منتدى صداقة سوفت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى صداقة سوفت

نورت منتديات صداقة سوفت ياآ ~ زائر ~ إن شاء الله تكون بألف خير وعاآفية ... نحن نناضل لبناء مجتمع تعمه معاني الصداقة والأخوة المعمقة بالحب والود
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" ***
يُنصَبُ حول العرش يوم القيامة منابِر من نور عليها قوم لباسهم من نور ووجوههم نورليْسُوا بأنبياء ولا شهداء....يغبِطهم الانبياء والشهداء...هم المتحابون في الله على غير انساب بينهم ولا أموال يتعاطونها .



 

 المؤذن الأول

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زكرياء
مدير الموقع
مدير الموقع
زكرياء


البلد : غير معروف
الهواية : المؤذن الأول Sports10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8685
الجنس : ذكر
نقاط : 174269
السمعة السمعة : 188

المؤذن الأول Empty
مُساهمةموضوع: المؤذن الأول   المؤذن الأول Emptyالأحد أكتوبر 26 2014, 17:01

المؤذن الأول
عائض القرني
ملخص الخطبة
1- سبق بلال إلى الإسلام. 2- المحبة المتبادلة بين بلال والنبي المؤذن الأول Salla-icon. 3- ثبات بلال على الإسلام رغم التعذيب. 4- شيء من فضائل بلال ومواقفه مع النبي المؤذن الأول Salla-icon. 5- امتناع بلال عن الأذان بعد موت حبيبه المؤذن الأول Salla-icon.
الخطبة الأولى

 
 
