"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" *** يُنصَبُ حول العرش يوم القيامة منابِر من نور عليها قوم لباسهم من نور ووجوههم نورليْسُوا بأنبياء ولا شهداء....يغبِطهم الانبياء والشهداء...هم المتحابون في الله على غير انساب بينهم ولا أموال يتعاطونها .
البلد : عدد المساهمات : 1708 الجنس : نقاط : 3720 السمعة : 29 العمر : 56
موضوع: منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها السبت فبراير 11 2012, 10:14
منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها
مقدمة
لم يقف اهتمام المشرع في مختلف دول العالم على رعاية الطبقة العاملة عند تنظيمه لعلاقات العمل الفردي ـ ة و الجماعية على النحو الذي يعيد التوازن إلى علاقاتهم بأصحاب العمل و يرفع عنهم الغبن و الظلم و الذي لحق بهم في أعقـاب الثورة الصناعية ، بل عمد إلى تأمين العمال من المخاطر التي تهددهم في مورد رزقهم كالمـرض
و العجز و الوفاة و قد أطلق عليها اسم<<الأخطار الاجتماعية>>، كما أطلق على الأنظمة القانونية التي وفرت للعمال الحماية منها اسم <<التأمينات الاجتماعية>> و بعد الحرب العالمية الثانية جمعت هذه النظم في نظام واحد عرف باسم<<الضمان الاجتماعي>> و لم يصبح قاصرا على العمال فقط، بل اتسع نطاقه ليشمل طوائف أخرى من المواطنين، و أصبح وسيلة من وسائل تصحيح الأوضاع الاجتماعية خاصة إذا علمنا بأن الفكرة الرئيسية التي عجلت بظهوره ارتكزت على سياسة<< تحرير الإنسان من الحاجة ( [1] ( >> و بذلك أصبح قانون الضمان الاجتماعي منظومة قانونية و هيكلية قائمة بذاتها تحكمها قوانين و أنظمة و آليات خاصة بها مستقلة إلى حد بعيد عن المنظومة التي تخضع لها علاقات العمل الفردية و الجماعية ( [2] ) ، و تماشيا مع نفس الاهتمام لمختلف التشريعـات قام المشرع الجزائري بتوحيد نظام الضمان الاجتمـاعي بداية من سنة 1983 بحيث أصبح يطبق
و بدون تمييز نظاما واحدا على جميع القطاعات و على جميع فئات العمال و دون استثناء بمن فيهم الأجانب، و في التاريخ المذكور صدرت مجموعة من القوانين هي على التوالي: قانون رقم: 83/11 المتعلق بالتأمينـات الاجتماعية - قانون رقم: 83/12 المتعلق بالتقاعد- قانون رقم: 83/13 المتعلق بحـوادث العمل و الأمراض المهنية - قانون 83/14 المتعلـق بالالتزامـات المكلفيـن بالضمان الاجتماعي- قانـون 83/ 15 المتعلـق
بالمنازعات الضمان الاجتماعي، و تطبيقـا لهذه القوانين و لأجل إعطاء أكثر فاعلية لها تم إنشـاء صنـاديـق الضمان الاجتماعي، و التي تم توحيد تنظيمها المالي و الإداري بـموجب المرسوم التنفيذي رقم: 92/07 الذي وحد نظام عملها، و نظرا للأزمة الاقتصادية التي عرفتها البلاد تدخل المشرع لتنظيم التأمين على البطالـة بإنشائه للصندوق الوطني للتأمين عن البطالة بموجب المرسوم التنفيذي رقم: 94/188 المؤرخ في: 06/07/1994.
و تتولـى صناديق الضمان الاجتماعي تسيير الأداءات العينية و النقدية للتأمينات الاجتماعية و حـوادث العمـل
و الأمراض المهنية، و كذا مراقبة و ضمان تحصيل الاشتراكات المخصصة لتمويل الأداءات .
و قد أفرز هذا النظام المتميز للضمان الاجتماعي ظهور منظومة قانونية متميزة في مجال المنازعات التي قد تنشأ جراء تطبيقات هذا النظام و القوانين المتعلقة به، و ذلك من حيث الإجراءات و الآليات التي يتم بمقتضاها تسوية هذه النزاعات و كذلك من الهيئات و الأجهزة المختصة بتسويتها و الدور الذي يلعبه القاضي المختص في ذلك. من هذه المقدمة يتضح لنا أننا بصدد دراسة نظام قانوني متميز يتصل اتصال وثيقا بالحياة الاقتصادية و الاجتماعية فيؤثر فيها و يتأثر بها، إذا فما هو نطاق تطبيق هذا القانون؟ و ما هي طبيعة المنازعات الناجمة عنه؟ و بالنتيجة نصل إلى ما هي الإجراءات الواجب إتباعها عند تسوية هذه المنازعات و ما الدور الذي قد يلعبه القاضي في ذلك؟ فلا يمكن لنا حصر النزاعات التي قد يفرزها تطبيق قانون الضمان الاجتماعي دون التطرق لنطاق تطبيقه فكل التشريعات تتبنى فكرة توسيع نظام الضمان الاجتماعي ليشمل أكبر عدد من المستفيدين لذلك رأينا بتخصيص المبحث الأول من الفصل الأول لنطاق تطبيق الضمان الاجتماعي كنظام سواءا من حيث الأشخاص المشمولين به أو من حيث أنواع التأمينات التي يغطيها ثم لندرس في مبحث ثان أنواع المنازعات التي قد تنشأ جراء تطبيق هذا النظام، كما لا يمكن لنا إقصاء دور القاضي في هذا المجال ، لذلك سوف ندرس في المبحث الأول من الفصل الثاني تسوية المنازعات إداريـا و في مبحث ثان دور القاضي في منازعات الضمان الاجتماعي ،كل هذه النقاط سنتعرض إليها بالتفصيل من خلال الخطة التالية:
الفصل الأول: نطاق تطبيق قانون الضمان الاجتماعي
و طبيعة المنازعات الناجمة عنه.
المبحث الأول: نطاق تطبيق قانون الضمان الاجتماعي.
المطلب الأول:الفئات الخاضعة للتأمينات الاجتماعية.
المطلب الثاني: نظام التأمينات الاجتماعية.
المطلب الثالث: التأمين من الأخطار المهنية.
المطلب الرابع: التقاعد و الحماية من البطالة.
المبحث الثاني: مفهوم منازعات الضمان الاجتماعي و مجالها.
المطلب الأول: مفهوم المنازعات العامة و مجالها.
المطلب الثاني: مفهوم المنازعات الطبية و مجـالـهـا.
المطلب الثالث: مفهوم المنازعات التقنية و مجالها.
المطلب الرابع: المنازعات المتعلقة بالتعويض عن الخطأ
المطلب الخامس: المنازعات المتعلقة بدعاوي تحصيل
المبالغ المستحقة.
الفصل الثاني: تسوية منازعات الضمان الاجتماعي
و دور القاضي فيها.
المبحث الأول: التسوية الداخلية لمنازعات الضمان الاجتماعي.
المطلب الأول: إجراءات تسوية المنازعات العامة.
المطلب الثاني: إجراءات تسوية المنازعات الطبية.
المطلب الثالث: إجراءات تسوية المنازعات التقنية.
المطلب الرابع: تسوية المنازعات الناجمة عن
تحصيل الاشتراكات.
المبحث الثاني: دور القاضي في منازعات الضمان الاجتماعي.
المطلب الأول: دور القاضي في المنازعات العامة.
المطلب الثاني: دور القاضي في المنازعات الطبية.
المطلب الثالث: دور القاضي في المنازعات التقنية.
المطلب الرابع: دور القاضي في الدعاوى ذات
الطابع المدني.
الخاتمة.
King صديق برونزي
البلد : عدد المساهمات : 1708 الجنس : نقاط : 3720 السمعة : 29 العمر : 56
موضوع: رد: منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها السبت فبراير 11 2012, 10:15
الفصل الأول:
نطاق تطبيق قانون الضمان الاجتماعي و المنازعات
الناجمة عنه
إن نطاق الضمان الاجتماعي من حيث الأشخاص الذين يظلهم تحت مظلته و كذلك من حيث المخاطـر التـي يغطيها و التعويضات التي يقررها في اتساع مستمر، حيث أصبحت ظاهرة التوسع في تطبيق التأمينات الاجتماعيـة على أكبـر عدد ممكن من الأفراد من الخصائص المميزة لهذا النظام ، بحيث أصبح يشمل كل الـمواطنيـن الذين هم بحاجة إلى الحماية ، فالتأمينات الاجتماعية كانت في أول عهدها ضيقة النطاق فلم تكن تشمل إلا الأجراء بل و جـانب منهم فقط و كانت هذه التغطية مرتبطة بقانون العمل لكن هذا النـطاق الضيـق سرعان ما اتسع ليشمل عدد أكبـر من المواطنين ، و على اعتبار أن المبدأ العام المقرر في نظم التأمينات هو التوسع في الحماية فنجد أن فكرة التأمين من حوادث العمل و الأمراض المهنية قد اتسعت لتتجاوز معناها الضيق إلى المعنى الواسع ليشمل الـحوادث التي تقع للمـؤمـن على الطريق من و إلى العمل كما أن الجداول المخصصة للأمراض المهنية تضم إليها باضطراد أمراضا جديدة ساعد على اكتشافها البحث و التقدم العلميين ( [3] ) .
إلا أن هذا التوسع في الحماية من حيث الأشخاص المستفيدين من جهة و من حيث المخاطر التي تغطيها من جهة أخرى أفرز من الناحية التطبيقية عدة أوضاع معقدة مردها إلى سوء صياغة هذه القوانين من جهة و سوء تطبيقها من جهة أخرى مما أدى إلى كثرة الاحتجاجات من طرف المستفيدين عند تطبيقه، خاصة في مجال المنازعات التي لم يضبط المشرع بعناية مفهومها و لا مجالها مما عقد من عمل الهيئات القضائية عند فصلها في مثل هذه المنازعات. المبحث الأول: نطاق تطبيق قانون الضمان الاجتماعي
إن جميع دول العالم تسير نحو التوسع في تطبيق قانون الضمان الاجتماعي ليشمل نظام التأمينات أنواعا جديدة من المخاطر، لكن هذا التوسع له دوافعه الاجتماعية و السيـاسيـة و لا يمكن التـوسع إلا في حدود النظام الاقتصـادي فالتعويضـات التي يتم أداؤها إلى المستفيدين تستقطع من الدخل القومي أي بمعنى أدق من إنتاج القوى العاملـة حيث تحصل الفئات المستفيدة غير القادرة عن العمل على مستحقاتها بموجب نظام الضمان الاجتماعي مما تنتجه الفئات القادرة على العمـل، كما أن التأمينات الاجتماعية ترتكز على نظام يتمثـل في الإيرادات المحققة و التعويضـات التي تصرف للمستحقيـن و أي اختلال في التوازن المالي للصناديق سوف يؤثر على المستفيدين لذلك تلجأ نظم التأمينات في أغلب البلدان إلى زيادة مساهمة الدولة في دعم هذه الصناديق على غرار دفع الاشتراكات ( [4]). أما في الجزائر فلقد كان التشريع المتعلق بحوادث العمل و الأمراض المهنية يستثني من تطبيقه عالم الفلاحة و هو المرسوم 66/183 المؤرخ في: 21/06/1966، و الذي بقي ساري المفعول إلى غاية صدور قوانين 1983 التي وحدت نظام الضمان الاجتماعي ما بين جميع القطاعات و على جميع العمال بما فيهم الأجانب و في ما يلي سوف نرى مـا تضمنته هذه القوانين من حماية و تكفل و تغطية خاصة في مجال التأمينات الاجتماعية و حوادث العمل و الأمراض المهنية ( [5] ) .
المطلب الأول: الفئات الخاضعة للتأمينات الاجتماعية
إن نسبة المستفيدين من نظم الضمان الاجتماعي في تزايد مستمر و هو ما يؤكد ظاهرة امتداد نطاق التأمينات الاجتماعية ليشمل فئات جديدة و التي يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات رئيسية هي: فئة العمال الأجراء- فئة أصحاب العمل و ذوي النشاط المهني المستقل- فئة ذوي حقوق المستفيد ) أي عائلة المستفيد ( الفرع الأول: العمال الأجراء
في السابق كان تحديد هذه الفئة يتم على أساس عقد العمل لكن هذه الفكرة تجاوزها الزمن، و أصبح نظام الضمان الاجتماعي يشمل كل الأشخاص حتى في غياب عقد العمل، على اعتبار أن هؤلاء الأشخاص يقومون بنشاطات لحساب مشروع اقتصادي معين أو لصاحب العمل فإنهم لم يكونوا ليمارسوا هذا النشاط لولا العلاقة التي تربطهم بالمشروع و صاحب العمل، لذلك فلقد كان من الطبيعي أن يتحمل هذا الأخير الأعباء التي يفرضها قانون الضمان الاجتماعي ( [6] ) ، حيث نصت المادة 03 من قانون 83/11 على ما يلي:"يستفيد من أحكام هذا القانون كل العمال سواء أكانوا أجراء أم ملحقين بالأجراء أيا كان قطاع النشاط الدين ينتمون إليه و النظام الذي كان يسري عليهم من تاريخ دخول هذا القانون حيز التطبيق" ( [7] ) .
و المقصود بالأجراء و الملحقين بالأجراء الفئات التالية:
- العمال الذين يباشرون عملهم في المنزل.
- الأشخاص الذين يستخدمهم الخواص كالبوابون و الخادمات و الممرضات .. إلخ
- الممتهنون الذين تدفع لهم رواتب شهرية تساوي نصف الأجر الوطني الأدنى المضمون.
- الفنانون و الممثلون الناطقون و غير الناطقون في المسرح والسينما و المؤسسات الترفيهية الذين تدفع لهم مكافآت في شكل أجور.
- حمالو الأمتعة الذين يستخدمون المحطات.
- حراس المواقف الذين يستخدمون المحطات.
وفي هذا الشأن من هم العمال الأجراء؟ يرى الفرنسي<< Jacques Doublet >>
<<أن نطاق تطبيق التأمينات الاجتماعية يمتد ليس فقط على الأجراء، و لكن على كل من يعمل عند الغير و لو لم يكن عاملا مأجورا>>.
أما << Jacques Julliot >> فيرى:"أنه يخضع للضمان الاجتماعي كل الأشخاص الذين لهم صفة الأجير إزاء تشريع العمل، و عند عدم توفر صفة الأجير بالمعنى الدقيق، يخضع كل الأشخاص الذين يعملون بأية صفة كانت لدى صاحب العمل واحد أو أكثر" ( [8] ) .
الفرع الثاني: فئة الغير أجراء الممارسين لعمل مهني مستقل
و تشمل هذه الفئة كل من يمارسون أعمالهم على استقلال و تظم هذه الفئة مجموعة كبيرة و غير متجانسة من الأشخاص و هم التجار و ذوي المهن الحرة من:
- التجار الصناعيين و الحرفيين.
- المشتغلون في المهن الحرة.
- مالكو الأراضي الفلاحية.
- أصحاب وسائل النقل.
و هناك من تشريعات من تقرر الاشتراك الإجباري لهذه الفئة و ذلك بإخضاعهم لنظم خاصة بهم كالتشريع الفرنسي و هناك من التشريعات الأخرى من تترك لهم الحق في الاشتراك في نظم التأمينات السائدة بالنسبة للأجراء ومن خلال المادة 04 من المرسوم التنفيذي رقم: 93/119 المؤرخ في: 15/05/1993 المحدد، لاختصاصات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الأجراء، سيره و تنظيمه التي تنص على تشكيله مجلس الإدارة ومن خلال الأعضاء الممثلين لهذا المجلس يمكن لنا استخلاص الفئات الخاضعة لها من تعداد الأعضاء الممثلين لهذه الفئات و هم:
- الممارسين للمهن التجارية.
