الشخصيات :
- أحمــد : طفل في الثانية عشر من عمره، طيب، متخلق ومهذب، متفوق في دراسته.
- مصطفى : صديق أحمد، في الثانية عشر من عمره، متعاون، مؤدب ذو شخصية اجتماعية، محبًا لمساعدة الآخرين .
- يونـس : زميل أحمد, في الثانية عشر من عمره, يغلب عليه طابع الاندفاع لكنه سهل المعاشرة في الأخير .
- قاســم : صديق أحمد, في الثانية عشر من عمره، يحب التطوع والتعاون مع الآخرين.
- فريــد : طفل في الحادية عشر من عمره، سهل المعاشرة ومتعاون .
- إليـاس : زميل أحمد, في الثانية عشر من عمره، شخصية ضعيفة، لا يستقر على رأي.
- رقيـة : أخت أحمد، إحدى عشرة سنة تقدر الجميل والمعروف، هادئة .
مشاهد المسرحية
- المشهد الأول : الحريق
- المشهد الثاني : مأساة وأمل
- المشهد الثالث : دموع وشموع
- المشهد الرابع : أبناء الجزائر
- المنظر العام للركح:
- منظر لساحة تطل عليها أبواب منازل الحي.
- كل المشاهد تدور أحداثها أمام هذا المنظر.
المشهد الأول
المكان شارع متصل بساحة يلتقي فيها الأطفال الذين تطل منازلهم عليه. يتخذون من اللعب بالكرة متنفسًا لهم، الوقت صباح يوم عطلة.
الأطفال في الشارع، يتحاورون، يلعبون. أحمد لم يظهر بعد.
الأطفـال : قاسم – مصطفى – إلياس – يونس
مصطفى : أين أحمد؟ لم يأت للعب معنا هذا اليوم.
يونــس: هكذا أنت دائما يا مصطفى .
مصطفى : كيف يا يونس؟
يونــس: إنك لم تتذكر سوى أحمد.
مصطفى : لم أفهم.
إليــاس: « بحنق وغضب» كأنه لا يوجد...غير أحمد حتى تسأل عنه وحده.
مصطفى : « مؤنبا» إنه زميلنا في المدرسة.
قاســم : وقبل هذا... فهو جارنا.
يونــس: « يضحك ساخرًا » ماذا ما قلت... جارنا «يردف قائلا متجها بالحديث إلى إلياس»
أسمعت يا إلياس: أحمد.... جارنا . «.يضحك مستهزأ»
إليـاس : هذا... الذي سكن بالأمس في حينا.
يونـس : « بسخرية » أرأيت?!... لقد أصبح جارنا.
قاســم: حتى وإن كان كذلك فمن واجبنا السؤال عنه.
مصطفى: بل وزيارته إذا لزم الأمر...
يونـس : « مقاطعا مصطفى» أنت بالذات يا مصطفى... لا أريدك أن تكلمني عن أحمد.
مصطفى: لماذا ؟!
إلـياس : لأنك تفضله علينا جميعا.
مصطفى: لم أفضله على أحد.
قاســم: إنه واحد منا.
يونـس : لا أعرفه.
إليـاس : بل لا أريد حتى الحديث عنه.
مصطفى: لماذا يا إلياس ؟
إليـاس : لأنه غريب عن حينا.
يونـس : كما أننا لا نطيقه .
مصطفى: هلا أجبتني بصدق يا يونس ؟
يونـس : أجيبك!
مصطفى: لماذا لا تطيقه؟
يونـس : لأنه متكبر ومغرور.
مصطفى: وكيف هذا ؟
يونـس : ألم تره كيف يغدو مسرورًا فرحًا... بالعلامات الجيدة التي يتحصل عليها
في مادتي الرياضيات واللغة؟
مصطفى: « مندهشًا » أبدًا... لم ألاحظ منه غرورًا و لا تكبرًا.