أيها المؤمنون:
من هو المؤذن الأول؟ من هو أول من صدع بصوت الحق؟ على منارة الحق، في دنيا الحق؟
إنه المولى الضعيف المسكين، الذي رفعه هذا الدين، فأصبح من ورثة جنة النعيم.
بلال بن رباح، اسم يحبه المؤمنون، وصوتٌ تتعقشه آذان الموحدين.
ولابد للمسلم أن يولد ميلادين، وأن يعيش حياتين؛ الميلاد الأول: يوم ولدته أمه. والميلاد الثاني: يوم ولد في هذا الدين.
وبلال المؤذن الأول Radia-icon وأرضاه، ولد ميلادين، وعاش حياتين، ولد مولى، أسره الجبابرة، وسلطوا عليه سياط العنف والكبر والعنجهية، فكان لا حساب له، ولا رأي، ولا تأثير في الحياة، وأخذ إلى مكة مفصولاً معزولاً عن أهله وأمه، وعاش في مكة، عبداً ذليلاً.
وفجأة، صدح الرسول عليه الصلاة والسلام بالحق هناك من على الصفا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وذهب عليه الصلاة والسلام إلى سادات مكة، يدعوهم إلى الحق، فكفروا به، وكذبوه وآذوه وشتموه، فأنزل الله عليه المؤذن الأول Start-iconواصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً المؤذن الأول End-icon [الكهف:28]. لا عليك من هؤلاء الكبار، إنهم صغار عند الله لا تعبأ بهم، ولا تعطهم شيئاً من وقتك، ما دام هذا صنيعهم، ولا تظن أن الإسلام سوف ينتصر على أكتاف هؤلاء المتكبرين. ولكن كن مع الذين يريدون وجه الله والدار الآخرة، كن مع المساكين الفقراء، كن مع الضعفاء والمستضعفين، ابحث عنهم، وقربهم من مجلسك.
وبدأ الرسول المؤذن الأول Salla-icon يبحث عن هؤلاء، فوجدهم في عالم الضعف، وعالم الذل، وعالم المسكنة، وكان بلال المؤذن الأول Radia-icon أحد هؤلاء.
رأى بلال محمداً عليه الصلاة والسلام في القلوب هو الحب، لقد فجر محمد المؤذن الأول Salla-icon أنهار الحب في قلوب أصحابه، حتى كان الواحد منهم في المعركة، يقدم صدره أمام صدر الرسول، عليه الصلاة والسلام، ويتمنى أن ينشر جسمه بالمناشير، ويقطع إرباً إرباً، ولا يشاك رسول الله المؤذن الأول Salla-icon بشوكة، ويقول: نفسي لنفسك الفداء يا رسول الله.
إنه الحب الذي جعله الله في القلوب لهذا النبي العظيم، أحب بلالٌ محمداً عليه الصلاة والسلام حباً استولى على سمعه وبصره وقلبه، فأصبح يتحرك بحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، يأكل وشخص الرسول عليه الصلاة والسلام أمام عينيه، ويشرب والرسول المؤذن الأول Salla-icon ماثلٌ أمامه، ولسان حاله يقول:
أحبك لا تسـأل لمـاذا لأننـي                 أحبك هذا الحب رأيي ومذهبي
ويقول أيضاً:
أحبك لا تفسير عندي لصبوتي                أفسّر مـاذا الهـوى لا يُفسـّر
فلما أحبه شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأحب الدين؛ لأنه دين يكره الرقّ والعبودية لغير الواحد الأحد، ويكره الظلم ويحارب الظلمة.
فلما أسلم بلال المؤذن الأول Radia-icon، اجتمع عليه الجبابرة، وأذاقوه أليم العذاب؛ ليترك لا إله إلا الله فأبى، سجنوه، ضربوه، قيدوه بالحبال، جروه من قدميه، يأكل الحصى من لحمه وعظمه، ألقوه في الصحراء في حر الظهيرة والشمس ملتهبة؛ ليعود إلى الكفر فأبى، وقالها كلمة خالدة أبدية: أحدٌ أحد.
من هو الواحد الأحد؟ هو الذي أرسل هذا الرسول، وأوجد هذا الإنسان، وفرض هذا الدين.
لطموه على وجهه، فارتفع صوته متأثراً ثائراً مجروحاً: أحدٌ أحد، ضربوه بالسياط حتى أكلت السياط من لحمه ودمه وهو ينشد: أحد أحد. المؤذن الأول Start-iconقل هو الله أحد المؤذن الأول Mid-icon الله الصمد المؤذن الأول Mid-icon لم يلد ولم يولد المؤذن الأول Mid-icon ولم يكن له كفواً أحدالمؤذن الأول End-icon[الإخلاص:1-4].