- الممارسين للأعمال الزراعية المشكلة في المستثمرات
- الممارسين للمهن الحرة من أطباء و محامين و خبراء
- الحرفيين.
- الصناعيين و أصحاب المهن الصناعية. الفرع الثالث: ذوي حقوق المستفيد
يقصد بذوي الحقوق كل من:
1- زوج المؤمن له: يستفيد من الأداءات العينية إذا لم يكن يمارس نشاطا مهنيا مأجورا
2- الأولاد المكفولون:
- الأولاد المكفولون الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة.
- الأولاد البالغون أقل من 25 سنة الذي لهم عقد التمهين بأجر يقل عن نصف الأجر الوصي الأدنى المضمون.
- الأولاد البالغون أقل من 21 سنة الذين يواصلون دراستهم.
- الأولاد المكفولون من الحواشي من الدرجة الثالثة و الإناث بدون دخل مهما كان سنهن.
- الأولاد المصابين بعاهة أو مرض مزمن تمنعهم من ممارسة أي نشاط مأجور.
3- الأصول المكفولون: أصول المؤمن له، أصول الزوجة عندما لا تتجاوز مواردهم الشخصية المبلغ الأدنى لمعاش للتقاعد.
إلى جانب هذه الفئات الثلاثة هناك فئة رابعة و هي:
فئة الطلبة و العمال المقبولين للتكوين في الخارج و هم:
- الأعوان العاملون في البعثات الدبلوماسية
- العمال العاملون في الخارج في إطار التعاون.
- موظفو التعليم و التأطير التربوي في الخارج.
- أعوان الممثليات الجزائرية.
- الطلبة و العمال الذين يقبلون المتابعة و التكوين في الخارج.
King صديق برونزي
البلد : عدد المساهمات : 1708 الجنس : نقاط : 3720 السمعة : 29 العمر : 56
موضوع: رد: منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها السبت فبراير 11 2012, 10:16
المطلب الثاني: نظام التأمينات الاجتماعية
لقد تطور نظام التأمينات الاجتماعية بصورة كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية بشكل يتفق و تطور فكرة المخاطر الناشئة، فلقد ظهر في البداية التأمين من حوادث العمل ثم ظهرت بعده أنظمة التأمين من المخاطر الأخـرى كالعجـز و المرض و الوفاة و لقد نظم المشرع الجزائري التأمينات الاجتماعية في قانون 83/11 المؤرخ فـي: 02/07/1983 و الذي جاء بهدف إنشاء نظام موحد للتأمينات الاجتماعية ( [9] ) و بهدف تغطية المخاطر التالية: الفرع الأول: التأمين على المرض
المرض من العوارض المألوفة التي قد تصيب الإنسان فتسبب له العديد من المشاكل و تهدد أمنه الاقتصادي، ذلك أن المرض يؤدي من جهة إلى التوقف عن العمل لفترة قد تطول أو تقصر، يتعرض العامل خلالها إلى فقد دخله، كما أن المرض يتطلب مصروفات إضافية للعلاج كأجور الأطباء و مصاريف المستشفى و ثمن الأدوية.
و الأصل في التأمين على المرض هو أن التعويض يمنح للمستفيد وذويـه، و لكن بعض التشريعات قد تشتـرط للاستفادة من تأمين المرض اشتراك المؤمن لفترة زمنية معينة أو ممارسته للنشاط المهني خلال فترة معينة و ذلك تجنبا لما قد يقع من غش، و أغلب هذه التشريعات لا تشدد في المدة بل تشترط مدة معقولة.
أ- الأداءات العينيـة: و تتمثـل في تغطية المصاريف المتعلقة بالعـلاج و الجراحة و الأدوية و الإقامة بالمستشفى و الفحوص المختلفة و علاج الأسنان و إعادة التأهيل و تدخل ضمنها كذلك مصاريف تنقل المريض استدعائه من قبل الهيئـات الضمان الاجتماعي و تستحق هذه الأداءات للمؤمن بمجرد إيداعه ملف طبي أو تقدمـه لدى هيئة الضمان الاجتماعي خلال 03 أشهر التالية للعمل الطبي الأول أو التالية لإنهاء العلاج و إلا سقط حقه في الأداءات ( [10] ) .
ب- الأداءات النقدية: و هي التعويضات النقدية المقررة بموجب القانون و هي تصرف للمستفيد دون أسرته و هي مبالغ تدفع للعامل الذي توقف عن عمله بسبب المرض تأسيسا على المرتب الذي يتقاضاه و تكون بنصف الأجر من اليوم الأول إلى اليوم 15 من توقفه عن العمل ثم يدفع له الأجر كاملا ابتداءا من اليوم 16 و قد تدوم الاستفادة من الأداءات اليومية طوال 03 سنوات كل ذلك حسب الشروط الواردة في القانون مع المراقبة المستمرة ( [11] ) للحالة الصحية من طرف هيئة الضمان الاجتماعي.
و يستحق المؤمن هذا التعويض بعد إشعار هيئة الضمان الاجتماعي و ذلك بإيداعه و صفة التوقف عن العمل أو إرسالها مع إشعار بالاستلام و تكون الوصفة في نسختين إحداهما لصاحب العمل و الثانية للضمان الاجتماعي. الفرع الثاني: التأمين على الأمومة
يهدف هذا التأمين إلى حماية المرأة و طفلها المولود لذلك تمارس هيئات الضمان الاجتماعي رقابة على احترام القواعد الطبية المقررة و تحصل المستحقة بموجب هذا التأمين على تعويضات عينية تشابه تلك الممنوحة بموجب التأمين عن المرض، أما التعويضات النقدية فهي لا تؤدى إلا للسيدات العاملات المؤمن عليهن و تهدف هذه التعويضات ضمان دخل بديل للعاملة في الفترة السابقة و اللاحقة على وضع الحمل.
1- الأداءات العينيـة : و يتعلق الأمر بمصاريف الحمل و تبعاته و تعوض المصاريف الطبية و الصيدلانيـة و مصاريف إقامة الأم و المولود في المستشفى لمدة 08 أيام، و يكون التعويض على أساس 100 % ، و تكون المراقبة التي تجريها هيئة الضمان الاجتماعي قبل الوضع و بعده، و يتعين على الأم الحامل في هذه الحالة أن تعلم مصالح الضمان الاجتماعي بحالة الحمل التي تتم معاينتها من قبل طبيب مختص و ذلك قبل 06 أشهر من تاريخ توقع الوضع الذي يذكره الطبيب المختص في الشهادة، كما يستلزم على المعنية أن تجري فحوصا أربعة قبل وضع الحمل ( [12] ) .
2- الأداءات النقدية: تستفيد المرأة التي تنقطع عن العمل بسبب الولادة عن تعويض يساوي كامل أجرها لمدة 14 أسبوعا متتالية.
و هو تعويض يومي يساوي 100 % من الأجر اليومي بعد اقتطاع مبلغ الاشتراك و الضريبة بشرط أن تتوقف عن مزاولة أي عمل مأجور أثناء فترة التعويض و إذا حصل أن تمت الولادة قبل التاريخ المحتمل للوضع لا تقلص فترة التعويض أي تبقى 14 أسبوعا. الفرع الثالث: التأمين على العجز
إن فكرة العجز الذي يصيب الإنسان فيقعده عن العمل ليست قاصرة على هذا الفرع من فروع التأمينات الاجتماعية بل هي تتصل بفروع أخرى.
و العجز بصفة عامة هو عدم القدرة عن العمل، فهو حالة تصيب الإنسان في سلامته الجسدية فتؤثر على قواه البدنية و مقدرته على القيام بالعمل، و يقاس مدى فقد القدرة على العمل بالنظر إلى الشخص السليم المعافى و يتم التقدير بواسطة جداول تحديد العجز.
و يبقى العجز الذي يستحق التعويض هو ذلك العجز الذي يفقد المصاب به عن الكسب بصفة عامة و بهذه الصورة وحدها التي تستجيب للهدف الذي تسعى لتحقيقه نظم الضمان الاجتماعي و تقسم حالات العجز وفقا لمعيار طبي إلى مجموعات تستحق كل مجموعة منها تعويضا محددا ( [13] ) .
و يستفيد العامل الذي أصبح عاجزا عن العمل كليا أو جزئيا بنسب لا تقل عن 50 % من منحة عجز تقدر ما بين 60 % و 80 % من الأجر السنوي المتوسط للمنصب في حالة عدم استيفائه لشروط التقاعد و ينتقل إلى ذوي حقوقه بعد الوفاة في شكل معاش ( [14] ) .
و يستحق العامل هذا المعاش عندما يكون مصابا بعجز ذهب بنصف قدرته عن العمل أي يجعله غير قادر أن يحصل في أية مهنة على أجر يفوق نصف أجر أحد العمال من نفس الفئة في المهنة التي كان يمارسها.
غير ما يعاب على جداول العجز أن الخبراء غالبا ما يتجاهلون إمكانية تطور حالة المصاب مستقبلا و عودته إلى العمل، لذلك فإن أغلب التشريعات جعلت تطبيق الجداول الخاصة بالعجز من اختصاص لجان تتوافر على عناصر طبية.
King صديق برونزي
البلد : عدد المساهمات : 1708 الجنس : نقاط : 3720 السمعة : 29 العمر : 56
موضوع: رد: منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها السبت فبراير 11 2012, 10:17
الفرع الرابع: التأمين على الوفاة
يهدف تأمين الوفاة إلى حماية أسرة المؤمن عليه في حالة وفاته، و يختلف مدى الضرر الذي يصيب أسرة المتوفي باختلاف الظروف، حيث يتعلق الأمر بالدخل الذي كان يحصل عليه عائل الأسرة علاوة على ما يقتضيه من مصروفات كمصروفات الجنازة و كذلك عدد الأشخاص الذي يعولهم ومدى احتياجات هؤلاء، و مع ذلك فإن من الصعب تحديد مقدار التعويض بشكل فردي يتناسب مع كل حالة و تذهب أغلب التشريعات في حالة الوفاة إلى تقرير معاش للمستحقين و لكن منحه يقتضي توافر شروط في المؤمن و كذلك بالنسبة للمستحقين ( [15] ) .
و يستفيد ذوي الحقوق العامل من منحه وفاة تساوي 12 شهرا من الأجر الذي كان يتقاضاه، و أن لا يقل عن 12 مرة الأجر الأدنى المضمون و يدفع دفعه واحدة لمستحقيه، و في حالة تعدد ذوي الحقوق توزع منحة الوفاة بينهم بأقساط متساوية.
المطلب الثالث: التأمين من الأخطار المهنية
تتولى أنظمة الضمـان الاجتماعي حماية العامل من الأخطار الناجمة عن حوادث العمـل و الأمـراض المهنيـة
و الملاحظ أنهما يشتركان في السبب وهو العمل و ظروفه
و كذا في حاجة المصاب إلى العلاج و المساعدة و يختلفان من حيث الإثبات
الفرع الأول: حوادث العمل
تعددت التعاريف التي أخذت بها التشريعات المقارنة، في تعريفها لحادث العمل
و باستقراء كل التعاريف اتجه الفقه ( [16] ) و القضاء إلى بيان العناصر التي يجب توافرها في الحادث لكي يعتبر حادث عمل إذ يشترط فيه أن يقع أثناء أداء العامل لعمله
أو بسببه، بحيث يكون العامل تحت إشراف و رقابة صاحب العمل أو ممثليه بمعنى أن يكون للحادث طابع مهني ( [17] ) .
و يشترط فيه كذلك أن يكون مفاجئ و عنيف و غير عادي و أن يقع بسبب خارجي و ينتج عنه ضرر جسماني.
و تعرف المادة 06 من قانون 83/13 حادث العمل على أنه: <<يعتبر كحادث عمل كل حادث انجرت عنه إصابة بدنية عن سبب مفاجئ و خارجي طرأ في إطار علاقة العمل>>. و يعتبر كذلك حادث عمل كل حادث يقع للعامل خارج المؤسسة و هو في مهمة ذات طابع دائم و استثنائي، أو عند ممارسته عهدة إنتخابية أو مز والته للدراسة بانتظام خارج أوقات العمل، كما يعتبر حادث عمل الحادث الذي يقع للعامل أثناء المسافة التي يقطعها المؤمن للذهاب إلى عمله و الرجوع منه مهما كانت وسيلة النقل المستعملة. الفرع الثاني: الأمراض المهنية
على الرغم من أهمية تمييز الأمراض المهنية عن الأمراض العادية نظرا لاختلاف الآثار التي رتبها القانون على كل منهما و اختلافها من حيث الإجراءات و التعويضات إلا أنه من الصعب وضع تعريف شامل للأمراض المهنية و تتضح صعوبة ذلك من خلال صعوبة إثبات العلاقة ما بين المرض و طبيعة العمل الذي يزواله العامل و بالرغم من ذلك بذلت بعض المحاولات لتعريف المرض المهني ( [18]).
و يترتـب على المرض المهني بأن يصبح المريض في حالة صحية تستدعي علاجه و إيجاد دخل بديل عن دخله من العمل حتى يشفى نهائيا أو تستقر حالته فيستحق بذلك معاش العجز أو قد تموت فيستحق ذويه معاش الوفاة، و تعرف الـمادة 63 من قانون 83/13 المرض على أنه:<<تعتبر كأمراض مهنية كل أعراض التسمم و التعفن و الاعتلال التي تعزى إلى مصدر أو تأهيل مهني خاص>> .
و يحدد التنظيم قائمة الأمراض ذات المصدر المهني المحتمل و قائمة الأشغال التي من شأنها أن تتسبب فيها و القابلة للمراجعة و التقييم بنفس الكيفية ( [19] ) و يقع على صاحب العمل الذي يستخدم وسائل من شأنها أن تتسبب في أمراض مهنية أن يصرح بها لدى هيئة الضمان الاجتماعي و لمفتش العمل و كذلك المدير الولائي للصحة.
و يصرح بالمرض المهني في مدة أدناها 15 يوما و أقصاها 03 أشهر،و ترسل هيئة الضمان الاجتماعي نسخة من التصريح على الفور إلى مفتش العمل المطلب الرابع: التقاعد و الحماية من البطالة
الفرع الأول: التقاعد
يهدف هذا التأمين إلى ضمان دخل يحقق حد أدنى من مستوى المعيشة للأشخاص الذين بسبب بلوغهم سن معينة لم يعودوا قادرين على مواصلة العمل بنفس القوة التي كانوا عليها قبل بلوغ هذه السن.
و يستفيد العامل مهما كان قطاع نشاطه من هذا الحق إذا توفرت فيه شروط: السن و مدة النشاط، و تمنح حالة التقاعد الحق في المعاش يحدد على أساس نشاط العامل.
و يستفيد العمال من التقاعد عند بلوغهم سن الستين 60 للرجال ( [20] ) ، و الخامسة و الخمسين بالنسبة للنساء إذا كانوا قد عملوا 15 سنة على الأقل،و قد تخفض السن القانونية للتقاعد بالنسبة لبعض مناصب العمل التي تتميز لظروف ينتج عنها ضرر خاص، كما تخفض بالنسبة للنساء اللائي ربين ولدا واحـدا أو عدة أولاد طيلة تسـع 09 سنـوات على الأقل ) على أساس ولد لكل 3 سنوات ( .
كما يستفيد المجاهدون بتخفيضات مرتبطة بسنوات المساهمة في الثورة التحريرية، وكذلك بالنظر لنسب العجز التي لحقتهم و يمكن أن يستفيدوا من منحة تقاعد تساوي 100 % من أجرهم الشهري.
