بربك لذ صامدا وانتصر = أما آن للغرب أن يندحر
أتؤمن حـقا بصيحــته = وإن كان ساعده قد بتر
رويـدك إن طـلائعـنـا = أحاطت بفيلقه المنكسر
فألقـت به قبضة قبضة = على لجة البحر حتى انقعر
فقل للـذي ساءه ما رأى = أتقدم جـبهـته أم تفـر
ولست أساء لكرب الذي = تباكى على أمره المندثر
فوالله لانتعشت روحه = ولا كان من أمره ما يسر
وقـدما عـلونا بهـمتـنا = معاقل شيدت بأقوى البشر
فما قلص الدهر من عزمنا = ولا أثرت عزمات القدر
ولا سكنت ريحنا عرضا = ولا ابتز منا لواء الظفر
مكاسـب عـز سمـونا بهـا = بفتية صدق عظام صبر
زكا غرسهم في ضفاف الهدى = وصادر بأسهم كل شر
صـنـاديد من منبـت معـرق = ذؤابة يعرب قلب مضر
بهم أورق السلم في مهده = وأحمد مطلعه كل حر
وهنئ موكـبه وانتـشـت = روابي الزمان بيوم أغر
فيا لـك من فـتية ذكـرت = بوقعة حطين أم العبر
دهمنا بها القوم في عزمة = تفل الجماجم فل الحجر
فكم من قـريع أتى حـتـفه = وكم من كهام تبنى المقر
وكم من أسير تحرق من = مصارع رهطه حتى انفجر
وما ديـس من حـقه ذرة = ولكن رمته سهام القدر
ولو ركب الرفـق في نفسه = لما كان من أمره ما صدر
وألـوية النصر مـلـك لنا = وما شك في شأن ذا من بشر
فمن كان منا سما واعتلا = ومن حالف المبطلين اندحر
وعـزتـنا باتـباع الهـدى = وهل يؤمل العز ممن كفر
عجـبنا لقـدم حمى قرنه = بطاغية الكفر لما انكسر
وفاخر عجبا به وابتغى = عناقه في كل حلو ومر
ألـيسـت موالاتـه سـبة = علينا ولو تقتضى بالنظر
حـنانيك لا تـتـضع ذلـة = ولا تغبط القدم لما انجبر
فـللـه يأوى الحصيف الذي = رماه الزمان بكل ممر
ومن ركب الغي من مهده = تجرع كأس الردى وانتحر
وللحـق هـيمـنة لاثـني = ويوم التنادر يوم أغر
ورب امرئ هاله ما رأى = من الغرب لما بغى وازبأر
ودمر من حقـده هـمـة = ملكنا بها الأرض بحرا وبر
فساحت أساطيلنا فجأة = وأعوزنا البارج المنتصر
وكـنا على ثـقـة كـلما = دعينا نزال بــكر وفر
فهل من ضليع وطيد الخطا = يكيل الصهايين شرا بشر
ويحسم ما امتد من قرنهم = ويخلي مواقعهم من أثر
حنانيك لاتأس من صفعة = تهاوى القطار بها فانتثر
فـللـه في شأن ذا حـكـمة = تفيد الافين إذا ما افتكر
ولو كان شيخي له شاهدا = لبدد عنا جيوب الخطر
سـتـقـدم أمـتـنا بعـدما == يعزز منحى الرؤى والقدر
وتـبحـر حـقا أساطيلـنا = ولا نوقف الزحف حتى القمر
فقل للذي دمرت عزمه = خواطر يأس تضل الفكر
هلم إلى النصر في قوة = ولا تخشين حثال البشر
ومد الجحافل في زحفها = وأعل اللواء إذا ما انحدر
ولا تعجل الرأي في نضجه = ولا تحمد الفجر قبل السحر
فما عن لخصمك من منفذ = وما عن له في الوجود مقر
ستحمد جهدك إن جمعـت = قواك وأسعدك المستقر
وتطمس رسم الذي بعثرت = بيادقه كل روض عطر
فسر مرفقا في دروب الهدى = بروح الإله وعز الظفر