أي الغادين أنت ؟!
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وأسأل الله الذي جمعنا وإياكم في هذا المسجد أن يجمعنا وإياكم في هذه الحياة على الإيمان ثم يجمعنا بكم أخرى سرمدية أبدية في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر أيها الأخوة في الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل وأن نقدم لأنفسنا أعمالا صالحة تبيض وجوهنا يوم نلقى الله عز وجل (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون)
الأمر جد وهو غير مزاح *** فاعمل لنفسك صالحا يا صاح
كيف البقاء مع اختلاف طبائع *** وقرور ليل دائما وصباح
تجري بنا الدنيا على خطر *** كما تجري عليه سفينة الملاح
تجري بنا في لج بحر ما له *** من ساحل أبدا ولا ضحضاح
فاقضوا مآربكم عجالا إنما *** أعماركم سفرا من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تسترد فإنهن عوار.
في الصحيح عن [أبي ذر] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أَطَّت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك ساجد أو راكع والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا و لما تلذذتم تط بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله" وفي رواية [المنذر]" ولحثوتم على رؤوسكم التراب " يوم روي هذا الحديث [أبو ذر] رضي الله عنه بكى وأبكى وقال وددت والله أني شجرة تعضد. ويقول [عبد الله بن عمرو بن العاص] والله لو تعلمون حق العلم ما تلذذتم بلذيذة ولقام أحدكم بين يدي ربه حتى ينكسر صلبه ولصاح حتى ينقطع صوته فلا إله إلا الله .
الموت آت والنفوس نفائس *** والمستغر بما لديه الأحمق
الموت باب وكل الناس سيدخلون من هذا الباب وما من باب إلا و بعده دار .
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها
الموت باب وكل الناس داخله *** يا ليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما *** يرضي الإله وأن فرطت فالنار
فلا إله إلا الله كتب الموت على كل شيء واختص نفسه سبحانه بالبقاء كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. في صحيح [البخاري] من حديث [أبي سعيد] رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني قدموني وإن كانت غير ذلك صاحت بصرخات تقض المضاجع يا ويلها أين تذهبون بها لما ترى من العذاب فيسمع صوتها كل شيء إلا الثقلين الإنس والجن " وتفزع البهائم فزعاً يلاحظه من يتابع سير البهائم بلا سبب فلعل ذلك مما تسمعه ولا نسمعه نحن من صرخات المفرطين التي تقض المضاجع أما والله لو حملنا جنازة من الجنائز ثم سمعنا تلك الصرخات يا ويلها أين تذهبون بها لصعقنا ولا ما تدافنا ولا ما حملنا جنازة أبداً ولقد خشي هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا كما في الصحيح يوم يقول" والله لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع " وهاهو صلى الله عليه وسلم كما في المسند من حديث [البراء] يرى أناساً مجتمعين فيسأل عن سبب اجتماعهم فقيل على قبر يحفرونه على ذاك المصير الذي لابد لكل واحد منا أن يسكنه كبر أم صغر عز أم ذل فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعاً مسرعاً حتى انتهى إلى القبر فجثى على ركبتيه ثم بكى طويلا ثم رفع رأسه فإذا دموعه تتحجر على لحيته فقال" أي إخواني لمثل هذا فأعدوا أي إخواني لمثل هذا فأعدوا."