كمـا نظـم المرسـوم التشـريعي 94/10 المـؤرخ فـي: 26/05/1994 تبعـا للمرسوم التشـريعـي 94/09 المـؤرخ في: 26/05/1994كذلك و المتعلق بالحفاظ على الشغـل و الحمايـة الأجراء من فقدان عملهم بكيفية غير إرادية التقاعد المسبق، و هو كل تقاعد يقع قبل السن القانونية للتقاعد و يشترط أن يكون العامل قد بلغ سن الخامسة و الخمسين سنة على الأقل و المرأة العاملة 45 سنة على الأقل،و أن يكون قد عمل 20 سنة على الأقـل منها 10 سنوات دفع فيها أقساط الاشتراك وأن يكون العامل من ضمن قائمة العمال المعنيين بالتقليص ( [21] ) . الفرع الثاني: التأمين على البطالة
إن خطر البطالة بما يؤدي إليه من حرمان العامل من دخله لا تقف أثاره عند حد العاطل و أسرته، بل أن البطالة تتجاوز بأبعادها المؤمن عليه لتلقي بظلالها على المجتمع ككل، بما لها من أثار اقتصادية و اجتماعية بصفة خاصة.
و كذلك فإن للبطالة تأثيـر ضار على نظام التأمينات حيث يترتب على انتشارها أن يفقد المؤمن عليهم أجرهم و بالتالي تفقد التأمينات مصدرا هاما من مصادر تمويلها و ينعكس ذلك سلبا على أنواع التأمين الأخرى كتأمين المرض و العجز، بحيث يمكن أن تمس بفعالية هذه التأمينات إذا كانت البطالة عامة و استمرت لمدة طويلة من الزمن. و قد أقرها المشرع الجزائري بموجب المرسوم التنفيذي 94/188 المنشأ للصندوق الوطني للتأمين على البطالة تبعا للمرسوم 94/09 السابق الذكر و الذي اعتبر البطالة من ضمن الأخطار الاجتماعية المؤمن عنها.
و يستفيد من منحة البطالة كل عامل فقد منصب عمله لأسباب اقتصادية إذا كان مثبت في منصبه و مؤمن لدى الضمان الاجتماعي لمدة 03 سنوات على الأقل مسجل في قائمة طالبي الشغل، كما يجب أن يكون صاحب العمل قد دفع للصندوق مساهمة يحددها التنظيم ( [22] ) . المبحث الثاني: مفهوم منازعات الضمان الاجتماعي و مجالها
إن وجـود قانون الضمان الاجتماعي و قيامه كمنظومة قانونية مستقلة أظهر من خلال تطبيقاته تميزه فـي مجال المنازعات و هذا نظرا لخصوصياته، فهو نظام يشمل مختلف التأمينات و حوادث العمل و الأمراض المهنية ومـا يترتـب عنها من حقوق إضافة لالتزامات المستخدم في مجال التصريح بالنشاط و الأجور و دفع المستحقات لذا فالخلافات التـي يثيرها تطبيق هذا القانون عديدة و متنوعة تنوع التأمينات التي يغطيها و الحالات التي يتكفل بها.
فهي منازعات تختلف في موضوعها و طرق معالجتها عن تلك المتعلقة بعلاقات العمل الفردية و الجماعية فهي أكثر تعقيدا ) [23] ( و أكثر تقنية و لأجل توضيح معطيات و مـلابسـات هذه المنازعات فلقد خصها المشـرع الجزائري بقانـون خاص هـو القانـون 83/15 الـمؤرخ فـي: 02/07/1983 المعدل و المتمم بقانـون 99/10 المؤرخ في: 11/11/1999 الذي جاء لأجل تنظيم طبيعة هذه المنازعات و آليات تسويتها و هو ما نقرأه من المادة الأولى من القانون المذكور و التي نصت على ما يلي: <<يهدف هذا القانون إلى تعريـف طبيعة المنازعات في مجال الضمان الاجتماعي و تسويتها وفقـا لأحكـام القانون و القوانين المعمول بها>>.
لكن الملاحظ أن المشرع و بخلاف ما جاء به في هذه المادة فإنه لم يضع تعريفات دقيقة لمختلف المنازعات و هذا ما سيأتي بيانه لاحقا عندما نقوم بدراسة مضمون هذا القانون و إنما اكتفى بتقسيمها [24] إلى خمسة 05 أنواع هي: المنازعات العامة، المنازعات الطبية، المنازعات التقنية،المنازعات المتعلقة بالتعويض عن الخطأ، و دعوى التحصيل المبالغ المستحقة.
المطلب الأول:مفهوم المنازعات العامة ومجالها الفرع الأول: مفهوم المنازعة العامة
تعرف المادة 03 من القانون 83/15 المنازعات العامة كمايلي:"تختص المنازعات العامة بكل الخلافات غير المتعلقة بالحالة الطبية للمستفيدين من الضمان الاجتماعي وكذا المنازعة التقنية المشار إليها في المادة 05 أدناه ( 3 )".
ومن خلال هذا التعريف يظهر أن المشرع الجزائري لم يعطي مفهوما دقيقا ومضبوطا لمضمون المنازعة العامة وإنما عرفها بالاستثناء والإقصاء وبذلك جاء تعريفه واسعا جامعا يصعب معه تحديد مجال ومحتوى هذه المنازعة،حيث أخرج المنازعات الطبية والتقنية وقرر أن كل ما يخرج عن دائرة هاتين الطائفيتين يدخل في إطار المنازعات العامة.
وبالتالي فهذا لا يعد تعريفا وعلى الباحث في هذا المجال أن يقارن بين جميع نصوص قوانين الضمان الاجتماعي حتى يتوصل إلى تصنيف النزاع و طبيعته. ) [25] (
كما أن المشرع من جهة أخرى حصر هذه المنازعات من حيث الأشخاص في الخلافات التي قد تثور ما بين المؤمنين وذوي حقوقهم وهيئة الضمان الاجتماعي، ورغم ذلك إلا أنه يمكن لنا من خلال استثناء المنازعات الطبية والمنازعات التقنية بأن نعرف المنازعات العامة كما يلي:"هي الخلافات التي قد تثور ما بين المؤمن لهم أو ذوي حقوقهم من جهة وهيئات الضمان الاجتماعي من جهة أخرى حول استحقاق الأداءات العينية والنقدية من عدمه وكذا الخلافات المتعلقة بإثبات حق التكفل والتغطية في حالات حوادث العمل والأمراض المهنية، وهي كذلك كل المنازعات التي قد تنشأ ما بين المستخدم وهيئات الضمان الاجتماعي والمتعلقة بعدم تنفيذ المستخدم لالتزاماته اتجاه الصندوق كالتصريح بالأجور و النشاط و دفع الاشتراكات"
غير أن المشرع وبأسلوبه المستعمل والمشوب بكثير من الغموض والإبهام يكون قد أغفل عدة منازعات قد تثور جراء تطبيق قانون الضمان الاجتماعي ومن هذه المنازعات نذكر:
- الخلافات التي قد تثور ما بين هيئات الضمان الاجتماعي و المتعاقدين معه بموجب الاتفاقيات التي تبرمها مع الصندوق في إطار نظام الدفع من قبل الغير ويتعلق الأمر بالمؤسسات الإستشفائية والصيدليات والعيادات الخاصة.
- الخلافات التي قد تنشأ ما بين هيئات الضمان الاجتماعي والهيئات العمومية المستخدمة كالمديريات والإدارات العمومية عند يتعلق الأمر بالتزاماتها اتجاه هيئات الضمان الاجتماعي.
- الخـلافـات التي تقوم ما بين صناديق الضمان الاجتماعي والمستخدمين لديها.
- الخلافات التي تثور ما بين هيئات الضمان الاجتماعي والموردين الذين تربطهم بهم عقود توريد و خدمات ومختلف العقود التي يبرمها الصندوق بصفته مؤسسة عامة.
-الخلافات التي تثور بمناسبة إصدار هيئات الضمان الاجتماعي لقرارات منفردة تغير من الوضع القانوني القائم بما ينشئه من حقوق ويفرضه من واجبات ) [26] ( .
King صديق برونزي
البلد : عدد المساهمات : 1708 الجنس : نقاط : 3720 السمعة : 29 العمر : 56
موضوع: رد: منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها السبت فبراير 11 2012, 10:17
الفرع الثاني:مجال تطبيق المنازعات العامة
إذا كان من الصعب تحديد مفهوم دقيق للمنازعة العامة فإن الأمر أصعب في تحديد مجال تطبيقها وهذا لسببين رئيسيين:
-السبب الأول: لأن المشرع وسع من دائرة الأشخاص المؤمنين لتشمل تقريبا كل فئات المجتمع.
-السبب الثاني: لتوسع دائرة التأمينات الإجتماعية لتشمل التأمين من البطالة حوادث العمل و الأمراض المهنية والتوسع في فكرة التكفل بالأخطار المهنية ) [27] ( إلى درجة أنه في فرنسا أصبح يمكن لكل شخص تضرر معنويا من حادث عمل أصاب قريبه أن يلاحق صاحب العمل قضائيا استنادا لمبدأ المسؤولية المدنية ) [28] ( إ لا أن هذا لا يمنع من تقسيم هذه المنازعات من حيث مجالها إلى قسمين:
1-القسم الأول: الخلافات المتعلقة بحقوق المؤمن لهم و ذوي حقوقهم:
وتشمل هذه الخلافات حالات التأمين على المرض والعجز، الأمومة، الوفاة والتقاعد وحالات التكفل بالمؤمن له وذوي حقوقه عند وقوع حادث عمل أو مرض مهني وهي بدورها تتعلق بمجالين:
أ-في مجال التأمين الاجتماعي: تنصب المنازعة في هذا الجانب أساسا حول استحقاق الأداءات العينية والنقدية من عدمها وهذا سواء لإخلال هيئة الضمان الاجتماعي ) [29] ( بالتزاماتها في دفع التعويضات أو عدم أحقية المستفيد أو ذوي حقوقه من الاستفادة من الأداءات المذكورة لعدم استيفاء الملف للشروط والإجراءات المنصوص عليها قانونا وهذا خاصة في التأمين عن العجز والمرض والأمومة والتقاعد.
ب- في مجال التغطية من حوادث العمل والأمراض المهنية: لقد وسع المشرع من دائرة التكفل في حوادث العمل والأمراض المهنية من قبل هيئة الضمان الاجتماعي حماية للعمال وذلك عن طريق التوسع في حالات وأسباب هذه الحوادث والأمراض من جهة وفي دائرة الأشخاص والفئات التي يشملها ويغطيها هذا التكفل من جهة ثانية وفي أدوات ووسائل الإثبات والتحقيق من جهة ثالثة ) [30] ( .
وتنصب المنازعة هنا حول مهنية الحادث من عدمها والمسألة تتعلق بالإثبات وفي إجراءات التبليغ عن الحادث والتصريح به طبقا للإجراءات المنصوص عليها قانونا ونفس الأمر يطرح بالنسبة للمرض المهني.
إذا فالنـزاعات تتعلق بعدم احترام الشروط والإجراءات التي يستوجب على المصاب وصاحب العمل وهيئات الضمان الاجتماعي مراعاتها عند وقوع أي حادث عمل أو مرض مهني، وذلك حماية لحقوق كل طرف، أما ما يخص الإثب ـ ات و إجراءات التحقيق في الحادث أو المرض المهني، فإنها تتمثل على الخصوص في سرعة التبليغ عن الحادث سـواء من قبل الـمريض نفسـه أو من ينوب عنه أو من قبل صاحب العمل إلى هيئة الضمان الاجتماعي في الآجال المنصـوص عليها قانونا ) [31] ( .
2-القسم الثاني: الخلافات الناجمة عن عدم تنفيذ المستخدم لالتزاماته:
يلتزم أصحاب العمل الطبيعيون والمعنويين الذين يستخدمون عاملا واحدا وأصحاب العمل الخواص وكذا المهنيين الصناعيين والتجار والحرفيين والفلاحين بأن يقوموا اتجاه الصندوق بالالتزامات التالية:
أ-التصريح بالنشاط: حيث يتعين على أصحاب العمل أن يتوجهوا إلى هيئة الضمان الاجتماعي المختصة في إقليم ممارستهم للنشاط بالتصريح بنشاطهم في أجل 10 أيام الموالية لشروعهم في الممارسة ويترتب على عدم التصريح، دفع غرامة قدرها 5000 دج تضاف إليها نسبة 20 % عن كل شهر تأخير.
ب_ الانتساب: ينسب إلى الضمان الاجتماعي و جوبا كل الأشخاص الذين يمارسون نشاطا مأجورا أو نشاطا مهنيا غير مأجور مهما كان قطاع النشاط أو طبيعة العقد و مدته كما ينسب كذلك وجوبا الطلبة و التلاميذ في التعليم العالي ، و يعتبر التصريح بالنشاط بمثابة طلب انتساب و يترتب على عدم الانتساب في أجل 10 أيام الموالية لتوظيـف العامل توقيع غرامة تقدر بـ: 1000 دج عن كل عامل لم يتم انتسابه و تضاف إليها نسبـة 20 % عن كـل شهر تـأخيـر.
ج_ التصريح بالأجور: يلزم القانون 83/14 صاحب العمل بأن يوجه في 30 يوما الموالية لانتهاء السنة تصريحا اسميا إلى هيئة الضمان الاجتماعي يتضمن أسماء الأجراء و الأجور يبين فيه الأجور المتقاضاة في أول يوم و آخر يوم من الثلاثة أشهر الأخيرة، و كذا مبالغ الاشتراكات المستحقة لهيئة الضمان الاجتماعي. وعند عدم التصريح من طرف صاحب العمل يمكن لهيئة الضمان الاجتماعي أن تحدد بصفة مؤقتة مبلغ تلك الاشتراكات على أساس الاشتراكات المدفوعة للسنة السابقة و تضاف إليها زيادة قدرها 5 % تصبح مكتسبة لهيئة الضمان الاجتماعي نهائيا كما يترتب على عدم التصريح بالأجور في الآجال القانونية المنصوص عليها سابقا توقيع غرامة بـ: 15 % من مبلغ الاشتراكات تضاف إليها زيادة قدرها 5 % عن كل شهـر.
د_ دفـع الاشتراكـات: و هو التزام يقع على المستخدم إذ يتعين عليه أن يقتطع عند دفع كل أجر القسط المستحق على العامل لفائدة صندوق الضمان الاجتماعي و ذلك في أجل 30 يومـا الموالية لمرور 03 أشهـر إذا كان يستخدم أقل من عشر (10) عمال و في ظرف 30 يوما الموالية لكل شهر إذا كان يستخدم تسعة عمـال (09)، أما الدفع بالنسبة للعمال غير الأجراء فيكون سنويا، و في حالة عدم مطابقة مبلغ الاشتراكات المدفوع للمبلغ المستحق يقوم المكلف بالتسوية، و يترتب عن عدم دفعها توقيع زيادة قدرها: 5 % عن الاشتراكات المستحقة أما الاشتراكات الرئيسية فترفع بنسبة 1 % عن كل شهر تأخير إضافي، كما خول القانـون 83/14 لهيئة الضمان الاجتماعي متابعة المستخدم قضائيا لتعويض الأداءات المقدمة للمستفيد عندما لا يقوم المستخدم بتسديد الاشتراكات المستحقة و هذا بغض النظر عن الزيادات المذكورة أعلاه. المطلب الثاني: مفهوم المنازعات الطبية و مجالها: الفرع الأول: مفهوم المنازعات الطبية
عندما نأتي لضبط تعريف للمنازعة الطبية يصادفنا نفس الإشكال الذي صادفنا في ضبط تعريف المنازعة العامة.بحيث لم يأتي المشرع بأن تعريف دقيق واضح للنزاع الطبي و إنما اكتفى بحصره في الخلافات المتعلقة بالحالة الصحية للمستفيدين من الضمان الاجتماعي و كذلك ذوي حقوقهم و عرفتها المادة 04 من قانون 83/15 كما يلي:
<<تختص المنازعات الطبية بكل الخلافات المتعلقة بالحالة الطبية للمستفيد من الضمان و كذلك لذوي حقوقه ( [32])>>.
