|
التهرب الضريبي وآلية مكافحته
خطة البحث
•مقدمة
•الفصل الأول: تحديد طبيعة التهرب الضريبي.
المبحث الأول: ماهية التهرب الضريبي.
•الفصل الثاني: أسباب وطرق وآثار التهرب الضريبي.
المبحث الأول: أسباب التهرب الضريبي.
المبحث الثاني: طرق التهرب الضريبي.
المبحث الثالث: أثار التهرب الضريبي.
•الفصل الثالث: وسائل محاربة التهرب الضريبي.
المبحث الأول: الرقابة الجبائية.
•الفصل الرابع: التحقيق الجبائي.
المبحث الأول: التحقيق المحاسبي.
المبحث الثاني: التنسيق في إطار محاربة التهرب الضريبي.
•الخاتمة:
المقدمة
إن تفشي ظاهرة البطالة وتدهور القدرة الشرائية سبب تناقضات هيكلية وسوء في التخطيط أدى إلى تحطيم البنية الاقتصادية مما أدى إلى اتخاذ سياسات اقتصادية ناجعة من أجل تحقيق التوازن الاقتصادي لكي يكون هناك تسيير فعال لهذه السياسة أنها تحتاج إلى أموال ضخمة، فلجأت إلى الإصدار النقدي الذي في الكثير من الأحيان يكون بدون مقابل الأمر الذي ينجم عنه انعكاسات سلبية على الاقتصاد المحلي نتج عنه ما يسمى " التضخم" في حالة عدم كفاية التمويل يؤدي إلى الاستدانة من حول أخرى مما يلد بدوره أزمة جديدة هي "التبعية الاقتصادية" كما وجدت الدولة نفسها محصورة بين المخاطر التي تنجم عنها مثل هذه الأنواع من التمويل راحت تفكر في طرق أخرى أكثر فعالية توفر لها ما تحتاج إليه من أموال دون أن تهدد اقتصادها، لذلك لم تجد أمامها من سبيل آخر غير الجباية" الضرائب ".
الضريبة عبارة عن مساهمة مالية إجبارية يقوم بدفعها الأفراد بصفة نهائية دون مقابل,
مع توسع نطاق وأنواع الضرائب نتج عنه ظاهرة خطيرة سميت التهرب الضريبي التي أصبحت تهدد اقتصاديات الدول المتخلفة ني به تحايل المكلفين بالضريبة على الإدارة الجبائية مستخدمين في ذلك طرق و أساليب سواء كان ذلك بطريقة مشروعة (التهرب الضريبي) أو بضريبة غير مباشرة "الغش الضريبي",فهذا يحول دون تحقيق الدولة لأهداف سياستها الاقتصادية والاجتماعية لدى تسعى لمعالجة هذه الظاهرة بتحديد كل طاقاتها وإمكانياتها المادية والبشرية وإدراك الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني.
الفصل الأول: تحديد طبيعة التهرب الضريبي "F.F"
المبحث الأول: ماهية التهرب الضريبي وأنواعه
مفهوم التهرب الضريبي
-التهرب الضريبي هو محاولة الممول أو المكلف بالضريبة التخلص من أعباء الضريبة وعدم الالتزام القانوني بأدائها.
①. التهرب المشروع: هو تخلص المكلف من أداء الضريبة نتيجة استفادته من بعض الثغرات الموجودة في التشريع الضريبي الذي ينتج عنها التخلص من دفع الضريبة دون أن تكون هناك مخالفة للنصوص القانونية (قد يكون مقصودا من طرف المشرع لتحقيق بعض الغايات الاقتصادية والاجتماعية كأن تفرض ضريبة دخل على جميع الأرباح الصناعية والتجارية ثم تستثنى منها أرباح بعض المؤسسات الصناعية ضمن شروط معينة تشجيعا لإنشاء هذه المؤسسات) والمنصوص عنها في القانون تجنبا لأداء ضريبة الإنتاج أو التهرب من ضريبة الشركات ذلك عن طريق توزيع هذه الأخيرة على شكل هبات للذين تربطهم بصاحب الشركة قرابة من الدرجة الأولى وهو على قيد الحياة حتى لا تخضع بعد وفاته تلك الأموال لضريبة الشركات.
②. التهرب غير المشروع: "الغش الضريبي"
هو تهرب مقصود من طر المكلفين وذلك عن طريق مخالفتهم عمدا لأحكام القانون الجبائي قصدا منهم عدم دفع الضرائب المستحقة عليهم إما بالامتناع عن تقديم أي تصريح بأرباحه.
أو بتقديم تصريح ناقص أو كاذب.
أو إعداد سجلات وقيود مزيفة.
أو الاستعانة ببعض القوانين التي تمنع الدوائر المالية الاطلاع على حقيقة الأرباح لإخفاء قسم منها.
③. الـتهرب المحلي:هذا النوع يحدث في نطاق حدود الدولة الموجودة بها بحيث تكون أفعال التزوير التي يقوم بها المكلف لا تتعدى هذه الحدود ‘ما باستغلال الثغرات الموجودة في النظام الجبائي أو بطرق وأساليب أخرى مثل: التهرب عن طريق الامتناع يسمى" التجنب الضريبي" يؤدي امتناع الفرد عن القيام بالتصرف المنشئ للضريبة حتى يتجنب دفعها.
كأن يرفض استيراد بعض السلع الأجنبية لتفادي الضرائب الجمركية.
أو يرفض استهلاك سجائر حتى يتجنب دفع الضريبة.
④. التهرب الدولي: وهذه الصورة من صور التهرب إذ يتمثل في العمل على التخلص من دفع الضريبة في بلدها عن طريق التهرب غير القانوني للمداخيل و الأرباح التي من المفروض أن تخضع لضريبة البلد التي حققت فيه فعلا إلى بلد آخر يتميز بضغطه الجبائي(المنخفض).
