكا الوسطي وشرق وجنوب المكسيك . وكان الماياويون الأوائل شعبا يمارس أبناؤه الفلاحة ، ويعيشون في قري صغيرة متناثرة وفي بيوت صغيرة مسقوفة بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م. وأفلت إمبراطوريتهم القديمة مع حلول القرن السابع ق. م. ولاسيما في المدن الجنوبية بسبب الأمراض والحروب والمناخ والمجاعات . وفي سنة 1000ق.م. قامت الإمبراطورية الحديثة للمايا . وكانت أقوي مما كانت عليه قديما .حيث ظهرت مدن جديدة في يوككتان وأتزي إلا أن معظم هذه المدن إندثرت . وفي سنة 300 م . ظهرت الحضارة التقليدية لشعب المايا . واصبحت حضارة معقدة منذ سنة 300م. –900 م. حيث قامت المدن الرئيسية المستقلة سياسيا كمد ينة تيكال وباينك وبيدراس ونجراس وكوبان .
في القرن الثامن والتاسع الميلادي ، بدأت حضارة المايا الكلاسيكية بالإنحدار، وذلك بهجر السكان للمدن في السهول الداخلية، فالحرب وفشل الأراضي الزراعية في تغطية حاجة السكان والجفاف ، هي ما يعتقد بأنه سبب إنحدارها. وهناك أدلة أثرية تدل أن الحرب ، المجاعة والثورات الداخلية على الطبقة الحاكمة والنبلاء سادت في عدّة بقاع في المناطق الداخلية.
بدأ الإسبان السيطرة على أراضي المايا في حدود 1520 . وقاومت بعض المناطق بشكل مستميت ، وآخر ممالك المايا ، مملكة إتزا ، لم تخضع للإسبان حتى عام 1697
اشتهرت حضارة المايا منذ القرن الرابع وحتي مجيء الأسبان بإقامة الأهرامات وفوق قممها المعابد ومساكن الكهان .كما أشتهرت بالفخار الذي كان علي هيئة كؤوس إسطوانية لها حوامل وذات ثلاثة أرجل والطاسات الملونة . وكان للمايا كتاباتهم التصويرية وأعمال الفريسك (الأفرسك). وفي غرب بنما عثر علي آثارلهم من الذهب والفخار . كما عثر علي مقابر. وعرفت جضارة المايا الكتابة الرمزية (الهيروغليفية ) كما عرفت التقويم عام 613ٌ.م. . والسنة الماياوية 18 شهر كل شهر 20 يوم . وكان يضاف للسنة 5 أيام نسيء يمارس فيها الطقوس الدينية وعرفوا الحساب . وكان متطورا . فالوحدة نقطة والخمسة وحدات قضيب والعشرون هلال . وكانوا يتخذون اشكال الإنسان والحيوان كوحدات عددية . وإمبراطورية المايا القديمة تميزت بمبانيها العامة وبيوت كبار رجالها والكهنة التي كانت تبني بالحجارة و كما إشتهرت بمدنها الكبيرة ككولان في هندوراس . وكانت بعض المدن تبني حولها الأسوار . وكانت شوارعها ممهدة وكانت الطرق الممهدة تربط بين المدن الرئيسية.
ولم يعرف المايا العربات ذات العجل ولم يستخدموا الحيوانات في حمل الأثقال بل كانوا يحملونها للتجارة علي ظهورهم بعد ربطها بحبل يعلق فوق الصدر أو الجبهة أو ينقلونها في قوارب صغيرة بمياه السواحل والأنهار . وهي مصنوعة من جذوع الشجرالمجوفة بعد تفريغها من لبها بالحفر.
الكتابة
كان المايا يتبعون نظام كتابة معقدة كتابة أشبه بالحروف الهيروغليفية hieroglyphic . وكانوا يدونون بها ملاحظاتهم وحساباتهم الفلكية وحساب التقويم وكتابة أنسابهم و تاريخهم . وكانت الكتابة خليط من الصور الرمزية glyphs التي كانت تمثل كلمات تامةيمكن قراءتها ونطقها . وقد دونت مخطوطات نقشن علي الأعمدة الحجرية والمذابح altars بالمعابد وعتبات الأبواب والشرفات وعوارض الأسقف او رسمها فوق الأواني الخزفية أو في الكتب المصنوعة من لحاء الأشجار .
