[b]مقدمة:
لقد توصل الإنسان من خلال ملاحظاته العلمية ، أن للكائنات الحية خصائص تميزها عن غيرها من المخلوقات، وأن النبات من هذه الكائنات مزود بقدرة عجيبة جعلته يعيش في ظروف مختلفة من الحرارة والبرودة، فمنها مالايناسبه سوى الأجواء الاستوائية الحارة، وأخرى لاتعيش إلا في قمم الجبال العالية الباردة، وبعضها الآخر لا يألف العيش إلا في أحضان الأنهار وضفافها ومن خلال تلك الملاحظات، استطاع الإنسان أن يقسم هذه النباتات حسب حاجتها من البيئة إلى نباتات شتوية كالملفوف والقرنبيط والسلق، ..الخ. وهي نباتات تتحمل درجات منخفضة من الحرارة، وإن بعضاً منها لايتحمل الصقيع، وإلى نباتات صيفية كالبندورة والباذنجان والخيار والبطيخ الخ.. مما جعل الإنسان أن يزرع هذه النباتات في أوقاتها المناسبة للإنتاج.
التقدم العلمي الذي حدا بالإنسان أن يتعرف على احتياجات هذه النباتات من الحرارة المناسبة والرطوبة..الخ جعل منه أن يوفر هذه الأجواء الاصطناعية للنبات وبالتالي ليحصل على محاصيل الخضراوات الصيفية في غير زمن وجودها الطبيعي، وهكذا استطاع الإنسان أن يقيم الزراعة العلمية مقام الزراعة التقليدي والتي استطاعت أن تقدم للجنس البشري، وأن تجمع له على مائدته خضراوات الصيف والشتاء في سائر أوقات السنة وفصولها.
لذلك فإنتاج محاصيل النبات في غير وقتها الطبيعي بتوفير حاجاتها صناعياً وضمن غرف بلاستيكية يعتبر فتحاً جديداً في عالم الزراعة، وإننا لننتظر الجديد من الكشف العلمي في مجالات أخرى.
تطور الزراعة المغطاة:
بدأ الإنسان بالزراعة المغطاة في إنتاج شتول الخضراوات بزراعة البذور في أحواض ذات اتجاه معين حيث يستفيد من الأشعة الشمسية لأطول فترة من النهار، خلال أيام الشتاء.
ويغطيها السماد العضوي الذي يمنحها الدفء بالليل، كما أن الأحواض تغطى ببعض جذوع الأشجار الصغيرة مع بعض الأعشاب البرية لتحول دون وصول الحرارة المنخفضة إلى البادرات الصغيرة، وتقضي عليها، بالإضافة إلى إشعال الوقود بالقرب من هذه المشاتل ليحول دون وصول الصقيع إلى نباتاتها في الأيام الخالية من الغيوم والتي يتوقع حصول الصقيع بها. وقد كان بعمله هذا يحصل على إنتاج باكوري إلى حد ما.
ومن خلال تلك الاستفادة التي يحصل عليه الإنسان، طور عمله فأصبح يغطي الأحواض، بألواح زجاجية بدلاً من الأعشاب، الأمر الذي ساعد في الحصول على شتول جيدة النمو، وقد لمس الإنسان تلك الاستفادة، وجدوى ذلك العمل الذي فاق بنتائجه ماسبق، فانتشرت البيوت الزجاجية، واستخدمت في أغراض التربية والتهجين لبعض النباتات، وتطورت معداتها وأجهزتها، واستخدمت فيما بعد للإنتاج الباكوري، ولم تزل تستخدم في بعض أنحاء العالم، إلا أن تكاليف إنشائها المرتفعة، وعدم تمكن أي امرئ من إقامتها، مكنت الإنسان وجعلته يستخدم البلاستيك لأغراض التغطية، وكانت أول تجربة خلال عامي 1954-1955 في الولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا، ومنذ ذلك التاريخ والعلماء المختصون عاكفون على دراسة البيوت البلاستيكية وإمكانية زراعة الخضراوات والزهور ضمنها، وقد توصلوا إلى إمكانية استبدال البلاستيك مكان الزجاج في الزراعة مع تغيير شكل الهيكل، وتطور استخدامه، فقد كان يستعمل في أغراض التغطية بالإنفاق المنخفضة لإنتاج الشتول، ومن ثم استخدمت البيوت البلاستيكية الثابتة والمتنقلة لأغراض الزراعة الواسعة، والإنتاج الكثيف للمحاصيل الاقتصادية، وأصبحت كافة العمليات الزراعية تنفذ ضمن البيت آلياً.