و يظهر أن القانون لم يعرف النزاع و لا حالاته و إنما اقتصره في رسم وعاء موضوعه الذي حصره في الحالة الطبية للمؤمن لهم اجتماعيا مع تحديد أطرافه و هم: المؤمن لهم و ذوي حقوقهم من جهة و هيئات الضمان الاجتماعي من جهة أخرى غير أن هذا التعريف لم يأت بجديد و إنما جاء عاما و غامضا يصعب معه تحديد معنى و مجال الحالة الصحية للمستفيدين و ذوي حقوقهم المنوه عنها في المادة المذكورة أعلاه و يعرف النزاع الطبي على أنه:<<ذلك النزاع الذي يثور بمجرد قيام خلاف موضوعه الحالة الصحية للمؤمن لهم أو ذوي حقوقهم من جهة و هيئات الضمان الاجتماعي من جهة أخرى و ذلك بسبب العجز المترتب عن المرض أو حادث العمل أو المرض المهني واعتراض المؤمن لهم على رأي الطبيب المستشار لهيئات الضمان الاجتماعي ( [33])>>.
فهي بذلك تشمل جميع الاعتراضات التي يرفعها المؤمن لهم أو ذوي حقوقهم على الآراء الصادرة عن الأطباء المستشارين التابعين لهيئات الضمان الاجتماعي حول تقديرهم للحالة الصحية للمؤمن لهم.
و نظرا لأهمية الخبرة الطبية في مجال المنازعة الطبية هناك من عرفها كما يلي:<<هي تلك الخلافات التي تحدث ما بين المستفيدين من الضمان و هيئات الضمان الاجتماعي حول إثبات حالتهم الناجمة عن المرض أو الولادة أو حادت عمل أو مرض مهني أو تقدير العجز و كذا تلك المتعلقة بإجراءات و نتائج و آثار الخبرة الطبية >>
و هذا على اعتبار أن الخلافات التي تعود أسبابها لمخالفة أو عدم صحة الإجراءات القانونية الخاصة بالخبرة الطبية طالما أنها تتعلق بالحالة الصحية للمؤمن لهم أو ذوي حقوقهم ( [34]).
غير أن هذا الطرح في رأينا يتعارض مع ما جاء به المشرع في قانون 83/15 إذ أخضع و جوبا الخلافات الطبية لإجراءات الخبرة الطبية ( [35]) كإجراء أولي لتسوية هذه الخلافات، فهي بذلك أي الخبرة الطبية آلية للتسوية و ليست موضوع نزاع فالنزاع بدون شك مصدره اعتراضات المؤمن على قرار هيئة الضمان الاجتماعي و المتمثلة في أراء الأطباء المستشارين المعينين من قبل الهيئة عند تقديرهم للحالة الصحية للمستفيد سواءا من حيث قدرته على العمل من عدمها أو من حيث إلتئام الجروح و شفاء المريض من عدمه أو من حيث تقدير العجز و معدله. الفرع الثاني: مجال تطبيق المنازعة الطبية
تشمل المنازعات الطبية كل الخلافات التي قد تثور ما بين المؤمن له و هيئات الضمان الاجتماعي حول نتائج المعاينات الطبية أو وصف تكييف الأضرار الناجمة عن حوادث العمل أو الأمراض المهنية الأمر الذي يستدعي اللجوء إلى الخبرة الطبية و يمكن حصر مجالها في نقطتين هما:
1_ تحديد الحالة الصحية للمؤمن له: و هي مسألة تتعلق بإثبات الحالة الصحية الطبية للمؤمن له الناتجة عن مرض أو عجز أو حادث عمل أو مرض مهني و يقوم بتحديدها في هذه المرحلة الطبيب المعالج فهو الذي تكون له صلاحية تقدير الحالة الصحية الأولية للمؤمن له و تبدأ مهمته بعد أن يصرح المريض أو المصاب و يشعر هيئة الضمان الاجتماعي بذلك في الآجال القانونية المنصوص عليها حسب كل حالة، و يقوم الطبيب المعالج بفحص المؤمن له المصاب و تقدير نسبة العجز اللاحق به ثم يحرر شهادتين طبيتين الأولى يقوم بإعـدادها عند الفحص الأول الذي يلي الحـاث مباشـرة
و تتضمن وصف شامل و دقيق عن مختلف الإصابات التي يكتشفها الفحص الطبي و الأسباب المحتملة للحادث و تاريخ التوقف عن العمل، أما الشهادة الثانية فهي إما شهادة شفاء أو شهادة تقدير العجز الذي يجب أن تتضمن: القدرة الجيدة على العمل_ تبيان الحالة الصحية العامة_ السن_ القدرة الجسدية و العقلية.
و يبقى لرأي الطبيب المعالج الأثر الكبير في تحديد الحالة الصحية للمصاب إما القول بشفاءه و عودة حالته الصحية لأصلها أو القول بعجزه و من ثم تقدير هذا العجز و على ضوء ذلك يتحدد مصير العامل المهني بمنحة منصب عمل آخر يتناسب ووضعه الصحي الجديد إذ جاء في قرار للمحكمة العليا في هذا الصدد ما يلي: <<من المستقر عليه قانونا أنه يمكن إعادة تعيين العامل في منصب عمل أخر إذا عجز أو مرض أو أصيب بحادث عمل بناءا على رأي الطبيب و أن يكون بقرار معلل و مبلغ للعامل و إن القضاء بخلاف ذلك هو خرق للقانون ( [36])>>.
2_ الرقابة الطبية لهيئة الضمان الاجتماعي: تمارس هيئة الضمان الاجتماعي مراقبتها على المريض، و ذلك بعرض المصاب على الطبيب المستشار التابع لهيئة الضمان الاجتماعي بعد أن تقدم النتائج التي توصل إليها الطبيب المعالج حيث يتولى الطبيب المستشار فحص المريض من جديد، بحيث نصبح أمام تقديرين ( [37]) للحالة الصحية للمؤمن له و نكون بذلك أمام حالتين:
أ_ حالة أن يوافق رأي الطبيب المعالج رأي الطبيب المستشار: و هنا لا إشكال يذكر
ب_ حالة أن يخالف رأي الطبيب المستشار رأي الطبيب المعالج: و هنا ينشأ ما يعرف بالنزاع الطبي فهو نتاج الخلاف الذي يقوم ما بين المؤمن له و هيئة الضمان الاجتماعي حول تعارض التقديرين ما بين رأي الطبيب المعالج و رأي الطبيب المستشار و لا يمكن لأي مريض أن لا يخضع لمختلف المراقبات التي تطلبها الهيئة ففي حالة رفض الخضوع للمراقبة الطبية توقف الأداءات العينية خلال الفترة التي لم تمارس فيها الهيئة رقابتها.
و تجب الإشارة على أنه من حق المؤمن له أثناء سير أعمال المراقبة الطبية أن يطلب مساعدة ( [38]) الطبيب المعالج
King صديق برونزي
البلد : عدد المساهمات : 1708 الجنس : نقاط : 3720 السمعة : 29 العمر : 56
موضوع: رد: منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها السبت فبراير 11 2012, 10:18
المطلب الثالث: مفهوم المنازعات التقنية و مجالها:
الفرع الأول: مفهوم النزاع التقني
عرفت المادة 05 من قانون 83/15 المنازعات التقنية كما يلي: <<تختص المنازعات التقنية بكل النشاطات الطبية ذات العلاقة بالضمان الاجتماعي>>.
غير أن هذا التعريف لا يختلف عن التعريفات السابقة للمنازعات العامة و الطبية من حيث جاء هو كذلك غامضـا
و مبهما، فلقد حصرها دون أن يحدد مفهومها بحيث أن عبارة <<النشاطات الطبية>> لها أكثر من مدلول،كون أن منازعات الضمان الاجتماعي في مجملها تتعلق بالنشاط الطبي بداية من الفحص الأول و المعاينة التي تتم من قبل الطبيب المعالج مرورا بالطبيب المستشار بمناسبة المراقبة الطبية وصولا إلى الطبيب الخبير، فالمقصود بالمنازعة التقنية إذا:
<<هي تلك الخلافات المتعلقة بالأخطاء التي قد تقع أثناء الفحص و التشخيص للمرض و التي لا يمكن تقديرها إلا من قبل هيئات متخصصة>> .
ففي إطار مزوالة الممارسين لنشاطهم الطبي و في إطار العلاقة التي تربطهم بهيئات الضمان الاجتماعي وبمناسبة تدخلهم لفحص المصاب و إثبات عجزه أو تقديره سواءا تعلق الأمر بمرض_ حادث عمل أو مرض مهني، يقوم الأطباء بعدة ممارسات قد تكون في بعض الأحيان غير مشروعة تعرض مصالح صندوق الضمان الاجتماعي لأضرار مالية تحمله على دفع نفقات إضافية غير مبررة و غير مستحقة و هذا نتيجة إما: خطأ طبي تجاوز أو غش من قبل الأطباء المتدخلين.
و على ضوء ما ذكرناه يمكن لنا تعريف المنازعات.التقنية كما يلي: <<هي تلك الخلافات التي تنشأ جراء الأخطاء و التجاوزات المرتكبة من قبل الأطباء و جراحي الأسنان و الصيادلة بمناسبة ممارستهم لنشاطهم الطبي في حق المؤمن لهم و ذلك في إطار العلاقة التي تربطهم بالضمان الاجتماعي ( [39])>>. الفرع الثاني: مجال المنازعة التقنية
مـن خلال التعريف المتوصل إليه يمكن لنا حصر مجال المنازعة التقنية في(03) ثلاث نقاط رئيسيـة هـي:
الخطأ المهني ، التجاوزات و الغش المرتكب من قبل الأطباء ، إفشـاء السر المهني.
الملاحظ أن قانون الضمان الاجتماعي لم يعرف هذه المسائل و لم يتطرق لمفهومها و لا لمضمونها، لذلك يتعين الرجوع لمدونة أخلاقيات مهنة الطب التي يتضمنها المرسوم التنفيذي رقم: 92/276 المؤرخ في: 06/07/1992 إذ نصت المواد من 06 إلى 57 على مجموعة من المبادئ التي تعد مخالفتها و عدم مراعاتها أخطاءا و تجاوزات تعرضها مرتكبها لعقوبـات تـأديبيـة [40]، إلا أن المشـرع تدارك هذه الإشارة فـي المرسوم التنفيـذي رقـم: 05/171
المؤرخ في: 07/05/2005 المتضمن تحديد شروط سير المراقبة الطبية حيث أشارت المواد: 11، 12 من المرسوم المذكور على ضرورة التزام الطبيب المستشار في إطار المراقبة الطبية بالسر المهني و لابد عليه مراعاة أخلاقيات و أدبيات الطب في علاقاته مع الممارسين.
كما نصت المادة 10 من ذات المرسوم على ضرورة إخطار اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي بكل حالة تعسف أو تجاوز أو غش أو تصريحات مزورة تتم معاينتها بمناسبة المراقبة الطبية و يكون إخطار اللجنة في إطار المرسوم التنفيذي 04/235 المؤرخ في: 09/08/2004.
1_ الخطأ الطبي: يعرف الخطأ الطبي على أنه:<< كل مخالفة أو خروج الطبيب في سلوكه على القـواعـد
و الأصول الطبية التي يقضي بها العلم أو المتعارف عليه نظريا و علميا وقت تنفيذه لل عمل الطبي أو إخلال بواجبات الحيطة و اليقضة التي يفرضها القانون متى ترتب على فعله نتائج جسيمة في حين كان في قدرته وواجبا عليه أن يتخذ في تصرفه اليقظة و التبصر حتى لا يضار المريض>>.
كما يعرف على أنه:<< كل تقصير أو إهمال أو خروج الطبيب في سلوكه على القواعد و الأصول الطبية التي يقضي بها العلم أو المتعارف عليها نظريا و علميا وقت تنفيذه للعمل الطبي ) [41] ( >> .
و من الأخطاء الشائعة في مجال ممارسة الأطباء لنشاطهم في إطار علاقاتهم مع صناديق الضمان الاجتماعي سوء تقدير الحالة الصحية للمريض مما يمكنه من الحصول على آداءات نقدية و عينية غير مستحقة مما يترتب عنه خسائر مالية لهيئات الضمان الاجتماعي التي يتحتم عليها الأمر اللجوء إلى القضاء المختص للمطالبة بالتعويض.
2_ التجاوزات و حالات الغش المرتكبة من الأطباء المتدخلين: و هي تقريبا كل ما هو خرق للمبادئ و القواعد و الأعراف التي تحكمها مدونة أخلاقيات مهنة الطب و تشمل هذه التجاوزات و حالات الغش ما يلي:
أ/ _حالة إعطاء بيانات كاذبة عن مصدر مرض أو عاهة أو عن سبب وفاة و ذلك بغرض محاباة المريض و تمكينه أو ذوي حقوقه من الاستفادة من حقوق لا يستحقونها.
ب/ _حالة تسليم و ثائق و شهادات و تقارير لا تنقل بصدق و أمان حقيقة الفحوص الطبية التي تم إجراؤها على المصاب.
ج/ _حالة تسليم شهـادات و وصفات طبية مزورة إذ ترتب في ذمة الصندوق أثارا مالية و إدارية بالغة الأهمية
و هو سلوك يتنافى و أخلاقيات مهنة الطب.
3_ إفشاء السر المهني: الإفشاء هو الإفضاء بمعلومات محددة للغير و يتحقق الإفشاء إذا أعلن السر بأي وسيلة من طرف من ائتمن عليه، و لا يشترط القانون ذكر اسم صاحب السر و إنما يكفي كشف بعض معالم شخصيته و ليست هناك وسيلة معينة من شأنها أن تحقق الإفشاء.
و في هذا الإطار تقع على الطبيب الخبير عدة التزامات نذكر منها:
أ)_ أن لا يكشف عن سر الفحوص لأي فرد.
ب)_ عدم كشف كل ما يصل من علمه تفصيليا بل يكتفي بالإجابة على الأسئلة و الموضوعات التي طلب الاستفسار عنها.
[1] فكرة: Freedom From. Want >> هي للرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت أثارها أمام الكونعزس في خطابة الشهير في: 06/01/1941.
( [2] ) أ حمية سليمان : آليات تسوية منازعات العمل و الضمان الاجتماعي في القانون الجزائري –ديوان المطبوعات الجامعية-2003 ص175.
( [3] ) الدكتور أحمد حسن البر عي- المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية و تطبيقاتها في القانون المقارن-دار الفكر العربي- الطبعة الأولى- القاهرة 1983- ص227 و ما يليها.
( [4] ) الدكتور أحمد حسن البر عي- المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية و تطبيقاتها في القانون المقارن-دار الفكر العربي- الطبعة الأولى- القاهرة 1983- ص225.
( [5] ) ديب عبد السلام- قانون العمل الجزائري و التحولات الاقتصادية- دار القصبة للنشر-طبعة 2003 ص304 و ما يليها.
( [6] ) الدكتور أحمد حسن البر عي- المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية و تطبيقاتها في القانون المقارن- دار الفكر العربي-1983 ص2
( [7] ) نفس الأحكام تنص عليها المادة 241 من قانون الضمان الاجتماعي الفرنسي.
( [8] ) رفيق سلامة- شرح قانون الضمان الاجتماعي- منشورات الحلبي الحقوقية- 1996- بيروت-ص 81.