قاســم: « معللا» طبيعي أن يفرح بتفوقه ونجاحه في دراسته.
إليـاس : حتى المعلمين يبالغون في مدحه.
مصطفى: ذلك جزاء من ثابر واجتهد.
يونـس : بل من خلال حديثه المعسول معهم.
إليـاس : إنك لا تكاد تسمع له صوتًا وهو يحدثهم .
قاســم: ذاك هو التلميذ المؤدب المهذب .
يونـس : أما مدير المدرسة ...
قاســم: « مقاطعا يونس » آه يا يونس لم ينج منك حتى المدير.
إليـاس : نعم... لقد شكره وشجعه أكثر من مرة .
مصطفى: يستحق ذلك لأنه نشيط ومجتهد .
يونـس : « في خبث» سيبقى غريبا دخيلا علينا مهما قلتم فيه.
إليـاس : « معاندًا» لن نقبل به صديقا و لا زميلا.
قاســم: ذلك لأنكم تكرهون نجاحه وتفوقه.
يونـس : نكره أو نحب فهذا أمر يعنينا.
مصطفى: هكذا أنت دائمًا لن تتغير.
قاســم: ثم إن ... «يلتفت إلى شماله»
« تدخل ليلى وفريد مسرعين يصرخان »
ليلــى: « تلهث من الجري» مصطفى ! مصطفى!
مصطفى: « يلتف في حيرة» ما بك يا ليلى ؟
ليلــى: « تأخذ نفسا عميقا» أحمد يا مصطفى أحمد...
قاســم: «يتقدم نحو ليلى » ماذا حدث لأحمد يا ليلى؟!
مصطفى: « مفجوعا» تكلمي يا ليلى... أرجوك.
ليلــى: « في حزن» لقد شب حريق في بيت جارنا أحمد.
مصطفى: «وكأنه غير مصدق» ماذا قلت حريقا؟
ليلــى: نعم يا مصطفى حريق مهول. « تتنهد»
قاســم: يا إلهي... حريق في بيت أحمد!
ليلــى: « في فتور» ولم يستطع أحد إخماد النار .
مصطفى: ولكن أين هم رجال الإطفاء ؟
ليلــى : لم يصلهم خبر الحريق إلا متأخرا.
فريــد : « بحسرة وحزن» لقد أكلت ألسنة النار... كل شيء.
مصطفى: ولكن أين كان أفراد العائلة؟
ليلــى : الأب كان في مكان عمله.
قاســم : والأم أين كانت؟
ليلــى : كانت في الحمام تغسل الملابس.
فريــد : أما أحمد ورقية فكانا في غرفتيهما.
مصطفى : وكيف حدث الحريق؟
ليلــى : كانت الطفلة وداد تلهو بأعواد الثقاب في المطبخ.
قاســم : فهي التي أشعلت النار إذا؟
ليلــى : نعم... يقولون ذلك.
مصطفى: وأين هم الآن؟!
ليلــى : لقد نقلوا جميعهم إلى المستشفى.
فريــد : يقولون إن الطفلة وداد في حالة خطيرة.
قاســم: وأحمد... ؟
مصطفى: هل كان معهم وقت الحادث يا فريد؟
فريــد : قد أصيب بحروق هو الآخر مع أخته رقية... لكنها بسيطة.
ليلــى : وقد نقلا إلى المستشفى مع بقية الأسرة.
قاســم : « متأثرا» مسكين يا أحمد...
مصطفى: « ملتفتا إلى أصدقائه» هيا يا أصدقاء فلنذهب لزيارته.
قاســم : « يلتفت إلى يونس» هلا أتيت معنا يا يونس؟
يونـس : « في لا مبالاة» اذهبوا... اذهبوا... سألحق بكم.
ليلــى : « تلتفت إلى إلياس» هيا يا إلياس فلتذهب معنا.
إليــاس: سأصطحب يونس وسألحق بكم.