إلى كم ذا التراخي والتمادي *** وحادي الموت بالأرواح حادي
فلو كنا جماد لاتعظنا *** ولكن أشد من الجماد
تنادينا المنية كل وقت *** وما نصغ إلى قول المنادي
وأنفاس النفوس إلى انتقاص *** ولكن الذنوب إلى ازدياد
إذا ما الزرع قارنه اصفرار *** فليس دواءه غير الحصاد
كأنك بالمشيب وقد تبدى *** وبالأخرى مناديها ينادي
وقالوا قد قضى فقر *** عليه سلامكم إلى يوم التناد
أحبتي في الله .. لماذا خلقنا ومن أين وإلى أين ما الهدف؟ ما الغاية؟ ما الحكمة من هذا الخلق؟ إن لكل شئ حكمة وضعها الله عز وجل عرفها من عرفها وجهلها من جهلها الشمس من حكمها أنها تضئ للبشر والمطر ينبت الأرض والحيوانات لتركب ولتأكل وزينة ويخلق ما لا تعلمون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس كل شئ في الوجود لحكمة من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة فما الحكمة من خلقك أيها الإنسان ما الحكمة من خلقك أيها الإنسان ألتذبح الحيوانات لتأكلها؟ ألتبس أبهى اللباس ؟ألتسكن أحسن الدور والقصور؟ ألتنكح أجمل الزوجات لتتمتع بهن؟ ألتنام على الوثير ولتتنعم ألتركب أفخم السيارات ؟لا والذي رفع السماء بلا عمد ما خُلِقْنَا إلا لعبادة الله الواحد الأحد القائل (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) والقائل سبحانه (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) جعل الله لنا طريقا مستقيما فقال سبحانه (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) ليس هذا فحسب بل أرسل إلينا رسولا هو خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم صاحب اللواء يوم العرش وأول من تنشق عنه الأرض فجاء صلى الله عليه وسلم بأعظم معجزة بأعظم معجزة عرفتها الأمم ألا وهي القرآن من استنار بنوره قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار من التمس الهداية فيه هداه الله ومن التمس الهدي في غيره أضله الله وأهانه الله ومن يهن الله فما له من مكرم فما حالنا مع هذا القرآن وما حال أبنائنا مع هذا القرآن مع كلام الله جل وعلا هل علمناه أبناءنا هل دفعناهم إلى المساجد ليتعلموا كلام رب العزة والجلال إن كنا كذلك فأبشروا بالعزة والنصر في الحياة ،والسعادة يوم تلقون الله عز وجل وإن كنا غير ذلك فإن من جعله خلف ظهره ساقه إلى النار نسأل الله العافية من النار ومن دار القرار. جاء صلى الله عليه وسلم بالقرآن ليقطع الطريق على كل مبتدع وكذاب وأفاك ومدع للنبوة . صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده فخلد الله دعوته وخلد الله رسالته وجاء المدعون للنبوة في عهده ومن بعده فما جعل الله لدعوتهم أثر لأنها دعوة باطل والباطل ساعة والحق إلى قيام الساعة جاء المدعون للنبوة من بعد فاندحروا بالقرآن جاء [مسيلمة] فبما لقب ، لقب بالكذاب وإلى اليوم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وجاء [الأسود العنسي] فباد هؤلاء وسادت رسالته صلى الله عليه وسلم بالحق فما على وجه الأرض أحد يقول أشهد أن مسيلمة رسول الله لكن على وجه الأرض ألف مليون مسلم في الجملة كلهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم بل فوق ذلك أجرى أحد العلماء دراسة على خطوط الطول والعرض على الأرض فأثبت أن ما من دقيقة تمر الآن إلا ومئذنة على وجه الأرض يسمع عليها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) فلا إله إلا الله أيد الله رسوله بالقرآن وبما يزيد على مئات المعجزات الظاهرات القاهرات ها هو [ الإمام أحمد] في مسنده يروي" أن راعياً خرج بغنمه إلى الفلاة في يوم من الأيام وجاء ذئب فعدى على شاة فانقض عليه الراعي فأمسك بالشاة وأخذها من فم الذئب فما كان من الذئب إلا أن تأخر وأقعى على ذنبه وتكلم كلام الإنس وقال أما تتقي الله تأخذ رزقاً ساقه الله إلىّ فقال الراعي يا عجبي ذئب