على جناح حمامة
ذهب أحمد لقضاء العمرة مع والده وكان لابد أن يزورا المدينة المنورة.. أحمد تعب جسمانيا في هذه الرحلة وأصابه المرض والدوار مع ارتفاع في الحرارة، وهذا من تأثير تغيير الجو، والحر الشديد، والزحام مما أثر على حيويته، ولما سمع أن العمرة كلها تتم مراسيمها في مكة المكرمة، وأن الذهاب للمدينة فقط للتبرك والسلام على النبي ((صلى الله عليه وسلم)) تشجع.. وقال لوالده:
• هيا نرجع إلى بلدنا فقد أدينا العمرة.
قال الأب: وكيف لا نزور مسجد النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وقبره.!!
• وهل سيستقبلنا بنفسه.؟! فما الداعي لهذه الزيارة يا أبي.
• حتى لو عرفت أن النبي ((صلى الله عليه وسلم)) قال:
((لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا)) متفق عليه.
• وهل يغضب منا النبي إذا لم نزره.
• رسولنا سمح لا يعرف الغضب.!! ولكن من لم يزره يحرم نفسه من الصلاة في روضة من رياض الجنة.
• في روضة من رياض الجنة.!!
• نعم يا أحمد فقد قال ((صلى الله عليه وسلم)): (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة).
أكمل الأب وهو يدفعه ليركب السيارة، فرمى أحمد ما في يده من بقايا القمح للحمام الذى كان يطعمه وركب..
قال الأب:
• وأيضا سيفوتك زيارة أول عاصمة إسلامية، طيبة الطيبة.. وثاني أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة المكرمة.
• ما كل هذا الكلام.!! لم أفهم شيئا.
• هذا ليس بكثيرعلى الذين استقبلوا النبي وصحبه أحسن استقبال.
فإذا بمن في السيارة كلهم يغنون:طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعى لله داع
أيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينه
مرحبا يا خير داع
انتشى أحمد قليلا فلحقه والده:
• ليس النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وصحبه فقط بل استقبلوا المهاجرين من بعده، وآووهم ونصروهم، واقتسموا معهم البيت والمال.
•• وهل يعقل يا أبي أن يقتسم أحد مع غيره البيت والمال.!
•• حدث في المدينة الطيب أهلها ولذا تلقب "بطيبة الطيبة".
فقد سماها النبي ((صلى الله عليه وسلم)) طيبة ونهى عن استخدام اسمها القديم يثرب وقال:
((يَقُولُونَ يَثْرِبُ! وَهِيَ الْمَدِينَةُ))، متفق عليه، وقال: ((مَنْ سَمَّى الْمَدِينَة يَثْرِب فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّه , هِيَ طَابَة هِيَ طَابَة))؛ رواه أحمد.
قال أحمد: ألهذه الدرجة يحبها الرسول.
قال الأب:
• نعم وأكثر.. ولماذا تسألني، معك الموبايل ادخل منه على النت واعرف كم يحبها.؟
نظر أحمد في النت وقرأ:
• فعلا يا أبى.. فقد دعا ((صلى الله عليه وسلم)) للمدينة بالبركة قائلا:
• اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم.
قال الأب:
• يقصد تمر المدينة التى اشتهرت به، فتمرها شفاء من السم، لذا يستحب أكل سبع تمرات في البكور.
قال أحمد:
قال - صلى الله عليه وسلم - لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء.
• ولا يدخلها الطاعونُ ولا رعب المسيح الدجال فعلى أنقابها ملائكة.متفق عليه.
وقال ((صلى الله عليه وسلم)):
• المدينة ترتجف بأهلها فيخرج الله منها كل كافر ومنافق: رواه البخاري.
وقال: اللهم إني أحرم ما بين لابتيها مثل ما حرم إبراهيم مكة. أخرجه مسلم.
قال الأب:
• ويقصد جبل ثور جهة الشمال وجبل عير جهة الجنوب، واللابة الأرض التى بها حجارة سود.
سكت أحمد بعض الوقت.. ثم لاحظ الأب أن ابنه يردد أخر ما استوعبه ذهنه:كما يذوبُ الملحُ في الماء
كما يذوبُ الملحُ في الماءِ.
نظر إليه فوجده يغط في نوم عميق.. أخذ من يده الموبايل ليغلقه وهو يقول:
• النوم أفضل حتى لا يشعر ببعد المسافة.
بينما أحمد في منامه طائرا على جناح واحدة من حمام الحمى تقول له:
• سأقطع بك حوالي 400 كم من مكة المكرمة إلى المدينة شمالا في لمح البصر.
قال أحمد:
• ولماذا تقطعين كل هذه المسافة لأجلي.. ألكي توصلينني فقط وتعودين؟
قالت الحمامة:
أنا ذاهبة لزيارة النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وزيارة أختى هناك.
•• ولماذا لا تعيشين مع أختك في مكان واحد.؟ وتوفرين الذهاب والعودة.!
قالت الحمامة:
• وهل هناك سعادة أكبر من أن أزور قبر النبي وأختي في آن، وهى بالتالي تأتي إلى مكة وتطوف بالبيت وتزورني..