إنها إرادةٌ ينثني لها الحديد، إنها المعجزة الكبرى التي أتى بها رسولنا المؤذن الأول Salla-icon، كيف حول هؤلاء الأعراب والموالي والرقيق، من أناس فقراء مستضعفين، إلى كتائب تزلزل الدنيا بلا إله إلا الله.
يقول إقبال شاعر الإسلام:
وأصبح عابدو الأصنام قدماً            حماة البيت والركن اليماني
ومر أبو بكر المؤذن الأول Radia-icon أمام بلال وهو يعذب، فقال لمولاه أمية بن خلف المجرم: أشتريه منك يا أمية، فقال أمية: خذه ولو بعشرة دنانير. قال أبو بكر: والله لو جعلت ثمنه مائة ألف دينار لاشتريته منك، فاشتراه أبو بكر وأعتقه، فأنزل الله: المؤذن الأول Start-iconوسيجنبها الأتقى المؤذن الأول Mid-icon الذي يؤتي ماله يتزكى المؤذن الأول Mid-icon وما لأحدٍ عنده من نعمة تجزى المؤذن الأول Mid-icon إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى المؤذن الأول Mid-icon ولسوف يرضىالمؤذن الأول End-icon [الليل:17-21]. أعتقه أبو بكر المؤذن الأول Radia-icon، وهو لا يريد منه جزاءً ولا شكوراً، ثم ذهب به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ممزق الثياب، يتساقط دمه ولحمه من شدة التعذيب، فأخذه عليه الصلاة والسلام واحتضنه، كما تحتضن الأم طفلها، ودعا له، وعيّنه مؤذّنه الأول، أول مؤذن في التاريخ.
فكان كلما حان وقت الصلاة قام بلال يهتف: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..  الله أكبر.. فتنتفض أجساد المؤمنين عند صوته، كما ينتفض الجسد إذا صدمه تيار الكهرباء!!.
وكان كلما أهمّ الرسول، المؤذن الأول Salla-icon، أمرٌ، أو أصابه كرب، نادى بلالاً: ((أرحنا بها يا بلال))[1]، فيؤذن بلال للصلاة.
كان يأتي للرسول، المؤذن الأول Salla-icon، بماء الوضوء والعنزة، وكان يأخذ حذاءه في يده، ويرى أن ذلك شرف لا يعدله شرف.
وكان عليه الصلاة والسلام يحبه ويدنيه منه، وسرى هذا الحب في قلب بلال، فعوضه عن كل شيء، عن أهله في الحبشة، وعن أقربائه وجيرانه وتاريخه هناك، ولكن كفى بحب محمدٍ عليه الصلاة والسلام.
وفي ذات يوم قال عليه الصلاة والسلام لبلال: ((حدثني بأرجى عملٍ عملته في الإسلام، فإني سمعت دفّ نعليك بين يدي في الجنة)).
الله أكبر، أي جائزة أعظم من أن يعرف إنسان أنه من أهل الجنة، وهو لا زال يعيش في هذه الدنيا.
فيجيب بلال رسول الله، المؤذن الأول Salla-icon، قال: ((ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لم أتطهّر طهوراً في ساعة من ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كُتب لي أن أصلي))[2].
بلال من أهل الجنة، شهد أهل السنة بذلك، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، شهد له بذلك.
كان المؤذن الأول Radia-icon خفيف الجسم، ممشوق القامة، لونه أسود، وهذه قضية لا قيمة لها ولا وجود لها في الإسلام.
وكّله عليه الصلاة والسلام، في غزوة من الغزوات بحراسة الجيش وقال: ((من يوقظنا للصلاة؟)) قال بلال: أنا يا رسول الله، فنام الجيش وقام بلال يصلي طيلة الليل، فلما كان قبيل الفجر، حدث بلال نفسه بأن يضطجع قليلاً ليستريح، فاضطجع، فنام، وأتت الصلاة، والرسول عليه الصلاة والسلام نائم، والجيش نائم، حتى طلعت الشمس، وكان أول من استيقظ بعد طلوع الشمس، أبو بكر المؤذن الأول Radia-icon ثم عمر بن الخطاب المؤذن الأول Radia-icon، فرأى هذه المأساة، التي حدثت لأول مرة، وفي ذلك حكمة، وهي عذر من غلبته عيناه فلم يستيقظ حتى طلعت عليه الشمس.
