قال الخبير والمحلل الاقتصادي فريد بن يحيى إن قرار إلغاء صيغتي التقاعد النسبي والمسبق هو بمثابة عقاب جماعي واستعباد جديد للعامل الجزائري، لأن الأصل هو منح الحرية للعامل في اتخاذ خياره، وأوضح أن الأجدر بالحكومة هو البحث عن ميكانزيمات وآليات جديدة لتمويل الصندوق الوطني للتقاعد وليس إبقاء العامل عبدا للراتب.
وأوضح الخبير فريد بن يحيى في تصريح لـ الشروق بخصوص قرار الحكومة خلال الثلاثية إلغاء صيغتي التقاعد النسبي والمسبق وجعل سن التقاعد في 60 سنة، أن الخبراء والفاعلين شجعوا المركزية النقابية عام 97 على اعتماد التقاعد النسبي والمسبق، لكن القرار الجديد هو بمثابة استعباد جديد للعامل الجزائري، والأصل كان في منح الحرية للعامل في أن يختار قراره بمواصلة العمل أو الإحالة على التقاعد بعد سنوات معينة من العمل .
واعتبر المتحدث أنه من اللاعدل أن يمنح تقاعد بنسبة 80 بالمائة لإطارات سامية عملت 7 أو 8 سنوات فقط، بينما يحرم الآن العمال الذين عملوا لفترات تفوق 20 سنة من هذا التقاعد وخصوصا في قطاعات مرهقة وشاقة، خصوصا وأن العمال لم تتم استشارتهم في هذا القرار المصيري وكان قرارا مفروضا عليهم من الحكومة، منتقدا ما وصفه لجوء الحكومة للحلول السريعة عوض النظرة الواقعية للأمور .
ودعا الخبير بن يحيى الحكومة إلى البحث وإيجاد آليات وميكانيزمات جديدة لتمويل صندوق التقاعد، وليس بمعاقبة العمال، مشيرا إلى أن دولا غربية عديدة على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا تقوم باستثمار أموال صندوق التقاعد وبالتالي الحصول على موارد مالية جديدة له.
وبخصوص نتائج الثلاثية قال فريد بن يحيى أن الحكومة تصدر الأوامر ولا تتابع ما تصدره من أوامر، لذلك يجب عليها متابعة كل القرارات للاستثمار والتصدير والعقار الصناعي وغيرها.
وقال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول أنه قدم مقترحا خلال الثلاثية بجعل التقاعد يكون بعد 30 سنة من الخدمة، واعتبر أن إجبار عامل على البقاء في الخدمة إلى غاية بلوغه سن 60 سنة أمر صعب خصوصا إذا كان قطاع النشاط مرها وشاقا.
مدير عام الضمان الاجتماعي يؤكد الإبقاء على التقاعد في سن 60
770 مليار دينار معاشات مليون و600 ألف متقاعد سنويا
أكد المدير العام للضمان الاجتماعي بوزارة العمل جواد بوركايب على أن خيار الحكومة في الإبقاء على سن التقاعد في 60 سنة، هو الأنسب والأضمن في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة ونظرا للصعوبات التي يواجهها صندوق التقاعد .
وقال جواد بوركايب أمس خلال نزوله ضيفا على برنامج ضيف التحرير للقناة الإذاعية الثالثة، بأن الحق في الاستفادة من التقاعد لن يكون إلا ببلوغ السن القانونية لذلك وهو 60 سنة، مشيرا إلى أن هذا القرار اتخذ من أجل ضمان الاستمرار في تمويل التقاعد عبر مبدأ التضامن بين الأجيال، حيث أن كل جيل يساهم في دفع حقوق تقاعد الجيل الذي سبقه .
وكشف ذات المسؤول بأن التقاعد النسبي هو من أهم الأسباب التي تجعل الصندوق الوطني للتقاعد يدخل في صعوبات مالية، حيث يضطر إلى دفع مستحقات التقاعد للذين خرجوا قبل سن الـ 60 ولمدة طويلة نسبيا، ما يؤدي على الانحراف عن مبدأ التضامن الاجتماعي بين الأجيال، ليشير إلى أنه من بين مليون و600 ألف متقاعد، حصل 50 بالمئة منهم على التقاعد النسبي أي 830 ألف شخص.
ونفى بوركايب في السياق أي علاقة لسن التقاعد بتوفير مناصب العمل، معتبرا بأن ذهاب نحو 830 ألف عامل سنويا للتقاعد قبل سن الـ 60 هو ما يتسبب في خسارة الاشتراكات المالية في صندوق التقاعد، بالإضافة إلى خسارة خبرات مهنية ذات تجربة معتبرة، فيما قال بأنه سيتم الإبقاء على التقاعد المسبق لغرض الحفاظ على حقوق العمال الذين يفقدون عملهم لأسباب اقتصادية، حيث سيتم تخصيص مداخيل مؤقتة لهم لغرض تعويضهم.
وذكّر المدير العام للضمان الاجتماعي بوزارة العمل في السياق بأن الصندوق الوطني للتقاعد يصب سنويا ما قيمته 770 مليار دينار جزائري لنحو 1 مليون
و600 آلف متقاعد نصفهم تقاعد قبل سن ال60 ، مشيدا بالتجربة الجزائرية فيما يخص الضمان الاجتماعي وكذا التقاعد مقارنة بالدول الأخرى.