( [9] ) أنظر المادة 01 من قانون 83/11 المؤرخ في : 02/07/1983 – قانون الضمان الاجتماعي- المعهد الوطني للعمل- الطبعة الثانية- 2006 ص304.
( [10] ) المادة 13 من قانون 83/11 المؤرخ في 02/07/1983 – قانون الضمان الاجتماعي- ص307.
( [11] ) يستلزم القانون الفرنسي الاستفادة من تعويضات المرض النقدية أي يثبت المؤمن عليه قيامه بعدد معين من ساعات العمل أو اشتراكه خلال فترة محددة في تأمين المرض و عليه أن يثبت أنه قد عمل 200 ساعة خلال 03 أشهر السابقة على العلاج – أحمد حسن البر عي – المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية في القانون المقارن- دار الفكر العربي- سنة 1983 ص 421.
( [12] ) المادة 34 من المرسوم 84-27 المؤرخ في 11/02/1984 المتضمن كيفية تطبيق العنوان الثاني من القانون رقم 83/11 المؤرخ في 02/07/1983 – قانون الضمان الاجتماعي –ص344.
( [13] ) – الدكتور أحمد حسن البر عي المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية و تطبيقاتها في القانون المقارن - دار الفكر العربي –1983- ص498.
( [14] ) عبد السلام ذيب- قانون العمل الجزائري و التحولات الاقتصادية- دار القصبة للنشر- سنة 2003- ص306.
( [15] ) أحمد حسن البر عي- المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية و تطبيقاتها في القانون المقارن- دار الفكر العربي- سنة 1983- ص532. [16] ) يعرفه المشرع الفرنسي في المادة 415 من قانون التأمينات:" بأنه الحادث الذي يحدث بفعل أو بمناسبة العمل لكل أجير أو كل من يعمل بأي صفة أو في مكان لدى واحد أو أكثر من أصحاب العمل أو في مشروع". أنظر كتاب ( المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية و تطبيقاتها في القانون المقارن- أحمد حسن البر عي- دار الفكر العربي- 1983 ص834).
( [17] ) قرار المحكمة العليا- الغرفة الاجتماعية بتاريخ: 11/07/1995 في الملف رقم: 118623 جاء فيه (( من المقرر قانونا أن كل إصابة أو وفاة تطرأ في مكان العمل و أثناء مدته تعتبر نابعة عن العمل و مستوجبة التعويض إلا إذا ثبت العكس، و متى تبين أن مورث الطاعنين توفي على اثر سكتة قلبية و هو يقود شاحنة تابعة للبلدية التي كان يعمل بها و صرحت اللجنة الوطنية للطعون بقبول دعوى حادث عمل اثر الوفاة فإن قضاة الموضوع برفضهم طلب التعويض لعدم التأسيس قد خالفوا القانون و استوجب نقض قرارهم)).
المجلة القضائية- العدد الثاني- سنة 1996 ص 95-96.
( [18] ) تعرف التوصية رقم 67 لسنة 1944 الصادرة عن مؤتمر العمل الدولي المرض المهني بأنه:" كل مرض تكثر الإصابة به بين المشتغلين في مهنة أو حالة تسمم تحدث بسبب المواد المستعملة في مهنة معينة مما يستوجب التعويض عنه باعتباره مرض مهني إذا كان الشخص ضمن من يعملون في تلك المهنة".
احمد حسن البرعي - المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية و تطبيقاتها في القانون المقارن - دار الفكر العربي- 1983 ص842.
( [19] ) أنظر القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 05/05/1996 المحدد لقائمة الأمراض التي تحتمل أن تكون مصدرها مهنيا.
( [20] ) أنظر المواد: 6-6 مكرر من قانون 83/13 المؤرخ في 02/07/1983.
( [21] ) ديب عبد السلام- قانون العمل الجزائري و التحولات الاقتصادية- دار القصبة للنشر- سنة 2003- ص308 و ما يليها.
( [22] ) أنظر المادة 02 من المرسوم التنفيذي 94/187 المعدلة بموجب المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 2000/50 المحدد لتوزيع نسبة الاشتراك في الضمان الاجتماعي.
( [23] ) أحمية سليمان- آليات تسوية منازعات العمل والضمان الاجتماعي- ديوان المطبوعات الجامعية 2003- الصفحة 177.
( [24] يقسمها القانون الفرنسي حسب الأستاذ jacques audinet « contentieux général et le contentieux spécial »
Jaques audinet –sécurité sociale l’imprimerie central de Annaba 1974page 163.
(3) يعرفها قانون الضمان الاجتماعي الفرنسي كما يلي:
« Le Domaine de contentieux générale est très large,il s’étend en principe à tous les litiges relatifs au fonctionnement du régime générale, les litiges relatifs au rapports entre les organismes de sécurité sociale , de nature publique ou privée et leurs usages, contentieux de l’assujettissement du calcul et de recouvrement des cotisations des prestations » Jean-Jaques Dupeyroux- Droit de la sécurité sociale Précis Dalloz 6 eme édition-Dalloz-1975 – page :908
( [25] ( ديب عبد السلام: بعث بعنوان منازعات الضمان الاجتماعي -المجلة القضائية- العدد الثاني لسنة 1996 الصفحة : 14
( [26] ( أنظر كذلك :
-المرسوم التنفيذي97/472 المؤرخ 08/12/1997 المتعلق بتجديد الاتفاقية مابين الصناديق والصيدليات
-القرار المؤرخ في 08/08/1993 المتضمن الاتفاقية النموذجية مابين الصناديق والمراكز الطبية الاجتماعية
-القرار المؤرخ في 08/08/1993 المتضمن الاتفاقية النموذجية ما بين الصناديق وعيادة الولادات التابعة للقطاع الخاص
-التعليمية رقم 22 المؤرخة في 06/02/2000 المتعلقة باستعمال نظام الدفع من قبل الغير
-المنشور رقم 02المؤرخ في 06/02/2000 المتعلق بكيفية استعمال نظام الدفع من قبل الغير
( [27] ( بن صاري ياسين -منازعات الضمان الاجتماعي في التشريع الجزائري -دار هومة الجزائر-ص 14.
( [28] ( قرار محكمة النقض الفرنسية سنة 1990 ًحق كل شخص آخر تضرر ماديا و معنويا وعاطفيا من حادث عمل أصاب قريب يمكن له ملاحقة صاحب العمل استنادا لمبدأ المسؤولية الـمدنية ً(من كتاب الدكتور عامر عبد المالك -الضمان الاجتماعي في ضوء المعايير الدولية والتطبيقات العملية - المجلد الثاني-منشورات الحلبي الحقوقية –بيروت سنة 1998، صفحة 694
( [29] ( قرار المحكمة العليا الغرفة الاجتماعية بتاريخ :12/09/2001في الملف رقم 244881 جاء فيه حالة وقوع حادث عمل أدى إلى الوفاة فإن صندوق ال ضمان الاجتماعي ملزم قانونا بدفع التعويضات لذوي الحقوق استنادا لنص المادة 53:من قانون 83/15 وبالتالي فالدعوى لا تقام أساسا ضد المؤسسة و إنما ضد الهيئة التي تتحمل التعويضات في إطار قانون 83/13...ًمن نشرة القضاة العدد 58 طبعة 2006 صفحة 180ومايليها.
( [30] ( أحمية سليمان -آليات تسوية منازعات العمل والضمان الاجتماعي في القانون الجزائري -ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة الخامسة -2005-صفحة 180.
( [31] ( قرار المحكمة العليا -الغرفة الاجتماعية -بتاريخ 18/12/1998 في الملف رقم : 167320 جاء فيه: ًمن المقرر قانونا أنه يجب تبليغ المؤسسة بكل غياب في ظرف 48 ساعة ولما ثبت في قضية الحال أن الحكم المطعون فيه لما أعتبر إيداع الشهادات الطبية لدى هيئة الضمان الاجتماعي لا يعفي العمل من تبليغ صاحب العمل بها في الآجال القانونية ...وما يؤكد صحة تصريح العامل بأنه بلغ رئيسه بالعطلة المرضية أو قد أودع في مكتب الصندوق نسخة من الشهادات المرضية المسلمة به من طبيب العيون ..وكان على الحكم أن يعتبر التبليغ بالتعليل صحيحا إذا يجوز الاكتفاء بإعلام الصندوق ًالمجلة القضائية - العدد الأول -لسنة 2000 صفحة :105
( [32]) يعرفها الفقه اللبناني على أنها:<<هي تلك الخلافات التي تقوم ما بين المشمول بالضمان و بين الصندوق حول المرض أو القدرة على العمل أو الحالة الصحية، تاريخ الشفاء أو حول معدل العجز و يحل الخلاف بواسطة التحكيم الطبي...>> أنظر كتاب، رفيق سلامة- شرح قانون الضمان الاجتماعي- منشورات الحلبي الحقوقية، 1996، بيروت ص 447.
( [33]) بن صاري ياسين_ منازعات الضمان الاجتماعي في التشريع الجزائري_ دار هومة_ الجزائر ،ص 42 و43.
( [34]) _بن صاري ياسين، منازعات الضمان الاجتماعي في التشريع الجزائري_ دار هومة، صفحة 44.
( [35]) أنظر المواد_ 7و17 من قانون 83/15 المؤرخ في: 02/07/1983.
( [36]) قرار المحكمة العليا_ الغرفة الاجتماعية_ في الملف رقم: 843600 و المؤرخ في: 28/09/1992، المجلة القضائية العدد الرابع، لسنة 1993، الصفحة 102.
( [37]) بن صاري ياسين_ منازعات الضمان الاجتماعي في التشريع الجزائري_ دار هومة_ صفحة:44.
( [38]) أنظر المادة 06 من المرسوم التنفيذي رقم: 05/171 المؤرخ في: 07/05/2005 المحدد لشروط سير المراقبة الطبية للمؤمن لهم اجتماعيا.
( [39]) بن صاري ياسين_ منازعات الضمان الاجتماعي في التشريع الجزائري_ دار هومة_ صفحة 91.
( [40]) الأمر الذي جعل القضاء الفرنسي يصنف هذا النوع من المنازعات تحت نوع:<< Les contentieux disciplinaire des praticiens ou contentieux du contrôle technique. _Jacques Audinet_ sécurité sociale_ 1974_ page 163.
[41] موفق علي عبيد_ المسؤولية الجزائية للأطباء عن إفشاء السر المهني_ مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع_ عمان الأردن_ 1998صفحة:52و53 الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل معاينة صفحة البيانات الشخصي للعضو
King صديق برونزي
البلد : عدد المساهمات : 1708 الجنس : نقاط : 3720 السمعة : 29 العمر : 56
موضوع: رد: منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها السبت فبراير 11 2012, 10:20
ج)_ لا يجب عليه أن يكشف عن المعلومات التي علم بها، أو التي اعترف الشخص المريض بها إذ أنه ملزم بالمحافظة على سر المهنة.
و في علاقته مع هيئة الضمان الاجتماعي فهو ملزم بإعطاء كل الإيضاحات اللازمة لإزالة أي لبس أو غموض على اعتبار أن النتائج المتوصل إليها من طرفه هي التي تحدد نسبة العجز اللاحق بالمؤمن له اجتماعيا و الذي على ضوءه يتحدد المعاش أو التعويض المستحق و هو غير ملزم في إطار هذه العلاقة على كشف كل ما شاهده أو لاحظه أو سمعه من المصاب.
إن هذه الأخطاء و التجاوزات هي التي ترتب مسؤولية الطبيب و هي التي تعطي لهيئة الضمان الاجتماعي حق اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض عن كل الخسائر المالية اللاحقة بها جراء هذه السلوكات التي يقع عليها عبأ إخطار اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي بكل هذه الخروقات و التجاوزات أو حالات الغش عند معاينتها في إطار المراقبة الطبية طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 10 من المرسوم رقم: 05/171 المؤرخ في: 07/05/2005 المحدد لشروط سير المراقبة الطبية للمؤمن لهم اجتماعيا.
و مما سبق نلاحظ أن مجال المنازعات التقنية مجالها هو كل المخالفات و التجاوزات و الأخطاء التي يرتكبها الأطباء الممارسين في إطار علاقاتهم مع هيئات الضمان الاجتماعي و في إطار ممارستهم للمراقبة الطبية، الأمر الذي جعل القضاء الفرنسي يصنفها على أنها منازعات تأديبية أو المنازعات الناجمة عن أعمال المراقبة الطبية. المطلب الرابع: المنازعات المتعلقة بالتعويض عن الخطأ
ليست كل منازعات الضمان الاجتماعي ذات طابع عام طبي و تقني، ففي الكثير من الحالات تكون المنازعة مدنية من اختصاص القضاء المدني إذ تخضع للقواعد العامة في التعويض، و عادة ما تتعلق هذه المنازعات بالأخطاء الواقعة بصفة عمدية أو غير عمدية من صاحب العمل أو من يتبعه أو من الغير، و هي حالات تختلف من حيث التسوية عن المنازعات الأخرى للضمان الاجتماعي ففي هذه الحالات يمكن اللجوء إلى القضاء المختص مباشرة دون المرور على اللجان و هذا ما سوف يأتي بيانه في ما يلي: الفرع الأول: دعوى التعويض في حالة خطأ صاحب العمل
في هذه الدعوى نكون أمام وضعيتين:
أولا: في حالة مسؤولية صاحب العمل الذاتية: الأصل أنه لا يجوز التمسك بالتعويضات المستحقة من صاحب العمل، إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه على أساس أحكام المسؤولية المدنية.
حيث نصت المادة 45 من قانون 83/15 المؤرخ في 02/07/1983 على ما يلي: <<يتمثـل الخطأ غير المعذور و الصادر من صاحب العمل في توافر إحدى الشروط التالية:
_ خطأ ذو خطورة استثنائية.
_ خطأ ينجم عن فعل أو عن تغاض متعمد.
_ خطأ ينجم عن إدراك صاحب العمل بالخطر الذي يسببه.
_ عدم استقلال صاحب العمل بأي فعل مبرر>>.
واضح من خلال التمعن في قراءة مضمون هذه المادة أن ما حددته كشروط هي في الأصل التزامات صاحب العمل فيما يخص الجوانب المتعلقة بالأمن و الحماية و الوقاية الواجب أن تتوفر في مكان العمل الذي يجب أن يستجيب للتصاميم و التهيئة المنصوص عليها في قانون 88/07.
إذ عندما يثبت ارتكاب صاحب العمل أحد الأخطاء المذكورة سلفا يحق للعامل المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقته أمام الجهات القضائية.
و العامل المصاب في هذه الحالة يستطيع الجمع بين تعويضين عن نفس الضرر بما لا يتجاوز جبر هذا الضرر، فالتزام هيئة الضمان الاجتماعي بتعويض العامل المصاب لا يمنع التزام صاحب العمل بتعويضه طبقا لأحكام القانون المدني، إلا أن هذين الالتزامين متحدين في الغاية ( [1]) و هي جبر الضرر جبرا متكافئا له، لذلك لا يجوز ّأن يكون التعويض زائدا على الضرر إذ أن كل زيادة تعتبر إثراء على حساب الغير بدون سبب.
و يمكن للمصاب أن يباشر الدعوى بنفسه كما يمكن لهيئة الضمان الاجتماعي أن تحل محله للقيام بذلك.