يستيقظ عمر، ويقترب من الرسول عليه الصلاة والسلام، ويستحي أن يقول للمعلم العظيم: قم للصلاة، فالتلميذ يصعب عليه أن يقول ذلك لأستاذه، والطالب يستحي أن يقول ذلك لمعلمه، فأخذ عمر يقول – والرواية في البخاري -: الله أكبر..  الله أكبر، ويعيد التكبير، حتى استيقظ الرسول عليه الصلاة والسلام، فدعا حبيبه ومؤذنه بلالاً وأجلسه أمامه، وقال له: ما أيقظتنا. قال يا رسول الله: أخذ بعيني الذي أخذ بعينك، فتبسم الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم أذّن بلال بعد طلوع الشمس، وصلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وصلى أصحابه معه[3].
بينما كان الصحابة رضوان الله عليهم، يجلسون في مجلس، فإذا أبو ذر المؤذن الأول Radia-icon يعير بلالاً بأمه، قال له: يا ابن السوداء!! وهل في دستور الإسلام حمراء وسوداء وبيضاء، من هو الكريم عندنا، من هو المعظّم في هذه الملة المؤذن الأول Start-iconإن أكرمكم عند الله أتقاكمالمؤذن الأول End-icon [الحجرات:13]. إننا لا نعرف بالألوان، ولا بالأجناس، ولا باللغات، ولا بالبلدان، إنما نعرف بلا إله إلا الله، وبمقدار عبوديتنا لله عز وجل.
فغضب بلال المؤذن الأول Radia-icon من أبي ذرّ، وقال له: والله لأرفعنك إلى خليلي عليه الصلاة والسلام، ورفع أمره إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فغضب غضباً شديداً وقال له: ((أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية))[4].
إن رسول الله المؤذن الأول Salla-icon يؤسس منذ أن بدأ دعوته هذا المبدأ المؤذن الأول Start-iconإن أكرمكم عند الله أتقاكمالمؤذن الأول End-icon لا مال، ولا جاه، ولا نسب، ولا لون، ثم تأتي يا أبا ذر فتهدم ذلك كله: ((إنك امرؤ فيك جاهلية)) هكذا قال له رسول الله عليه الصلاة والسلام.
فلماذا نعير الناس بأجناسهم، أو ألوانهم، أو قبائلهم، إن هذه خطيئة كبرى في الإسلام، بل هي هدم للقواعد التي بني عليها هذا الدين.
ومضى بلال ولم يزدد مع الأيام إلا رفعة، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يحبه.
يصلي الرسول عليه الصلاة والسلام العيد، ثم يتكئ على بلال، ويذهب فيخطب في النساء وهو متكئ على بلال لأنه يحبه[5].
وفي اليوم المشهود، يفتح الرسول عليه الصلاة والسلام مكة في عشرة آلاف من أصحابه، يدخل فاتحاً منتصراً، فيرى الأصنام التي كانت تعبد من دون الله، فيشير إليها بعصاه فتتناثر، وتتساقط، ويقول: المؤذن الأول Start-iconجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاًالمؤذن الأول End-icon[6] [الإسراء:81].
وتحين صلاة الظهر ويجلس الناس جميعاً في صرح الكعبة المشرفة، ويقول عليه الصلاة والسلام أين بلال؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: اصعد الكعبة وأذن من فوقها!! سبحان الله، أليس هذا رفعاً لرؤوس المستضعفين، أليس هذا هو العدل بعينه، أن يقوم المولى الأسود يعتلي بيت الله بأقدامه، ليهتف بنداء الحق.
أين أبو جهل؟ في النار! أين أبو لهب؟ في النار! أين أبو طالب؟ في النار!