قال أحمد:
• من أنت ومن أختك يا حمامة؟
قالت الحمامة:
• سمعت أقوال كثيرة عن البداية فمن قال: أننا من الحمامتين اللتين كان عشهما على غار ثور أثناء هجرة النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وصاحبه أبى بكر الصديق ((رضى الله عنه)).
• ومن قال: أصلنا يرجع لعام الفيل الذي أحضره أبرهة لهدم الكعبة، فقد أرسل الله طيرا من البحر اسماه طيرًا أبابيل لإهلاك أصحاب الفيل..
• ومن قال: إن أصل حمام الحرم يرجع لزمن نوح عليه السلام والطوفان.. حيث قام الحمام بمهمته وأخبر عن جفاف أرض الكعبة المشرفة، فدعا سيدنا نوح للحمام بالبركة..
قال أحمد:
• وهل تقتصر الزيارة على قبر الرسول ثم العودة فقط.
قالت الحمامة: انتظر سترى الآن.. ثم مالت الحمامة يمنة ويسرا فصاح أحمد:
• ماذا بك ستوقعيني من على جناحك يا حمامة.
قالت الحمامة:
• لا تخف إنني أميل بك لكى أقربك من هذا المكان التاريخي.. والذي حدث فيه أول معركة في الاسلام هل تعرفها؟
•• نعم موقعة بدر.. المواجهة الأولى بين المسلمين والمشركين.
قالت الحمامة: وهل تعرف اسم هذا المسجد.
قال أحمد: أعتقد أنه مسجد العريش.
قالت الحمامة: نعم ولكأني اسمع سعد بن معاذ "رضي الله عنه" في كلمته الشهيرة ((امض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد)).
ثم إقترح رضي الله عنه أن يبنى عريشا للرسول ((صلى الله عليه و سلم)) حيث صلى، بعد ذلك بني المسجد في مكان العريش وسمي بمسجد العريش.
قال أحمد:- وأرى أيضا مقبرة الشهداء، وهذا المجسم بأسمائهم.
قالت الحمامة:- تمام.. هيا امسك نفسك.. سأرتفع حالا فوووووووو.
•• هل ستنخفضين مرة أخرى.؟!
• نعم هذا (مسجد قباء) أول مسجد بني في الإسلام.
• أيضا أعرفه فهو أول مسجد بني في الإسلام.
• نعم.. نعم.. فووووووووووووو
• مالت الحمامة وقالت ماذا ترى من هنا؟
قال أحمد:- أرى قبتين لمسجد واحد.
قالت الحمامة:- إذا نحن عند (مسجد القبلتين) ماذا تعرف عنه..
• أعرف أن النبي والصحابة كانوا في صلاة الظهر، تجاه المسجد الأقصى، وإذ بالوحي ينزل على النبي بتحويل اتجاه القبلة الى المسجد الحرام فاستدار وهو في الصلاة واستدار باقي المصلين في الحال.
• والمسجد كما ترى تعلوه قبتان. فوووووووووووووو
سأل أحمد:
• كم يتبق على المسجد النبوى يا حمامة.
• لم يبق سوى مسافة 3,63 كيلو مترات.
قال أحمد: أراك تهدئين من سرعتك أتتوقفين هنا.؟
قالت الحمامة: - يجب ألا ننسى زيارة (جبل أحد) قال عنه النبي ((صلى الله عليه وسلم)): (أحد جبل يحبنا ونحبه).متفق عليه
قال أحمد:- أرى أننا قد وصلنا إلى (المسجد النبوي).
• نعم.. ثاني أقدس المساجد بالنسبة للمسلمين بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة.
• وبجواره (البقيع) المقبرة الرئيسية لأهل المدينة، ودفن فيها أكثرالصحابة.
• الحمد لله على السلامة.
.
قالت الحمامة:
• أرأيت كم تضم المدينة بين أحضانها كثير من المعالم والآثار.. أتركك في أمان الله وأنطلق أنا إلى أختي فووووووووووووووو.
أخذ أحمد يردد: أحد يحبنا ونحبه.. يحبنا ونحبه.
هزه والده: قم يا أحمد.. لقد وصلنا.
قام أحمد منتشيا وقال: - لقد كنت في حلم جميل سأحكيه لك..
استمع الأب إلى ابنه ثم احتضنه وقال وماذا استفدت من هذا.
قال أحمد:
• أريد أن أزور كل معالم المدينة بجبالها ووديانها وشوارعها وأزقتها القديمة.
وأسلم على حمام الحمى وألقى له بالقمح.. فهو أيضا من معالم المدينة الجميل..
قال الأب:
• هيا يا بني ننطلق إلى زيارة نبينا الحبيب.. انتظر ماذا تفعل.
• أقطع هذا الفرع من الشجرة ربما يصدم أحدا.
• لا يا بنى احذر، فالمدينة، يحرم صيدها، وقطع أشجارها، كما تحرم لقطتها إلا لمن يريد تعريفها.
قال أحمد:
• معك حق يا والدى كدت أنسى هذا الأمر.
قال الأب:
• بارك الله فيك يا بني.. أنت سريع الاستجابة والامتثال.
• هيا يا أبي أسرع لقد زاد شوقى للسلام على النبي ((صلى الله عليه وسلم)).. والصلاة في روضة من رياض الجنة الجنة.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/1196/55323/#ixzz2jTildaAu