الزراعة والصيد
وكانوا يزرعون البذور في حفرة يحفرونها بعصي من الخشب مدببة .ثم بعدها كانوا بمارسون تقنيات للزراعة الموسعة والمستمرة ، ويتبعون فيها أسلوب الزراعات المكثفة وتدوير المحاصيل واستعمال الأسمدة . وكانوا يزرعون الحدائق حول البيوت وفي الشرفات . وكان محصولهم الرئيسي الذرة والفاصوليا والأفاكادو والفلفل الحريف (حراق) والبابايا والأناناس والكاكاو، وكذلك كانوا يزرعون والبطاطس والكينا والطماطم وأشجار الكوكا . وكانت حيواناتهم اللاما والكلاب. وكان الكاكاو مشروبا مفضلا بعد إضافة الماء والفلفل الحار له . وكانت المرأة تطحن الذرة بين الحجر (في رحاية )وتصنع منه مشروبا مفضلا أو تخبزه ككعكة فوق بلاطة من الفخارالساخن . وكان الماياويون يشربون عسل النحل المخمر وعليه لحاء (قشر) شجر البلش balche. وكانوا يصطادون الأرانب والغزلان والديوك الرومية لتناول لحومها .وكانوا يربون الديوك والبط والكلاب كحيوانات أليفة داخل البيوت . وكانوا يتناولون الأسماك بعد صيدها . وأثناء راحتهم من العمل كانوا يصنعون الأدوات الحجرية والتماثيل الطينية الصغيرة ويتقشون الأحجار الكريمة ويجدلون الحبال ويصنعون السلال والحصر . وكانت المرأة تصنع أواني الفخار الملون من فتائل ملفوفة من الطين وتنسج من ألياف القطن العباءات والقمصان ومئازر الرجال ليستروا بها عوراتهم . وكانوا يستعملون لحاء شجر التين البري كورق الذي كان يستخدم في الأغراض الإحتفالية.
النظام الإجتماعي
كان الملوك يطلق عليهم لقب كولاهو k’ul ahau ومعناها الحاكم الأكبر والمقدس لأن الملك كان له السلطة السياسية والدينية . وكان الملوك يحكمون من خلال مجلس حكم وراثي.لكن سلطاتهم تهاوت بعد ظهور المؤسسة الدينية التي كان للكهنة فيها سلطتهم، فكان يتولي حكم كل مدينة ملك يعتبر الكاهن.
وكان الصفوة أغنياء مرفهين وعامة الشعب فقراء مدقعين . وكان النبلاء يعيشون في بيوت بنيت من الحجارة المنحوتة وجدرانها جصية عليها رسوم . وكان الموتي من النبلاء يدفنون في قبوحجري ، ومعهم مقتنيات من الفخار والأحجار الكريمة . واحيانا كان يوضع معهم أضاحي بشرية لخدمتهم بعد الموت . وكان مجتمع المايا معظمه فلاحين قرويين ،كانوا يؤدون ثلثي خراجهم للطبقة الحاكمة ويسخرون في العمل عندهم . وكانت النسوة يمشطن ويطيلن شعورهن وكانت تسريحة الشعر تميز طبقة المرأة في المجتمع . وكن يلبسن ملابس مطرزة كالجيبات والبلوزات . وكان الماياويون نساء ورجالا يتزينون بالوشم المتقن الرسم. وكان يوجد العبيد من الأسري والمجرمين . وكانت تجارة العبيد سائدة ولاسيما وأن الفقراء كانوا يبيعون أنفسهم في أسواق النخاسة . وكانوا إما يعملون في الأعمال الشاقة أو يذبحون كأضاحي تدفن مع سادتهم ليخدموهم بعد الموت.
كانت مجتمعات المايا تعيش مستوطنات عشائرية لها رؤساء . وكانوا حكاما بالوراثة أيضا . وكانوا يحكمون من خلال مهاراتهم السياسية وقدراتهم الروحانية حيث كان يعتقد أن لهم القدرة علي الإتصال بالقوي الطبيعية الخارقة . وكانوا بين عشائرهم يمثلون الطبقة الراقية . وكان يوجد مجلس عام لهذه العشائر يضم حكماءها ورؤساء العشائر ليديرأمورهم السياسية والدينية.