وصعد بلال واستوى على الكعبة ليخاطب الدنيا بشهادة الحق إلى يوم الدين، فلما أذن بكى الناس، ومن الذي يرى هذا المشهد، ويرى هذه الصورة، ويسمع هذا الصوت، ويعيش هذه التفاصيل، ثم لا يبكي، شيء عجيب يوم الفتح الأكبر، الفاتح رسول الله عليه الصلاة والسلام، الدين الإسلام، المؤذن بلال، من بلال؟ المولى الأسود، وأين يؤذن؟ على سطح الكعبة المشرفة، وكان صوته جميلاً ندياً، يشجي القلوب، وتطرب له الآذان.
وبكى رسول الله عليه الصلاة والسلام، سالت دموعه، لأنه تذكر المعاناة، تذكر الأيام العصيبة التي عاشتها هذه الطائفة المؤمنة، وتذكر فضل الله عليه وإنعامه بهذا النصر المبين، لقد انتصر محمد المؤذن الأول Salla-icon، وها هو مولاه وحبيبه الذي كان مطارداً معذباً مهاناً، أصبح المؤذن الأول في التاريخ، وها هو صوت بلال المؤذن الأول Radia-icon يجلجل في هضبات مكة وأوديتها، يزلزل الدنيا بلا إله إلا الله.
ولكن بعض الذين انتكست عقولهم، ممن لا يزال على الشرك يقول في كبر وعتو: لا أظن أن الحياة تطول بي حتى أرى ذلك العبد الأسود ينعق كالغراب على الكعبة!!.
تبا لك أيها المجرم الأثيم، أتشبّه هذا السيد بغراب ينعق؟ إنها عنجهية الكفر، وحب العلو الذي يسيطر على كثير من العقول إلى يومنا هذا.
وفجأة يموت الإمام، ولك أن تتصور رجلين محابين، معلم وتلميذ، إمام ومؤذن، عاشا الحياة معاً، حلوها ومرها، سهلها وصعبها، ليلها ونهارها، وفجأة يموت الإمام، مات عليه الصلاة والسلام المؤذن الأول Start-iconإنك ميت وإنهم ميتونالمؤذن الأول End-icon[الزمر:30].
لقد أظلمت الدنيا في عين بلال المؤذن الأول Radia-icon أمات النبي عليه الصلاة والسلام؟ نعم، إلا أن دينه لم يمت، وعلى المؤذن أن يستكمل الطريق.
ومع بزوغ الفجر، قام بلال المؤذن الأول Radia-icon ليؤذن، قام ليؤدي مهمته التي كلفه بها رسول الله المؤذن الأول Salla-icon، وبدأ بلال يؤذن: الله أكبر.. الله أكبر.
ثم ينظر إلى المحراب فيجده خالياً من الإمام، فيلتفت إلى بيت الرسول عليه الصلاة والسلام ولكنه ليس فيه، أصبح وحيداً، لا شيخ، ولا إمام، ولا رسول، فكيف يستطيع أن يكمل، بأي عبارة يؤدي، أين صدره، أين قلبه، أين كيانه، ثم تحامل على نفسه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله.. أشهد أن لا إله إلا الله، ولكن أتت قاصمة الظهر، أتت المعضلة التي لا يستطيع بعدها أن يتكلم ولو بكلمة واحدة، قال: أشهد أن محمداً.. ولم يستطع أن يكمل، بكى بكاءً شديداً، وبكى الناس جميعاً في بيوتهم في المدينة، النساء والأطفال، والشيوخ بكى المؤذن اختنق صوته، لم يستطع أن يكمل، فنزل  ورمى بجسمه على الأرض.
أين الإمام؟ مات الإمام، وبقي المؤذن.
أين الحب؟ ذهب الحب والعطف والرحمة.
إنها قاصمة الظهر.
وحضر الصحابة ليشاهدوا ذلك المنظر، منظر المؤذن وهو ملقى على الأرض، يبكي بكاء الثكلى.
مالك يا بلال، قال: لا أؤذن.
أتاه أبو بكر الخليفة: قال مالك؟ قال لا أؤذن لأحد بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، قالوا: سبحان الله، من يؤذن لنا؟
قال: اختاروا لكم مؤذناً، وحمل إلى بيته المؤذن الأول Radia-icon.
بنتم وبنّا فمـا ابتلت جـوانحنـا            شوقاً إليكـم ولا جفّت مـآقينا
تكـاد حيـن تنـاجيكم ضمائرنـا              يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
إن كان قد عزّ في الدنيا اللقاء ففي               مـواقف الحشـر نلقاكم ويكفينا
امتنع بلال عن الأذان، وذهب إلى بيته، وتبقى بقيةٌ أكملها في الخطبة الثانية إن شاء الله تعالى.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
 