« ينصرف الأطفال ,يبقى يونس و إلياس على الركح لوحدهما».
يونــس: « متقدما نحو الجمهور» اذهبوا... اذهبوا لزيارته أيها الحمقى.
إليــاس: اذهبوا إليه فلن تخفف زيارتكم حروق أحمد ولن تداويها.
يونــس: إني أكرهك يا أحمد... أكرهك.
إليــاس: لقد جئت من مدينة بعيدة عن مدينتنا.
يونــس: كنت تستحوذ على اهتمام كل المعلمين والتلاميذ.
إليــاس: حتى أطفال الحي يحبونك أكثر مني.
يونــس: لماذا أقوم بزيارتك؟!
إليــاس: ولماذا أسأل عليك؟!
يونــس: إنك غريب... وستبقى الغريب.
إليــاس: « ملتفتا الى يونس» هل ستذهب لزيارته يا يونس؟
يونــس: مستحيل... لن أذهب أبدًا ، لن أذهب... وأنت؟
إليــاس: لا لن أذهب إليه أيضا.
يونــس: « منصرفاً» لن يرى مني غير البغض والكراهية والحقد.
* ينتهي المشهد الأول*
المشهد الثاني
« يدخل الطفلان مصطفى وقاسم وهما في تأثر شديد »
قاســم : « في حزن» أريت كيف أصبح حال أحمد؟
مصطفى : مسكين أنت يا أحمد.
قاســم : لقد ازدادت آلامه... بموت أخته وداد.
مصطفى : أرأيت لباس أحمد وأخته رقية.
قاســم : تفحمت... وتمزقت من جراء الحريق.
مصطفى : « بفتور» رب الأسرة المسكين... حزين جدا.
قاســم : ما الذي سيصنعه؟
مصطفى : لن يستطيع فعل شيء.
قاســم : الأم المسكينة لم تكف عن البكاء.
مصطفى : يكفيها حزنا أنها فقدت ابنتها الصغيرة وداد.
قاســم : « بمرارة » لقد أكلت النيران كل شيء... كل شيء.
مصطفى : « في حيرة» معناه أن العائلة المسكينة لم تعد تملك شيئا.
«يدخل فريد مهرولا».
« يدخل يونس و إلياس خلسةًًًًًًًً ليستمعا ما يدور من حديث بين الأطفال... »
فريــد : أهلا أصدقائي «يأتي وعلامة التأثر بادية على وجهه »
قاســم : أهلا فريد ... هل رأيت أحمد اليوم؟
فريــد : لا لم أره ... يقولون إنه حزين جدا.
مصطفى : لذلك فقد لزم بيتهم.
فريــد : إنه لا يقوى على المشي كثيرا.
مصطفى : أتدرون يا أصدقائي... ما الذي أفكر فيه الآن؟
قاســم : ما الذي تفكر فيه؟!
مصطفى : أفكر في أن نقف كلنا اليوم مع أحمد.
فريــد : كيف ذلك؟
قاســم : لم نفهم ما تعنيه ، أفصح ...
« يظهر الطفلان يونس و إلياس قليلا لسماع ما يدور من حديث بين الأطفال ».
مصطفى : ما رأيته اليوم... أن النار قد أكلت كل شيء في بيت أحمد.
قاســم : لقد أصبح كل ما في البيت رمادًا.
مصطفى : ثم إن العيد على الأبواب.
فريــد : صحيح... لم يبق عليه سوى أسبوعين.
مصطفى : واجبنا اليوم تخفيف ألآلام عن أحمد.
قاســم : كيف هذا؟
مصطفى : علينا التضامن و التكافل معه.
فريــد : حقا... كيف غابت عني هذه الفكرة؟!
قاســم : فعلا... إنها فكرة صائبة وسديدة.
مصطفى : علينا أن نتبرع بمصروفنا هذه الأيام لأحمد.