هذا وإن معظم دول أوروبا المحاذية للبحر الأبيض المتوسط، وبلاد الشرق الأوسط ذات المناخ المعتدل تعتمد هذه الزراعة في إنتاج الخضراوات بشكل رئيسي والزهور، وتصدر الفائض من الإنتاج إلى دول شمالي أوروبا، وتقدر الزيادة السنوية في إنشاء البيوت البلاستيكية في كل من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا بـ15-20% وقد دخلت هذه الزراعة إلى القطر العربي السوري في عام 1976 وهي الآن في تطور على مستمر، وازدياد في المساحة والإنتاج، لأن المزارع أخذ يلمس فائدتها في الإنتاج الزراعي.
تعريف الزراعة المغطاة:
هي إنتاج الخضراوات والزهور ضمن أنفاق أو غرف بلاستيكية أو زجاجية مدفأة بالأشعة الشمسية أو المدفأة ، مع تأمين حاجة النباتات البيئية وحمايتها من التيارات الهوائية، ومن الآفات الزراعية، بهدف تزويد الأسواق بمنتجاتها خارج أوقات مواسمها الطبيعية.
مميزات الزراعة المغطاة:
تمتاز الزراعة المغطاة عن الزراعة بالعراء بمايلي:
- تقدم خضراوات وزهور خارج موسمها الطبيعي وفي وقت انعدامها.
2- مواصفات المنتجات جيدة، حيث أنها أنضر شكلاً وأقل تلوثاً بذرات التراب الخ.. مما يساعد على استهلاكها بأكملها، ومما يزيد من ربح هذا النوع من الزراعة.
3- تقلل أو تمنع الخسائر التي تنتج من تغير الأحوال الجوية، لذا فهي تعتبر ضماناً ضد عوارض البيئة الطبيعية في حال توفر الإدارة الناجحة.
4- إن إنتاجية وحدة المساحة يفوق الزراعة في العراء بكثير.
5- يمكن تكثيف الإنتاج الزراعي بحوالي 200% من جراء استخدام التغطية الحديثة في الزراعة، مما يؤدي إلى تأمين حاجة السوق، وتصدير الفائض وبالتالي إلى توفير العملة الصعبة.
6- زادت من الوعي الغذائي لدى الفرد من جراء تواجدها في غير أوقاتها.
7- تسمح بوضع برنامج دقيق للإنتاج، ومن هنا يمكن التعاقد على بيع المنتجات بانتظام.
العوامل الرئيسية لنجاح الزراعة المغطاة:
1- أن تكون التربة المراد إقامة البيوت البلاستيكية عليها ذات قوام خفيف وخصبة، عميقة وجيدة الصرف، ومستوية ، خالية من الأملاح.
2- أن تكون المنطقة المراد إشادة البيوت البلاستيكية عليها خالية من التيارات الهوائية الشديدة ، وأن تتوفر فيها مصدات رياح جيدة طبيعية أو صناعية.
3- أن تكون البيوت البلاستيكية بعيدة عن الظل تماماً بمسافة لاتقل عن 5 م.
4- توفر مصدر مائي كافي للري.
5- أن يكون الموقع في مكان يسهل به تأمين الأيدي العاملة .
6- أن يكون الموقع قريباً من أماكن تصريف الإنتاج، كالمدن الكبيرة، بحيث يكون لديها المقدرة على امتصاص أغلب الإنتاج.
7- توفر مصدر كهربائي إضافي لتأمين التدفئة والتهوية باستمرار، حتى لاتتعرض النباتات للتلف من جراء انقطاع التيار الكهربائي.
