المـوضـوع: هل يمكن الجزم بوجود إحساسات خالصة منفصلة عن الإدراك ، وهل يمكن القول تبعا لذلك، بأنَّنا نحسُ الأشياءَ ثم ندرِكُها ؟
أولا: قبل الشروع في تحرير المقال :
1/ تحديد معاني الكلمات المفتاحية:
الإحساس: Sensation: جميل صليبا: « الإحساس حادثة نفسية أولية وهو إما أن يكون انفعاليا، أو عنصرا من الحياة العقلية.. فكلّ انفعال نفسي ينتج عن تبدل عضوي.. أو هو صدى التبادلات الجسدية وانعكاس آثارها على الشعور» .
إنّ علاقة الإنسان بالعالم الخارجي، تبدأ على شكل إحساسات، فنحن دوما نرى أشياءً ونسمع أصواتاً، ونشم روائح، ونلمس أجساماً، ونذوق طعوماً، كما نحس بالضغط والحرارة والبرودة، كلُّ هذه الظواهر هي إحساسات، أي أنّها عبارة عن الأثر النفسي، أو الحالة الذهنية أو الشعورية التي يحدثها فينا تأثير منبه خارجي (أو داخلي كحركات المعدة والأمعاء مثلا) في عضو من أعضائنا الحاسة .
الإدراك Perception: أنطوان مقدسي: « الإدراك هو العملية النفسية التي يتمّ بواسطتها الاتصال بيننا وبين العالم الخارجي ومعرفة الأشياء في هذا العالم . وهو تابع لاهتمامنا ولقدراتنا العقلية » .
والإدراك ظاهرة نفسية مركبة: إنّ الأشياء التي نراها والأصوات التي نسمعها، إنّها لا تشكل إحساسات خالصة مجردة محضة، بل إنّها إدراك. نحن لا نحس الأشياء مجردة ومنعزلة، بل ندركها، نتعرف عليها في المكان كما نتعرف على علاقاتها بالأشياء الأخرى وبذواتنا، علاوة على ما نعطيه إياها من معان ودلالات نتيجة خبراتنا وتجاربنا الماضية .
2/ فهم السؤال: واضح أن الموضوع هنا يتناول مشكلة العلاقة بين الإحساس والإدراك. هل يمكن القول بوجود إحساس خالص مجرد مستقل عن الإدراك (متى ؟ وبالنسبة لمن ؟) أم أن كلّ إحساس هو إدراك ؟
نجد موقفين متعارضين هما: النظرية الكلاسيكية (الذهنية والترابطية) التي تؤكد على وجود الإحساسات الخالصة، والتمييز بين الإحساس والإدراك.
- النظرية الجشطالتية والنظرية الظواهرية التي تؤكد على عدم إمكانية التمييز بين الإحساس والإدراك .
3/ تحديد المطلوب: محاولة الإجابة عن الأسئلة الآتية : هل يوجد إحساس خالص ؟ أليس كلّ إحساس إدراك ؟ أو هل يمكن أن نحس دون أن ندرك ؟
4/ تحديد طريقة المعالجة: إنّ طبيعةَ الموضوع تقتضي استعمال الطريقة الجدلية.
ثانيا: أثناء الشروع في تحرير المقال:
1. طرح المشكلة :
أ/ المدخل: من القضايا التي شغلت ولا تزال تشغل علماء النفس خاصة، والمهتمين بالدراسات النفسية من مفكرين وفلاسفة عامة، قضية الإحساس والإدراك والعلاقة بينهما، أعني هل يمكن القول بإحساس مجرد، ومن ثمة يجب اعتباره كحادثة نفسية مستقلة عن الإدراك، أم كلّ إحساس هو إدراك ؟
ب/ المسار: وفي هذا الصدد انقسم الباحثون فريقين : فريق يرى أنّه بالرغم من العلاقة القائمة بين الإحساس والإدراك، فإنّ كلاً منهما يشكل حادثة نفسية مستقلة، وفريق آخر، يرى أن كلّ إحساس هو إدراك، ومن ثمة، فلا وجود لإحساس مجرد . فما حقيقة الأمر ؟
ج/ السؤال: هل هناك إحساسات خالصة مستقلة عن الإدراك ؟ أم يمكن القول أنّه ليست هناك إحساسات خاصة، وأن كلّ إحساس هو إدراك ؟
2. محاولة حلّ المشكلة :
أ/ القضية: النظرية الكلاسيكية
1- منطقها : [ التمييز بين الإحساس والإدراك ] .