خلاصة الفصل الأول :
يمكن التمييز بين التهرب والغش الضريبي
التهرب الضريبي أوسع نطاقا من مفهوم الغش لأن هذا الأخير مصطلح فرعي للتهرب الضريبي ب:
يتم التخلص من فرض الضريبة باختراق القوانين بطرق و أساليب يراها المتهرب ملائمة وهو ما يعبر عنه الغش الضريبي.
ويمكن التخلص أيضا من الضريبة بدون أن يكون هناك اختراق للقوانين وهو ما يعبر عنه التهرب الضريبي المشروع.
ومن خلال هذا المفهوم يمكن لنا تحديد خصائص كل من الغش و التهرب:
-التهرب يعتبر تهربا مشروعا إما بإيجاد ثغرات في التشريع الجبائي يستغلها المكلف وذلك في حدود القوانين أو من طرف المشرع نفسه ولا يترتب عن المكلف أي عقوبة.
-إن التهرب والغش الضريبيين يشملان كل المكلفين سواء كانا طبيعيين أو معنويين.
الفصل الثاني:أسباب وطرق وآثار التهرب الضريبي:
المبحث①: أسباب التهرب الضريبي:
الأسباب المباشرة:
①. الأسباب التشريعية: لقد زادت في تعقد القواعد التشريعية للنظام الضريبي من احتمالات التهرب الضريبي سواء في تقدير الوعاء أو في حساب قيمة الضريبة أو الإعفاءات أو التخفيضات. ②. من ناحية الكفاءة: من أخطر الوسائل التي يلجأ إليها الموظف هي الرشوة التي تظهر أساسا الجانب السلبي له أي عدم وجود وعي مهني.
③. الإمكانيات المادية: نقص الوسائل المادية حيث أن جميع المؤسسات والقطاعات قد استفادت من مشاريع عمرانية تعكس الواقع إلا أن القطاع الجبائي لم يتحصل على أي إصلاح كونه يزاول عمله في منشآت موروثة من قبل الاستعمار.
④. الإجراءات الإدارية: تعتبر كإجراءات روتينية معقدة تتسبب في خلق الكراهية اتجاه الضرائب وما يمثلها من أجهزة وأعوان إداريين فله يبقى على الإدارة الجبائية استعمال كل الإجراءات اللازمة لتفادي ذلك وتتمثل هذه الإجراءات فيمايلي:
-صعوبة تقدير الوعاء الضريبي.
-عدم المساواة في تطبيق الإجراءات.
-تعقد الإجراءات الخاصة بتحصيل الضريبة.
الأسباب غير المباشرة
مثال①
① الأسباب النفسية: الضريبة أداة لاغتصاب وافتقار الشعوب يرجع هذا التفكير إلى الأسباب التاريخية ورثتها الشعوب عن الاستعمار فكان الاستعمار الفرنسي مثلا في الجزائر يستعمل الضريبة كوسيلة لمصادر ونهب أموال الأفراد مما انعكس سلبا على المجتمع اتجاه فرض الضريبة اقتطاع مالي دون مقابل بل وهذا ما أدى إلى إحساسهم بأن الضريبة تحد من حريتهم ويذهب البعض إلى اعتقادهم في عدم عدالتها.
مثال②
شركتين الأولى (SARL) ذات مسؤولية محدودة والثانية شركة تضامن.
نجد الأولى تدفع ضريبة على أرباح الشركات والباقي تقسم على الشركاء والذين يكنون مكلفين بدفع ضريبة على الدخل الإجمالي أيضا مجبرون على دفع الضريبتين معا، أما الثانية فالأرباح تقسم بين الشركاء وكل شريك ملزم بدفع ضريبة واحدة هي الضريبة على الدخل الإجمالي.
بالمقارنة نجد أن الحالة الأولى يحس المكلف بعدم وجود العدالة الضريبية وبالتالي فهو يلجأ إلى محاولة التهرب من أحداهما.
② الأسباب الاجتماعية: يلعب المحيط الاجتماعي دورا هاما في ترسيخ ظاهرة التهرب الضريبي وشيوعها بين الأفراد وهذا وأن ضعف الوعي الضريبي الذي يتناسب مع الشعور الوطني.
③ الأسباب السياسية: وهذا يرمي بالبلاد إلى زيادة وتفاقم حالات التهرب وهذا لإحساسهم بضعف السلطة العامة عجزها على استغلالها الأمثل للموارد.
④ الأسباب الاقتصادية: يعتبر اقتصاد لكل دولة محددا برصيد المعني من القطاع الضريبي فالحالة الاقتصادية للمكلف والحالة الاقتصادية العامة لها دور كبير في التأثير على التهرب الضريبي.
المبحث②: طرق التهرب الضريبي:
1.عن طريق المعاملات المحاسبية: حسب قول ( J.C. Martinez)
" تتعدد طرق التهرب الضريبي والتي تمتد من التخفيض التافه لمبالغ المبيعات أو الاستيراد دون تصريح إلى إهمال تسجيل الإيرادات محاسبيا مرورا بتضخم الأعباء القابلة للخصم".
أ- تخفيض الإيرادات: تعد الطريقة الأحسن والأكثر استعمالا التي من خلالها يعتمد المكلف على تخفيض الوعاء الضريبي والتخلص من دفعها كليا يتجسد هدا التخفيض في البيع دون فواتير أي البيع نقدا ولا يترك أثر العملية، هذه الطريقة تمكنه من إخفاء جزء كبير من C.A(رقم أعماله) وكذلك تسجل قيمة العمليات بأقل من قيمتها الحقيقية وهذا بعد الاتفاق المبرم مع الزبون.
ب-تخفيض التكاليف: المكلف حق الخصم لبعض التكاليف والأعباء من الربح الخاضع للضريبة وهذا وفقا للشروط التالية:
•أن تكون موضوعة في صالح نشاط المؤسسة.
•أن تكون لها علاقة مباشرة بنشاط المؤسسة.
•أن تتصل بأعباء فعلية مرفقة بمبررات ووثائق رسمية.
