الصيام عبادة عظيمة لها آثارها الجليلة، وهي لا تقتصر على الواجب كرمضان، بل تتعدى ذلك إلى المستحب والمندوب كصيام الاثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر، وصيام عاشوراء، وذلك حتى يبقى المؤمن على اتصال بمولاه من خلال هذا الباب العظيم، طمعاً في القرب منه، والفوز بمحبته ورضاه: ~( وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه )~~رواه البخاري.
ونحن من خلال هذا المحور ندعو المسلمين إلى التسابق في الخيرات، وتحصيل الحسنات قبل الممات.
وصيام يوم عاشوراء أحد مجالات الطاعة، والقرب من الله، وسبيل إلى حمل الزاد إلى دار المعاد، ووسيلة لتكفير السيئات ورفع الدرجات.
**فضله***
صيام يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية، لقوله: صلى الله عليه وسلم قال: ~(...صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله )~~رواه مسلم.
قال ابن حجر في الفتح: (وظاهر أن صيام عرفة أفضل من صيام عاشوراء، وقد قيل: الحكمة في ذلك أن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل.
**مراتب صيامه***
فقد ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه قال: " حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ~( فإذا كان العام المقبل إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع. قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم )~~ رواه مسلم، وعند الإمام أحمد في المسند، والبيهقي في السنن عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ~( صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود: صوموا قبله يوماً، وبعد يوماً )~~.
وعند الإمام أحمد أيضاً وابن خزيمة ~( صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده )~~ كما عزاه ابن القيم في زاد المعاد.
وعليه تكون مراتب صوم يوم عاشوراء ثلاثة وفق كلام الإمام ابن القيم في زاد المعاد:
1- أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم.
2- أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث.
3- إفراد العاشر وحده بالصوم.
وأما إفراد التاسع، فمن نقص فهم الآثار، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع، والله الموفق للصواب.
**حكم صيام يوم عاشوراء لو وافق يوم الجمعة، أو السبت***
لا بأس بصيام يوم عاشوراء وإن وافق الجمعة أوالسبت فالصوم المندوب إليه - شرعاً - لا يترك لموافقته يوماً يكره أن يفرد بالصيام لقوله صلى الله عليه وسلم : ~( لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه )~~رواه مسلم،
فدلّ الحديث على أن من اعتاد صياماً ثابتاً ثم وافق ذلك يوماً يكره الصيام فيه منفرداً ، فإنه يصومه ولا حرج عليه في ذلك.
ويوم عاشوراء قد ورد الحديث بالأمر بصيامه ويستحب أن يضاف إليه وفق المراتب المتقدمة.
00000000
000
0