ثانيا: في حالة مسؤولية صاحب العمل عن أعمال تابعيه: و هي حالة أن يتسبب شخص من التابعين لصاحب العمل في إلحاق ضرر بالعامل جراء خطأ ارتكبه فماذا عن إمكانية الرجوع على صاحب العمل على أساس مسؤولية المتبوع عن الأعمال التي يرتكبها تابعه؟
استقر الفقه و القضاء على جواز الرجوع على صاحب العمل باعتباره متبوعا طبقا لقواعد المسؤولية عن أعمال التابعين مبررا ذلك بأن هذه المسؤولية مصدرها القانون، فإذا لحق بالعامل ضرر بفعل أحد التابعين جاز للعامل استنادا للقواعد العامة للمسؤولية عن أعمال التابعين الرجوع على صاحب العمل لكن هل يجوز له الجمع ما بين التعويضين؟ أي التعويض المقرر في قانون الضمان الاجتماعي و التعويض المستحق بوصف صاحب العمل مسؤول عن أعمال تابعيه طبقا لقواعد القانون المدني في هذه الحالة يجوز الجمع ما بين التعويضين و تنقضي فكرة الإثراء بلا سبب لأن المبالغ التي حصل عليها المصاب أو ذوي حقوقه تتعدد بتعدد المصادر، فالحقوق التأمينية مصدرها الاشتراكات التي تؤدى للهيئة أما مصدر التعويض طبقا للقواعد العامة فهو الفعل الضار و لما كان صاحب العمل يلزم بدفع التعويض بوصفه ضامنا و ليس باعتباره مسؤولا مسؤولية ذاتية عن خطأ ارتكبه فإن من حق العامل أن يطالبه بالحصول على تعويض لما أصابه من ضرر وفقا لقواعد مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه ( [2]). الفرع الثاني: دعوى التعويض عن خطأ الغير
يمكن للعامل المصاب الرجوع بدعوى التعويض على الغير المسؤول عن وقوع الحادث و له في هذا الشأن أن يرفع دعويين:
الأولى: دعوى ضد هيئة الضمان الاجتماعي: و هي في حالة ما إذا تقاعست هذه الأخيرة في أدائها لالتزاماتـها و أساس هذه الدعوى مصدرها التزامات هيئة الضمان الاجتماعي بأدائها للمؤمنين اجتماعيا حقوقهم التأمينية المقررة بموجب القانون.
الثانية: دعوى ضد الغير المسؤول عن الحادث: و هي الحالة المنصوص عليها في المادة 51 من قانون 83/15 إذ نصت على ما يلي:<<إذا تسبب في حادث شخص غير صاحب العمل يحتفظ المصاب أو ذوي حقوقه بالحق في طلب التعويض على الضرر الذي يلحق به طبقا لقواعد القانون العام>>.
و مصدر هذه الدعوى القواعد العامة في المسؤولية المدنية و لا يوجد أدنى تعارض بين الدعويين لكن يشترط أن يكون ذلك في جبر الضرر جبرا كاملا حيث لا يجوز أن يكون التعويض زائدا عن الضرر إذ أن كل زيادة تعتبر إثراء على حساب الغير بدون سبب، و تمنح الأداءات للمصاب على الفور من قبل هيئة الضمان الاجتماعي دون الإخلاء بالشروط المنصوص عليها في القانون.
و يمكن رفع الدعويين في آن واحد على اعتبار أن الأساس الذي تعتمد عليه كلا الدعويين يختلف من دعوى إلى أخرى و ليس هناك ما يمنع من الجمع بين الحقين.
الفرع الثالث: دعوى هيئة الضمان الاجتماعي ضد المتسبب في الحادث
رأينا أن هيئة الضمان الاجتماعي تلتزم و منذ وقوع الحادث بأداء الحقوق التأمينية و التعويضات المستحقة للمصاب و ذو حقوقه بغض النظر عما تسفر عنه الدعوى المدنية المرفوعة على صاحب العمل _في حالة وقوع خطأ من جانبه أو باعتباره مسؤولا عن أعمال تابعيه_ أو الدعوى المرفوعة على الغير المسؤول عن الحادث، فالهيئة و في جميع الحالات تقوم بأداء الحقوق المقررة للمصاب أو ذوي حقوقه بموجب القانون. ) [3] ( .
المطلب الخامس: المنازعات المتعلقة بدعاوى تحصيل المبالغ المستحقة:
يعتمد نظام الضمان الاجتماعي في تمويله كليا و جزئيا على اشتراكات أصحاب العمل و هي اشتراكات إجبارية بقوة القانون إذ تنص المادة 17 من قانون 83/14 على ما يلي:<<يقع دفع الاشتراكات الضمان الاجتماعي على ذمة صاحب العمل>> و تعتبر المنازعات المتعلقة بتحصيل الاشتراكات منازعات مبسطة الغرض منها تسهيل عمل الصندوق في هذا المجال، و يقسمها المشرع الجزائري من حيث الإجراءات إلى التحصيل العادي و التحصيل الجبري.
الفرع الأول: الإجراءات الإدارية
تتمثل أولى هذه الإجراءات في إنذار المكلف أو المدين صاحب العمل من أجل تسوية و ضعيته اتجاه هيئة الضمان الاجتماعي و ذلك بدفع ديونه خلال مهلة 20 يوما التي تلي الإنذار.
أما الإجراء الثاني فهو التحصيل عن طريق إدارة الضرائب إذ خولت المادة 58 من قانون 83/15 لهيئة الضمان الاجتماعي عند عدم تسوية وضعيته بعد انقضاء أجل الإنذار إلى تحصيل المبالغ المستحقة عن طريق إدارة الضرائب كما سوف يأتي بيانه بالتفصيل في الفصل الثاني. الفرع الثاني: إجراءات الملاحقة القضائية
لقد منح المشرع لهيئة الضمان الاجتماعي إمكانية ملاحقة المدين قضائيا، إذا لم يمتثل للإنذار المرسل له و ترفع الملاحقة أمام رئيس القسم الاجتماعي للجهة القضائيـة المختصة في نموذج خاص يعد لهذا الغرض يتضمن هوية المديـن و مهنته، موطنه و مقدار المبلغ المستحق المطالب به و سببه مرفق بجميع الوثائق الثبوتية. _2_من حيث الاختصاص و الصلاحيات: تختص اللجنة الولائية للطعن المسبق بالنظر في الطعون المتعلقة بتخفيض الغرامات و الزيادات المتعلقة بتحصيل الاشتراكات
و المنازعات المتعلقة بالانتساب كما تنظر اللجنة في الطعون المرفوعة إليها من المؤمنين أو من أصحاب العمل ضد القرارات التي تتخذها هيئات الضمان الاجتماعي.
أما صلاحياتها فتتمثل في مراجعة هذه القرارات لاسيما في مجال الأداءات العينية
و النقدية المستحقة للمؤمن له أو ذوي حقوقه، كما تكون قراراتها التي تتخذها بشان طلبات الإعفاء من الغرامات و الزيادات المقدمة من طرف المستخدمين بصفة ابتدائية و نهائية أي تفصل فيها كأول و آخر درجـة.
_3_من حيث سير أعمالها: تجتمع هذه اللجنة في دورة عادية مرة كل 15 يوما بناءا على استدعاء من رئيسها، و يمكنها أن تجتمع في دورة غير عادية بناءا على طلب من رئيسها أو من ثلثي2 /3 أعضائها و تصح اجتماعاتها إذا حضرها غالبية الأعضـاء ، و تصح في كل الأحوال بعد استدعاءان و مهما يكن عدد الحاضريـن و تتخذ قراراتها بالأغلبية و يرجح صوت الرئيس عند تساوي الأصوات.
و تبت اللجنة في الاعتراضات المرفوعة إليها خلال شهر (01) الموالي لتاريخ استلام أمانتها للعريضة و ذلك بواسطة رسالة موصي عليها مع إشعار بالوصول أو بواسطة طلب يودع لدى الأمانة مقابل وصل استلام. الفرع الثاني: اللجنة الوطنية للطعن المسبق
أنشئت هذه اللجنة بموجب القانون رقم: 86/15 المؤرخ في: 29/11/1986 المتضمن قانون المالية لسنة 1987 تحت اسم اللجنة الوطنية للطعن الأولى و التي أصبحت بعد التعديل بموجب المادة 04 من القانون 99/10 تعرف باسم <<اللجنة الوطنية للطعن المسبق>>. و تعتبر هذه الهيئة بمثابة جهة استئناف تنظر في الاستئنافات المرفوعة إليها بشأن القرارات الصادرة عن اللجنة الولائية للطعن المسبق.
1_ من حيث التشكيلة و العضوية: تتشكل اللجنة الوطنية للطعن المسبق من ممثلين يعينون من بين أعضاء مجلس الإدارة و يكون مقرها المديرية العامة لكل هيئة للضمان الاجتماعي.
نصت المادة 09 مكرر/2 المعدلة بالمادة 04 من قانون 99/10 على ما يلي:<<و تتشكل من:
_ ثلاثة ممثلين(03) عن العمال.
_ ثلاثة(03) عن أصحاب العمل.
_ ممثل واحد(01) عن الإدارة.
يتولى أمانة كل لجنة أحد أعوان هيئة الضمان الاجتماعي...>>.
يعين أعضاء اللجنة الوطنية للطعن المسبق لمدة أربع(04) سنوات قابلة للتجديد بموجب قرار من الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي و يتولى ممثل الإدارة رئاسة اللجنة.
2_ من حيث الاختصاص و الصلاحيات: تنظر هذه اللجنة في جميع الاستئنافات المرفوعة ضد القرارات الصادرة عن لجان الطعن الولائية و من ذلك القول بأن لجنة الطعن الوطنية تعتبر بمثابة درجة ثانية من درجات الطعن الإداري و يتمثل دورها أساسا في مراجعة قرارات اللجان الولائية للطعن المسبق و ذلك إما بتأكيد صحتها أو بإلغائها في حالة عدم تطابقها مع تشريع الضمان الاجتماعي ) [8] ( .
3_من حيث سير أعمالها: تجتمع اللجنة الوطنية للطعن المسبق في دورة عادية مرة كل شهر بناءا على استدعاء من رئيسها و تتجمع كذلك عند الضرورة في دورة استثنائية بطلب من الرئيس أو من2/3 الأعضــاء و تصح اجتماعاتها بالأغلبية.
و تبت اللجنة في الاستئناف أو الاعتراض في أجل شهر يحسب من تاريخ تمكنها من عريضة المعني بقرار يتخذ بالأغلبية، و تختم أعمالها بمحضر مداولات يتضمن كل القرارات المتخذة يرسل للمصادقة عليه في أجل 15 يوما إلى السلطة الوصية و لهذه الأخيرة أجل شهر(01) للبث في محضر المداولات ( [9]). الفرع الثالث: التكييف القانوني لهذه اللجان و قراراتها
1_إلزامية الطعن قبل اللجوء إلى القضاء: ألزم المشرع المؤمن لهم و كذا أصحاب العمل باللجوء أمام لجان الطعن المسبق قبل اللجوء إلى القضاء و عدم سلوك طريق الاعتراض أمام هذه اللجان يعرض دعواهم لعدم القبول إذ نصت المادة 06 من القانون 83/15 المعدلة بموجب المادة 02 من قانون 99/10 على ما يلي:<<ترفع الاعتراضات التي تتعلق من حيث طبيعتها بالمنازعات العامة إلى لجان الطعن المسبق المنصوص عليها أدناه قبل اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة>>.
فهذا الإجراء هو قيد على رفع الدعوى و أثر تخلفه يؤدي إلى عدم القبول، و المشرع لما أقره جعله كوسيلة افترض فيه ان يحقق الغرض و الهدف المسطر له ألا و هو تسوية النزاع من جهة و التسهيل على المؤمن من جهة أخرى، و بالتالي يشبع حاجة هذا الأخير من الحماية القانونية مما يجعل الدعوى المرفوعة بدون استيفاء هذا القيد دعوى قائمة على مصلحة محتملة فهي غير مقبولة ( [10]).و هذا ما نقرأه من اجتهادات المحكمة العليا و كذلك ما كرسته بعض التشريعات العربية في قوانينها و من بينها المشرع المصري ( [11]).
2_التكييف القانوني لقرارات لجان الطعن: إن لجان الطعن المسبق المختصة بالنظر و فحص المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون الضمان الاجتماعي، و إن كانت بحكم تشكيلها لجانا إدارية إلا أن المشرع حدد اختصاصاتها في تسوية المنازعات التي تنشأ ما بين هيئات الضمان الاجتماعي و المؤمن لهم أو ذوي حقوقهم و أصحاب العمل بالطرق الودية بقصد تصفيتها و لم يعهد إليها سلطة الفصل في ذلك، فإنها بالتالي لا تعد من قبيل الجهات الإدارية و لا يمكن اعتبار قراراتها قرارات إدارية، ذلك أن القرارات الإدارية هي تلك التي تفصح بها الإدارة عن إرادتها الملزمة بمالها من سلطة بمقتضى القانون و اللوائح بقصد إحداث مركز قانوني معيـن و يكون ممكنا و جائزا ابتغاء تحقيق مصلحة عامة.
3_ الآثار المترتبة على الطعن في قرارات اللجان: نصت المادة 11/1 من قانون 83/15 المعدلة بالمادة 06 من قانون 99/10 على ما يلي:<<في حالة تقديم الاعتراض على القرار الصادر عن هيئة الضمان الاجتماعي يتوقف تنفيذ القرار المطعون فيه إلى أن يتم البت فيه نهائيا...>>، يفهم من هذا النص أن للطعن أمام اللجان أثر موقف ما عدا نصت عليه ذات المادة في فقرتها الثانية:<<لا يوقف رفع الاعتراض إلى اللجنة الولائية للطعن المسبق أو اللجنة الوطنية للطعن المسبق، دعوى الصندوق في حالتي عدم التصريح بالنشاط أو عدم طلب الانتساب المنصوص عليها في القانون رقم: 83/14 المؤرخ في: 02/07/1983 و المتعلق بالتزامات المكلفين في مجال الضمان الاجتماعي>>. و معنى هذا أن قرارات الضمان الاجتماعي لا تسري أثارها في حق الأطراف إلا حين الفصل إداريا و بصفة نهائية في النزاع و تبليغ القرار المتخذ من قبل اللجنة للمعنيين به ماعدا حالات عدم التصريح أو عدم الانتساب فالاعتراض بشأنها أمام اللجان ليس له أثر موقف و يمكن من خلال ما سبق أن نحصر أثار الطعن أمام اللجان في ما يلي:
أ_ إن أجال الطعن أو الاعتراض أمام لجان الطعن المسبق لا تسري إلا من تاريخ بتبليغ القرار للمعني.
ب_ إن الاعتراض أو الطعن أمام اللجان له أثر موقف إلا ما استثناه القانون.
عدل سابقا من قبل King في السبت فبراير 11 2012, 10:23 عدل 1 مرات
King صديق برونزي
البلد : عدد المساهمات : 1708 الجنس : نقاط : 3720 السمعة : 29 العمر : 56
موضوع: رد: منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها السبت فبراير 11 2012, 10:21
المطلب الثاني: إجراءات تسوية المنازعات الطبية
لما كان سعي المشرع هو إعطاء أكثر سرعة و مرونة في تسوية المنازعات الطبية التي تنشأ ما بين المؤمن لـه و ذوي حقوقه و مختلف هيئات الضمان الاجتماعي فإنه لم يتأخر عن تنظيمها بإجراءات و أجهزة خاصة جعلها الأصل في تسوية المنازعة الطبية و لهذا الغرض هناك إجراءين أقرهما المشرع لفحص هذه الاعتراضات هما: الخبرة الطبية، و لجنة العجز. الفرع الأول: الخبرة الطبية
تعتبر الخبرة الطبية و اللجوء إليها بمثابة التحكيم الطبي و كإجراء أولي وجوبي لتسوية النزاع الطبي داخليـا و نكون بصددها عندما يرفع احتجاج ضد القرارات الصادرة عن هيئة الضمان الاجتماعي و التي تتخذ بناءا على رأي الطبيب المستشار حول حالة العجز أو المرض أو الإصابة اللاحقة بالمؤمن له إذ نصت المادة 07 من قانون 83/15 على ما يلي:<<تتم تسوية الخلافات التي تلحق من حيث طبيعتها بالمنازعات الطبية في إطار إجراءات خاصة بالخبرة الطبية>>.