8- توفر قطع التبديل للمدفآت وأجهزة الري، وهياكل البيوت في الأسواق المحلية القريبة.
9- اختيار الصنف الملائم للذوق المحلي وذو إنتاجية عالية.
10- اختيار الموعد الملائم للإنتاج.
11- توفر مواد الزراعة اللازمة كالأصص ، التورب، الأسمدة ، المرشات ، الخ..
12- الرقابة الصحية الجيدة للنباتات، لكون هذه الزراعة ضمن ظروف صناعية لها مشاكلها الخاصة بها، ولايمكن التعرف عليها إلا من أصحاب الخبرة في هذا المجال. وإن انتشار أية آفة ضمن البيوت من الصعوبة التحكم بها فيما بعد، كما أن توفر الخبرة الجيدة تساعد على التخلص من الكثير من المشاكل في بدايتها وقبل استفحال أمرها.
الخطوات الرئيسية للإنتاج تحت الأغطية:
بعد اختيار موقع الزراعة وفق ماتم ذكره سابقاً ، يجب الانتباه، وتنفيذ مايلي للحصول على أفضل النتائج:
أولاً: إعداد وتجهيز الأرض للزراعة:
يجب أن تكون التربة خفيفة ومفككة وجيدة الصرف وخالية من الريزومات ومن الأعشاب، إذا يجب نقب التربة إن كان نوعها تربة طينية، وتنقى من ريزومات الحشائش ومن بقايا المحصول السابق في حال استخدامها لأول مرة ويجري تنعيمها بالديسك، وبعد ذلك تقام هياكل البيوت البلاستيكية عليها.
ثانياً: تعقيم التربة:
بعد إقامة الهياكل وإضافة الأسمدة المقررة لكل بيت، يجرى تعقيم لتربة البيوت البلاستيكية التي تعتبر أهم عملية زراعية في القضاء على الآفات الضارة الموجودة في التربة، وتنفذ العملية بعدة طرق منها:
1- التعقيم بالحرارة: وهي طريقة جيدة إلا أنه يعاب عليها أنها تقضي على كافة الكائنات الحية الموجودة في التربة، ومنها النافعة وذات تكاليف كبيرة خاصة إذا كان عدد البيوت قليلاً.
2- التعقيم باستعمال بعض المواد الكيماوية: وفيما يلي شرحاً لأهم هذه المواد:
أ- التعقيم باستعمال بروميد الميثيل: إن مادة بروميد الميثيل عبارة عن مادة غازية تنتشر في التربة، وتكون معبأة ضمن اسطوانات غازية كبيرة أو ضمن علب صغيرة، تزن الواحدة حوالي 680 غ ، وتستعمل هذه المادة للقضاء على كافة بذور الأعشاب والفطريات والنيماتودا الموجودة في التربة.
تستخدم في التربة المفلوحة وذات الرطوبة المناسبة وتستعمل بنسب تتراوح 50-100 غ/م2 حسب نوع التربة وإصابتها بالآفات المذكورة أعلاه ويمكن زراعة التربة بعد تعقيمها بـ3-4 يوم لاتستعمل هذا المادة لتعقيم التربة المراد زراعتها بشتول القرنفل أو الغريب ولاينصح باستعمال هذه المادة من قبل أي شخص لكونها مادة سامة وخطرة جداً، وإن أي تسرب للغاز من خلال الغطاء البلاستيكي يؤدي إلى هلاك العامل الزراعي، لذا ينصح العمال المنفذين بارتداء الأقنعة الواقية والكفوف المطاطية مع لبس الأحذية المطاطية لحمايتهم من خطر هذه المادة على أجسامهم.