- إذا رجعنا إلى مباحث الفلسفة التقليدية، وخاصة منها مبحث نظرية المعرفة، نجد نزاعا قد إحْتَدَمَ طوال قرون متوالية بين القائلين بالطبيعة العقلية للمعرفة والطبيعة الحسية؛ ولكلّ مذهب منهما مناصروه . ومع ذلك ، أتفق الفريقان على مسألة جوهرية وهي ضرورة التمييز بين الإحساس والإدراك :
• العقليون : لقد كان علماء النفس قديماً وخاصة أصحاب الاتجاه العقلي في الدراسات السيكولوجية يفرقون بين الإحساس والإدراك، باعتبار أنّهما حادثتان نفسيتان مستقلتان، الأولى منهما مرحلة أو مقدمة للثانية .
2- مسلماتها وما تستوجبه من براهنة: [ الإحساس وحده لا يحقّق معرفة مجردة ودوره إثارة العقل لتحقيق هذه المعرفة ] .
- وحسب رأي هؤلاء: يحس الإنسان أولا، ثم يدرك حيث، يترجم بواسطة الإدراك كعملية عقلية إحساساته، ويُتمِّمها ويُنسق بينها مستعينا بالصور العقلية التي لديه، والذكريات التي اكتسبها، والخبرات التي تجمعت عنده بفضل التجارب التي مرّ بها .
- فالإدراك بهذا الاعتبار، هو عملية تركيب ومزج يقوم بها العقل لإعطاء صيغة موضوعية لإحساساته، ودور الإحساس هو إثارة العقل لتحقيق معرفة مجردة .
- إنَّ الإحساسَ في نظرهم، ظاهرة ذاتية لا بد من تدخل العقل لتحويلها إلى ظاهرة موضوعية إلى إدراك، ومن ثمة، فإن علاقاتنا بالعالم الخارجي تبدأ على شكل إحساسات ثم تتحول بتدخل قوانا العقلية إلى إدراك، ومن هنا يقولون: أنَّ العامل الذي يلعب دورا أساسيا في عملية الإدراك هو العامل الذاتي- من الحالة النفسية( ) والميل والتهيؤ والانتباه والتوقع والتعاطف والكبت والإسقاط - لا العوامل الموضوعية .
وهم يعتبرون أنّ إدراكاتنا المعرفية ليست كلّها نابعة – بالضرورة- من الإحساس، بل أن الغالب في هذه الإدراكات أنّها صادرة بصورة قبلية عن العقل وما وراء العقل أيضا .
"يميز ((ديكارت)) بين الأفكار التي هي أحوال نفسية موجودة داخل الذات، والأشياء المادية التي هي امتدادات موجودة خارج الذات . ومادام الإحساس مجرد حالة ذاتية غير ممتدة، فإنّ إدراك شيء ممتد إنّما يكون بواسطة أحكام تضفي على الشيء صفاته وكيفياته الحسية . وعلى هذا يكون الإدراك المكاني عملا عقليا بحتا، وفعلا فإنّ إدراك البعد الثالث لا يمكن أن يكون انطباعا حسيا" ( ) .
الحسّيون: ومن جهتهم يقرّ الحسّيون بالتمييز بين الإحساس والإدراك، ولكن لا على أساس من طبيعة أو قيمة كلّ منهما كما رأينا لدى العقليين، بل انطلاقا من درجة أو شدة التعقيد . أي أنّ المعرفة المتحصَّلَة تنتج عن التآلف بين إحساس وإحساس آخر (والذي قد يكون شعورا، أو انطباعا، أو إدراكا حسيا) ، فالإدراك في تصورهم يأتي لاحقا لترابط الإحساسات . ومعنى ذلك، أن الإدراك أنّما يعود في الأساس إلى الإحساس، فبالحس نتفاعل مع الوسط الخارجي وبه نتمكن من تحصيل المعارف والتكيف مع البيئة ومن ثم، فالعقل صفحة بيضاء ولا وجود فيه لأفكار قبلية أو فطرية، فالإدراك « ما هو إلا انطباع المحسوسات نتيجة تأثر الحواس » على حد تعبير ((دافيد هيوم)) .
