(الوقاية من أمراض القلوب) للأستاذ الدكتور/ خالد الجبير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أسأل الله العلي العظيم المنان الكريم الواحد الأحد الفرد الصمد أن يصلح نيتي ونواياكم وذريتي وذراريكم وأن يثيبني وإياكم على ما نقوم به وأن يحشرنا مع محمد صلى الله عليه وسلم وأسأل المنان الكريم العفو الرحمن الرحيم كما جمعني بكم في هذا المسجد أن يجمعني بكم بالمصطفى صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى.. اللهم آمين.. اللهم آمين.. اللهم آمين..
- في منتصف شهر رمضان، وعندما أقيمت الصلاة في مسجد من مساجد حي السليمانية في صلاة الفجر وعندما أقام الصلاة المؤذن، إذا بمصلي من المصلين يقع من طوله ويختلط المسجد ماذا يعملون به، منهم من قال: نذهب به جميعاً ونترك الصلاة ومنهم من قال: نصلي ثم نذهب به للمستشفى واقترح عليهم آخر، قال: بل يأخذه ثلاثة أو أربعه ونصلي ومن أراد أن يذهب له في إسعاف العسكري فعليه أن يذهبوا إليه، في الطريق استيقظ هذا الشاب في الأربعين من عمره وبدأ بماذا؟ بدأ بلا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والله أكبر.. الله أكبر ولا إله إلا الله.. وصل إلى إسعاف المستشفى العسكري بادره الأخوة وعندما وضعوه على جهاز القلب رأوا في قلبه عجباً رأوا جلطه لو كانت في جمال لأهلكتها فكيف بهذا الرجل؟
يبتسم بذكر الله.. يطمئن بذكر الله.. لا إله إلا الله والله أكبر يرددها.. وطُلب الأخصائي الأول للقلب وجاء إليه ورأى حاله وتعجب من ابتسامته ثم دنا منه فرأى ما في قلبه فذهب مسرعاً ليجهز غرفة الإنعاش في الإسعاف ليأخذه إليها ويقول الزميل: عندما دخلت إليه راجعاً وجدته يُسر في أذن أحد زملائي سراً فظننت أنه يكلمه في شيء خاص فبعدت عنه ثم ما هي إلا دقيقه أو أقل وإذا بذاك الشاب يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. ثم يموت، فيقول الزميل: فإذا بزميلي الآخر يبكي.. يبكي، سألته: لماذا؟ فبعد أن أفاق بعد ثلاث أو خمس دقائق قال لي: يا دكتور فلان هذا الرجل قال لي كلام، قلت له: ماذا قال لك؟ قال أسر لي وهو مبتسم، قال: والله إني مُتوفى و والله إني لأرى الجنة و والله إني على خير، ثم دخلت أنت فتشهد فمات.. سُئل عن هذا الرجل على أي شيء هذا الرجل، فقيل لزميلنا: هذا الرجل كان يُسابق المؤذن على المسجد فساعة يسبقه وساعة يسبقه المؤذن والغلبة دائماً لهذا الرجل.. شاب في الأربعين ما خرج من مسجدٍ إلا تذكر أنه صلى صلاة فنهته عن الفحشاء والمنكر ولم يُعهد عليه زيف، كذب، نميمة، غش، غيبة، تدنيس أو قطيعة رحم..
- أجرى أحد الزملاء عملية ترقيع شرايين لمريض وبعد ستة أيام وقد كان الزميل قد هم بإخراج هذا الرجل في ذاك اليوم لأن صحته طيبه وعندما هم بإخراجه تفاجأ الجميع أن هذا الرجل قد استدعى زوجته وأبنائه وأخوته وجمعهم أمامه وقال لهم: اسمعوا فإني والله متوفى فعليكم بكذا وكذا وسامحيني يا أم فلان عن كذا وكذا واعمل أنت يا فلان كذا وكذا ثم استدعى الطبيب وقال له: أستسمحك واسأل الله لك التوفيق فأنا متوفى فسامحني وجزاك الله على عمليتي، ثم استدعى الممرضين وقال لهم ما قال ثم نام على جنبه الأيمن وتشهد ومات.. هذا الرجل معروف عند الناس بحبه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، معروف بطيبه وحفظ لسانه معروف أحسبه والله حسيبه..