•أن تكون في حدود السقف الذي حدده القانون.
هذه الرخصة تجعل المكلف يسرع إلى الرفع من نسبة التكاليف والأعباء ويحاول دوما تضخيم أعبائه بكل الوسائل والطرق.
2.التهرب عن طريق عمليات مادية وقانونية:
يعتمد هذا النوع من التهرب على ممارسة عمليات وهمية للحصول على محاسبة دون فواتير كما يمارس المكلف عدة نشاطات دون إعلام الإدارة الجبائية وهذا بإخفاء جزء من البضاعة هذا ليتم بيعها في السوق أو ما يعرف بالسوق الموازية.
أالتهرب عن طريق عمليات مادية:
يقصد به خلق وضعية قانونية تظهر مخالفة الوضعية الحقيقية.
ب التهرب عن طريق عمليات مادية:
يتمثل في إخفاء السلع أو مواد أولية التي في الواقع خاضعة للضريبة سواء كان هنا الإخفاء جزئي أو كلي.
•الإخفاء الجزئي: يتمثل في إخفاء جزء من أملاكه أو جزء من المخزونات التي هي في الواقع تخضع للضريبة ليعاد بيعها بعد ذلك في السوق السوداء.
•الإخفاء الكلي: يقوم أصحاب المشاريع بإنشاء مصانع صغيرة في المناطق الريفية ليصعب الوصول إليها وبالتالي الإنتاج المحصل عليه منها يباع دون فواتير ويسمى " الاقتصاد السري على الشرعي" بعيد عن كل مراقبة وهكذا تحرم خزينة الدولة من إيرادات مالية لتمويل مشاريعها.
التهرب عن طريق التلاعب في تصنيف الحالات القانونية.
-تصنيف مبيعات خاصة للضريبة إلى مبيعات معفية.
-توزيع الشركة لأرباحها على المساهمين شكل رواتب وأجور لينخفض بذلك معدل الضريبة حينما يتعلق بالرواتب والأجور.
المبحث الثالث: أثار التهرب الضريبي
الآثار الاقتصادية:
-كبح روح المنافسة بين المؤسسات الاقتصادية حيث نجد أن درجة الامتياز عن المؤسسات المتهربة منها على حساب المؤسسات التي تقوم بواجباتها الضريبية، فالمؤسسات التي تبحث عن تعظيم أرباحها باستعمال أنجع الطرق لأنها تجد أن التهرب الضريبي من أنجع الوسائل لتعظيم ربحها وبصفة سريعة.
مثال على ذلك: المؤسسات الخاصة حيث نجد أنها تريد الاحتفاظ بأموالها الهائلة دون أن يمسها أي اقتطاع ضريبي.
الآثار المالية:
الخسارة في الخزينة العمومية وفقدانها حصيلتها المعتبرة من المداخيل المتوقفة من وراء الحصائل الضريبية مما يؤدي هذا إلى التضخم النقدي لنسب الإصدار النقدي الذي ليس له مقابل إضافة إلى أنه يؤدي إلى ارتفاع نسبة الديون كطريقة تنتهجها الدولة لسد الفراغ الكبير المالي الذي يسببه التهرب في الخزينة العامة.
الآثار الاجتماعية والنفسية (بسيكولوجي):
-عدم المساواة الخاصة التهرب الضريبي يخل إخلالا كبيرا بفكرة العدالة في توزيع الضرائب إذ يتحمل العبء الأكبر منها دائما المكلفين الذي لا يستطيعون التهرب أو الحريصون على أداء واجبهم الاجتماعي والوطني في أداء الضريبة.
ومن الآثار أيضا:
تدهور الحس الجبائي لدى المكلفين.
تدهور عامل الصدق في المعاملات.
تعميق الفوارق الاجتماعية.
الفصل الثالث: وسائل محاربة التهرب الضريبي
المبحث الأول: الرقابة الجبائية:
تعد الرقابة الجبائية أحد أهم الإجراءات التي تسعى من ورائها الإدارة الجبائية إلى المحافظة على حقوق الخزينة، من خلال محاربة التهرب الضريبي، أو التخفف على الأقل من حدته.
فالرقابة تعتبر وسيلة للإدارة الجبائية للتأكد من صحة وسلامة المعلومات المدلى بها في تصريحات المكلفين، وتسمح أيضا بإرساء مبدأ أساسي للاقتطاعات، والمتمثل في وقوف جميع الممولين على قدم المساواة أمام الضريبة.
المطلب الأول: الإطار القانوني للرقابة
سعيا من طرف القانون للتنظيم عملية الرقابة، رسم المشرع الجزائري إطارا قانونيا، لا يمكن من خلاله لمحققين أو أعوان الجباية الحياد عنه لممارسة أي شكل من أشكال التعسف بحجة تطبيق القانون فأوجب عليهم بذلك إتباع إجراءات معينة لإتمام أو تنفيذ عملية الرقابة، وفي نفس الإطار فقد حدد القانون أشكالا وصور متتابعة ومتكاملة، وألزم المحقق إتباعها أثناء عملية الرقابة، وتتمتع الإدارة بصلاحيات وحقوق اتجاه المكلفين أثناء تحقيقها لمهمتها الرقابية لكن في إطار من الضمانات لحماية المكلف، باستبعاد الممارسات التعسفية اتجاهه بحجة أدائها لمهمة الرقابة، ومن بين هذه الحقوق:
حق الاطلاع.
حق الرقابة.
حق استدراك الأخطاء الإدارية، والضمانات الممنوحة.