إذن، دور العقل محصور في تسجيل واستقبال الانطباعات الحسية وما الأفكار إلا صورة لهذه الانطباعات ، فمثلا ليس بإمكان الأعمى أن يدرك الألوان مادام فاقد للإحساس البصري، وبالحواس نكوّن المعرفة التي تـأتينا عن طريق توالي الخبرات وتراكمها .
المناقشة: ولكن، هل وفق الكلاسيكيون في قولهم بأسبقية الإحساس عن الإدراك، وبانفصالهما؟
أ) إنّ النظرية التقليدية لاقت معارضة شديدة، خاصة من أتباع المدرسة الألمانية المعروفة بمدرسة الجشطالت وكذا، أتباع المدرسة الظواهرية ، الذين أكدوا على أنّه لا يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك، ولا يمكن أن تصدر عنا إحساسات خالصة .
ب) إذا كان العقليون يؤكدون على دور الذات في عملية المعرفة، فإنهم يهملون دور العوامل الاجتماعية والعوامل الموضوعية في عملية الإدراك .
ج) لا شك أن الحس يؤدي دورا كبيرا في عملية الإدراك إذ يمثل الأداة التي من خلالها نكوّن المعارف والأفكار، إلا أنّ ما يعاب على الحسيين هو إهمالهم لدور العقل وحصر مهمته في تسجيل واستقبال الانطباعات الحسية فقط ، كما أنَّ الإحساسَ في الكثير من المرات يمدنا بمعارف ظنية توقعنا في الزلل والخطأ.
د) إنّ الحسيين أو التجريبيين في تصور ((ميرلوبونتي)) الظواهري، قد أفسدوا معنى الإحساس عندما أرجعوه إلى الكيف مبتعدين بذلك عن النظرة العلمية . لأن التجربة المشتركة بين جميع الناس تقيم فرقا بين الإحساس والمعرفة، لا يشبه الفرق الذي يقيمونه بين الكيف والمفهوم .
ب/ نقيض القضية: النظرية الجشتالتية والنظرية الظواهرية
1- منطقه : [ لا يمكن التمييز بين الإحساس والإدراك .]
- إنّ الأمر في تصور الجشتالتيين والظواهريين يختلف عما رأيناه لدى أنصار النظرية التقليدية، فلا جدوى – واقعيا – من تمييز الإحساس عن الإدراك، وأنّ ما نسميه بالإحساس الخالص أو العقل المحض وهمٌ فرضه النزوع المذهبي للعقليين والحسيين على حدِّ السواء، وأن الإحساس ليس منبعا للإدراك بصورة آلية بقدر ما هو فعلٌ ناتج عن نشاط ذهني مسبوق بصورة جزئية أو كلية، شكلية أو أساسية ، ولكن، في علاقة تكاملية لا تنفصم.
2- مسلماته وما تستوجبه من برهنة:
يرى الجشتالتيون:[ أن الشيء الأساسي الذي تُبنى عليه تجاربُنا وعلاقاتُنا بالعَالَمِ الخارجي، وبالتالي إدراكنا هو "الصورة" أو "الصيغة" أو "الشكل" ومعنى ذلك، أنّ الشيء يُدرك مباشرة قبل أي عمليّة عقليّة تركيبيّة، يكون مركّبا بذاته، مبنيّا بذاته، له شكله تلقائيّا، من غير أن نشكّله نحن، وقبل أن نشكّله بعقلنا، فالأشياء المدرَكة هي بُنى وأشكال قائمة بذاتها ] .
ويرفض الجشتالتيون أن يكون الإدراك مجرد مجموع إحساسات يُضاف بعضها إلى بعض، بل هو عملية واحدة يتعرف بها الإنسان على صيغة معينة أرى أمامي شجرةً بكلِّ هيأتها، وفي وسطٍ من أشياء أخرى يقل اهتمامي بها لانشغالي بالشجرة كوحدة مستقلة، ولاهتمامي بالتعرف على خصائصها ومميزاتها، فهي مثلا شجرة برتقال عزيزة لديّ .
ويؤكّد ((غيوم Guillaume)) أن الإدراك ليس تركيبة من أحاسيس سابقة ، بل أن موضوع الإدراك المباشر هو المجموع وليس الأجزاء الدّاخليّة فيه . فإنّنا بالتأكيد لا نقوم بعمل ذهني لجمع الأجزاء في إدراك واحد، بل أن الأجزاء تظهر في الوعي مباشرة في تركيبة، أي في شكل أصيل [une Gestalt] إذ أن المعطى الأول هو الشّكل وليس الجزء . والعنصر الأساسي في هذه العملية ليس هو ما نخلعه على إحساساتنا من صور عقلية، بل إنّ الذي يلعب الدور الحاسم في هذه الحادثة النفسية (= الإدراك) هو الشيء المدرَك نفسه والخصائص التي تميّزه وتبرزه .