- حدثني الدكتور جاسم الحديثي وهو استشاري أمراض القلب للأطفال في المركز عندنا وهو ثقة أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا وكناه أحد الأخوة بحمامة المسجد من ورعه وتقاه وهذا كان في بريطانيا فكيف به في أرض الإسلام، حدثني وقال: حدثني شاب زميل لي وهو ثقة أحسبه والله حسيبه، أنه قد أُستدعي في ليلة من الليالي لأنه كان مناوب للكشف على رجل قد مات لكتابة شهادة وفاته وكما هو المعتاد وضع سماعته على قلب ذاك الرجل وسمع عجباً، سمع قدرة المنان العزيز الرحمن الكريم الذي يحيي العظام وهي رميم، ما أن وضع سماعته على جسد ذلك الرجل إلا وسمع "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله" فيقول: وقفت وسألت الممرض هل نحن في صلاة الفجر؟ هل سمعت أذان؟ قال: لا، فرجعت بالسماعة فوضعتها عليه إلى أن انتهى الآذان وتوقف القلب وتوقف الصوت، أتدرون من هو ذاك الرجل؟ ذاك مؤذن قد شُهد له بأشياء عجيبة، يُقال: كان يفتح المسجد قبل الآذان بنصف وكان يختم في ثلاث، وكان لم يُشهد عليه مرة أنه لم يسبح أو يهلل إذا تركه الناس، لم يغتب لم يعمل أي شيء من الفحشاء والمنكر، أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً..
- أصيب شاب في السابعة عشر من عمره بطلق ناري عن طريق الخطأ، أخذته أمه وأباه إلى المستشفى وهم في الطريق نظر هذا الشاب إلى أمه وهي تبكي، قال: أمي.. أمي.. أمي لا تحزني فإني والله على خير وإني والله مُتوفى وإني والله لأشم رائحة الجنة، وصل إلى إسعاف المستشفى العسكري بالرياض، كنتُ في غرفة العمليات، أرسلت له أحد الإخوة فعندما قرب منه قال له: دكتور أرجوك والله إني مُتوفى و والله إني لأشم رائحة الجنة أريد أمي وأبي أن أودعهما، يقول الزميل: ارتفع شعر رأسي تلعثم لساني امتلأت عيناي بالدموع لم أعرف كيف أرد، تراجعت للوراء ذهبت إلى أمه وأباه أتوا..قبلهما.. ودعهما، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، بعد صلاة المغرب وفي مسجد المستشفى وبعد أن أنهيت عملياتي في ذاك اليوم قابلت الأخ ضياء مغسل الموتى في المستشفى العسكري وهو على خير أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا..
قال لي نفس القصة وزاد عليها أنا والله من فككت أصابع يده من الشهادتين وأنا والله من مسح العرق من على جبينه وإن فيه طراوة لم أعهدها في مُتوفى، وإن في وجهه نضارة لم أرها في وجه مُتوفى قبل، سُئل أباه على أي شيء ابنك هذا؟ سبعة عشر عاماً يرى موقعه في الآخرة وهو مازال معنا في الدنيا يشم الجنة بمسكها وريحها وريحانها وهو مازال في إسعاف المستشفى العسكري بالرياض، سئل على أي شيء ابنك هذا، فقال كلاماً عجباً، قال: ابني هذا منذ بلغ وهو متعهدنا لصلاة الفجر والمسئول في المنزل عن إيقاظ الناس، ابني هذا منذ بلغ وهو صاحب قيام ليل، ابني هذا منذ بلغ وهو في الروضة من المسجد، ابني هذا منذ بلغ وهو محافظ على حلق تحفيظ القرآن، ابني هذا في الصف الثاني ثانوي علمي من الأوائل...