الفرع الأول: حق الاطلاع
وهو الحق المخول للإدارة الجبائية أثناء ممارستها لمهمتها وذلك بالاطلاع على دفاتر المكلف ومستنداته وإذا اقتضت الضرورة يمكن أخذ نسخ الدفاتر والوثائق من طرف الغير "المؤسسات، الإدارات والهيئات الحكومية" وذلك لجلب أقصى المعلومات اللازمة لتحديد الوعاء الضريبي بطريقة دقيقة "المضافة" ويمكن الإشارة بأن حق الاطلاع يقتصر على مجرد الحصول على كشوف لكتابات ووثائق حسابية دون تعليق أو إجراء أية مقارنة كما لا يمكن أن يمارس إلا من قبل الأعوان الذين هم برتبة مراقب على الأقل مع خضوعهم لسر مهني، وفي حالة رفض المكلف لحق الاطلاع تطبق عليه العقوبات المزدوجة المنصوص عليها في المادة 314 من قانون الضرائب المباشرة والمادة 123 من قانون الرسم على القيمة المضافة.
-تطبيق غرامة جبائية من 1000 إلى 10000دج على كل من يرفض الاطلاع على الدفاتر والمستندات والوثائق المنصوص عليها قانونيا، وإتلافها قبل انقضاء مدة التقادم المحددة بـ: 10 سنوات.
-يطبق إلزام مالي قدره 50دج على الأقل عن كل يوم عن التأخير الذي يبدأ اعتبارا من تاريخ توقيع المحضر والمدة المحددة لإثبات الرفض، يتم الحكم بالغرامة والإلزام من قبل الغرفة.
الاطلاع لدى الإدارات والمؤسسات العمومية: يخضع لهدا الحق كل إدارات الدولة بما فيها الولايات، البلديات وكذا المؤسسات الخاضعة لرقابة الدولة، تتمتع الإدارة الجبائية بحق الاطلاع التلقائي اتجاه هيئات الضمان الاجتماعي، وهذه الأخيرة يتعين عليها سنويا أن توافي إدارة الضرائب عن كل طبيب بكشف فردي يعين فيه رقم تسجيل المؤمن لهم، والشهر الذي دفعت فيه الأتعاب والمبلغ الإجمالي لها وبإمكان الإدارة الجبائية أن تستعمل المعلومات التي تحصلها لدى السلطة القضائية أثناء رفعها الدعوات المدنية والجزائية والتي من شأنها أن تسمح بافتراضه تهرب مرتكب في المجال الجبائي.
الاطلاع لدى المؤسسات الخاصة: لتسيير مراقبة التصريحات المكتتبة من قبل المعنيين، يتعين على جميع المتصرفين في الأموال وجميع التجار وكل الذين تتمثل مهمتهم في دفع إيرادات عن قيم منقولة وكذا جميع الشركات، أن يقدموا لأعوان الضرائب الدفاتر اللازمة التي نص على مسكها القانون التجاري، وقد وضع هذا الأخير الجزاءات على كل من يعرقل استخدام الإدارة لحق الاطلاع سواء بالامتناع أو بإتلاف الأوراق والمستندات قبل انقضاء مدة التقادم التي تسقط حق الرقابة عليها المقدرة ـ 10 سنوات وذلك لمعاقبته بغرامة جبائية مبلغها يتراوح مابين 1000 إلى 10000دج كما ذكرنا آنفا، فحق الاطلاع كان ولا يزال أداة تدخل في كل عملية مراقبة وذلك إما بإتمام المعلومات المجودة بحوزة الإدارة أو للمراجعة، وذلك من المعلومات الموجودة المستخلصة من دراسة الملفات.
الاطلاع لدى البنوك: ينص القانون الجبائي على أنه لا يجوز للبنوك والإدارات أن تعترض على طلب الإدارة الجبائية بحجة السر المهني، ولأعوان الإدارة الجبائية حق الاطلاع على كشوفات المكلفين بالضريبة الموجودة لدى البنك وحسب التعليمة المؤرخة في 12-04-1992م من طرف المديرية العامة للضرائب فإن البنك ملزم إجباريا بتقديم كل الكشوفات التي يطلبها الجبائي.
الفرع الثاني: حق الرقابة
كون نسبة كبيرة من الضرائب الموجودة في النظام الجبائي تقوم على أساس تصريحات وإقرارات من طرف المكلف، وهذا الأخير الذي يبقى دوما متحريا في عين الإدارة الجبائية مما يستوجب (إخطار) إحاطتها بوسائل لتقدير مدى صحة الإقرارات من بين هذه الوسائل حق الرقابة الذي يتمثل في مجمل العمليات التي من شأنها التحقق من صحة ونزاهة التصريحات المقدمة ويأخذ حق الرقابة شكلين هما:
-التحقيق في المحاسبات عن طريق مجموعة من العمليات يكون الهدف من ورائها المعاينة في عين المكان للدفاتر والوثائق المحاسبية، ومقارنتها بعناصر الاستغلال للتأكد من صحة التصريحات المكتتبة من أجل تحديد وعاء الضريبة، ويستمد هذا النوع دعامته من نص المادة 190 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة.
-أما الشكل الثاني يتمثل في التدقيق المعمق لمجمل الوضعية الجبائية، والذي يهدف للكشف عن الفارق الموجود بين المداخيل المصرح بها من جانب، والوضعية المالية الحقيقية للمكلف من جانب آخر "نمط مستوى معيشته، ممتلكاته..."
وهذا ما نصت عليه المادة 131 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة.
كما يمكن استعمال كلا الطريقتين في آن واحد لأنه في الواقع أثناء إجراء التحقيق في المحاسبات المؤسسة ما يقوم المحقق في نفس الوقت بمعاينة وفحص الحالة الجبائية للمسيرين.
الفرع الثالث: حق استدراك الأخطاء
حق استدراك الأخطاء هو »هو الوسيلة الممنوحة للإدارة لإجراء التقويمات لنفس المدة ونفس الضرائب عندما يقدم لها المكلف عناصر غير كاملة وخاطئة « .