معتقدات
ككل الشعوب الزراعية القديمة كان الماياويون الأوائل يعبدون آلهة الزراعة كإله المطر وإله الذرة . وكانوا يقدمون له القرابين offerings ليتوددوا لها . وكان الفلكيون القدماء لديهم قد لاحظوا حركات الشمس والقمر والكواكب . وصنعوا تقويمهم من خلال حساباتهم وملاحظاتهم الفلكية لهذه الأجرام السماوية . وكانت ملاحظات الفلكيين تتنبأ لتبشرهم بالأحداث والساعات السعيدة في كل أنشطتهم الحياتية ، ولاسيما بالنسبة في الزراعة أو الحرب . و الأهرامات التلية التي تشبه التلال والمصنوعة من دبش الحجارة وفوق قمتها المذابح altars أوالمعابد المسقوفة ،كانت توضع في قلب المستوطنات ليقوم الكهنة بتقديم الأضحيات sacrifices للآلهة فوقها . لهذا أقاموا الأهرامات الكبيرة الحجم في موقع الميرادور El Mirador في الأراضي الواطئة من جواتيمالا .وتعتبر من البنايات الضخمة لقدماء المايا . وفي سنة 400 ق.م. أصبحت منطقة الميرادور مركزا مأهولا بالسكان وكرسي لمشيخة chiefdom قوية . وأثناء مرور زمن العصر ماقبل التقليدي ، إستخدم المايا الحجارة في البناء . وكانوا يستعملون حجر الأوبسيديان Obsidian (الصوان) ، وهو من صخور البراكين الناعمة . وكان يجلب من المناطق المرتفعة في جواتيمالا . فصنعوا منه الأسلحة والآلات والمنحوتات.في سنة 300 م . ظهرت الحضارة التقليدية لشعب المايا . واصبحت حضارة معقدة منذ سنة 300م. –900 م. حيث قامت المدن الرئيسية المستقلة سياسيا كمد ينة تيكال وباينك وبيدراس ونجراس وكوبان .وكان يتولي حكم كل مدينة ملك يعتبر الكاهن. والحكم وراثة.وكان الحكام تنقش صورهم فوق إستيلات stelae (أنظر :إستيلا) من الصخور وهم يحملون الأسلحة ويحاولون أسر بعضهم البعض لتقديمهم كذبائح قربانيةلأغراض طقوسية وسياسية . وكانوا يدمرون اجزاء من المدن ولاسيما التخوم الإحتفالية للمعابد. لكن هذا لم يكن يؤثر علي السكان والإقتصلد في المدينة ذاتها . وكانت الدول المدن تحارب بعضها علي نطاق ضيق ولا تتعدي الغارات متبعين الهجوم الخاطف ثم الإنسحاب السربع .ومعظم المهاجمين كانوا من النبلاء . وفي المناطق المنخفضة بأرض المايا بنيت المدن الكبيرة والمستقرة حيث كانت مأهولة بالسكان الذين كانوا يدفعون الجزية في شكل سلع أو العمل في بناء المعابد والقصور والأفنية وخزانات المياه والجسور العلوية فوق المستنقعات . وكانوا يبطنون ويمحرون الأسقف والأرضية والجدران بالمونة من عجينة حجر الجير الأحمر. وكان النحاتون ينقشون علي الأعمدة الحجرية أخبار وتاريخ أسر الحكام وحروبهم وإنتصاراتهم فيها . وكان الملوك يطلق عليهم لقب كولاهو k’ul ahau ومعناها الحاكم الأكبر والمقدس لأن الملك كان كان له السلطة السياسية والدينية . وكان الملوك يحكمون من خلال مجلس حكم وراثي.لكن سلطاتهم تهاوت بعد ظهور المؤسسة الدينية التي كان للكهنة فيها سلطتهم .وكانت التجارة الداخلية مزدهرة بين مناطق المايا حيث كانت الطرق منتشرة خلالها لتسهيل النقل والمواصلات. وكانت البضائع المتبادلة من المحاصيل والسيراميك وريش الطيورالإستوائية وغزل القطن وحجر الأوبسيدون ومسحوقه والملح والأصباغ الحمراء من تجفيف حشرات cochineal القرمزيةاللون ، والبخورمن راتنج شجر كوبال وجلد الفهد والعسل والشمع وغزل القطن ولحوم الظباء المدخنة والأسماك المجففة ، وكان الأهالي يبيعون السلع بالمقايضة أو يشترونها بحبات( كالفول ) الكاكاو التي كانت تستعمل كعملة في البيع والشراء .