- في الساعة السابعة إلا ربع اتصل بي الإسعاف وقال إن هناك مريضه أصيبت بجلطة في قلبها نريدك أن تأتي فتراها فجئت مسرعاً وما أن وصلت إلى باب الإسعاف إلا وتوقف قلبها فبدأت بالتدليلك وبعد دقيقتين من التدليك إذا بها ترفع يدها، تفتح عيناها كأنها تنظر لأحد في السماء وتخاطبه بقوة وحرارة وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فأتوقف ثم تتوقف هي، وأبدأ بالتدليك فتعيد الكرة في الثانية، فأتوقف وفي المرة الثالثة رأيت عجباً رأيت قدرة المنان العزيز الرحمن الرحيم الذي يحيي العظام وهي رميم، رأيت تلك المرأة بعيني وكان معي الدكتور عبدالجبار رأيتها تتشهد وترفع يدها وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله وإذا بعيني تقع على جهاز القلب الموصل بقلبها وأرى قدرة المنان العزيز، قلب لا يعمل ولسان ينطق بلا إله إلا ا لله، خرجت إلى زوجها معزياً ذكرت له القصة وظننته ما ظننت، فرد علي بكل بساطة: يا دكتور أنا لا أستغرب! كيف لا تستغرب؟! أنا لا استغرب لماذا؟ قال: منذ تزوجتها يا دكتور منذ خمس وثلاثون عاماً هذه المرأة لم تترك قيام الليل إلا بعذر شرعي..
- في الساعة السابعة صباحاً دخلت باب الإنعاش فإذا بستة أبناء برره يقابلونني ويقولون إن أبانا يحتضر لو سمحت يادكتور خالد نريدك أن تأتي وتُلقنه الشهادة، جادلتهم فجادلوني على من يُلقنه الشهادة ومن هو الأولى بهذا فأقنعوني أن أقوم أنا بتلك المهمة، ذهبت إليه قربت منه وقبل أن ألقنه الشهادة وقبل أن أنطق نظرت إلى جهاز القلب الموصل بقلبه فوجدت ضغطه 35 العالي والواطي 18 ونبضه 25، رجل يحتضر دنوت منه، قلت له: قل أشهد أن لا إله إلا الله فحرك يده وحرك لسانه، هذا الرجل له شهران قد توقفت كليتاه ورئتاه وأصيب بجلطة في دماغه وتعطل قلبه ولكن مع لا إله إلا الله حركته.. لم تنتهي القصة رأيت العجب، رأيت الممرضة ميري-الكافرة- وإذا بها تقول لي دكتور جبير انظر.. انظر إلى الشاشة فأنظر قدرة المنان العزيز الرحمن الرحيم نبضه أصبح 115، ضغطه 125 على85 علمت أن هذا الرجل أن لا إله إلا الله لم تحرك لسانه فقط ويده بل حركت جميع أركانه وجوارحه قلبه وعقله ودماغه الذي قد انتهى بالجلطة فعلمتُ –أحسبه والله حسيبه- أن هذا الرجل على خير، فطلبت من أبنائه أن يقرءون عليه شيئاً من القرآن لأنه يحس بذكر الله فيذكروه به، وقلت لهم: قد يموت بعد نصف ساعة أو ساعة، فماذا جرى!! قدرة العزيز المنان الكريم الرحمن الرحيم.. استمر أبناؤه يقرءون عليه القرآن، أبناؤه الستة بالتواصل أربع ليالٍ وثلاث أيام لم ينقطعوا أبدا أبداًً حتى أتموا عليه قراءة المصحف ثم توفاه الله، سألت أبنائه على أي شيء أبوكم هذا، قالوا: أبونا صاحب قرآن، أبونا يختم في ثلاث وإذا أُشغل في خمس ولا يتعدى سبعا، أبونا صاحب لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، أبونا صاحب سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