يتكلم قال الذئب وأعجب من ذلك محمد بشر يخبرك بأنباء من سبق فما كان من هذا الرعي إلا أن أخذ غنمه وانطلق بها إلى مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم ليدخل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم ويخبره الخبر فينادي النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة لاجتماع الناس فيجتمع الناس فيقول صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس" ولقد كلمت السباع الإنس على عهد محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي قال بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بإصبعيه صلى الله عليه وسلم فماذا يقول من كان بعده بأربعة عشر قرنا نسأل الله أن يحسن الحال ، ليس هذا فحسب ، روى [البخاري] [ومسلم] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن أهل مكة سألوه آية على قدرة الله عز وجل ليؤمنوا كما ادعوا فسأل ربه آية فانفلق القمر فلقتين فلقة على جبل وفلقة على جبل آخر فقالوا سحر أعيننا محمد واستكبروا وصدوا وندوا وقال المنصف منهم نذهب إلى أهل البوادي فنسألهم هل رأوا ما رأينا فذهبوا إلى البادية وسألوهم قالوا إي والله قد انفلق فلقتين في تلك الليلة فقالوا مصدين ومعرضين سحر عم البادية والحاضرة" فأنزل الله (اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) وهاهو صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم لا يمر على شجرة قبل أن يبعث إلا وقالت السلام عليك يا رسول الله ولا يمر على حجر إلى قال السلام عليك يا رسول الله جماد آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وبشر صدوا وندوا عنه صلى الله عليه وسلم ولذا يقول صلى الله عليه وسلم بعد أن أصبح <بالمدينة>" والله إني لأعرف حجراً <بمكة> كان يسلم علي قبل أن أُبعث" ليس هذا فحسب روى [مسلم] عن [جابر بن عبد الله] رضى الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما من الأيام في فلاة ليقضي حاجته قال فتبعته بماءٍ له قال وإذ به يأتي إلى واد على شاطئيه شجرتان قال فلم يجد ما يستتر به فذهب إلى إحدى الشجر وأمسك بأغصانها وقال انقادي بإذن الله قال فوالله لقد انقادت وراءه كما ينقاد البعير المغشوش الذي في أنفه رباط يسحب به ثم ذهب إلى الثانية ثم وضع يده عليها وقال انقادي بإذن الله فانقادت معه حتى جاءت وأصبح بينها فقال التئما عليَّ بإذن الله فالتأما عليه حتى لا يرى صلى الله عليه وسلم وهو يقضي حاجته قال ثم ذهبت مولياً لئلا يبتعد المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا رآني وإذا به ينتهي من قضاء حاجته ثم يقول للشجرة الأولى ارجعي قال فترجع بأمر الله إلى مكانها وترجع الثانية إلى مكانها" آيات ومعجزات ظاهرات بينات لكن يا أيها الأحبة صدق قوم بذلك وآمنوا فأطاعوا الله ورسوله فكان لهم ما قاله الله جل وعلا (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً)
وصنف آخر كذب وصد واستكبر بعقل جامد وقلب فارغ ساه لاه لا يفقه عين لا تبصر أذن لا تسمع بهيمة في مسلاخ بشر عصى الله وتعدى حدوده فكان له ما قال الله جل وعلا (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين)
ها أنت أخي الحبيب رأيت صنفين لا ثالث لهما وسمعت بغاديين لا ثالث لهما غاد غدى لإعتاق نفسه من النار فهو الفائز أسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يغدو ويروح في طاعة الله جل وعلا وغاد آخر غدى ليوبق نفسه ويهلكها بالفسق والفجور فهو الخاسر فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها حدد موقعك واعرف مصيرك فأنت أحد غاديين لا محالة فغاد يغدو من بيته ليهلك نفسه بالإشراك بالله إن تكلم فلا تسمع منه إلا نتن الألفاظ الشِرْكِيَّة تفوح من فمه وتغدو وتروح ، مِن هذه الألفاظ استعانته بالجن يقول خذوه وافعلوا