الآلهة
كان للمايا آلهتهم المتعددة . وكان الإله الأكبر ( هوناب كو) Hunab Ku خالق العالم وكان أهم الآلهة . والإله (إيتزمنا ) Itzamna إله السماء مالك السموات والنهار والليل يرسل المطر وراعي الكتابة والطب . وكانت عبادته قاصرة علي الكهان . وظهوره يكون لمساندة الأسرة الملكية ونصرتها . وإله الذرة (نبات)( يوم كاكس) Yum Kaax والآلهة الأربعة تشاكس Chacs آلهة المطر وكل إله منها يشير لجهة من الجهات الأصلية a cardinal direction الأربعة وله لونه الخاص . وكانت النسوة يعبدن إله قوس قزح( إكس تشل) Ix Chelالذي له صلة الشفاء وولادة الأطفال والرضاعة. وكل المايا يعتبرون الربة( إكستاب) Ixta إلهة الإنتحار. لأنهم كانوا يعتقدون أن المنتحرين يذهبون في سماء خاصة
الطقوس
كان الماياويون يمارسون طقوسا ويقيمون إحتفالات القداس لهذه الآلهة في أول السنة الماياوية في يوليو أو في حالة الطواريء كما في المجاعات والقحط والأوبئة والجفاف . وكانوا يتجمعون في ساحة عامة لتكريم الآلهة, ويضعون الريش فوق أبواب الساحة . وكانت مجموعات من الرجال والنساء يضعون فوق ملابسهم ورؤوسهم الريش والأجراس الصغيرة بأيديهم وأرجلهم عندما برقصون بالساحة علي إيقاع الطبول والزمور وأصوأ ت الأبواق . وكان المصلون يشربون مشروبا شعبيا. و بعض المشاركين كانوا يتناولون عقار الهلوسة من نبات عيش الغراب ويدخنون التبغ . وصغار النبلاء كانوا يلعبون لعبة الكرة المقدسة فوق ملاعب خاصة أقيمت لهذا الغرض .وكانت الكرة من المطاط . وكانت إحتفالات المايا تتركز علي تقديم الأضاحي البشرية لنيل مرضاة الآلهة . وكانت تمارس عادة التضحية فوق الأهرامات الحجرية المشيدة في ساحات الإحتفالية الدينية وكان يلحق بها سلالم مدرجة تؤدي للمعبد فوق بناية الهرم حيث يوجد المذبح . وكان يعتبر المعبد بيت راحة للإله ؤلاؤءرلا
المعابد وطقوس التضحية
كانت الأهرام الحجرية معابد ، وكان المعبد مزخرفا بالنقش الغائر أو مرسوما بتصميمات وأشكال متقنة . وهو مغط ببلاطة حجرية رأسية منقوشة أيضا, يطلق عليها عرف السقف roof comb .وواجهة المعبد مزينة بنتواءات لأ قواس حجرية corbeled arches مميزة . وكان كل قوس يشيد من حجر, وكل حجرة كانت تمتد وراءالحجرة التي تحتها . وجانبا القوس كان يرتبطان بحجر العقد keystone فوقهما .وكان أمام المذبح يطلق دخان البخورالذي كان يحرق في مباخر فخارية . وكان المتعبدون يقدمون العطايا من الذرة والفاكهة وطيور الصيد والدم الذي كان المتعبد يحصل عليه بثقب شفتيه أو لسانه أو عضوه التناسلي بمخراز . وللتكريم الأسمي كان المايا يقدمون الضحايا البشرية من الأطفال والعبيد وأسري الحرب . وكان الضحية يدهن باللون الأزرق . وكان يقتل فوق قمة الهرم في إحتفالية طقوسية بضربه بالسهام حتي الموت أو بعد نكتيف (وثوق) الساعدين والساقين بينما الكاهن يشق صدره بسكين حاد مقدس من حجر الصوان لينتزع القلب ليقدم كقربان . وكان القادة من اسرى الاعداءيقدمون كضحية يعد قتلهم بالبلط وسط مراسم من الطقوس .
الإنكا (Inca) إمبراطورية قديمة بنتها شعوب هندية في منطقة جنوب غرب أمريكا، وهي ذات حضارة ضاربة في القدم وتشمل أرض الأنكا بوليفيا والبيرو والاكوادور وجزءاً من تشيلي والأرجنتين قاموا ببناء عاصمتهم كاسكو وهي مدينة مترفة ومليئة بالمعابد والقصور تقع على ارتفاع 11000 قدم فوق مستوى سطح البحر في جبال الانديز وقد أطلق عليها اسم مدينة الشمس المقدسة, تبلغ مساحتها 990000 كيلومتر مربع.