فريــد : نستطيع حينها شراء ملابس جديدة له.
قاســم : بل سنحاول شراء بعض اللوازم لبيتهم إن استطعنا.
مصطفى : نعم يا قاسم، نعم.
فريــد : « متحمسًا» سنعرض هذه الفكرة على كل أصدقائنا وزملائنا في المدرسة.
قاســم : « بلغة الواثق » لا أظن أننا سنجد من يعارضها.
مصطفى: سأبدأ حالا في هذا الأمر... « ويهم بالخروج.»
فريــد: سأذهب معك لأساعدك.
قاســم: سآتي معكما... هيا بنا.
« وينصرف الأطفال »
« يونس وإلياس يخرجان من وراء الستار، تطفأ الأنوار فلا يرى على الركح
غيرهما...»
يونـس : « بغضب» ما الذي ينوي فعله... هذان الغبيان؟
إليـاس : « بسخرية» ومن هذا أحمد... حتى يتضامنوا معه.
يونـس : « بدهشة» ثم كيف سيتضامنون معه.
إليـاس : ذاك هو الطفل الغريب عن حينا.
يونـس : إنهم لا يعرفون حتى من أية جهة من الوطن هو.
إليـاس : أهو من شرق البلاد أم من غربها؟!
يونـس : بل لا يعرفون أي مدينة كان يقطن!
إليـاس : يتحدثون عن أحمد... وكأنه قريب لهم.
يونـس : بل عن... أخ لهم.
إليـاس : أيعقل... أن أتضامن مع كل واحد من أبناء وطني!؟
يونـس : أيعقل... أن أحرم نفسي من مصروفي لفائدة أحمد!؟
إليـاس : كلا، وألف كلا.
يونـس : أيعقل أن أحرم نفسي... من هذه الحلوى أو هذه الشكولاطة.
« يخرج قطعا من الحلوى والشكولاطة »
إليـاس : « في مكر» أرأيت يا يونس!
يونـس : « يسلمه بعض الحلوى » خذ يا يونس ذق طعمها.... تلذذ مذاقها.
إليـاس : أممم ... «يأكل بنهم» ما أحلاها... « يحدق في شكلها ولونها»
يونـس : كل يا إلياس... كل وتذوق «هنا يظهر مشهد الطفلين يأكلان بنهم ويتحدثان، يضحكان، يقهقهان. حتى أنه لم يعد يفهم ما يقولانه »
يونــس: أرأيت...! لن أشبع منها أبدًا.
إليــاس: حقًًا ... حقًا يا صديقي.
يونــس: إني لا أشبع منها ولو أكلت كل ما يجلبه "عمي محمود" إلى متجره.
خذ يا إلياس ... تمتع. « يسلمه قطعة شكولاطة »
إليـاس : « يأكل ضاحكا » ما أشذى عطر هذه الشكولاطة.
يونـس : أنظر إلى لونها, أليس جميلا.
إليـاس : جميل... «يمضغ وينظر إلى الحلوى والشكولاطة بإعجاب» بل رائع.
يونـس : لو كان أحمد من مدينتنا... لفكرت في الأمر.
إليـاس : لو كان من سكان حينا لتضامنا معه ولكنه ... « يقاطعه يونس»
يونـس : غريب...«يأكل بتلذذ» و سيبقى غريبًًا.
إليـاس : في المساء سأشتري مصروفي كله حلوى و شكولاطة.
يونـس : لا تنسني يا إلياس.
إليـاس : كيف أنساك يا صديقي، كيف أنساك... ؟!
سنقضي معًا مساءًا جميلاً ... إلى اللقاء.
« ينسحب الطفلان يقهقهان » وينتهي المشهد الثاني *
المشهد الثالث
« يدخل أحمد وأخته رقيه وآثار الحروق بادية على مواقع كثيرة من لباسهما. رقية
تبكي وأحمد يواسيها»
« تدخل رقية باكية ليلحق بها أحمد . تصاحبهما موسيقى حزينة تنخفض عندما
يتكلم أحمد وترتفع عندما تتكلم رقية, وذلك لأن رقية أكثر حزنا من أخيها أحمد»
أحمد : هيا رقية... كفاك بكاءً!.