يتمثل هذا الحق في الإمكانية الممنوحة للإدارة الجبائية في إعادة النظر في الاقتطاع سواءً بتعديل أو بإنهاء اقتطاع جديد حيث نصت المادة 327 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة على أنه »يجوز استدراك خطأ يترتب سواء من نوع الضريبة أو مكان فرضها بالنسبة لأي كان من الضرائب والرسوم عن طريق الجداول « ، وقد حدد الأجل القانوني لاستدراك الأخطاء بأربع04 سنوات، كما جاء في الفقرة الأولى من المادة 326 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة »يحدد الأجل الممنوح للإدارة بأربع04 سنوات للقيام بتحصيل الجداول الضريبية التي يقتضيها استدراك ما كان محل سهو أو نقص في وعاء الضريبة « ونفس المدة بالنسبة لرسم على القيمة المضافة حسب ما جاء في نفس المادة 157 وتحدد نقضه البدء لهذه المدة كمايلي:
-فيما يخص وعاء الحقوق البسيطة والعقوبات المتناسبة مع هذه الحقوق، يبدأ الأجل اعتبارا من اليوم الأخير من السنة التي تم فيها فرض الرسوم على المداخيل.
-وبالنسبة لوعاء الغرامات الثابتة ذات الطابع الجبائي يبدأ الأجل اعتبارا من اليوم الأخير من السنة التي ارتكبت أثناءها المخالفة
-أما في مجال الرسوم المحصلة لفائدة المجموعات المحلية وبعض المؤسسات يبدأ سريان هذا الأجل من أول جانفي من السنة التي تفرض فيها الضريبة وقد تهد هذه الفترة أو ما يعرف بقطع التقادم.
إذا اعترض هذه المدة:
-دفع أقساط مسبقة على الضريبة.
-إيداع طلب تخفيض العقوبة.
-تبليغ النتائج المتحصل عليها على إثر إجراء تحقيق المحاسبات.
المطلب الثاني: صور الرقابة
تأخذ الرقابة الجبائية أشكالا وصورا عديدة يتوجب استعمالها في الوقت المناسب، وحسب أهميتها في حدود ما هو مقرر في التشريعات والتقنيات المنظمة لها والتي تتمثل في ثلاث أشكال متتابعة ومتكاملة هي:
-الرقابة الشكلية.
-الرقابة على الوثائق.
-الرقابة في عين المكان.
الفرع الأول: الرقابة الشكلية
هي أول عملية تخضع لها التصريحات المكتتبة وتشكل مجمل التدخلات التي تهدف إلى إحداث تصحيحات مادية للأخطاء والنقائص المرتكبة أثناء كتابة وتقديم المكلفين.
التصريحات، والتحقق من هوية وعنوان المكلف وكذا مختلف العناصر التي تدخل في تحديد وعاء الضريبة.
والغرض من هذا النوع من الرقابة هو التصحيح الشكلي للتصريحات دون إجراء أية مقارنة بين ما تحمله من محتويات محتويات، وتلك التي تتوفر لدى الإدارة، وتتم هذه الرقابة سنويا باعتبارها أول عملية مراقبة تخضع لها التصريحات، ولا تهدف إلى التأكد من صحة المعطيات والمعلومات التي تحملها، وإنما للكيفية التي قدمت من خلالها هذه المعطيات أو المعلومات.
الفرع الثاني: الرقابة على الوثائق
يعد هذا النوع من الرقابة ثاني إجراء تقوم به الإدارة الجبائية بعد الرقابة الشكلية يتجلى دور هذه الرقابة في مجموعة الأعمال والفحوصات الدقيقة التي تتم على مستوى المكتب، والتي تقوم من خلالها الإدارة بمقارنة المعلومات المصرح بها من طرف المكلف، والمعلومات المتحصل عليها من طرف الإدارات والهيئات والمؤسسات العامة أو الخاصة، والمتعلقة بالمعاملات أو الصفقات المبرمة بين المكلف وهذه الهيئات والتي تكون في شكل كشوفات تعرف بـBulletin de recoupement كمعلومات إضافية، وبإمكان المحقق طلب بعض التوضيحات والتبريرات من المكلف إذا لوم الأمر لا سيما المتعلقة بنمط المعيشة أو بعض الأعباء المخصوصة les charges de ductile .
أ-طلب المعلومات: يتسنى للمصلحة الجبائية التي تحقق في تصريحات المكلفين أن تتقدم بطلب المعلومات حول النقاط أو المسائل التي تشوبها غموض، ويمكن لهذه الأخيرة أن تكون كتابية أو شفوية لا تخضع المكلف بالضريبة إلى أي عقوبة في حالة عدم الرد على هذا الطلب، لكن قد تلجأ الإدارة إلى مراسلته من أجل التوضيح أو التبرير.
ب-طلب تبريرات وتوضيحات: تنص المادة 15 من قانون المالية لسنة 1996م على أنه »يحقق المفتش في التصريحات ويطلب التوضيحات والتبريرات كتابيا كما يمكن أن يطلب الاطلاع على الوثائق المحاسبية المتعلقة بها « ، يستوجب في الطلبات المكتوبة أن تبين بوضوح المسائل التي يرى المفتش أنه من الضروري الحصول على توضيحات أو تبريرات من شأنها، ويحدد المكلف بالضريبة أجلا لا يقل عن 30 يوما من أجل تقديم رده، وإذا ما انقضت هذه المدة دون أي رد يحدد المفتش أساس فرض الضريبة، وفي حالة عدم تجاوب هذه الإجراءات مع التساؤلات المطروحة ويلجأ المحقق إلى نوع أخر من الرقابة والمتمثلة في الرقابة بعين المكان.
الفرع الثالث: الرقابة بعين المكان
على خلاف الرقابة على الوثائق، فإن الرقابة بعين المكان تتم خارج مكاتب الإدارة الجبائية، مما يسمح لهم بالتنقل إلى المقرات المهنية لإجراء بحوث ميدانية، من أجل التأكد من صحة ودراسة المعلومات المصرح بها، وهذا بمقارنتنا مع العناصر الخارجية.