بدايتها كانت على جبال الأنديز في حوالي سنة 1100 م، واستمرت حتى الغزو الأسباني عام 1532 م. بدت حضارة شعوب الأنكا للناظرين متخلفة في شكلها وطريقة معيشتها ولكنها تركت بصمة عجيبة ومحيرة تلفها الأساطير التي تقول أنهم أتوا من الفضاء الخارجي لروعة الإرث الذي تركوه.
توصل شعب الأنكا إلى بناء دولة العدالة الاجتماعية فقد وضعت الحكومة يدها على الأرض لضمان قوت الشعب، والذهب والفضة ومعادن أخرى وقطعان الماشية وبخاصة حيوان اللاما الذي يقوم بدور المواصلات. وكانت العائلة المقياس الرئيسي في التقسيمات الحكومية، فلكل مجموعة من عشرة عائلات قائد مسؤول أمام الكابتن الذي يشرف على خمسين عائلة والذي يشارك في الحكم, ولكل عائلة مقدار معين من محصول الأرض، كما كانوا يحيكون ملابسهم ويصنعون أحذيتهم ويسبكون الذهب والفضة بأنفسهم, وكان العجزة والمرضى والفقراء يلقون رعاية كافية من المجتمع.
كان لشعب الأنكا خبرة في الزراعة حيث كانوا ينتجون محاصيل ممتازة ويشقون السواقي ليجلبوا الماء من المناطق الجبلية لسقاية حقولهم وقد بنوا جسورا مصنوعة من أغصان الكرمة والصفصاف مجدولة بالحبال.
أتقن الإنكيون نسج القطن الناعم بمهارة حتى أن الأسبان عندما غزوهم اعتقدوا بأن نسيجهم مصنوع من الحرير.
بعد قرون من الرخاء انقسمت إمبراطوريتهم إلى قسمين فقام الأسبان بغزوهم ودمروا الإمبراطورية.
تم الكشف عن بقايا إحدى مقابر الأنكا حيث عثر على حوالي 1200 رزمة في أحد الأماكن على مساحة 5 هكتارات تحتوي كل منها على جثة واحدة على الأقل، ويصل عدد الجثث الموجود في إحدى الرزم على سبع جثث ولا تزال الألوف منها مدفونة اسفل البلدة.
حتى الآن تم الكشف عن 2200 رجل وامرأة وطفل من الأغنياء والفقراء إلى جانبهم بعض الطعام والملابس وأدوات منزلية ليستخدموها في حياة الآخرة.
أمريكا الجنوبية.. تعد ثالث قارات العالم من حيث المساحة.. تنحدر أصول سكانها من قارة آسيا.. وتعرف بأراضيها المتدرجة من قمم سلسلة جبال الانديز البركانية على طول الساحل الغربي إلى السهول الخصبة في الوسط والشرق والتي تقطع مراعيها الخضراء أنهار عديدة تصب معظمها في المحيط الاطلنطي على الساحل الشرقي. تتميز أراضيها بخصوبتها ناثرة الخير في معظم أرجاء القارة.. جاء إليها البرتغال وتبعهم الإسبان في منتصف القرن السادس عشر إبان أوج مجد الامبراطوريات الأوروبية وسباقها المحموم نحو اكتشاف العالم الجديد كما اطلقوا عليه. بهر من تناودا بالحضارة الأوروبية وسيادتها بوجود حضارة ضاربة في القدم امتدت من شمال الاكوادور وحتى دولة شيلي، بنتها شعوب هندية بدت للناظرين متخلفة في شكلها وطريقة معيشتها ولكنها تركت بصمة محيرة وأساطير تقول انها أتت من الفضاء الخارجي لروعة الإرث المعروف بحضارة «شعوب الأنكا». تحيط ب «كوسكو» العاصمة أربع مدن رئيسية بطرق غاية في دقة الاناقة والتعبيد قدرت اطوالها ما بين عشرة إلى خمسة وعشرين ألف كيلومتر تعد من عجائب شق الجبال في تلك الحقبة التاريخية ومنها ما هو خاص فقط بالملك وأسرته ومنها ما هو للخدم، تتجه لأربع ولايات رئيسية تمثل «شينشايسويو» الموجودة في كولومبيا الحالية و«كونتيسويو» في شيلي الآن و«كولاسيو» في دولة بوليفيا و«انتيسويو» في الأرجنتين الحالية وتلك المدن التي ما زالت موجودة تبين الحجم الشاسع لأراضي امبراطورية الأنكا.