به واركبوه مع أنه قد كان قبلها قليلا يردد في صلاته (إياك نعبد وإياك نستعين) فأين العبادة وأين الاستعانة بالله عز وجل أن أصيب بمصيبة ليرفع الله درجته في حبيب له مرض أو في قريب له مرض أو في نفسه هو لم يذهب ولم يلجأ إلى الله ويطلب الأسباب الشرعية- بل يذهب إلى السحرة ويذهب إلى الكهنة ويذهب إلى الدجالين أو المشعوذين فيبيع دينه ودنياه ناسياً قول الله جل وعلا (ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) وينسى قول المصطفى صلى الله عليه وسلم "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" يغدو فيحلف بكل شئ إلا بالله الذي لا إله إلا هو ، بالطلاق يحلف وبالحرام يحلف وبالذمة يحلف وبالحياة يحلف وبالنبي يحلف لكنه لا يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ناسيا قوله صلى الله عليه وسلم "من كان حالفاً فليلحف بالله أو ليصمت" "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" "ومن حُلِفَ له بالله فليرض ومن لم يرض فليس من الله" هو كما في الصحيح رجل من بني إسرائيل احتاج إلى مائة دينار ، فذهب إلي رجل آخر وقال له أريد أن تقرضني مائة دينار قال هل لك من شهيد قال والله ما لي من شهيد إلا الله قال فكفى بالله شهيداً، قال هل لك من كفيل قال ما لي من كفيل إلا الله قال كفى بالله كفيلاً ، أعطاه المائة دينار فرضى بالله كفيلاً وشاهداً وما كان من هذا الرجل إلا أن تواعد هو وإياه على أن يلتقيا بعد مدة معلومة أخذ المائة الدينار وانتقل إلى بلده وذهب إلى بلده وعبر البحر إلى بلده وكان بلده في الشاطئ الثاني وجمع المائة الدينار يريد أن يفي بوعده جزاء لما أقرضه وجاء إلى البحر ينتظر سفينة لعلها توصله فلم يجد سفينة من السفن ولم يجد مركباً من المراكب ويريد أن يوصلها في وقتها فماذا فعل أخذ عوداً من الحطب ثم حفره ثم وضع المائة الدينار ثم أغلقه ثم رفع يديه إلى الله سبحانه وتعالى وقال اللهم يارب إني استقرضته فأقرضني ورضي بك كفيلا ورضي بك شاهداً ولم أجد ما أوصل له هذه الدراهم اللهم فبلغه هذه الدراهم والدنانير ثم رمى بها في البحر وتأتي رياح الله عز وجل تسوقها إلى الشاطئ الثاني ذاك ينتظر آية من مجيء هذه الدراهم وآية من مجيء الرجل وظن أنه قد غدر به فكان يقول حسبي الله ونعم الوكيل وإذ بهذه الخشبة على الأمواج تأتي إلى طرف البحر قال إذاً آخذ هذا العود من خشب لعلي أرجع به لنحتطبه ولأشعل به ناراً خير من أن أرجع بلا شيء. أخذه وذهب إلى بيته وجاء ليكسر العود وإذ بهذه المائة الدينار في وسطه فقال لا إله إلا الله من رضي بالله كفاه الله فهل رضينا بالله جل وعلا ، وذاك غاد آخر يغدو لإعتاق نفسه إن تكلم فبذكر الله وإن استعان استعان بالله وإن سأل فبالله وإن أصيب بمصيبة لجأ إلى الله ثم طلب الأسباب الشرعية لا الأسباب الشركية إن حَلَفَ فبالله ، وإن حُلِفَ له بالله رضي فهو غاد في حفظ الله وعائد في عناية الله فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها
وغاد آخر يغدو فيقدم مراد الله عز وجل على شهواته وعاداته ويقدم مراد الله وأوامر الله على لذاته وعاداته وتقاليده فالحكم حكم الله والأمر أمر الله والنهي نهي الله والسعادة لا تكون إلا من الله ووالله لن يسعد إنسان حتى يقدم أوامر الله على كل هوى في نفسه وعلى كل حكم وعلى كل أمر وعلى كل نهي عند ذلك يكون له الأجر العظيم والخير العظيم من الله ، في الأثر إن الله عز وجل يقول "وعزتي وجلالي ما من عبد آثر هواي على هواه إلا أقللت همومه وجمعت له ضيعته ونزعت الفقر من قلبه وجعلت الغنى بين عينه واستجرت له من وراء كل هذا" وآخر يقدم ويغدو فيقدم شهوات نفسه ولذائذها وعاداتها وتقاليدها على مراد الله جل وعلا فتجده يعبد هواه ما وافق عادته وشهوته وهواه فهو الحق في رأيه فيعمل به وما خالفها فهو الباطل فيعرض عنه حتى لو