رقية : قد حاولت كثيرا... لكني لم أستطع. «يعلو بكاؤها«
أحمد : أعلم يا أختي.
رقية : ذلك المشهد الرهيب... لن أنساه أبدا... «تبكي«
أحمد : ومن يستطيع أن ينساه يا أختي.
رقية : كانت أختي وداد... تصرخ وتصيح أمي أنقذيني... رقية ساعديني... « تجهش بالبكاء»
أحمد : ولكن أمي... لم تستطع إنقاذها.
رقية : وأنا لم أستطع... حتى الاقتراب منها لقوة اللهب . « تبكي«
أحمد : لقد جازفت و اقتربت... لكن النيران حالت بيني وبينها.
رقية : ما إن وصل أبي إلا كانت وداد المسكينة قد ... « تبكي»
أحمد : لقد أسرعوا بها إلى المستشفى ولكن ... « يبكي»
رقية : يا إلهي يا وداد كم كنت جميلة وكم كنت أحبك. « يعلو صوت بكائها من جديد»
أحمد : « ماسحا دموعه» تأكدي يا ليلى أننا لن ننساها أبدا.
رقية : صورتها لا تفارق خيالي... « تبكي» وهي تصرخ وتستغيث.
« تمسح دموعها »
أحمــد : تلك مشيئة الله يا أختي.
رقيــة : ماتت المسكينة وهي تنادي أمي... أمي.
أحمــد : ذاك هو قدرها.
رقيــة : كيف سنستطيع العيش وأبي المسكين لم يعد يملك شيئا .تجهش بالبكاء
أحمــد: سيتولى أمرنا الله.
رقيــة: ثم كيف نستطيع الذهاب إلى المدرسة بهذه الملابس. « آخذة بأطراف ملابسها »
أحمــد: ولكن ... تقاطعه رقية ولكن ماذا؟
« تنسحب رقية باكية . يعلو صوت الموسيقى الحزينة ليعم المكان.»
« يناديها أحمد فلا تجيبه »
« في هذه الأثناء يدخل الأطفال على أحمد»
مصطفى – قاسم – فريد – يونس وإلياس
مصطفى: كيف حالك اليوم يا أحمد؟
أحمــد: ما يؤرقني... حالة أختي رقية.
مصطفى: لا تحمل هما يا أحمد... سنساعدك إن شاء الله.
قاســم: لقد اتفقنا أن نتبرع لكم بمصروفنا الأسبوعي.
أحمــد: « في يأس » لا أريد أن أنقص من مصروف أحدكم شيئا.
فريــد: لا تقل هذا يا أحمد .
مصطفى: نحن جيران... وزملاء وأصدقاء.
قاســم: وهذا أقل ما يجب فعله تجاهك.
أحمــد: لا أريد أن أثقل عليكم يا إخواني.
فريــد: لقد قررنا هذا... ولن نتراجع يا أحمد.
أحمــد: أشكركم يا أصدقائي ولكن ...
مصطفى: « مقاطعا أحمد» لا تقل شيئا يا أحمد.
قاســم: لن ندعك هكذا .
فريــد: سنحاول فعل كل شيء من أجلك.
مصطفى: لا تظن... أن واحدًا منا سيعارض هذا.
قاســم: أكيد يا مصطفى... فعلينا جميعًا أن نتعاون الآن.
فريــد: إنك واحد منا يا أحمد.
أحمــد: لا أعرف ما الذي سأقوله.
مصطفى: لا تقل شيئا ... سنتبرع لك كلنا.
قاســم: إنه واجبنا كلنا... كلنا.