كلمة «أنكا» تعني الملك أو الابن الأوحد للشمس ومن المظاهر الغريبة انه يتزوج بأخته الشقيقة للمحافظة على الدم الملكي وتسمى الملكة «كويا» ويعتبر الاثنان منحدرين من إله الشمس وفق عبادتهم الخاطئة، ويقال ان نسل الامبراطورية كان به أربعمائة طفل من هذا الهجين كما ان للملك وحده حق منح زوجة إضافية للنبلاء من علية القوم.. وما زالت هذه العادة تجري إلى الآن بين الأغنياء الاقطاعيين في مجاهل غابات «بيرو» و«الاكوادور» و«بوليفيا» وبعض دول أمريكا اللاتينية. بنى الانكا هرما اجتماعيا رأسه شخص عرف كحاكم مطلق ومن بعده تأتي طبقة «الاوريجونز» النبلاء أو ذوو الآذان الكبيرة لما يعلقونه عليها من حلي ثقيلة ومن بعدهم «الرونا» أو العامة من الناس ثم خدم المنازل أو «اليانكوناز» ومن ثم العبيد أو «الميتيمايز» ومن مظاهر ملوك الأنكا أن من يريد الدخول على الملك يجب عليه ان يحمل ثقلاً عظيماً على ظهره وان يدخل زحفاً ولا يرفع عينيه عن الأرض عند الحديث مع الملك الذي عادة ما يكون محاطا بعدد من زوجاته وذلك لمسح لعابه عند الحديث لمنع السحر الذي قد يحمله العوام ليصيب الملك!! ويحمل الملك على هودج من الذهب الخالص ويرتدي ثيابا من أجود أنواع الصوف وعادة لا يلمس الأرض برجليه ويحمل صولجان الملك الذهبي ذا الثلاثة صقور ويرتدي قناعاً ذهبياً على شاكلة شمس يسمى «ماسكايباشا» يتدلى منه حبل ذهبي مجدول يسمى «لولايتو» ويعتمر قبعة من ريش النعام وحلقين ذهبيين وغطاءً من الجلد وصوف الفيكونا النادر من القدم وحتى الخاصرة المرصع بالأحجار الكريمة والتركواز. ولامتداد أراضيهم بين منحدرات جبال الانديز الباردة نجد أنهم مهرة في غزل الصوف وحياكة الملابس ذات الطبقات اتقاء لشر البرد يوشحها أغنياؤهم بالذهب والأحجار الكريمة التي تكثر في المملكة كنتاج طبيعي للبراكين فهو يوجد على شكل اشبه بالجاهز عند مصبات الأنهار دون تعدين يذكر مما جعلها مطمعاً للغزاة الاسبان ومن بعدهم البرتغاليين في التاريخ الحديث، عرف الأنكا التحنيط كما في حضارات وقدماء المصريين والنوبة السودانية كما بنوا اهرامات مدرجة موجودة في المكسيك إلى الآن لحفظ مومياوات الملوك «مالكيي» ومقتنياتهم التي يزعمون أنهم سيستعملونها في الحياة الآخرة. اللغة الرسمية للدولة سميت «رونا سيمي Runa Simi» وهي لم تكتب إلى الآن ، بل تّم توارثها شفاهة و هي لهجة من لغة كيشوا. اعتمد الانكا قانونا حياتيا يقول بأنك تعاقب لو كنت «لصا أو كاذبا أو كسلان» وقد سرى هذا القانون بقوة على العوام من الناس.