كان كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) يريد الدين موافقا لشهواته يريد الدين موافقاً لرغباته يريد أن يخضع له كل شئ فيقبل أي حكم ويرفض أي حكم ما دام أنه لا يتفق مع شهوته (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (فأولئك هم الفاسقون) (فأولئك هم الظالمون) في الأثر أن الله عز وجل يقول: "وعزتي وجلالي ما من عبد آثر هواه على هواي إلا كَثَّرت همومه وفرقت عليه ضيعته ونزعت الغنى من قلبه وجعلت الفقر بين عينيه ثم لا أبالي في أي أودية النار هلك" فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها،
وغاد أخر يغدو فيترك الصلاة ويتبع الشهوات فيوبق نفسه كأنه لم يسمع قول رب العزة والجلال (فخلف من بعدهم خلق أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً) كأنه لم يسمع قول الله (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) كأنه لم يسمع الذين لم يصلوا يوم أصبحوا في النار يوم يقول الله لهم (ما سلككم في صقر قالوا لم نك من المصلين) الصلاة ركن هام وفرض فرضه الله لأهميته من فوق سبع سماوات أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ثم عُرج به إلى السماوات العلا لتفرض عليه من فوق سبع سماوات أمانة عظيمة ويل لمن ضيعها من تركها فقد كفر بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم يقول "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة من تركها فقد كفر" ويترتب على ذلك ألا يزوج لأنه كافر وإن كان متزوجاً بطل نكاحه ، لا يغسل إذا مات ، ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرث ولا يورث ولا يجوز الاستغفار له بعد موته لا يجوز أن نقول اللهم ارحمه اللهم اغفر له لأن الله يقول (ما كان للنبي والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ) وأسأل الله ألا يكون فينا من يترك الصلاة يترك الصلة بينه وبين ربه لكن قد نجد فينا الكسول الذي لا يصليها مع المسلمين وإنما يصليها في بيته نقول لهذا قد فَوَّتَّ على نفسك أجراً عظيماً وارتكبت إثماً مبينا إن رب العزة والجلال يقول (واركعوا ما الراكعين ) وهو القائل ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة ).
تقول [عائشة] رضى الله عنها وهى تصف هيئة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته تقول كان يكون في خدمة أهله يخصف نعله ويعجن العجين أحياناً صلى الله عليه وسلم فإذا سمع الله أكبر فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه سمع نداء الله فلبى نداء الله صلى الله عليه وسلم هو القائل صلى الله عليه وسلم في رؤياه ورؤيا الأنبياء حق ووحي كما روى [البخاري] عن [سمرة بن جندب] يقول "أتاني الليلة آتيان فانطلقا بي حتى جئنا على رجل مضطجع ممدود وآخر قائم عليه بصخرة يسلب رأسه فينشدق رأسه ويتدهده الحجر قال ثم يصح رأسه فيعود كما كان ثم يفعل به مثل ما فعل في المرة الأولى قال صلى الله عليه وسلم فقلت ما هذا قالوا هذا لرجل يقرأ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة" لا إله إلا الله أي جسد يطيق مثل هذا العذاب وَرُوِيَ كما أخرج [الحاكم] عن [ابن عباس] "ثلاثة لعنهم الله رجل أم قوما هم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ورجل سمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لم يجبه" يقول [أبو هريرة] رضي الله عنه وأرضاه :لئن تمتلئ أذنا ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن يسمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لم يجبه ويقول صلى الله عليه وسلم " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب لأحرق عليهم بيوتهم بالنار" وفي رواية "ولولا ما فيها من النساء والذرية لفعلت ذلك" أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
يتبع ...