فريــد: وكل الأصدقاء مستعدون لذلك... بدون استثناء.
« وهنا يتكلم يونس»
يونـس : إلا أنا... فلست مستعدًا.
قاســم: كفاك مزاحًا يا يونس.
يونـس : إنها الحقيقة.
فريــد: وأية حقيقة هذه يا يونس؟!
يونـس : لأني لا أملك ولو... سنتيمًا واحدًا.
مصطفى: « بغضب» لا تملك سنتيمًا... إنك تكذب.
يونـس : ها هو ذا إلياس إسألوه إن شئتم.
إليـاس : صحيح... إنه لا يملك نقودًا.
قاســم: إنك كاذب مثله.
يونـس : « بغضب» قلت لكم... إني لا أملك شيئا.
قاســم: ما الذي تقوله.
يونـس : الذي سمعته.
فريــد : أتحسبنا أغبياء لا نعرف كم يعطيك أبوك كمصروف يومي.
مصطفى : إنك تجمع من النقود في الأسبوع... ما لا نستطيع جمعه كلنا.
يونــس: حتى وإن كنت كذلك فلن أتبرع لأحمد.
قاســم : هلا أفهمتنا السبب يا يونس.
يونــس: لأن أحمد ليس من سكان حينا.
قاســم : بل هو من سكان حينا.
يونــس: منذ متى؟
قاســم : منذ سنوات.
يونــس: قلت منذ سنوات...فهو ليس من حينا إذًا.
إليــاس: « ينظر إلى يونس بمكر» بل ليس من مدينتنا.... إنه من مدينة بعيدة.
مصطفى : « بتمعن» وكأنك لا تريد التبرع كذلك يا إلياس.
إليــاس: إذا لم يكن عند يونس نقودًا... فكيف سيكون لي.
مصطفى : هكذا إذا!؟
إليــاس: هل تعرف من أية جهة من البلاد أتى أحمد وعائلته.
مصطفى : لا يهمني... بقدر ما تهمني حالة أحمد و عائلته.
إليــاس: لست مستعدًًا أن أتضامن مع الغرباء عن مدينتنا و حينا.
مصطفى : أأنت الذي تقول هذا يا إلياس .
إليــاس: إنها الحقيقة التي يجب عليكم معرفتها.
يونــس: ثم... « يقاطعه أحمد »
أحمــد : اذهبا فلست ممن ينتظر صدقة من أحد.
يونــس: سأذهب ولن أتضامن معكم أبدا.
إليــاس: ولن أتبرع لأي كان حتى يكون أخي من أبي وأمي.
« يهم إلياس ويونس بمغادرة الركح يستوقفهما مصطفى »
مصطفى: انتظر يا يونس... عليك أن تعرف أننا لا نتضامن مع أحمد لأنه جارنا وزميلنا فحسب... ولكن قبل هذا وذاك فهو إنسان في محنة يتطلب منا مساعدته ومؤازرته.
« يبدأ نشيد *جزائرنا يا بلاد الجدد* بصوت منخفض مصاحبًا لتمثيل الأطفال»
قاســم : ولأنه واحد من أبناء هذا الوطن الواحد... الذي ننتمي إليه كلنا.
فريــد : إنه واحد من بلدنا الجزائر بلد المليون ونصف المليون من الشهداء.
مصطفى : أولئك الشهداء الذين قاموا بتلك الثورة التي أذهلت العالم كله.
فريــد : لم تكن لتنجح تلك الثورة إلا بالاتحاد والتعاون.
قاســم : لقد التف كل مجاهدي الوطن حول راية واحدة.
مصطفى : همهم الوحيد هو تحرير أرض الوطن من الاحتلال.
فريــد : لم يكن لديهم هذا التفكير.
قاســم : لم يكن لديهم هذا مجاهد من الغرب أو من الشرق
مصطفى : كانوا يقتسمون الرغيف الواحد ولو كان صغيرًا، يلتحفون غطاءً واحدا وإن كان ضيقًا.