كما نصت المادة 17 من ذات القانون على ما يلي:<<تخضع وجوبا جميع الخلافات ذات الطابع الطبـي و ذلك في المرحلة الأولية لإجراءات الخبرة الطبية الواردة تحديدها في مواد هذا الباب>>.
1_ إجراءاتها: المبدأ أن هيئة الضمان الاجتماعي تشعر المصاب بجميع القرارات المتخذة بشأن حالته الصحية في ظرف 08 أيام ) [12] ( التالية لتاريخ صدور رأي الطبيب المستشار و ذلك لتمكينه من طلب الخبرة و لابد أن يكون التبليغ صحيحا بمعنى أن يبلغ المعني به شخصيا و أن يتم ذلك بصفة رسمية إذ نصت المادة 08 فقرة 02 من المرسوم التنفيذي رقم: 05/171 المؤرخ في: 07/05/2005 المحدد لشروط سير المراقبة الطبية على ما يلي:<<...يسلم الاستدعاء للمراقبة الطبية إما مباشرة للمؤمن له اجتماعيا على مستوى صندوق الضمان الاجتماعي الذي ينتمي إليه مقابل وصل استلام أو إذا تعذر ذلك يرسل بواسطة البريد المضمن مع الإشعار بالاستلام، يجب أن يجدد الاستدعاء مرة واحدة بعد 15 يوما في حالة عدم الرد>>.و عدم ثبوت ( [13]) التبليغ بصفة رسمية بقرار الهيئة يجعل المؤمن له في المطالبة بإجراء الخبرة حقا قائما، و الملاحظ كذلك أن أطراف الخبرة هما المريض و هيئة الضمان الاجتماعي و السؤال الذي يطرح في هذا الشأن هو هل يجوز لصاحب العمل طلب إجراء الخبرة على المؤمن له المصاب طالما أنه يقوم بدفع الاشتراكات عن ذات العامل؟ و بالنتيجة هل يخول له الاعتراض على نتائج الخبرة؟ الأصل أن أطراف الخبرة هما المريض المؤمن له وهيئة الضمان الاجتماعي، و الثابت كذلك أن في فترة المرض أو العجز فإن الهيئة التي تتكفل بدفع التعويضات اليومية للمريض، و لها الحق خلال هذه الفترة في مراقبة حالته الصحي و تطورها بإجراء خبرة طبية إذا رأت ضرورة لذلك و لا يدخل في اختصاص المستخدم طلب إجرائها،وهو الأمر الذي استقرت عليه اجتهادات المحكمة العليا ( [14]).
2 _تعيين الخبير و إنجاز الخبرة: يتم اختبار الطبيب الخبير باتفاق الطرفين من ضمن قائمة الخبراء المعدة من قبل مديرية الصحة، لكن في حالة عدم الاتفاق يعين الطبيب الخبير من قبل مدير الصحة في ظرف 10 أيام تحسب من يوم استلام المديرية للإشعار من هيئة الضمان الاجتماعي، و يباشر الطبيب الخبير أعماله بعد تمكنه من بعض المعطيات التي تخص المريض و كذا المتعلقة بمهمته كطبيب خبير و التي تزودها به هيئة الضمان الاجتماعـي و هي تتعلق بالعناصر التالية:
يقـوم الطبيب باستدعاء المريض في ظرف 08 أيام التي تلي تبليغه بالمهمة و يحدد في الاستدعـاء اليـوم
و الساعة و المكان المحددين لإجراء الفحص، و عند الانتهاء من عمليات الخبرة يقوم الطبيب الخبير بإعداد تقريره الطبي الذي يتضمن خلاصة النتائج المتوصل إليها بشأن حالة المريض و نسبة العجز اللاحق به مع إطلاع كل من المؤمن له و هيئة الضمان الاجتماعي بهذه النتائج في أجل 03 أيام تسري من تاريخ إجراء الخبرة و يجب أن تكون أعمال الخبير معللة و مسببة.
3_إلزامية نتائج الخبرة: نصت المادة 25 من القانون 83/15 على ما يلي:<<يلزم الأطراف نهائيا بنتائج الخبرة التي يبديها الطبيب الخبير>>. إذا فالنتائج التي يتوصل إليها الخبير في نهاية تقريره ملزمة للطرفين أي للمؤمن له و ذوي حقوقه و لهيئة الضمان الاجتماعي إلا ما استثناه القانون 83/15 في نص المادة 30 و هي الاعتراضات المتعلقة بحالات العجز و التي يمكن الطعن فيها أمام اللجنة الولائية للعجز، مع بقاء حق كل طرف في اللجوء إلى القضاء إذا تعلق الأمر بالحالات المذكورة في المادة 26 من القانون 83/15 و هي تخص المسائل التالية:
_ سلامة إجراءات الخبرة.
_مطابقة قرار هيئة الضمان الاجتماعي لنتائج الخبرة.
_الطابع الدقيق و الكامل و غير المشوب باللبس لنتائج الخبرة.
_ضرورة تجديد الخبرة و تتميمها.
_الخبرة القضائية في حالة استحالة الخبرة الطبية على المعني بالأمر.
و في هذه الحالة أي حالة اللجوء إلى القضاء لابد على هيئة الضمان الاجتماعي أن تمكن المعني بنسخة من تقرير الخبرة حتى يتسنى له الدفع بها أمام القضاء، إذ أن احتجاز الخبرة كوثيقة يعد وجه من أوجه الالتماس ( [15]).
4- طبيعة طلب اللجوء إلى الخبرة الطبية: أوجبت المادة17 من قانون 83/15 أن تخضع جميع الخلافات ذات الطابع الطبي في مرحلة أولية لإجراءات الخبرة الطبية، وذلك بأن يقدم المعني طلبه إلى هيئة الضمان الاجتماعي، في أجل شهر واحد من تاريخ تبليغه بقرار هيئة الضمان الاجتماعي والذي يكون في خلال 08 أيام تسري من تاريخ صدور القرار، لكن ماذا لو فضل المؤمن له اللجوء إلى القضاء مباشرة دون المرور على طلب إجراءات الخبرة الطبية، فما مصير دعواه؟
إن المشرع الجزائري ومن خلال القانون 83/15 لم يجيبنا على هذا الإشكال لكنه على الأرجح أنه لن تقبل دعواه لعدم استيفائها للقيد ألا وهو المرور على إجراءات الخبرة الطبية مادام أن المادة 17 من ذات القانون قد أوجبت أن يخضع كل نزاع طبي في مرحلته الأولى إلى إجراءات الخبرة الطبية.
غير أن المشرع المصري ) [16] ( اتخذ في شأن هذه المسألة موقفا آخر إذ جعل قرار لجنة التحكيم ملزما للمعني به متى طلبه، لكن هذا لا يسلب حق المؤمن له في اللجوء مباشرة إلى القضاء، بمعنى أن الالتجاء إلى التحكيم الطبي هو طريق اختياري للمؤمن له.
الفرع الثاني: الطعن أمام اللجنة الولائية للعجز:
تم إنشاءها بموجب المادة 30 من القانون 83/15 المعدلة بالمادة 10 من القانون 99/10 وتم تنظيم سير أعمالها بموجب المرسوم التنفيذي رقم: 05/433 المؤرخ في 08/11/2005 وتتولى هذه اللجنة النظر في الاعتراضات والطعون التي ترفع إليها ضد القرارات الصادرة عن هيئات الضمان الاجتماعي والمتعلقة بحالات العجز المتخذة طبقا لنتائج الخبرة الطبية باعتبارها لجنة طعن وهي مكلفة قانونا بتحديد سبب وطبيعة المرض أو الإصابة تاريخ الشفاء أو حالة العجز ونسبته.
1- من حيث التشكيلة والعضوية: تتشكل اللجنة الولائية للعجز ) [17] ( من :
- مستشار لدى المجلس القضائي يعينه رئيس المجلس القضائي المختص إقليميا وهو رئيس اللجنة.
- طبيب خبير يعينه مدير الصحة بالولاية من قائمة يعدها الوزير المكلف بالصحة بعد أخذ رأي مجلس أخلاقيات المهنة
- ممثل عن الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي يعين من بين الأعوان التابعين لقطاع الضمان الاجتمـاعي
- ممثلين اثنين (02) عن العمال الأجراء من بينهما عامل ينتمي للقطاع العمومي بناءا على اقتراح من المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني.
- ممثل واحد عن العمال الغير أجراء بناءا على اقتراح المنظمة المهنية التي تضم أكبر عدد من المنخرطين في نظام غير الأجراء على المستوى الوطني.
- يتولى أمانتها أحد أعوان هيئة الضمان الاجتماعي له صفة الطبيب المستشار يعينه المدير العام لهيئة الضمان الاجتماعي.
ويعيـن هؤلاء الأعضاء لمدة 04 سنوات قابلة للتجديد بقرار من الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي بنـاءا على اقتراح من السلطات والهيئات التي يتبعونها و تعقد اللجنة اجتماعاتها كلما دعت الضرورة إلى ذلك بناءا على استدعاء من رئيسها بمقر الوكالة، ولا تصح مداولتها إلا إذا حضر اجتماعاتها أربعة(04) من أعضائها على الأقل تحت طائلة بطلان قراراتها ومنهم خاصة الرئيس والطبيب الخبير ) [18] ( وتتخذ قراراتها بالأغلبية وفي حالة تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس.
2- من حيث اختصاصاتها وسير أعمالها: تبت اللجنة الولائية للعجز في الاعتراض خلال شهرين(02) اعتبارا من تاريخ استلامها له وتصدر قراراتها معلله.
ويجيز القانون للجنة عند مباشرة أعمالها أن تستعين بأي طبيب أخصائي لفحص صاحب الاعتراض كما يجوز لها أن تأمر بإجراء كل فحص طبي إضافي للمؤمن له كلما رأت ضرورة لذلك وفي هذا الشأن فاللجنة صلاحيات واسعة للقيام بجميع الفحوصات اللازمة على المؤمن له صاحب الاعتراض بهدف تحديد أصل المرض وطبيعته وكذا التحقق من تاريخ الشفاء ونسبة العجز كما تقوم اللجنة عند اختتام أعمالها بإرسال محاضر اجتماعاتها إلى مدير وكالة الضمان الاجتماعي المعنية في أجل 20 يوما من تاريخ انعقاد اجتماع اللجنة يوقع عليها كل من الرئيس وتبلغ قراراتها إلى المعنيين بها في أجل 20 يوما مقابل وصل استلام من قبل أمين اللجنة.
. 3- من حيث القرارات التي تصدرها: لقد حدد المشرع مهلة (02) شهرين للجنة الولائية للعجز لكي تصدر قراراتها في الاعتراضات المرفوعة إليها تحسب من تاريخ استلام أمانتها لعريضة الاعتراض في قرار الهيئة وأوجب القانون كذلك بأن تكون قراراتها معللة ومسببة وخالية من أي تناقض أو إغفال لتطبيق القانون وذلك بتقديم الأسباب والأدلة المعتمدة في اتخاذ القرار وهذا لأجل تمكين القاضي عند نظره في النزاع المعروض عليه من الوقوف على مدى إلمام قرار اللجنة بظروف النزاع انطلاقا من الوثائق التي يحتويها الملف الطبي المتضمن لنتائج الفحوصات الطبية وكذلك أراء الطبيب المعالج والطبيب المستشار ونتائج الخبرة مع مراعاة الأحكام المتعلقة بتشكيل اللجنة ) [19] ( وتسمية أعضائها وصفتهم عند إعداد القرار، بمعنى أن يكون قرار اللجنة سليما من حيث الشكل والموضوع ويبقى القرار الذي تصدره هذه اللجنة قابل للطعن أمام الجهة القضائية المختصة كما أنه قد يشبع حاجة الأطراف من الحماية القانونية ويؤكد لهم حقوقهم ومراكزهم القانونية وبالتالي يمكن لهم الاستغناء عن استعمال هذا الحق في اللجوء إلى القضاء، و يشبه قرار هذه اللجنة من حيث الشكل و المضمون إلى حد بعيد الأحكام القضائية على اعتبار أنها تصدر مسببة والطعن فيها جائز.
المطلب الثالث: إجراءات تسوية المنازعات التقنية:
لقد أسند المشرع الجزائري مسألة تسوية الاحتجاجات التي قد تثور بشأن تقصير الأطباء الممارسين بمناسبة تدخلهم في إطار العلاقات التي تربطهم بهيئات الضمان الاجتماعي وأثناء قيامهم بمهامهم بفحص المؤمن لهم اجتماعيا إلى لجنة أطلق على تسميتها اللجنة التقنية حيث نصت المادة 40 من قانون 83/15 على ما يلي:" تنشأ لجنة تقنية تختص بالبث الأولى في كل الخلافات الناتجة عن ممارسة النشاطات الطبية التي لها علاقة بالضمان الاجتماعي ويمكن الطعن في قراراتها أمام الجهات القضائية المختصة "، ونظم كيفية سير أعمالها المرسوم التنفيذي 04/235 المؤرخ في 09/08/2004 والذي سماها " اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي".
لكن التساؤل الذي يثار هنا كيف كانت تحل هذه المنازعات قبل صدور المرسوم المذكور؟ بالنظر إلى خصوصية هذه المنازعات من حيث طبيعة الخلاف ذو الطابع الطبي والتقني من جهة وبالنظر إلى أنه لا يمكن السكوت عن الأخطاء والتجاوزات التي قد ترتكب عند ممارسة العمل الطبي وجد المشرع الحل في مدونة أخلاقيات الطب لتغطية هذا الفراغ الذي لم يغطه القانون 83/15.
حيث نصت المادة 02 من المرسوم 92/276 المؤرخ في 06/07/1992 المتضمن مدونة أخلاقيات الطب على ما يلي: تفرض أحكام هذه المدونة لأخلاقيات الطب على كل طبيب أو جراح أسنان أو صيدلي أو طالب في الطب أو في جراحة الأسنان في الصيدلية مرخص له بممارسة المهنة وفق الشروط المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما" ومن ثم فإن هذه المدونة وما تتضمنه من قواعد وأحكام فإنها تطبق على كل الأطباء وجراحي الأسنان أو الصيدلي أي كان اختصاصهم أو صفتهم أو مكان عملهم وبالتالي يمكن في هذا الإطار لهيئات الضمان ) [20] ( الاجتماعي والمؤمن لهم أن يرفعوا دعاوي تأديبية أمام الفروع الجهوية المختصة ضد أي طبيب أو صيدلي أو جراح أسنان يرتكب خطأ، تجاوزا أو غشا في إطار ممارسته لنشاطه الطبي وذلك عند فحص المؤمنين اجتماعيا
King صديق برونزي
البلد : عدد المساهمات : 1708 الجنس : نقاط : 3720 السمعة : 29 العمر : 56
موضوع: رد: منازعات الضمان الاجتماعي و دور القاضي فيها السبت فبراير 11 2012, 10:22
إن المشرع الجزائري ومن خلال القانون 83/15 لم يجيبنا على هذا الإشكال لكنه على الأرجح أنه لن تقبل دعواه لعدم استيفائها للقيد ألا وهو المرور على إجراءات الخبرة الطبية مادام أن المادة 17 من ذات القانون قد أوجبت أن يخضع كل نزاع طبي في مرحلته الأولى إلى إجراءات الخبرة الطبية.
غير أن المشرع المصري ) [16] ( اتخذ في شأن هذه المسألة موقفا آخر إذ جعل قرار لجنة التحكيم ملزما للمعني به متى طلبه، لكن هذا لا يسلب حق المؤمن له في اللجوء مباشرة إلى القضاء، بمعنى أن الالتجاء إلى التحكيم الطبي هو طريق اختياري للمؤمن له.
الفرع الثاني: الطعن أمام اللجنة الولائية للعجز:
تم إنشاءها بموجب المادة 30 من القانون 83/15 المعدلة بالمادة 10 من القانون 99/10 وتم تنظيم سير أعمالها بموجب المرسوم التنفيذي رقم: 05/433 المؤرخ في 08/11/2005 وتتولى هذه اللجنة النظر في الاعتراضات والطعون التي ترفع إليها ضد القرارات الصادرة عن هيئات الضمان الاجتماعي والمتعلقة بحالات العجز المتخذة طبقا لنتائج الخبرة الطبية باعتبارها لجنة طعن وهي مكلفة قانونا بتحديد سبب وطبيعة المرض أو الإصابة تاريخ الشفاء أو حالة العجز ونسبته.
1- من حيث التشكيلة والعضوية: تتشكل اللجنة الولائية للعجز ) [17] ( من :
- مستشار لدى المجلس القضائي يعينه رئيس المجلس القضائي المختص إقليميا وهو رئيس اللجنة.
- طبيب خبير يعينه مدير الصحة بالولاية من قائمة يعدها الوزير المكلف بالصحة بعد أخذ رأي مجلس أخلاقيات المهنة
- ممثل عن الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي يعين من بين الأعوان التابعين لقطاع الضمان الاجتمـاعي
- ممثلين اثنين (02) عن العمال الأجراء من بينهما عامل ينتمي للقطاع العمومي بناءا على اقتراح من المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني.
- ممثل واحد عن العمال الغير أجراء بناءا على اقتراح المنظمة المهنية التي تضم أكبر عدد من المنخرطين في نظام غير الأجراء على المستوى الوطني.
- يتولى أمانتها أحد أعوان هيئة الضمان الاجتماعي له صفة الطبيب المستشار يعينه المدير العام لهيئة الضمان الاجتماعي.
ويعيـن هؤلاء الأعضاء لمدة 04 سنوات قابلة للتجديد بقرار من الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي بنـاءا على اقتراح من السلطات والهيئات التي يتبعونها و تعقد اللجنة اجتماعاتها كلما دعت الضرورة إلى ذلك بناءا على استدعاء من رئيسها بمقر الوكالة، ولا تصح مداولتها إلا إذا حضر اجتماعاتها أربعة(04) من أعضائها على الأقل تحت طائلة بطلان قراراتها ومنهم خاصة الرئيس والطبيب الخبير ) [18] ( وتتخذ قراراتها بالأغلبية وفي حالة تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس.
2- من حيث اختصاصاتها وسير أعمالها: تبت اللجنة الولائية للعجز في الاعتراض خلال شهرين(02) اعتبارا من تاريخ استلامها له وتصدر قراراتها معلله.
ويجيز القانون للجنة عند مباشرة أعمالها أن تستعين بأي طبيب أخصائي لفحص صاحب الاعتراض كما يجوز لها أن تأمر بإجراء كل فحص طبي إضافي للمؤمن له كلما رأت ضرورة لذلك وفي هذا الشأن فاللجنة صلاحيات واسعة للقيام بجميع الفحوصات اللازمة على المؤمن له صاحب الاعتراض بهدف تحديد أصل المرض وطبيعته وكذا التحقق من تاريخ الشفاء ونسبة العجز كما تقوم اللجنة عند اختتام أعمالها بإرسال محاضر اجتماعاتها إلى مدير وكالة الضمان الاجتماعي المعنية في أجل 20 يوما من تاريخ انعقاد اجتماع اللجنة يوقع عليها كل من الرئيس وتبلغ قراراتها إلى المعنيين بها في أجل 20 يوما مقابل وصل استلام من قبل أمين اللجنة.
. 3- من حيث القرارات التي تصدرها: لقد حدد المشرع مهلة (02) شهرين للجنة الولائية للعجز لكي تصدر قراراتها في الاعتراضات المرفوعة إليها تحسب من تاريخ استلام أمانتها لعريضة الاعتراض في قرار الهيئة وأوجب القانون كذلك بأن تكون قراراتها معللة ومسببة وخالية من أي تناقض أو إغفال لتطبيق القانون وذلك بتقديم الأسباب والأدلة المعتمدة في اتخاذ القرار وهذا لأجل تمكين القاضي عند نظره في النزاع المعروض عليه من الوقوف على مدى إلمام قرار اللجنة بظروف النزاع انطلاقا من الوثائق التي يحتويها الملف الطبي المتضمن لنتائج الفحوصات الطبية وكذلك أراء الطبيب المعالج والطبيب المستشار ونتائج الخبرة مع مراعاة الأحكام المتعلقة بتشكيل اللجنة ) [19] ( وتسمية أعضائها وصفتهم عند إعداد القرار، بمعنى أن يكون قرار اللجنة سليما من حيث الشكل والموضوع ويبقى القرار الذي تصدره هذه اللجنة قابل للطعن أمام الجهة القضائية المختصة كما أنه قد يشبع حاجة الأطراف من الحماية القانونية ويؤكد لهم حقوقهم ومراكزهم القانونية وبالتالي يمكن لهم الاستغناء عن استعمال هذا الحق في اللجوء إلى القضاء، و يشبه قرار هذه اللجنة من حيث الشكل و المضمون إلى حد بعيد الأحكام القضائية على اعتبار أنها تصدر مسببة والطعن فيها جائز.
المطلب الثالث: إجراءات تسوية المنازعات التقنية:
لقد أسند المشرع الجزائري مسألة تسوية الاحتجاجات التي قد تثور بشأن تقصير الأطباء الممارسين بمناسبة تدخلهم في إطار العلاقات التي تربطهم بهيئات الضمان الاجتماعي وأثناء قيامهم بمهامهم بفحص المؤمن لهم اجتماعيا إلى لجنة أطلق على تسميتها اللجنة التقنية حيث نصت المادة 40 من قانون 83/15 على ما يلي:" تنشأ لجنة تقنية تختص بالبث الأولى في كل الخلافات الناتجة عن ممارسة النشاطات الطبية التي لها علاقة بالضمان الاجتماعي ويمكن الطعن في قراراتها أمام الجهات القضائية المختصة "، ونظم كيفية سير أعمالها المرسوم التنفيذي 04/235 المؤرخ في 09/08/2004 والذي سماها " اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي".
لكن التساؤل الذي يثار هنا كيف كانت تحل هذه المنازعات قبل صدور المرسوم المذكور؟ بالنظر إلى خصوصية هذه المنازعات من حيث طبيعة الخلاف ذو الطابع الطبي والتقني من جهة وبالنظر إلى أنه لا يمكن السكوت عن الأخطاء والتجاوزات التي قد ترتكب عند ممارسة العمل الطبي وجد المشرع الحل في مدونة أخلاقيات الطب لتغطية هذا الفراغ الذي لم يغطه القانون 83/15.
حيث نصت المادة 02 من المرسوم 92/276 المؤرخ في 06/07/1992 المتضمن مدونة أخلاقيات الطب على ما يلي: تفرض أحكام هذه المدونة لأخلاقيات الطب على كل طبيب أو جراح أسنان أو صيدلي أو طالب في الطب أو في جراحة الأسنان في الصيدلية مرخص له بممارسة المهنة وفق الشروط المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما" ومن ثم فإن هذه المدونة وما تتضمنه من قواعد وأحكام فإنها تطبق على كل الأطباء وجراحي الأسنان أو الصيدلي أي كان اختصاصهم أو صفتهم أو مكان عملهم وبالتالي يمكن في هذا الإطار لهيئات الضمان ) [20] ( الاجتماعي والمؤمن لهم أن يرفعوا دعاوي تأديبية أمام الفروع الجهوية المختصة ضد أي طبيب أو صيدلي أو جراح أسنان يرتكب خطأ، تجاوزا أو غشا في إطار ممارسته لنشاطه الطبي وذلك عند فحص المؤمنين اجتماعيا
الفرع الأول: إجراءات الادعاء أمام المجلس الجهوي لأخلاقيات الطب:
يمارس الفرع النظامي الجهوي في حدود اختصاصه ويحرص على جعل كل الأطباء يحترمون قواعد أخلاقيات المهنة من خلال سهره على تنفيذ قرارات المجلس الجهوي والوطني لأخلاقيات المهنة وفي هذا الإطار يمارس الفرع سلطاته التأديبية من الدرجة الأولى، إذ يمكن إحالة أي طبيب أو جراح أسنان أمام الفرع الجهـوي
المختص ) [21] ( عند ارتكابه أخطاء خلال ممارسة مهامه إذ يقوم رئيس الفرع فور تلقيه الشكوى بتسجيلها وتبليغها للمعنى خلال 15 يوما.
1-السلطات التأديبية للجان المجلس الجهوي: يستمع المجلس للمعني بالشكوى الذي يستدعى للمثول أمامه في أجل 15 يوما وإذا لم يرد على الاستدعاء الثاني يحكم عليه في غيبته ويكون المثول أمام المجلس شخصي ويمكن للطبيب المعني أن يستعين بزميل له مسجل في قائمة الأطباء أو محام معتمد ويبت المجلس في الشكوى في أجل أربعة 04 أشهر من تاريخ إيداع الشكوى ويمكن للمجلس في حدود سلطاته التأديبية ) [22] ( اتخاذ العقوبات التالية:
الإنذار- التوبيخ- المنع من ممارسة المهنة – غلق العيادة .
2-الطعن في قرارات اللجان الجهوية: يجوز لكل من الهيئات الضمان الاجتماعي المعنيين بالقرار أن يرفعوا طعنا في القرارات التأديبية الصادرة عن لجان الفرع الجهوي وذلك أمام المجلس الوطني، سواءا لعدم تمكين المعني من الدفاع ولعدم إطلاع اللجنة على ملفه الطبي أو عدم البث في الشكوى خلال مهلة أربعة أشهر المنصوص عليها في المدونة أو عدم احترام الإجراءات والأشكال المنصوص عليها،طالما وأن من صلاحيات المجلس معالجة كل المسائل المتعلقة بتطبيق أحكام المدونة.
الفرع الأول: اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي :
1- من حيث التشكيلة والعضوية: تتشكل اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي من:
- طبيبان02 يعينهما الوزير المكلف بالصحة
- طبيبان02 يمثلان هيئات الضمان الاجتماعي
- طبيبان 02يمثلان مجلس أخلاقيات مهنة الطب.
- عون إدارة من الوزارة المكلفة بالضمان الاجتماعي يمسك أمانة اللجنة ويعين أعضاء هذه اللجنة لمدة (04) سنوات قابلة للتحديد بقرار من الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي وتجدد تشكيلتها بالنصف كل سنتين.
وتجتمع على مستوى الوزارة في دورة عادية كل شهر بناءا على طلب من رئيسها أو في دورة غير عادية بطلب من ثلثي 2/3 أعضائها أو من الرئيس.
2- من حيث اختصاصاتها وسير أعمالها:
ثبت اللجنة بقرار أولي في المنازعات الناتجة عن ممارسة النشاطات الطبية ذات الصلة بالضمان الاجتماعي لاسيما الحالات الآتية:
أ- حالات الغش والتعسف أو المجاملة التي قد تقع عند تسليم الوصفات أو الشهادات الطبية أو الوثائق الطبية الأخرى والتي يتم إعدادها من قبل الأطباء الممارسين ومهني الصحة، وهذا بغرض الحصول على امتيازات اجتماعية غير مبررة لفائدة المؤمن لهم أو ذوي حقوقهم في مجال الاستفادة من الأداءات ) [23] ( .
ب- تجاوز المهام القانونية والتنظيمية لمصالح المراقبة الطبية لصناديق الضمان الاجتماعي اتجاه المؤمن لهم اجتماعيا أو ذوي حقوقهم.
-حالات التأهيل المهني للأطباء فيما يخص الوصفات وممارسة بعض الأعمال التقنية ذات الصلة بالتكفل الضمان الاجتماعي بالعلاج الصحي.
وتبت اللجنة في النزاع في أجل 30 يوما إبتداءا من تاريخ إيداع الملف الطبي وتبليغ القرار لأطراف المنازعة في أجل ثمانية ) 08 ( أيام، وتتخذ قراراتها بالأغلبية البسيطة لأصوات الأعضاء الحاضرين و في حالة تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس، وتحرر تبعا لذلك محاضر تتضمن قرارات اللجنة وتدون في سجل مرقم ومؤشر عليه من قبل رئيس اللجنة.
3- إلزامية الطعن أمام اللجنة التقنية: نصت المادة 08 فقرة 01 من المرسوم التنفيذي 04/235 المؤرخ في 09/08/2004 المحدد لتشكيلة اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي وصلاحياتها وكيفية سيرها على ما يلي: » يجب أن ترفع تحت طائلة عدم القبول المنازعات التي تلحق من حيث طبيعتها بالمنازعات التقنية أمام اللجنة « ويتم هذا الطعن في الآجال التالية:
- من المؤمن له في أجل 15 يوما من تاريخ تبليغه بقرار الهيئة.
- من هيئة الضمان الاجتماعي في أجل 15 يوما في تاريخ إيداع المؤمن له الملـف الطـبي محل النـزاع.
مما سبق يتبين لنا أن المؤمن له أو هيئة الضمان الاجتماعي المتضررين من أي خطأ أو تجاوز أو غش يكونون أمام طريقين للطعن وبالتالي ازدواجية في العقوبة، فمن جهة له الحق في اللجوء إلى المجلس الجهوي لأخلاقيـات الطب كما يمكنه من جهة أخرى أن يرفع احتجاجه أمام اللجنة التقنية، وهذا ما نقـرأه من نص المادة 10 من المرسوم التنفيذي 05/ 171 المؤرخ في 07/5/2005 والتي نصت على ما يلي: في حالة معاينة تعسف وتجاوزات أو غش أو تصريحات مزورة تعلم صناديق الضمان الاجتماعي مقدمى العلاج ...أو الهياكل الصحية المعنية مسبقا ..وتخطر عند الاقتضاء اللجنة التقنية ذات الطابع الطبي.."والمقصود بالهياكل الصحية المعنية هي الهيئات التنظيمية لمهنة الطب ولا تخطر اللجنة التقنية حسب نص المادة إلا عند الاقتضاء خاصة إذا علمنا أن اللجنة حسب المرسوم 04/235 المنظم لها أنها تضم ضمن تشكيلتها طبيبان 02 يمثلان مجلس أخلاقيات المهنة،لذلك نجد أن المشرع الفرنسي أوكل مهمة النظر في مثل هذه المنازعات في مرحلة تسويتها إلى لجان تعرف بـ: » فرع التأمينات الاجتماعية للمجلس الجهوي للتأديب ) [24] ( « يتولى مهمة الفصل كدرجة أولى في كل الاحتجاجات المرفوعة ضد الأطباء الممارسين بمناسبة نشاطاتهم الطبية في علاقاتهم مع هيئة الضمان الاجتماعي وهذا المسلك الذي سلكه المشرع الفرنسي نابع من طبيعة تصنيفه لمثل هذه المنازعات إذ يعرفها:
Le contentieux disciplinaire des praticiens ou du contrôle )techniques [25] ( وهي التسمية الصحيحة لهذا النوع من المنازعات والمطلوب من المشرع الجزائري التدخل مرة ثانية لضبط هذه المسألة، وتبني موقفا واحدا فإما أن يكون الطعن أمام المجلس الجهوي لأخلاقيات الطب ثم استئناف القرار أمام اللجنة التقنية وإما التوجه بالاعتراض أو الطعن مباشرة أمام اللجنة التقنية ذات الطالع الطبي ثم اللجوء إلى القضاء بعد ذلك وهذا تفاديا لازدواجية الطعن.