عُرف الأنكا بهندسة مقاييس دقيقة تجلت في وجود نحاتين قلما عرفت الحضارات القديمة مثلهم لأنهم ببساطة لم يُتح لهم الأخذ من أي من الحضارات في منطقتهم مما أوجد الأساطير والخرافات عن كيفية نقل ونحت الصخور بتلك الدقة وكأنهم استعانوا بسكان كواكب أخرى، بنوا معابد الشمس «الواكاس»، وبناء الكباري المعلقة «الشاكا» بين ممرات الجبال الشاهقة ومجاري الأنهار الجبلية الهادرة مستخدمين حبالا منسوجة مدعمة بمعادن على سقالات خشبية ضخمة بحيث يسحب الشخص حبلاً معيناً يأخذه من قمة لقمة فيما يشبه البكرات وعمم هذا النظام مهندسون مدربون على طول شبكة الطرق في الامبراطورية، دعمت تلك الجسور نظام البريد المعروف باسم «شاسكي» الذي استخدم فيه الشباب الأقوياء الذين يمتطون حيوان اللاما ذا الشبه الذي يجمع ما بين النعامة والحصان لنقل رسالة شفهية، مادية او بنكنوت وضرائب ملكية تعرف ب«كوبيكو» ولمسافة تتعدى 250 ميلاً في اليوم بين مطارق جبلية غاية في التعرج مما يدل على بأس هنود الانكا، فقد نجح الانكا إلى حد كبير في الربط ما بين الصخور المنحوتة بدون مواد رابطة، فكانت قراهم عبارة عن بيوت بنيت بشكل طبقي من صخور ضخمة وجدت في حضن جبل يطل على وادٍ صالح للزراعة، وتشمل هذه المنازل غرف الضيافة والنوم ومخازن الطعام كلاً حسب حاجته من التهوية والضوء بأنامل فنية ماهرة أذهلت علماء الآثار أخذت علمها بفطرة من المولى سبحانه وتعالى، وقد عُزي ذلك إلى ان المنطقة ذات طبيعة بركانية تشتهر بأنها أشهر حزام للزلازل في العالم مما جعلهم يحتاطون ولا يلجأون إلى استخدام المواد الطينية الرابطة بل يعتمدون على حفر قطعة صخرية واحدة ضخمة الحجم يقيمون فيها سكنهم المريح مما جعل من مدنهم وقراهم مدرسة لمهندسي العمارة الحديثة إلى الآن. لقد حبا الله الانكا بفن المحابس الزراعية قبل غيرهم من كافة الحضارات حيث ان أراضيهم البركانية الخصبة لم تكن لتصمد أمام الهطول العنيف لأمطار الجبال ولكنهم ابتكروا نظاماً متطوراً للري بحيث يحجز الماء فيما يشبه السد ومن ثم يروي الأرض شيئاً فشيئاً دونما تجريف أو خسارة تذكر.
المعتقدات لدى الأنكا
الأنكا شعوب ضاربة في الوثنية الكاملة، فالحيوانات والطيور مثل الكاجوار أو أسد الجبال والبومة والمظاهر الطبيعية مثل الرعد والبرق بنوا لها المعابد المحمية وكانت العبادة يعين لها كهنة يعدون بمثابة الوسيط بين العامة وما يعبدونه «ويراكوشا» وزخرفوا تلك المعابد بالذهب والأحجار الكريمة وكان يقدم لها القرابين الغريبة مثل ذبح بنت يتيمة الابوين لم تبلغ عند بداية موسم المطر.. ولكن أعاد بعض علماء التاريخ التحول إلى تقديس الشمس وسموا وثنيتهم هذه «أنتي» أو ابن الشمس وبنوا الاهرامات المدرجة لذلك الغرض لتصل لشعاع الشمس فوق غابات نهر الأمازون الكثيفة دليلاً على تمدنهم النسبي بعدما توحدوا ووسعوا رقعة الامبراطورية. للأنكا وادٍ يسمى «Machu Pichu ماشو بيشو» يعتبرونه مقدسا ويقطع الوادي نهر «أوروبامبا» المقدس عندهم، ويحرصون على المرور به والاغتسال من ماء النهر
لاعتقادهم أن قوة خارقة تعتري الشخص الذي يمر به، والغريب أنهم يبتلعون حصاة صغيرة من أحجار هذا الوادي بل وأعشابه أو يضعونها تحت ألسنتهم أو جلودهم أو حتى مخادعهم ظنا منهم جهلا أنها ترد الأعداء و تجلب الحظ أو تشفي السحر وتزيد من قوة الجنس أو جهاز المناعة ضد الأمراض. برع الأنكا في طب الأعشاب وبخاصة متطلبات الجمال من بشرة صافية وتخسيس للوزن ومعالجة أمراض الدم والجهاز الهضمي حيث اكتشفوا بالتجربة أن لبعض جذور النباتات في غابات وجبال الإنديز دور في ذلك.