أغلق نافذة الخريف وافتح نافذة الربيع؛ فإنه قادم
لا تنظر إلى القَدْر الفارغ من الكأس، ولكن انظر إلى القَدْر الممتلئ؛ فإن من قال: "معي"، خيرٌ ممن قال: "فقدت"
إن
كل منظفات الدنيا لن تمحو كلمةً قيلت، وكل أجهزة العالم لن تعيد لك
ثانيةً مضت، ومن يحاول ذلك، فإنما يريد أن يطحن الطحين، ويعصر العصير،
وينشر النشارة.
إذا
كان الماضي لديك يبعث برياح الحزن الجافة، وأعاصيرِ المصائب المدمِّرة،
فباستطاعتك إيقاف ذلك كلِّه؛ بعدم التفكير والاسترسال في تلك الدوامات
الموجعة، وانشغل بكل ما ينسيك ذلك، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وانفث
عن يسارك ثلاثًا؛ فالشيطان حريصٌ على حزن المسلم خاصة،
قال - تعالى - مبينًا غايةً من غايات الشيطان: ﴿ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [المجادلة: 10]؛
إذًا لا تسلمه خطام تفكيرك، وانشغل بما يفيدك، وسوف ترى بوادر الراحة بدأتْ تغمر بدنَك،
ولا
تقل: إن ذلك ليس باستطاعتك، بل هو باستطاعتك، أرأيت لو كنت قد صورت بعض
ما حدث لك من تلك المآسي في شريط فيديو أو كاميرا تصوير، هل كنت سوف
تشاهدها؟ بالتأكيد الإجابة: لا، بل سوف تحطمه، وأنا أسألك: لماذا؟
سوف تقول
: لأنها تثير عندي مشاعر الحزن، فإذا استطعتَ أن توقف شريط الكاميرا، فباستطاعتك أن تغلق شريط الذكريات، والأمر سواء بسواء.
إن أهم أسرار الطمأنينة وراحة البال، ألا ندفع ثمنًا غاليًا لما لا يستحق.
فلا تشترِ القلق بالأحزان، بل بعْه بالنسيان، ولا تجتر المواقف المحزنة.
ولا تنظر إلى القدر الفارغ من الكأس، وانظر إلى القدر الممتلئ؛ فإن من قال: "معي"، خيرٌ ممن قال: "فقدت".
يقول
أحد الذين عركتهم الدنيا عركًا حتى أرتهم نجوم الليل في سماء الضحى -
وكان متفائلاً -: "حاول أن تتعود النظر إلى الجانب الأمثل من حياتك؛ فهو
يغطي 90% من نفسك".
إذًا أغلق نافذة الخريف الماضي، وافتح نافذة الربيع؛ فإنه قادمٌ.
(في
حال النقل من المادة، نأمل الإشارة إلى كتاب "ولكن سعداء.." للكاتب أ.
محمد بن سعد الفصّام، والمتوفّر في مؤسسة الجريسي للتوزيع).