وأصل الشّكر معرفة العبد أنّ جميع ما به من النّع، وما عليه منها في ظاهره وباطنه من الله تعالى، تفضّلاً منه سبحانه وامتنانًا.
ومن الشّكر الفرح بوجود النّعم من حيث إنّها وسيلة إلى العمل بطاعة الله ونيل القُرب منه. ومنها الإكثار من الحمد لله والثّناء عليه تعالى باللّسان، قال صلّى الله عليه وسلّم ”لو أُعطي رجل من أمّتي الدّنيا بأسرها ثمّ قال: الحمد لله، كان قوله الحمد لله أفضل من ذلك كلِّه”، ذكره الهيثمي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
وقال عليه الصّلاة والسّلام ”الحمد لله تملأ الميزان” أخرجه مسلم من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، وقال عليه الصّلاة والسّلام ”إنّ الله ليَرضى عن العبد يأكل الأكلة ويشرب الشَّربة فيَحمده عليها” أخرجه مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
ومن الشّكر العمل بطاعة الله وأن يستعين بنعم الله على طاعته، وأن يضع نعم الله في مواضعها الّتي يُحبّها الله، وذلك هو غاية الشّكر ونهايته، وأن لا يتكبّر بالنّعم ولا يفتخر بها على عباد الله، ولا يبغي ولا يطغَى ولا يتعدّى على العباد، ومَن فعل شيئًا من ذلك فقد كفر النّعمة ولم يشكرها، والكفران سبب لسلب النّعم وتبدّلها بالنّقم، قال تعالى: {ذلك بأنّ اللهَ لم يَكُ مُغيِّرًا نعمَة أنعَمها على قومٍ حتّى يُغيِّروا ما بأنفُسهم} الأنفال:53، فهم بتركهم الشّكر متعرِّضون للسّلب والهلاك، والشّاكر متعرّض للخير والمزيد، قال الله تعالى {وإذْ تَأذَّنَ ربُّكم لَئِن شكرتُم لأزيدَنَّكُم} إبراهيم:7.