فريــد : كانوا يصطفون جنبًا إلى جنب في ميادين الشرف.
قاســم : فكانت دماؤهم الطاهرة الزكية تمتزج وتختلط.
مصطفى : كأن لسان حالهم يقول لعساكر العدو المحتل: إن هذه دماء تفجرت من عروق جسد واحد لا حياة لعضو دون العضو الآخر.
فريــد : ذلك ما تعلمناه من أجدادنا يا يونس .
قاســم : تعلمنا أن التعاون والإتحاد قوة لا تضاهيها قوة.
فريــد : اذهب يا يونس ستندم لا محالة .
مصطفى : هيا يا أصدقائي فلنتركهما وشأنهما.
« وهنا تدخل ليلى مهرولة ومستبشرة »
ليلــى : أصدقائي أبشروا لقد استجابت الصديقات لندائنا.
مصطفى : شكرا لك يا ليلى على مجهودك.
ليلــى : لقد جمعت بعض التبرعات على أن أكمل ما تبقى في المساء ... خذ هذا الذي جمعته هذا الصباح.
فريــد : جازاك الله خيرا يا ليلى.
قاســم : هيا أصدقائي فليقم كل بدوره.
مصطفى : هلموا يا إخواني.
« وينصرف الأطفال ويبقى يونس و إلياس لوحدهما »
يونــس: يا الهي ما الذي فعلناه يا إلياس؟
إليــاس: أرأيت، أنحن أغبياء إلى هذه الدرجة!
يونــس: كيف نترك أحمد ولا نساعده؟
إليــاس: فعلا لقد غابت عنا هاته الفكرة.
يونــس: إننا أبناء وطن واحد, مهما ابتعدت عنا المسافات.
إليــاس: حقيقة كيف لم ندرك هذا ؟
يونــس: نعم... من واجبنا أن نتعاون.
إليــاس: حتى لا يبقى بيننا مصاب ولا محتاج.
يونــس: كيف أنسى أن أجدادنا قدموا الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن.
إليــاس: ونحن نبخل اليوم ببعض الدراهم على أحمد المسكين.
يونــس: يا إلهي ما الذي نستطيع فعله الآن.؟
إليــاس: نتبرع له كما تبرع له بقية الجيران والأصدقاء.
يونــس: بل سأفعل أكثر من هذا.
إليــاس: ما الذي ستفعله؟
يونــس: سأطلب من أبي أن يتبرع لعائلته.
إليــاس: جميل جدًا.
يونــس: حينها سيحذو حذوه كبار حينا.
إليــاس: فعلا لقد أصبت.
يونــس: هيا بنا.
« ينتهي النشيد« « وينسحب الطفلان»
وينتهي المشهد الثالث *
المشهد الرابع
« يدخل مصطفى وفريد وقاسم يدخلون وعلامات الفرح بادية على وجوههم»
فريــد : هل رأيتم أحمد اليوم.
مصطفى: نعم, إنه ممنون لكم على مساعدتكم إياه.
قاســم: لقد كان عملاً رائعًًا حقًا.
مصطفى: الحمد لله أننا استطعنا مساعدته .
فريــد: وجمعنا الكثير من المال.
قاســم: لقد كان الجيران في المستوى.
مصطفى: كبار الحي كانوا كرماء.
قاســم: إنهم أحرار الجزائر.
فريــد: النسوة دورهم كان مميزًا.
مصطفى: أنهن حرائر الجزائر.
قاســم: « يضحك» المتسولون اختفوا هذه الأيام.
فريــد: عرفوا أن هناك من هم أحق منهم بالمساعدة.
مصطفى: صحيح, عائلة أحمد تستحق كل خير.