وتظهر صورة هذه الرقابة في إجراء المفتش لخصوصات تخص العناصر المادية للاستغلال الخاص بالمؤسسة عن طريق متابعة تحركات البضائع في مختلف مراحل التسويق ، ومراقبة الصفقات التي تتم بين المنتجين والمسوقين... حيث يعتبر هذا الإجراء الوسيلة الوحيدة الممكنة لمعرفة رقم الأعمال الحقيقي، وقد اعتبرها “T.LAMBERT” بأنها » تتضمن الدراسة الحقيقية التي وراء المظاهر وليست نشاط الرقابة المادية لهذه المظاهر» .
تعد هذه الطريقة أكثر فعالية بالنسبة للإدارة الجبائية حيث تساعدها على التأكد من صحة التصريحات وكشف حالات التهرب ، ولقد كرس النظام الجبائي الجزائري هذا النوع من الرقابة ليشمل التحقيق المحاسبي والتحقيق المعمق لمجمل الوضعية الجبائية VASEF .
الفصل الرابع: التحقيق الجبائي
تخول التشريعات الجبائية للإدارة حق ممارسة التحقيق المحاسبي، والتحقيق المعمق المجمل الوضعية الجبائية بهدف التأكد من مدى صحة التصريحات المقدمة من طرف المكلفين. ويأتي هذا الإجراء للقضاء على ظاهرة التهرب الجبائي.
المبحث الأول: التحقيق المحاسبي:
يسمح هذا التحقيق للإدارة الجبائية بالتأكد من صحة وقانونية الكتابات المحاسبية ومقارنتها مع الوضعية الحقيقية للنشاط الممارس، حيث يخرج التحقيق المحاسبي من إطاره الضيق المتمثل في المراجعة الشكلية للملفات إلى مراجعة لكل الدفاتر والوثائق المحاسبية بعين المكان، هذا ما أكدته المادة 190 من قانون الضرائب المباشرة على أن (التحقيق المحاسبي عبارة عن مجموعة من العمليات التي تهدف إلى فحص في عين المكان الملفات المحاسبية مقارنتها بعناصر الاستغلال واستثناءا قد نصت المادة 113 من قانون الرسم على رقم الأعمال على أنه (يجب أن يتم التحقيق في الدفاتر المحاسبية في عين المكان، ما عدا إذا تم تقديم الكلف طلبا مكتوبا يقضي بعكس ذلك وتم قبوله من طرف المصلحة، أو في حالة قوة قاهرة مثبتة قانونا من طرف المصلحة. لا يمكن للإدارة الجبائية ممارسة التحقيق المحاسبي إلا على المكلفين الملزمين بمسك الدفاتر والوثائق المحاسبية التي فرض القانون التجاري والجبائي مسكها. أي أنه بغياب هذه الوثائق لا يمكن إجراء هذا النوع من التحقيق هذا من جهة، من جهة أخرى لا يمكن مباشرة التحقيق إلا من طرف أعوان الإدارة الجبائية الذين لهم على الأقل رتبة مراقب.
المطلب الأول: التحضير للتحقيق
يتجسد هذا الإجراء إلى لجوء العون المحقق الذي يجب أن لا تقل رتبته عن مراقب بأعمال تمهيدية تسمح له بأخذ صورة مستوفية وكاملة عن المكلف المعني بعملية المراقبة.
ويتمثل هذا الإجراء بسحب ملف هذا الأخير أو ما يسمى « Dossier Unique »الذي يشمل على جميع الوثائق والمعلومات المتعلقة بنشاطه. وكذلك كل التصريحات الخاصة بجميع الضرائب والرسوم الخاضعة لها وبعد جمع كل الوثائق والمعلومات التي يستوفيها ملف المكلف يقوم العون المحقق بدراستها ذلك للتأكد من أنها كاملة وصحيحة مع مسك وثائق ضرورية لسير مهمته على أحسن وجه منها:
•بيان مقارن بين ميزانيات المؤسسة (الأصول والخصوم).
•بيان محاسبي من خلال جدول حسابات النتائج.
•رقم الأعمال المعلن عنه، رقم الأعمال المعفى، التخفيضات المطبقة والرسوم المسددة. كما يجب التأكد من:
الدخل الإجمالي المصرح به من طرف المكلف المعني بالمراقبة. وكذلك فحص مدى ترابط عناصر المعيشة مع الدخل المصرح به.
ومن أجل الإحاطة الكبرى بملف المعني بالمراقبة، يمكن لعون المراقب القيام ببحوث خارجية التي يمكن أن تتم على عدة مستويات منها:
•البنوك والمصارف من أجل مراقبة حركة الأرصدة.
•مصالح الجمارك فيما يخص المؤسسات المصدرة والمستوردة ( تصاريح جمركية D3 ).
•الإدارات العمومية.
•الزبائن.
بعد إتمام المحقق كل هذه الأعمال السالفة الذكر، يأتي إعلام المكلف بالضريبة كآخر خطوة وهذا بإرسال إشعار بالتحقيقات Avis de Vérification من أجل الشروع في التحقيق المحاسبي الدقيق، كما يمكن القيام بزيارة مفاجئة في حالة الدراسة المسبقة للمكلف التي أظهرت تشويهات خطيرة للمكلف أو علم المحقق بوجود محاسبة خفية حيث يخشى المحقق إخفاءها من طرف المكلف إذا تم إعلامه وكذلك في حالة رغبة الإدارة الجبائية إجراء جرد حقيقي للمخزون. فهذه الزيارة المفاجئة لا يمكن أن تتم إلا بحضور مدير المؤسسة شخصيا وفي الأوقات المخصصة للعمل.
المطلب الثاني: التحقيق
تنص المادة 140 من قانون الضرائب على أنه لا يمكن البدء في إجراء التحقيق المحاسبي دون أن يتم إشعار المكلف بذلك مسبقا عن طريق إرسال إشعار بالتحقيق أو تسليمه له وأن يستفيد من أجل أدنى للتحضير مدته 15 يوما ابتدءا من تاريخ إرسال الإشعار.
يجب أن يبين الإشعار بالتحقيق مايلي:
•تاريخ ووقت بداية التحقيق.
•مدة التحقيق.