- قوانين الانتظام : قانون التجاور؛ قانون التشابه ؛ قانون الانغلاق؛ الصورة ذات المنظور المزدوج ..
- عامل الشكل والأرضية أو الصيغة والخلفية : إنّ الشيء الذي ندركه متميّزا ومتفردا، يدخل في علاقات تقابل وتضاد مع مجموعة الأشياء التي تحيط به . وهذا التقابل أو التضاد هو ما يعبر عنه بالتقابل مع الشكل والأرضية. والفرق بينهما هو أن الأرضية، حتى لو كان الظاهر منها جزءً واحدا فقط ، تبدو غير محدّدة ولا معيّنة في حين يبدو الشكل معيّنا محدّدا متميزا . فصوت المعلّم يعد شكلا أما الأصوات المنبعثة من خارج حجرة الدراسة تُعدّ أرضيةً .
إذن، علّلت مدرسة الجشتالت الإدراك بالعوامل الموضوعية، أي أنَّ الصيغَ الخارجية هي التي تفرض قوانينَها علينا وتؤثر على إدراكاتنا .
• ويرى من جهتهم الظواهريون [ أنّ لا إدراك إلا بموضوع ولا موضوع مدرك إلا من حيث هو مقصود ] ، ومعنى ذلك، أنّ الإدراك يتعلق بمعرفة وصفية يؤدي إليها عامل الامتداد الذي يتميّزُ به شعورنا؛ فلا إدراك أو شعور إلا بموضوع، فما « من شيء يمكن أن يتبدى إلى الإنسان غير الظواهر [...] ونحن لا نعرف غير [ هذه ] الظواهر ». وإدراكنا الحسي وإن كان مشروطا بموضوع ما كظاهرة في العيان تحتل ساحة الشعور برمّتها ، فإنّه مرهون بالقصدية التي تميزه، و بالمعاشة التي تربطنا به .
- إنّ الإحساس الخالص – فيما يؤكد الظواهريون- مجرد خرافة . ومهما حاول علماء النفس إثباته على مستوى الحوادث المرضية في المستشفيات أو الحوادث السوية في المختبرات، فإنّ جميع ملاحظاتهم تبقى عديمة الجدوى . لأن المرض يفسد الإدراك العادي، كما أن سلوك المجرب عليهم في المخابر سلوك مصطنع . مما جعل ((ميرلوبونتي)) يقول: « إنَّ الإحساسَ غير محسوس» ومعنى ذلك، أن الإحساس هو الإدراك ذاته، ويؤكّد على أهمية الذّات وأولويتها في عملية الإدراك، كما يبيّن أن وضع الجسد له انعكاساته على الإدراك ، فالإدراك هو موقف للوعي بإزاء الموضوعات . إنّه موقف يتأسس على الذّات المدركة أكثر مما هو منوط بموضوع الإدراك . وهذا ما يؤكّده ((ديلاي)) أيضا حين يعتبر أن شخصيّتنا برمّتها تنعكس على رؤيتنا للعالم؛ فالأشكال والموضوعات المدركة لا تنقلب إلى عمليّة إدراكية إلا من خلال مرورها في عمق الذّات؛ ما يعني أن العوامل الذاتية لها شأن أساسي في عمليّة الإدراك؛ فالميول والقيم والثقافة لها انعكاساتها على عملية الإدراك وأنماط السلوك. ويؤكّد ((لانيو)) بدوره على أن الإحساس ليس حالة أولى بسيطة بل هو مفهوم ذهني يطمس حالة أولى معاشة ( ) .