[rtl][1] أخرجه أبو داود (4/296) رقم : (4985 ، 4986) ، وأحمد (5/364 ، 371) وصححه الألباني ، كما في صحيح الجامع رقم : (7892).[/rtl]
[rtl][2] أخرجه البخاري (2/48) ومسلم (4/1910) رقم (2458).[/rtl]
[rtl][3] انظر صحيح البخاري (4/168 ، 169) ، وصحيح مسلم (1/474 ، 475) رقم (682) ، وسنن أبي داود (1/118 ، 119) رقم : (435).[/rtl]
[rtl][4] أخرجه البخاري (1/13) ومسلم (3/1282 ، 1283) رقم : (1661) وليس فيهما ذكر لبلال المؤذن الأول Radia-icon ولفظلهما : أن أبا ذر عير رجلا بأمه)).[/rtl]
[rtl][5] حديث اتكاء الرسول المؤذن الأول Salla-icon على بلال في خطبة العيد ، أخرجه مسلم (2/603) حديث رقم (885).[/rtl]
[rtl][6] أخرجه البخاري (92 ، 93) ، ومسلم (3/1408) رقم (1781).[/rtl]
 
الخطبة الثانية
 
 
الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد:
فلازال الحديث مع بلال المؤذن الأول Radia-icon ولازال الحب لبلال المؤذن الأول Radia-icon ولا زال الذكر لبلال.
انتهى الفصل الأول، وقد أعفى خليفة المسلمين أبو بكر الصديق بلالاً من الأذان، تركه الصديق ليرتاح، لأن الإمام قد مات.
وتمر الأيام، ويفتح الله على المسلمين الفتوح، ويذهب بلال المؤذن الأول Radia-icon يشارك بروحه وجسمه ونفسه في إعلاء كلمة لا إله إلا الله، يصل إلى الشام فاتحاً مقاتلاً، يجاهد المشركين، ويعلم الناس دينهم، وينتظر المنية حتى يلحق بحبيبه في الجنة.
وهنا مواقف مؤثرة، سجلها التاريخ، ووقف أمامها، وأنصت لها.
جاء عمر من المدينة بدابته ومعه مولاه، ليدخل بيت المقدس، يذهب إلى هناك بثوبه الممزق المرقع، ولكنه يحمل الدنيا في يديه.
قل للملوك تنحّوا عن مناصبكم           فقد أتى آخذ الدنيا ومعطيها
يأتي بهذا الثوب، ليصف العدل، ويمثل حقوق الإنسان، ويظهر الرحمة والقوة في آنٍ واحد.
ويجتمع المؤمنون لهذا الفتح العظيم، الصحابة، وكبار الصحابة، وأهل العهد المكي، وأهل بدر، وأهل بيعة العقبة، أساتذة الدنيا كلّها، جاءوا لحضور هذا اليوم المشهود وتحين صلاة الظهر، فيتذكر عمر المؤذن الأول Radia-icon تلك الأيام الخوالي، التي عاشوها مع رسول الله، عليه الصلاة والسلام، فيقول عمر لبلال رضي الله عنهما: أسألك بالله يا بلال أن تؤذن لنا.
فقال: اعفني يا أمير المؤمنين.
قال: أسألك أن تذكرنا أيامنا الأولى.
فقال الصحابة: يا بلال اتق الله، سألك أمير المؤمنين.
فقام بلال، يتحامل على جسمه، فقد أصبح شيخاً كبيراً، وارتفع صوته بالأذان، فإذا بصوت عمر المؤذن الأول Radia-icon يسابقه بالبكاء، ثم بكى كبار الصحابة، وبكى الجيش كله، وارتج المسجد الأقصى بالبكاء.
إن بلالاً المؤذن الأول Radia-icon ذكرهم شيئاً، ذكرهم تاريخاً، ذكرهم معلماً وقائداً أحبهم وأحبوه، فلا إله إلا الله ما أعظم الذكريات، ولا إله إلا الله ما أجمل تلك الأيام عاشها أولئك المؤمنون، يتمتعون برؤية نبيهم عليه الصلاة والسلام، ويتلقون عنه الوحي من السماء.
وعاد بلال إلى الشام، وانقطع عن المدينة، بعد أن خلت من نبيها عليه الصلاة والسلام، وأصبح بلال شيخاً كبيراً، وفي ليلة من الليالي، وبينا هو نائم، زاره الرسول المؤذن الأول Salla-icon في النوم، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول كما في الصحيحين: ((من رآني في المنام فقد رآني))[1]، ويقول: ((من رآني في المنام فسوف يراني فإن الشيطان لا يتمثل بي))[2].
رأى بلال حبيبه، رأى شيخه، رأى الإمام، رآه بصورته، رآه بنوره وبشاشته يحاسبه ويعاتبه، هجرتنا يا بلال، ألا تزورنا، ما أعظمها من كلمات.
لعل عتبك محمودٌ عواقبه         وربما صحّت الأجسام بالعلل
أو كما قيل:
يا من يعزّ علينا أن نفارقهم         وجاننا كل شيء بعدكم عدم
إذا ترحّلت عن قومٍ وقد قدروا               أن لا تفارقهم فالراحلون هم
هجرتنا يا بلال...  ألا تزورنا في المدينة!!
واستيقظ بلال باكياً وسط الليل، وتوضأ، وصلى ركعتين، وأسرج راحلته لأنه لا يستطيع أن يتأخر عن أمر النبي عليه الصلاة والسلام، حياً كان أو ميتاً، لبيك يا رسول الله.
ركب بلال ناقته، وذهب إلى حبيبه عليه الصلاة والسلام، مشى وسط الصحاري والقفار.