•الحقوق، الضرائب، الرسوم وكذا الوثائق التي يطلع عليها.
يمكن إجراء رقابة مفاجئة دون إشعار المكلف. ذلك من أجل المعاينة الحقيقية وفي هذه الحالة يسلم الإشعار بالتحقيق مع بداية التحقيق فغياب الإشعار بالتحقيق يلغي تماما إجراء التحقيق باستثناء (الزيارة المفاجئة) التي يسلم الإشعار وقت الزيارة يقوم المحقق منذ اليوم الأول من انقضاء المدة المحددة بـ15 يوما بالاتصال مع مسيري المؤسسة بعين المكان ويستفسر عن طبيعة العمل والنشاط الممارس مع زيارة أماكن الإنتاج، التخزين، المحلات المهنية التي تسمح له بأخذ نظرة شاملة حول الوضعية الحقيقية للمؤسسة حيث يجب جمع كل المعلومات المتعلقة بـ:
•النشاط الرئيسي والثانوي للمؤسسة.
•سعر التكلفة، أسعار البيع المطبقة فعلا ودوران المخزون.
•وسائل النتاج المستعملة.
•زبائن المؤسسة ومورديها.
•صلة المؤسسة مع الفروع الأخرى، الشركة الأم وفروعها.
بالإضافة إلى كل هذا يجب على المحقق التأكد من الصحة الشكلية للمحاسبة. ذلك بأنها تلم جميع الوثائق والمستندات القانونية التي ينص علها القانون التجاري في المواد من 09 إلى 11 والمتمثلة في دفتر اليومية livre journal حسب المادة 09، دفتر الجرد livre d’inventaire حسب المادة 10.
زيادة على ذلك يجب التأكد من مطابقة الكتابة الموجودة بهذا الدفتر مع الوثائق التبريرية بعد الدراسة الشكلية للمحاسبة. يجب التطرق إلى الدراسة الموضوعية أي في مضمون المحاسبة من بينها حساب المشتريات والمبيعات والمخزونات كونها المصدر الأول والأساسي للتهرب وعلى هذا فإنه من الضروري على المحقق مراجعة هذه الحسابات الثلاثة.
1.حساب المشتريات.
2.حساب المبيعات.
3.حساب المخزونات.
المطلب الثالث: نتائج التحقيق
تعتبر آخر مرحلة في التحقيق المحاسبي. فبعد قيام العون المحقق بالتحقيق يتوصل إلى نتائج مهمة قد تكون مخالفة لتصريحات المكلف. وهنا يوجد مجال لإحداث بعض التعديلات في القاعدة الضريبية أو قد تكون هذه النتيجة مطابقة لتصاريح المكلف وفي هذه الحالة يعد من الضروري إجراء تعديلات بإتباع الإجراءات العادية للتقويم بنوعيه الأحادي والثنائي.
-التقويم الثنائي: هذا النوع من التقويم يتم في حالة امتثال المكلف بالتزاماته الجبائية أو المحاسبية كتقديم التصاريح في وقتها المحدد... ولكن بعد التحقيق تبين وجود نقائص أو الإخفاءات التي تدخل في تحديد الأساس الضريبي إذ تقوم الإدارة الجبائية بتصحيح القاعدة الضريبية مع تمكين المكلف من الاستفادة بالمشروعات إذا طلب ذلك والاستماع إلى أقواله، ويبدأ الإجراء بإشعاره بالتقويم المراد إتباعه مع حمايته بقدر معين من الضمانات.
-إعلامه بالطرق المتبعة في إجراء التقويم.
-إمكانية استعانة المكلف بمستشاره القانوني من أجل دراسة الاقتراحات الإدارية وتقديم ملاحظاته.
-يجب استعانة المكلف بتقويم مفصل بصفة كافية تسمح للمعني تقديم ملاحظاته حيث تمنح له مدة 40 يوما.
-التقويم الأحادي: هذا النوع من التقويم يتم من طرف الإدارة الجبائية فقط، ويطبق في حالة ما إذا لم يؤد المكلف واجباته الجبائية والمحاسبية في أوقاتها وهنا تباشر الإدارة هذا التقويم عن طريق الإجراءات الآتية:
إجراء الفرض الضريبي.
إجراء التعديل التلقائي.
إجراء التقديم الفوري.
ومنه فإن معطيات المحاسبة تعتبر من أهم المعطيات التي تحدد القاعدة الضريبية فبعد إحداث التعديلات والتصريحات في المعلومات التي تضمنتها عملية المحاسبة لا يمكن الرفض الجزئي أو الكلي للمحاسبة إلا في الحالات الآتية التي نصت عليها المادة 119 من قانون الضرائب المباشرة.
عندما لا تحتوي المحاسبة على أي قيمة مقنعة بسبب انعدام الوثائق الثبوتية.
عندما تتضمن المحاسبة أخطاء أو إعفاءات، أو معلومات غير صحيحة، خطيرة، متكررة في عمليات المحاسبة.
المبحث الثاني: التنسيق في إطار محاربة التهرب الضريبي
لقد أدى التوسع الضريبي ببعض المتعاملين انتحال أساليب وطرق جديدة للتخلص من دفع التزاماتهم الجبائية، هذا ما زاد في توسيع حلقة التهرب وأصبحت الإدارة الجبائية غير قادرة وحدها على مجابهة هذه الآفة. مما استوجب وضع سياسة منسجمة لمحاربة هذا المرض تقوم على التنسيق بين الإدارات (الضرائب، الجمارك، التجارة) وهي ما تعرف بلجان التنسيق والتي بدورها تقوم بتكوين فرق مختلطة تعمل على مستوى كل ولاية ولهذا فإن أعوان إدارة الضرائب الذين لهم رتبة مراقب على الأقل، يتمتعون بصلاحية الوقوف أمام كل أوجه، وأساليب التهرب مستعينين في ذلك بالمعلومات التي تحوزها الإدارات الأحرى.