المناقشة : لكن، هل فعلا لا يمكن التمييز بين الإحساس والإدراك ؟
قد يحس الإنسان الأشياء دون أن يدركها كما هو الحال في:
أ) حالة الصبي، فالطفل في مراحله الأولى عاجز عن التمييز بين الأشياء، وعاجز بالأحرى عن إدراك العلاقات بينها. فهو يحس الأشياء ولكن لا يفهم معناها: فقد يستيقظ الطفل من نومه بسبب ضجيج قوي فيبكي، ولكنه لا يفقه معنى الصوت الذي أيقظه، بخلاف الراشد فإنه سرعان ما يتبين مصدر الصوت كأن يكون مثلا ناتجا عن قوة الريح، وبقاء النافذة غير محكمة الإغلاق، لذلك فهو يفهم في التو، العلاقة بين الريح وترك النافذة مفتوحة، فينهض لإحكام غلقها لكي لا تتكرر الحادثة . إن الفرق بين الحالتين واضح : وهو أن الطفل أحس فقط بالصوت، فإحساسه هنا إحساس مجرد. أما الرجل فقد أدرك الصوت: مصدره ومعناه ونتائجه .
ب) حالة الراشد، قد يحس الراشد إحساسا مثل إحساس الطفل، وذلك كما يحدث في حالات خاصة، كحالة ذهول عميق قبل النوم أو بعده مباشرة، بحيث تعتري المرء إحساسات غامضة لا يتبين معناها، فهي أشبه ما تكون بالإحساسات المجردة. أما الرجل العادي، وفي أحوال عادية، فإنه من الصعب أن ننسب إليه إحساسات مجردة .
- ومع ذلك، فإنّ فضل النظرية الجشطالتية يَكْمُنُ بالخصوص في تطوير وصياغة وتنسيق معارفنا حول الإدراك الحسي، بعد أن ظلت هذه المعارف معلقة بين التجريد الاستبطاني للعقليين، والذرية الارتباطية للحسيين. إنّ هذه النظرية، وإن نّبهتنا إلى أهمية العوامل الموضوعية (للموضوع المدرَك)، فإنّها قد قلّلت، بالمقابل، من دور العوامل الذاتية (للذات المدرِكة) وكذا، العوامل الثقافية/ الاجتماعية .
- ونقول للظواهريين، أن تغليب الشعور الذّاتي لإدراكنا بإضفاء هذا الشعور على العالم الخارجي فيه نوع من المبالغة وتهميش لدور الموضوع المدرَك في عملية بناء المعرفة .
ج / التركيب :
منطق القضية المركبة : [ إنَّ الإحساسَ والإدراكَ ظاهرةٌ نفسية واحدة تُطْلِعُنا على العَالَمِ الخارجي، فلا مجال للفصل بينهما ] .
- إذا نظرنا إلى الواقع، نلاحظ أن الراشد (لا يحس الأشياء بل يدركها) كما عبر بذلك الفيلسوف الأمريكي ((وليام جيمس)) ، فالأشياء موضوع الإحساس، تقدم نفسها كصيغ وأشكال ذات خصائص ومميزات، كما أنّ الشخص الذي يتلقى هذه الصيغ والأشكال، يتلقاها كذات عارفة مزودة بجملة من الخبرات والتجارب، ومن ثمّة، فهو يدركها في نفس اللحظة التي يحس بها، فلا مجال للفصل بين الإحساس والإدراك، فهما معا ظاهرة نفسية واحدة تطلعنا على العالم الخارجي الذي يربطنا معه حوار دائم، وعلاقات شتى.
3 . حلُّ المشكلةِ : وخلاصة القول، أن الإحساس بوصفه علاقة أولية بالعالم الخارجي، والإدراك باعتباره معرفة مجردة بهذا العالم، ما هما إلا تصوران فلسفيان افتراضيان الفصل بينهما تقتضيه منهجية البحث والدراسة ليس إلا( ).
وليم جيمس (1842-1910) فيلسوف أمريكي من رواد البراغماتية وعلم النفس الحديث. كتب كتبا مؤثرة في علم النفس الحديث وعلم النفس التربوي، وعلم النفس الديني والتصوف، والفلسفة البراغماتية. وكان شقيق الروائي المعروف هنري جيمس وأليس جيمس كاتب اليوميات. وليم جيمس فيلسوف الحرية له العديد من المؤلفات منها: الإرادة، الاعتقاد، مبادئ علم النفس، البراغماتية . وهو صاحب المقولة : " إن الاكتشاف الأعظم الذي شهده جيلي والذي يقارن بالثورة الحديثة في الطب كثورة البنسلين هو معرفة البشر أن بمقدورهم تغيير حياتهم عبر تغيير مواقفهم الذهنية " .
إذا كنت ترغب في المزيد عليك بكتاب (الفلسفة لطلاب البكالوريا) شعبة آداب وفلسفة