لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق
لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
أخرج الإمام مسلم رحمه الله من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق).
هذا الحديث تندرج تحته عدة فوائد :
· بيان عظم الإسلام إذ حث المسلم على أن يكتسب الأجور من الأعمال التي لا تكلفه عناءً ولا مشقة فإن هذا العمل من اللطافة والطلاقة والتبسم ونحو ذلك لا يكلف الإنسان جهداً ولا عناءً ولا تعباً وإنما هو يجري كما تجري العادات الأخرى .
· أن على المسلم أن يحرص تمام الحرص على أن لا يحقرن من المعروف شيئا ومن ثم فلا يحقر نفسه فإن الإنسان أحيانا يكون في مجلس ما ولديه فائدة أو لديه معلومة يستفيد منها إخوانه فنجد أنه يحقر نفسه من أن يلقي هذه المعلومة مع أنها مثبتة وسمعها من العلماء أو قرأها من الكتب الموثوقة ومع ذلك يحقر نفسه وإذا حقر نفسه ولم يتكلم بها فإنه لا يحصل له من المعروف شيئ .
· أن الحديث وإن دل على طلاقة الوجه لايعني أن الإنسان يكون مكثاراً للضحك فإن النبي عليه الصلاة و السلام قال كما عند الترمذي(إياك وكثرة الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب) فليس معنى هذا أن يكون الإنسان غير وقورٍ في جلوسه وفي كلامه وفي مخالطته لدى الناس وإنما أمر بأن يكون طليق الوجه .
· أن النبي عليه الصلاة و السلام كما قال جرير في الصحيحين (ما رآني رسول الله صلى الله عليه و سلم منذ أسلمت إلا تبسم لي أو تبسم في وجهي) وهذا يدل على أنه عليه الصلاة و السلام ميز جريراً بهذا إذ لو كان هذا الفعل منه عليه الصلاة و السلام للكل لنقل الصحابة رضي الله عنهم هذا الأمر لأنه يعد منقبة لهذا الصحابي رضي الله عنه.
· أن على المسلم أن يحسن الظن بإخوانه الآخرين وذلك لأن الإنسان أحياناً قد يكون لديه من الهموم أومن الأشغال ما يجعله يلتقي بأخيه المسلم ولا يكون بهذه الصورة التي أمر بها الإسلام فالإنسان يتلمس الأعذار لإخوانه الآخرين فلربما كان فيه أمر قد شغل ذهنه أو عقله فلا يبني على هذا التصرف أحكاماً قد لا تليق به وكما قال العلماء (يحرم سوء الظن بالمسلم الذي ظاهره العدالة).
· أن الإنسان لا يحكم على الآخرين بتقاسيم وجوههم فقط (لا) لأنه وللأسف فيه ظاهرة في المجتمع أنه من حين ما يرى الإنسان ذلك الشخص وحينما يراه يقول هذا الشخص معقد وسبحان الله وهذا الشيء مجرب إذا خالطت هذا الرجل قلت ما أحسن أخلاقه و ما أحسن فعاله بينما أخرون قد تراه متبسماً ضاحكاً لكن إذا خالطته وجدته من أسوء الناس خلقاً ولا يعني هذا أن الإنسان لا يكون طليق الوجه متبسماً مع إخوانه الآخرين كلا وإنما المقصود من هذا أن الإنسان لا يجعل معيار الحكم على تقاسيم وجوه الآخرين .
وصلى الله على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين