قصة ذي القرنين قصة قد نُسِجَ حولها من الأساطير والخرافات والخيالات والأوهام الكثير وقد أورد ابن جرير والأموي في حديث ضعيف الاسناد عن عقبة بن عامر أن نفرا من اليهود جاؤا يسئلون النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين فأخبرهم بما جاؤا له إبتداء فكان فيما أخبرهم به انه كان شابا من الروم وأنه بنى الإسكندرية وأنه علا به ملك في السماء وذهب به إلى السد ورأى أقواما وجوههم مثل وجوه الكلاب وفيه طول ونكارة ورفعه لا يصح وأقاويل أخرى كثيرة وكلها من أخبار بني إسرائيل.لا يجوز لأحد يحترم علمه وعقله أن يتجاوز النص القرآني في قصة ذي القرنين فما ذكره اللـه في القرآن عن ذي القرنين فيه الغنى وفيه الكفاية ، ولسنا في حاجة لأن نلهث وراء الإسرائيليات لننسج حول شخصية ذى القرنين الأساطير والخرافات والأوهام.عندنا كتاب حكيم عظيم حفظه رب العالمين ، يذكر لنا قصص من سبقونا ، ونحن نلتزم بما فيه من القصص.ذو القرنين :
—————
لا نعلم قطعا من هو ذو القرنين.ذو القرنين عبد صالح اختلف أهل التفسير في نبوته لكن لا يستطيع أحد أن يجزم بذلك. كل ما يخبرنا القرآن عنه أنه ملك صالح ، آمن بالله وبالبعث وبالحساب ، فمكّن الله له في الأرض، وقوّى ملكه ، ويسر له فتوحاته.
(إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرض وَءَاتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا) أخذ بهذه الأسباب والوسائل للتمكين والنصر والفتح والظهور .
(وَءَاتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) أعطاه الله سبحانه وتعالى من الأسباب والعلم والحكمة ما يستطيع أن يفتح وأن ينتصر وأن يجوب البلاد شرقا وغربا .وقيل (وَءَاتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) أى تعليم الألسنة فكان لا يغزو قوما إلا كلمهم بلسانهم.
ذهابه إلى غرب الكون وحكمه هناك :
بدأ ذو القرنين التجوال بجيشه في الأرض ، داعيا إلى الله. فاتجه غربا ، حتى وصل للمكان الذي تبدو فيه الشمس كأنها تغيب من وراءه ، وربما يكون هذا المكان هو شاطئ المحيط الأطلسي ، حيث كان يظن الناس ألا يابسة وراءه.
(حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا) ومن المعلوم أنه ليس للشمس مشرقاً واحداً ولا مغرباً واحداً بل لها عدة مشارق ومغارب . قال اللـه تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ) المعارج:40
فالشمس لها مشارق ومغارب بحسب فصول السنة وأيامها وشهورها ، لها مشارق ومغارب بحسب المكان ، لها مشارق ومغارب بحسب رؤية الرائي إلى قرص الشمس أثناء الشروق أو الغروب.فألهمه الله – أو أوحى إليه – أنه مالك أمر القوم الذين يسكنون هذه الديار ، فإما أن يعذبهم أو أن يحسن إليهم.
(قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا) فما كان من الملك الصالح إلا أن وضّح منهجه في الحكم ، فأعلن أنه سيعاقب المعتدين الظالمين في الدنيا ، ثم حسابهم على الله يوم القيامة ، أما من آمن فسيكرمه ويحسن إليه.فبين ذو القرنين منهجه العادل ودستوره الحكيم
فقال كما ذكر في كتاب ربنا : (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) وأما من ظلم نفسه بالشرك واستمر على عناده وعدم اتباعي فسوف أعذبه ، وله عند اللـه العذاب العظيم ، وأما من اتبعني وآمن بما جئت به ووحد اللـه واستقام على منهج اللـه فله الحسنى وهى الجنة ، أما من ناحيتي فسنقول له يسرا
تابعونا في الجزء الثاني من قصة ذو القرنين وتمهيد لقصه يأجوج ومأجوج
المصادر
1-تفسير القرطبي
2-تفسير أبن كثير