ب- الفابام : مادة مطهرة كيماوية سائلة تستعمل للقضاء على أمراض الذبول المستوطنة في التربة والديدان الثعبانية، وبالإضافة إلى القضاء على بذور بعض الأعشاب والحشائش الموجودة في التربة، وتستعمل هذه المادة بمعدل 100 سم3 منها لكل 2 ليتر ماء، ترش في 1 م2 من التربة المفلوحة والمستحرثة وبعد نثر المادة بشكل متساوي على كامل المساحة ترش بالماء حتى يصل عمقه إلى 20 سم في التربة، وتغطى التربة بالبلاستيك، وتغلق الأبواب والنوافذ وتترك حوالي 20 يوم ، ثم تحرث بمحراث معامل سلاحه بالمادة ذاتها حتى تتطاير أبخرتها، ولاينصح بزراعة التربة قبل مرور شهر على بداية التعقيم.
وهذه المادة مخرشة للأنسجة المخاطية وتسبب سيلان الدموع، لذا ينصح القائمون على العملية بلبس الأقنعة الواقية والكفوف والأحذية المطاطية.
ت-البازاميد : مادة البازاميد عبارة عن مسحوق ناعم شبيه بمادة سلفات الأمونيوم، تستعمل بمعدل 50-60 غ للم2 من التربة، حيث تنثر على التربة بشكل منتظم ويخلط بها بواسطة الكالتيفاتور ثم تسقى التربة بواسطة مياه الري أو بمرش كبير لترطيب الجزء العلوي من التربة، وتغطى بالبلاستيك بعد ريها حتى يتم التعقيم بشكل جيد، ويمنع دخول العمال إلى داخل البيت خشية استنشاقهم الأبخرة المتصاعدة وتسممهم.
تعزق التربة بعد ثلاثة أسابيع من تعقيمها ، وتترك حوالي الشهر للتهوية ولتصاعد أبخرة المادة منها.
ثالثاً: اختيار الصنف الملائم:
يلعب الصنف دوراً هاماً في الإنتاج تحت الأغطية وتنتج شركات إنتاج البذور أصنافاً عديدة للمحاصيل الزراعية تحمل أسماء تجارية مختلفة، ولايمكن التعرف على هذه الأصناف ومواصفاتها إلا من خلال التجربة والبحث والرجوع إلى المختصين في هذا المجال.
هذا ولكل محصول من محاصيل الخضراوات التي تزرع ضمن البيوت البلاستيكية مواصفات إنتاجية خاصة به يجب الانتباه إليها حين زراعة المحصول قبل شراء البذار، كما ويجب التعرف على الذوق المحلي وحاجة السوق المحلية أيضاً حتى يتم اختيار الصنف الملائم في الشكل والحجم والصلابة وقابليته للتصدير، بالإضافة إلى مواصفات أخرى من حيث مدى مقاومة الصنف للأمراض الخطرة والمستوطنة في التربة ومواصفات النمو الخضري للنباتات الخ..
وسنشير إلى مواصفات أهم محصولين من الخضراوات يزرعان ضمن البيوت البلاستيكية وهما:
البندورة:
الشروط الواجب توفرها في الصنف التجاري الذي يزرع ضمن البيت البلاستيكي:
1- يجب أن يكون النمو الخضري كثيفاً.
2- يجب أن يكون حجم الورقة متوسطاً.
3- أن تكون الثمار ملساء مستديرة أو مفلطحة.
4- أن تكون الثمار عديمة التفصيص.
5- أن تكون الثمار قليلة البذور.
الإصابة بالنيماتودا - لاحظ العقد المتشكلة على الجذور
6- أن تكون الثمار حمراء اللون
7- أن يكون اللحم سميكاً
8- أن تكون متوسطة إلى كبيرة الحجم.
9- أن تكون السرة أثرية.
10- أن يكون عنق الثمرة سطحياً أو صغيراً.
11- أن تتحمل الثمار الشحن إلى مناطق بعيدة – صلبة – وهذا يتوقف على سماكة اللحم ونسبة العصير في الثمرة بشكل عكسي.
12- أن تتحمل أو مقاومة لأمراض الذبول والنيماتودا.
13- أن يكون الإنتاج متجانساً في مواصفاته من بداية الموسم لنهايته في الشكل والحجم.
14- أن يكون الإنتاج غزيراً.
15- أن يكون النمو غير محدود حتى يعطي الإنتاج لأطول فترة ممكنة.