تفكر الحكومة في اعتماد النموذج الأوروبي لتحديد أصحاب المهن الشاقة، في ظل تزاحم الفدراليات والنقابات للظفر بسنوات مقتطعة، في إطار التقاعد المسبق، بحجة المتاعب التي ترافقها طيلة مسارها المهني. ويرى الكثير من النقابات ضرورة إدراجها في القائمة التي سيتم تحديدها قبل نهاية السنة الجارية
وتبحث هذه الأخيرة في إمكانية اللجوء إلى طريقة التنقيط في تحديد لائحة المهن الشاقة، حيث كلما زادت النقاط، ظفر العامل بسنوات أكثر في التقاعد المسبق، التي يجب ألا تتجاوز الـ5 سنوات، أي الخروج للتقاعد في سن الـ55 كأقصى حد.
كشف الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للعمال الجزائريين في ملف التقاعد المسبق، رئيس فدرالية النسيج، عمار تاقجوت، لـ"الشروق" عن تعليمات تلقتها فدراليات "ليجيتيا" أمس خلال لقاء جمعها مع الأمين العام، عبد المجيد سيدي السعيد، للشروع في العمل على قدم وساق لتحديد فئة المهن الشاقة، والأكثر شقاوة، بناء على ما خرج به مجلس الوزراء المنعقد أمس الأول، برئاسة الرئيس بوتفليقة، مؤكدا أن اللجنة المكلفة بالعمل في هذا الإطار ستباشر اجتماعاتها في ظرف أيام كأقصى تقدير.
وأضاف المتحدث أنه سيتم تفادي الشعبوية، في تحديد المهن الشاقة، حيث سيتم الانتقاء بناء على معايير صارمة، على غرار تلك التي يتم اعتمادها في الخارج، وستفصل اللجنة في القائمة بالنظر إلى الأمراض المزمنة والخطيرة التي ترافق العامل طيلة مساره المهني. وسيحظى الجانب الصحي بأكبر قدر من الاهتمام، حيث كلما زادت أمراض المهنة، حصل العامل على نقاط أكبر في لائحة المهن الشاقة.
وهو ما سيمكنه من الخروج للتقاعد قبل غيره بسنوات، فمن سيظفر حسبه بـ40 نقطة على سبيل المثال سيخرج للتقاعد في سن الـ55. ومن سيحظى بـ20 نقطة سيخرج في سن الـ57 ومن لا يحظى بأي نقطة سيحال على التقاعد في سن الـ60، مع العلم أن جدول التنقيط لم يتم تحديده إلى حد الساعة.
هذه الوظائف في مقدمة قائمة المهن الشاقة
كما سيتم الفصل في المهن الشاقة، حسب تاقجوت، بناء على أماكن العمل.. "فمن يشتغل في الجنوب، لا يتساوى مع من يعمل في الشمال وسط أجواء معتدلة، فالحرارة تلعب دورا مهمّا في تحديد صاحب المهنة الشاقة، وستكون لها مكانة في التنقيط، وكذا ساعات العمل"، وضرب في هذا الإطار مثالا بموظفي قطاع الصحة الذين يشتغلون في مخابر الأشعة والتصوير الطبي والمواد الكيماوية، الذين قال إنهم عرضة للمخاطر أكثر من غيرهم.
وطبقا لما أكده تاقجوت، فالاجتماعات الأولية للجنة، ستضم 6 فدراليات من الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وهي البناء والأشغال العمومية والصناعة والمناجم والموانئ والصحة.
وستعمل هذه الأخيرة على الاستعانة بخبراء وأخصائيين عند تحديد فئات المهن الشاقة، بالنظر إلى الصعوبة التي تواجه القائمين على الملف، مصرحا: "سنستعين بطب العمل وكذا أخصائيين في مجال الصحة والأمن، فكل هؤلاء سيسهلون علينا المهمة، وسيساهمون في تحديد بكل موضوعية فئة المهن الشاقة جدّا".
إمكانية تطبيق "المهن الشاقة" على القطاع الخاص أيضا
بالمقابل، أوضح ممثل المركزية النقابة أنه لم يتم إلى حد الساعة رسم صورة عن فئات المهن الشاقة، وإذا ما كان تطبيقها سيكون حصريا فقط على الوظيف العمومي، أم إنها ستشمل القطاع الخاص أيضا، مشددا على أن اجتماعات اللجنة الخاصة ستنطلق شهر أوت المقبل.
وقد تستمر إلى غاية نوفمبر أو ديسمبر المقبلين، بالنظر إلى أن الملف شائك وحساس، ليتم بعدها الخروج بالقائمة النهائية للمستفيدين، الذين لن يحظوا بنفس عدد السنوات المقتطعة، وإنما حسب درجة شقاوة المهنة، وتأثيرها على صحة وسيكولوجية العامل.
وتم من قبل التحديد المبدئي لعدد من أصحاب المهن الشاقة، بالنظر إلى الظروف التي يشتغل فيها الموظفون، على غرار عمال الحجار الذين يبذلون مجهودا عضليا ضخما، وسط درجة حرارة عالية جدا، وعمال الحفر والتنقيب والمناجم المنضوين تحت لواء فدراليات سونالغاز وسوناطراك.