« في هذه الأثناء يظهر أحمد وأخته رقية وقد لبسا لباسًا جديدًا يحملون بأيديهم محفظات جديدة »
« فور ظهورهم على الخشبة ينطلق الأطفال نحوهم مستبشرين برؤيتهم »
أحمــد: لا أعرف كيف سأشكركم.
مصطفى: لا داعي لهذا الكلام يا أحمد.
أحمــد: صنيعكم هذا لن أنساه أبدًا.
مصطفى: لم نفعل غير الواجب.
أحمــد : لقد كنتم بحق نعم الجيران والأصدقاء.
رقيــة : حقا لقد قمتم بالكثير من أجل عائلتنا.
قاســم : هوني عليك يا رقية « يظهر عليه بعض الخجل، فيطأطئ رأسه»
رقيــة : بحق، عائلتنا مدينة لكم بالكثير.
مصطفى : ما أعجبني التفاف كل الجيران حولكم.
رقيــة : لقد كان موقفًا عظيمًا إذ أخرجنا من محنتنا.
قاســم : ما كنا لنترككم لوحدكم.
فريــد : كان لزامًا علينا الوقوف بجانبكم
« يدخل يونس و إلياس وليلى »
يونــس: أحمد كيف الحال؟
أحمــد: أشكر الله وأشكركم لما قدمتموه من معروف تجاهنا.
إليــاس: أظن أن العائلة أفضل حالا الآن.
« يتقدم قاسم بجانب أحمد وينهره »
قاســم : لماذا تكلمهما يا أحمد؟... إنهما لم يتبرعا لكم.
أحمــد : بلى يا قاسم أنهما قاما بواجبهما وأكثر.
رقيــة : خاصة يونس... إنه السبب في وقوف كبار الحي معنا.
قاســم : صحيح.
مصطفى : لقد تغيرا يا قاسم.
فريــد : لقد تبدلا فعلا خاصة يونس.
قاســم : أحسنت صنيعا يا يونس... «يستدرك» وأنت كذلك يا إلياس.
يونــس: « بغضب» أعلم يا قاسم أنني ربما كنت جاهلا أو غافلا.
إليــاس: لكننا لم نكن يوما بليدين.
يونــس: ولن نكون أبدا.
إليــاس: وقوفكم مع أحمد علمنا الكثير.
يونــس: علمنا أنه من واجبنا أن نتعاون.
إليــاس: لأننا أبناء وطن واحد.
يونــس: نساعد أيًا كان من أبناء وطننا.
إليــاس : سواء أكان من شرق البلاد أومن غربها، من جنوبها أو من شمالها.
يونــس: أيقنت أن رقينا باتحادنا وتعاوننا.
إليــاس: بالتضامن نحقق أسمى مراتب الرفعة والازدهار.
يونــس: نعم أخطأنا ونحن ...
«يقاطعه أحمد ويربت على كتف يونس»
أحمــد : لا تغضب يا صديقي لا تغضب.
يونــس: ألم تسمع ما قاله؟
أحمــد : بلى... إنه يجهل الأمر.
قاســم : عذرا يا إخوتي لقد أخطأت في حقكم.
فريــد : سامحنا يا يونس سامحنا.
يونــس: سامحتكم.
« ويتعانق الطفلان وينضمان إلى إلياس, ليتعانق الجميع في الأخير وأغنية رابح درياسه * أولاد بلادي* تعم المكان »
أحمــد: أيقنت أننا ببلد الخير.
مصطفى: أو ليس بلد المليون ونصف المليون من الشهداء.
فريــد: لن تعصف رياح التشتت ببلدنا، لن تعصف.
قاســم: سيبقى متماسكاً... تماسك جبال الأوراس.
مصطفى: شامخاً... شموخ نخيل الجنوب.
فريــد: معطاء... عطاء أشجار التين الجزيل.
ويصطف الأطفال مستقبلين الجمهور، واضعين أيديهم
في أيدي بعض ويقولون مرة واحدة.
تـــحيا الجزائر
و يسدل الستار معلنا النهاية *