- حدثني ضياء وأخوه حمد وهما مغسلا الموتى في المستشفى العسكري في الرياض وهما أحسبهما والله حسيبهما ولا أزكي على الله أحدا من أهل الطاعة والالتزام، حدثاني وقالا: أتانا رجل متوفى في السبعين من عمره من أهل سكاكا وكنا في ذاك الوقت ليس لدينا في المغسلة شيء من الطيب أو ما نطيب به الناس حتى الكافور والسدر لا يوجد عندنا، قد طلبناها من المستشفى ولم يؤمنها مكتب التموين، فيقول سألت أبنائه والكلام لحمد: هل عندكم شيء من الطيب لأبيكم؟ قالوا: لا.. نحن من سكاكا وليس عندنا شيء أبدا، فيقول والكلام لحمد: بدأت بالغسل وما أن لامس الماء جسد ذلك الرجل المسن إلا وفاحت رائحة من أطيب أنواع الطيب، أزيد الماء فتزيد الرائحة.. أزيد الماء فتزيد الرائحة.. أزيد الماء فتزيد الرائحة.. تعجبت! وقفت.. وذهبت إلى أخي ضياء وكان في المكتب، قلت له: تعال لتساعدني ولم أقل له شيء، جاء وما أن دخل المغسلة إلا وشم تلك الرائحة، قال: أحضرت له الطيب وطيبته؟ قلت: لا انظر، فصببت الماء ففاحت الرائحة، طلبت من أحد أبنائه أن يدخل، فدخل فتعجب، سئلناه هل طيبتم أباكم شيئاً قبل أن يموت؟ قال: لا إنه في الإنعاش أسبوعين وفي الثلاجة 36ساعة فلم نطيبه! قال: هل أنتم طيبتموه؟ قلنا: لا.. المهم انتهينا من غسله ونشفناه ثم قلبناه في كفنه وما أن لامس كفنه إلا وفاح من الكفن رائحة مثل الأولى فكفناه وأخذه أبناؤه وذهبوا به، ويقول الأخ ضياء فتبعت أبناؤه سألتهم: على أي شيء أبيكم هذا؟ انظروا ماذا قال: قال ابنه: أبي هذا منذ عرفت نفسي في سكاكا وهو آمر بالمعروف ناهي عن المنكر لم يرى منكراً إلا وغيره بقدر الاستطاعة ولم يرى معروفاً إلا ودل عليه بقدر الاستطاعة بلين وتودد وسماحة وأناء..
- كنت في إجازة وكنت أراجع بعض الأبحاث في بيتي وكانت الساعة الثانية ليلاً فجاءني هاجس خاطر أن آخذ أوراقي هذه وبحثي وأتمه في المستشفى ولم تكن لي عادة، فأخذت أوراقي وذهبت إلى المستشفى ودخلت قسم المسالك البولية وما أن دخلت القسم إلا وقابلتني في الساعة الثانية والربع ليلاً تلك الممرضة وقالت لي: دكتور جبير هناك رجل يحتضر تعال وصلي عليه على طريقتهم وكانت هي إيرلندية كاثولكيه، قلت لها: ما اسمه قالت: محمد. كم عمره؟ قالت: أربعون، قلت: مابه؟ قالت: سرطانه في المثانة انتشر في جميع أجزاء جسمه حتى وصل إلى دماغه وهو مغمى عليه منذ شهر لا يحس بشيء في غيبوبة تامة، قلت: كم نبضه؟ قالت: نبضه العالي قرابة الثلاثين والواطي لا أحصيه.. كم نبضه؟ قالت: في الخمسة عشر يقل أو يزيد، ذهبت إليه بحثت والغريب أني ذهبت إلى تلك الغرفة التي قالت لي الممرضة فرجعت إليها مسرعاً قلت: لم أجد شخصاً يحتضر! قالت: إنه هناك، قلت: لم أجد شخصاً يحتضر! وجدت جميع المرضى ولم أجد فيهم شخص يحتضر! فأخذتني إليه وماذا أرى؟ أرى شاباً يشع النور من وجهه، شاباً مُلأ وجهه ببياض وحمره وزينت وجهه لحية سوداء من يراه لا يظن أنه محتضرا وعندما نظرته لأول مرة كنت أظنه مستلقياً نائماً فلم أظنه محتضرا! دنوت منه قلت له: محمد، قال: نعم، قلت: كيف حالك؟ قال: بخير والحمد لله، قلت له: قل لا إله إلا الله، فقالها ثم مات... تعجبت الكافرة كيف هذا من لا نبض له أو ضعيف النبض يقول بهذه الطلاقة كلمات وأتحادث إليه، فقالت لي: هلاّ كلمت أهله، قلت: نعم.. أنا من يريد أهله، أخذت التليفون فكلمت أهله فرد أخاه قال أنا في شقة مفروشة أمام المستشفى العسكري بالرياض، سوف آتيك الآن، فجاءني وسألته بعد أن ذكرت له قصتي أني كنت في بيتي أذاكر وانسقت له انسياقاً لألقنه الشهادة فما أمر أخيك؟ أتدرون ما أمر أخيه؟ أمره عجب، قال: أخي هذا منذ عـرفـته لم يغتب أحداً ولم يسمح لأحداً أن يغتاب في مجلس هو فيه..