جزى الله الطريق إليك خيراً           وإن كنا تعبنا في الطريق
وصل بلال إلى المدينة ليلاً فوجد الناس نياماً، وأتى الروضة فسلم وبكى، وعاش في عالم من الذكريات والعبر والدروس، ثم حان أذان الفجر، ولحكمة يعلمها الله تبارك وتعالى، تأخر مؤذن المدينة، وتحرج بلال فهو لا يستطيع أن يترك الناس نياماً حتى تفوت عليهم الصلاة.
فصعد المنارة وأذن للصلاة، حتى إذ وصل إلى محمد رسول الله، انفجر بالبكاء، وقام الناس من المدينة، وأخذوا يبكون مع بكاء بلال المؤذن الأول Radia-icon.
وتتكرر المشاهد، وتتلاقى الصور، ويأتي بلال من جديد، يعانق أحبابه وأصحابه ويعانقونه، في مشهد عظيم من مشاهد الحب والوفاء.
وانتهت مهمة بلال في المدينة، لقد أتى لمهمة خاصة، ليجيب دعوة خاصة، من حبيب خاص، وعاد إلى الشام، وهناك أتته المنية فأخذ ينشد وهو في سكرات الموت.
غداً نلقى الأحبة             محمد وحزبه
ومن الذي لا يفرح، وهو يعلم أنه بعد لحظات، سوف يلقى محمداً عليه الصلاة والسلام، وأبا بكر وعمر، والأخيار من الناس. نعم...
غداً نلقى الأحبة             محمداً وحزبه
ومات بلال... 
المؤذن الأول Start-iconيا أيتها النفس المطمئنة المؤذن الأول Mid-icon ارجعي إلى ربك راضية مرضية المؤذن الأول Mid-icon فادخلي في عبادي المؤذن الأول Mid-icon وادخلي جنتيالمؤذن الأول End-icon [الفجر:27-30].
وفي قصة المؤذن الأول دروس:
أولاً: المؤذن الأول Start-iconإن أكرمكم عند الله أتقاكمالمؤذن الأول End-icon [الحجرات:13].
فالقرشي الذي عارض الرسالة في النار، والحبشي الذي آمن بالرسالة في مقعد صدق عن مليك مقتدر.
ثانياً: إن هذا الدين لا ينتصر بكثرة العدد، ولا يعتمد على أصحاب المناصب والهيئات والأموال، ولكنه يبقى مكانه، ويأتي إليه من يحبه، يقول أبو جهل: كيف يهتدي بلال وأنا سيد بني مخزوم، وهو عبد حبشي المؤذن الأول Start-iconلو كان خيراً ما سبقونا إليهالمؤذن الأول End-icon [الأحقاف:11]. والجواب: المؤذن الأول Start-icon الله أعلم حيث يجعل رسالتهالمؤذن الأول End-icon [الأنعام:124]. المؤذن الأول Start-iconأليس الله بأعلم بالشاكرين المؤذن الأول End-icon [الأنعام:53]. بلى.
ثالثاً: تظهر من قصة بلال المؤذن الأول Radia-icon وغيرها من قصص الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، حنكة الرسول عليه الصلاة والسلام، ومعرفته بالفروق الذاتية لكل إنسان، واختلاف المواهب الشخصية والاستعدادات النفسية بين صحابي وآخر.
فقد أعطى الأذان لبلال لأنه الأصلح لذلك، وأعطى الراية لخالد في المعركة لأنه سيف الله المسلول، والخلافة لأبي بكر، والقافية والأدب لحسان، ومدرسة الفرائض وتوزيع المواريث لزيد بن ثابت، والقضاء وهيئة الاستشارة لعلي بن أبي طالب: المؤذن الأول Start-iconقد علم كلّ أناسٍ مشربهمالمؤذن الأول End-icon [البقرة:60]. وهذا الأمر يفوت على كثير من المربين والدعاة والمعلمين.
رابعاً: إن مبادئنا تبدأ من بلال المؤذن الأول Radia-icon وإنها تعلن صريحة قوية من على المنابر، فليس عندنا أسرار، ولا شيء نخفيه ونتكتم عليه، بل نحن واضحون وضوح الشمس في النهار، قال تعالى: المؤذن الأول Start-iconفاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركينالمؤذن الأول End-icon [الحجر:94].
خامساً: من أراد أن يهدي الناس، فليزرع في قلوبهم الحب أولاً، فإذا استطاع ذلك ملك زمام القلوب، فليفعل بها ما يشاء.
وإن من يتصور أنه سوف يهدي الناس بالعصا، وسوف يسوقهم بالضرب والشتم، فقد أخطأ سواء السبيل، وقد أفلت الناس من يديه المؤذن الأول Start-iconفبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمرالمؤذن الأول End-icon [آل عمران:159].
إن سر نجاح دعوته عليه الصلاة والسلام، أنه جعل الناس يحبونه حباً، تتقطع له القلوب، وتنقاد له الأجساد، فقد كان المؤذن الأول Salla-icon أباً لليتامى، ومعيناً للأرامل والمساكين فأحبته القلوب، وعشقته الأفئدة، وانقادت له الأبدان.
عباد الله:
صلوا على الإمام، وترحموا على المؤذن، اللهم صلّ وسلم على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك ومنك يا أرحم الراحمين.


