السلام عليكم ،،
بسم الله الرحمن الرحيم
( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ
اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )
نلاحظ في الآية الكريمة أن هناك إشارة صريحة إلى أن الوهن والضعف هو في بيت العنكبوت
وليس في خيوط العنكبوت ، وهي إشارة دقيقة جداً ، فخيوط بيت العنكبوت حريرية دقيقة جداً,
يبلغ سمك الواحدة منها في المتوسط واحداً من المليون من البوصة المربعة, أو جزءاً من
أربعة آلاف جزء من سمك الشعرة العادية في رأس الإنسان, وهي على الرغم من دقتها الشديدة
فهي أقوى مادة بيولوجية عرفها الإنسان حتى الآن، وتعتبر الخصلات الحريرية التي تكون نسيج
العنكبوت أقوى من الفولاذ (سبحان الله)، ولا يفوقها قوة سوى الكوارتز المصهور، ويتمدد
الخيط الرفيع منه إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع، ولذلك أطلق العلماء عليه اسم "الفولاذ
الحيوي" أو "الفولاذ البيولوجي"، وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة،
وتبلغ قوة احتماله 300.000 رطلاً للبوصة المربعة، فإذا قُدِّر وجود حبل سميك بحجم إصبع
الإبهام من خيوط العنكبوت فيُمْكِنه حَمل طائرة "جامبو" بكل سهولة ..
وأما الوهن فهو وهن وضعف معنوي لأن بيت العنكبوت من الناحية المعنوية هو أوهن بيت على
الإطلاق فهو بيت محروم من معاني المودة والرحمة التي يقوم على أساسها كل بيت سعيد, وذلك
لأن الأنثى في بعض أنواع العنكبوت تقضي على ذكرها بمجرد إتمام عملية الإخصاب وذلك بقتله
وافتراس جسده لأنها أكبر حجماً وأكثر شراسة منه, وفي بعض الحالات تلتهم الأنثى صغارها
دون أدنى رحمة, وفي بعض الأنواع تموت الأنثي بعد إتمام إخصاب بيضها الذي عادة
ما تحتضنه في كيس من الحرير
وعندما يفقس البيض تخرج صغار العنكبوت فتجد نفسها في مكان شديد الازدحام بالأفراد داخل
كيس البيض, فيبدأ الإخوة الأشقاء في الاقتتال من أجل الطعام أو من أجل المكان أو من أجلهما
معاً ، فيقتل الأخ أخاه وأخته, وتقتل الأخت أختها وأخاها حتى تنتهي المعركة ببقاء عدد قليل من
العناكب التي تنسلخ من جلدها, وتمزق جدار كيس البيض لتخرج الواحدة تلو الأخرى, والواحد
تلو الآخر بذكريات تعيسة, لينتشر الجميع في البيئة المحيطة وتبدأ كل أنثى في بناء بيتها, ويهلك
في الطريق إلى ذلك من يهلك من هذه العناكب ..ومن ينجو منها يكرر نفس المأساة التي تجعل
من بيت العنكبوت أكثر البيوت شراسة ووحشية وانعداماً لأواصر القربى, ومن هنا ضرب الله
تعالى به المثل في الوهن والضعف لافتقاره إلى أبسط معاني التراحم بين الزوج وزوجه, والأم
وصغارها, والأخ وشقيقه وشقيقته, والأخت وأختها وأخيها..!! ..
فسبحان الذي يضرب الأمثال وهو العليم الحكيم. ومثل العنكبوت هنا على عكس الأمثلة التي
ضربها تعالى في النمل والنحل. فالنمل عبارة عن أمّة منظمة دقيقة رمز التفوق الحضاري،
أما النحل فضربه الله تعالى لنا مثلاً أنها لما أطاعت خالقها أخرج من بطونها العسل،.
سبحانه ما أعظم خلقه وما أحكم تدبيره