يرتكز التنسيق بين المصالح الإدارية على:
1.تنشيط وتوحيد نشاط الإدارات بلجان التنسيق.
2.استغلال وصول التوريد وتبادل المعلومات.
المطلب الأول: تنسيق الرقابة بين الإدارات (جبائية، تجارية، جمركية)
نظرا لتفاقم ظاهرة التهرب الضريبي في وقتنا الحالي وما سببته من خسائر كبيرة للخزينة العامة التي قدرت حسب تقارير إدارة الضرائب في سنة 1995م بـ 50 مليار دينار السبب الذي انعكس سلبا على الاقتصاد الوطني، لا سيما وأن الجزائر شرعت في تطبيق نظام اقتصاد السوق الذي يتأسس على حرية التجارة مما زاد في عدد المستوردين، الأمر الذي قد يزيد من نسبة التهرب الضريبي وقصد زيادة مردودية الإدارة الجبائية وإعطائها وتيرة تسمح لها بمسايرة التحولات الاقتصادية، والدور المنوط بها في التنمية الاقتصادية وفي إطار دعم مكافحة التهرب الضريبي بات من الضروري وضع سياسة منسجمة تقوم على التنسيق بين الإدارات المعنية (تجارة، جمارك، ضرائب). لأن الكثير من الاقتصاديين يرجعون المشكلة الرئيسية للتهرب الضريبي إلى عدم وجود تنسيق محكم بين الإدارات على المستوى المركزي، الجهوي، وكذا الولائي.
ولهذا فقد تم إنشاء هذه اللجان التي تقوم بالتنسيق بين الإدارات المعنية بموجب قرار بين الوزارات رقم 23 بتاريخ 23 جانفي 1994 والذي تم نشره لتطبيق التعليمات رقم 431 بين MF/DGI/DOFولقد تم تعديل هذا القرار بقرار آخر صادر في 22/02/1995م والذي تم نشره في نفس اليوم.
المطلب الثاني: أشكال التنسيق بين الإدارات الجبائية والإدارات الأخرى
إن نقص أو غياب المعلومات أو البيانات الخاصة ببعض المكلفين يعد سببا يعرقل الإدارة الجبائية في تأدية مهامها على أحسن ما يرام وعلى أحسن وجه ولوضع حد أمام كل هذه الصعوبات من أجل توجيه البحث والمراقبة أصبح توطيد العلاقة بين الإدارات أو الهيئات الأخرى أمرا حتميا ذلك يرجع إلى أن هذه الإدارات أو الهيئات يمكن أن تساعد في تبادل المعلومات الموجودة بحوزتهم ووضعها تحت خدمة المصالح الجبائية المختصة.
إن وضع سياسة منسجمة لمحاربة التهرب الضريبي يتطلب التنسيق بين الإدارات المعينة التي يمكن أن يرتكز على النقاط الآتية:
-التنسيق في برامج التدخل بعين المكان، خاصة في إطار تدخل الفرق الموحدة ضرائب، جمارك، تجارة ومصالح الأمن.
هذا الإجراء يعد ضروريا خاصة عندما يتعلق الأمر بالبحوث الخارجية المنظمة لكشف الأنشطة المخفاة " اقتصاد سري" والأشخاص الذين يمارسونها.
هذا التدخل المشترك يمكن أن يسفر عن نتائج إيجابية انطلاقا من المعلومات المجمعة لدى كل هيئة أو إدارة يمكن استغلالها للخروج بنتيجة مشتركة و مقنعة، مع الدعم اللازم للقوة العمومية التي تلعب دور هام في تشخيص المتهربين الموجودين في المناطق أوالأحياء التي يصعب التوغل فيها.
التنسيق الثنائي، دائما وفي مجال التنسيق بين الإدارة الجبائية والإدارات الأخرى وفي إطار تبادل المعلومات عن الوضعية المالية الحقيقية للمكلفين يمكن ذكر الأمثلة الآتية:
-التنسيق بين الإدارة الجبائية ومصالح الجمارك.
من واجب الإدارة الجبائية في أغلب الأحيان اللجوء إلى مصادر لمدها بالمعلومات اللازمة لمصالح الجمارك باعتبارها حلقة وصل بين الداخل والخارج ونظرا لما لها من إمكانيات استقصاء المعلومات قيمة بشأن حركة رؤوس الأموال والتحويلات المشبوهة من قبل المؤسسات المالية، كل ذلك من أجل كشف حالات التهرب الضريبي، زيادة على ذلك يجب على مصالح الجمارك التبليغ التلقائي بكل المعلومات التي تخص الإستيرادات الخاصة بالمكلف.
- التنسيق مع مصالح التجارة قصد وإيجاد تجاوب من شأنه أن يقلل من حالات التهرب، أصبح من الضروري التنسيق بين الإدارة الجبائية والمصالح التجارية خاصة مديرية المنافسة والأسعار ومديرية الإحصاءات التي تساعدها في التبليغ عن المخالفات التي يرتكبها بعض المكلفين بالضريبة، التي تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى التبليغ عن أسعار السلع والخدمات.
الــخــاتــمــة:
إن مكافحة التهرب الضريبي ليس بالأمر الهين، نظرا للأشكال التي يتخذها والتقنيات المتبعة من طرف المكلفين في استعمال الطرق الاحتيالية، ولمجابهة التهرب الضريبي يجب معرفة الدوافع التي تحمل المكلف للجوء إلى مثل هذه الظواهر والتي قد تكون الوضعية الاقتصادية المزرية وعدم مرونة واستقرار القوانين، وضغط جبائي مرتفع ونفسية متردية وعقلية متخلفة تنظر إلى الضريبة بمنظار مشوه فتح الباب على مصراعيه أمام المكلف للتخلص من الضريبة.
وإذا كانت الرقابة الجبائية من أنجع الوسائل لمحاربة التهرب إلا أنها تبقى قاصرة وهذا لنقص الوسائل المادية والبشرية خاصة الكفاءات العليا في الميدان المحاسبي والقانوني.