[rtl][1] أخرجه البخاري (8/71) ومسلم (4/1775 ، 1776) رقم (2266).[/rtl]
[rtl][2] أخرجه البخاري (8/71) ومسلم (4/1775) رقم (2266).[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sadakasoft.yoo7.com
صفاءالحب
مشرفة
مشرفة
صفاءالحب


البلد : الجزائر
الهواية : المؤذن الأول Writin10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 1538
الجنس : انثى
نقاط : 2949
السمعة السمعة : 50
العمر : 44

المؤذن الأول Empty
مُساهمةموضوع: رد: المؤذن الأول   المؤذن الأول Emptyالأحد أكتوبر 26 2014, 21:28

اللهم ارضى عن الصحابة الكرام وصلي على الحبيب محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زكرياء
مدير الموقع
مدير الموقع
زكرياء


البلد : غير معروف
الهواية : المؤذن الأول Sports10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 8685
الجنس : ذكر
نقاط : 174269
السمعة السمعة : 188

المؤذن الأول Empty
مُساهمةموضوع: رد: المؤذن الأول   المؤذن الأول Emptyالثلاثاء أكتوبر 28 2014, 20:14

شكرا لك صفاء الحب على مرورك الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sadakasoft.yoo7.com
saidat fouad
صديق برونزي
صديق برونزي
saidat fouad


البلد : الجزائر
الهواية : المؤذن الأول Travel10
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2105
الجنس : ذكر
نقاط : 3347
السمعة السمعة : 57
العمر : 54

المؤذن الأول Empty
مُساهمةموضوع: رد: المؤذن الأول   المؤذن الأول Emptyالثلاثاء أكتوبر 28 2014, 20:18

معلومات قيمة فعلا اخي زكرياء 
  دمت في خدمة المنتدى والنهوض به
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://SAIDATSAMIR@YAHOO.FR
 
المؤذن الأول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفرض الأول
» شهر ربيع الأول
» الفرض الأول و الثاني
» اختبارات الفصل الأول س5
» اختبار الفصل الأول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى صداقة سوفت :: ۩۞۩ منتديات اسلامية ۩۞۩ :: ۩۞۩ كتب ، محاضرات ، خطب و برامج إسلامية ۩۞۩ :: موسوعة الخطب و الدروس المكتوبة :: التاريخ و القصص-
انتقل الى: