يا ليتني طفلة

[size=12]
في أحد أيام الشتاء الدافئة .. خرجت على غير العادة إلى حديقة منزلنا في الصباح الباكر
سماء زرقاء صافية .. و نفحات من البرد أجبرتني على الاختباء بين ملابسي الكثيفة
و كأنني أترقب هجوم لص أو أتربص بأحدهم
فرشت سجادة صغيرة على ذاك البساط الأخضر
و أدرت الراديو .. و أمسكت بكوب ( النسكافيه ) الصباحي المعتاد
و بدأت بالتأمل.. متناسية كل ما حولي
و فجأة.. شدني صوت من الراديو أو المذياع
لفت انتباهي .. و حرّك بقايا طفلة بداخلي
كان ذاك الصوت الملائكي الذي يغني

~ طيري يا طيارة طيري .. يا ورق و خيطان ~
~ بدي ارجع بنت صغيره .. على سطح الجيران ~
~ و ينساني الزمان .. على سطح الجيران ~

توقفت هنا
و لا أعلم كيف و متى انتهت الأغنية .. و لا ماذا كان بعدها
تمردت تلك الطفلة بداخلي
و هبت باحثة عن بقايا براءة اختفت بين ملامح النضوج
و احتجبت خلف طعنات الغدر
و توارت بين جنبات الدموع
و انتهت بعد ولادة ابتسامة المكر
براءتي ..!
أين هي ..!
هاجت دموع صادقة عجزت عن حبسها
اشتقت لتلك البراءة بقدر ما كرهتها فيّ
اشتقت للخطأ اللا مقصود
اشتقت للابتسامة الصادقة
اشتقت لتخطي الحدود
اشتقت للأفكار الحالمه
اشتقت للشقاوة .. اشتقت للمقالب .. اشتقت للشغب .. اشتقت للجنون
اشتقت للذة العقاب .. اشتقت لحلاوة الثواب
اشتقت لتلك النشوة التي تتملكني عند الصواب
اشتقت لذاك التأنيب الذي يزورني عند الخطأ
اشتقت لذاك الاحساس الذي يعتريني ليلة العيد
و عند لبس الثوب الجديد
اشتقت للفرح .. اشتقت للحزن البريء
و الذي يتبدد عند رؤية أكياس الحلوى
و كم اشتقت لـ صفاء الذهن .. و خلو القلب من كل منغص و رديء
يا الهي
ها أنا أحاول إحياء البراءة الان .. مع اني يوما ما طعنتها بيدي
كانت هنا .. بين جوانحي
و رحلت بعد ان طردتها .. او أجبرت على طردها
استغلال الماكرين .. قسوة الطاغين ..
و محاولات الايقاع بكل بريء
أجبرتني على التنكر لتلك البراءة
و أجبرتني على خسارة ذلك الاحساس
و أي احساس !!
احساس لا يولد إلا مع الطفل
و يبقى معه في مرحلة الطفولة
ثم يتلاشى يوما بعد يوم
لتصبح كل اللحظات سواسية
لا معنى لفرحها .. فكل المعاني تجسد حزنها

عدت إلى واقعي بعد ان ذرفت دمعات ألم
من قسوة مجتمع لا يرحم
و من قتل براءة بلا ذنب

حملت نفسي إلى غرفتي
و احتضنت لحافي .. نمت
و كلّي شوق لتلك البراءة

[/size]