- كان لي قريب في الثلاثين من عمره، أصيب بالسرطان في الدماغ، ذهب إلى الولايات المتحدة للتطبب وبعدها لم يُكتب له الشفاء فجاء إلى المستشفى العسكري بالرياض ثم جلس فترة وقبل أن يموت بثلاثة أسابيع أو أربعة أغمي عليه وقبل أن يموت بليلتين ذهبت إليه رأيت في وجهه عجباً، عيناه قد خرجت من مكانهما أنفه قد كبر عشرة أضعاف شفتان كبيرتان متشققتان، خد بل الخدان متشققة، لا تستطيع أن تنظر لوجهه بل أجزم أن أكبر أعداءه والحاقدين عليه لا يستطيعون النظر إلى وجهه، علمت أن أجله قد دنى أو ظننت أن أجله قد دنى فطلبت من الممرضات أنه إذا بدأ في الاحتضار أن يتصلوا بي بدل أن يتصلوا بأهله فترد والدته فيزعجوها بوفاته، فعلاً يوم الاثنين الساعة 6صباحا اتصل بي المستشفى وقال: إن قريبك الفلاني يحتضر، جئت إليه.. سألت الممرضة كم ضغطه؟ قالت لي: العالي25أو27 الواطي أعتقد 12أو13 لا أستطيع أن أحسبه، سألتها: كم نبضه؟ قالت: تحت الثلاثون، دخلت إليه فماذا أرى؟ أرى وجه محمد الناصع الطيب من سنة قد فاتت، كأني لم أرى وجهه من ليلتين وذاك المنظر رأيت عيناه وقد رجعت إلى مكانها وأنفه قد عاد كأنه طبيعي ووجهه وشفتاه وتلك الابتسامة المرسومة على شفتاه، تعجبت من أمره، دنوت منه، قلت: محمد، قال: نعم.. خالد، قلت له: نعم، قلت له: كيف حالك؟ قال: بخير والحمد لله، قلت له: اشهد أن لا إله إلا الله، فتشهد شهادة كاملة كأنه جالس معي جلوساً عادياً ثم توفاه الله.. وبما أنه قريبي بدأت أبحث على أي شيء كان له هذا من حسن الخاتمة، أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً، ولم أجد جواباً شافياً وبعد سنة قابلت أباه في مناسبة خاصة، ذكرت له القصة أو ذكرته بالقصة، فبعد أن امتلأت عيناه بالدموع نظر إلي وقال: أبا محمد ابني هذا غريب.. لماذا غريب؟ قال: منذ عرفته وهو لا يعرف الحقد والحسد لا يعرف ولا يمكن أن ينظر إلى ما في يد الناس لم يقل منذ حياته، أبي لماذا أعطيت فلان ولم تعطني؟ ولا يمكن أن يكون في قلبه ذرة حقد أو حسد على أحد..
بعد هذه المقدمة أبدأ محاضرتي وقبل أن أبدأ ما هو موقفنا من هذه القصص التي لا أقول قال وقال ولكني أقول قلت وسمعت وإن عن عنت فأعن عن، عن رجل واحد ثقة ومن حصلت له القضية بعينها،ماهو موقفنا؟ أترك هذا السؤال لكم للإجابة عليه ولكن محاضرتي:
ماهي سبل الوقاية من أمراض القلوب؟ كيف نقي قلوبنا من الأمراض؟
الكل في المجالس يقول: يا دكتور كثرت الجلطات.. يا دكتور كثرت التهاب الصمامات.. يا دكتور كثرت الخفقانات، يا دكتور كثرت الوخزات، يادكتور كثرت الآلام.. فما السبب؟
أخواني نحن السبب.. كيف نقي قلوبنا من الأمراض؟
ما استطعت أن أجمعه وعدوا معي وقد تجمعون أكثر مني فقد جمعت إحدى وعشرين سبباً لهذه الأمراض..
كيف نقي قلوبنا من الأمراض؟
نقيها: 1- المحافظة على الصلاة. 2- المحافظة على قراءة القرآن. 3- البعد عن الغيبة. 4- البعد عن الحسد. 5- الأمر بالمعروف. 6- ذكر الموت والتفكر في ما بعد الموت، المنافسة في أعمال الآخرة، الإيمان بالقدر خيره وشره، استصغار الأعمال واستعظام الذنوب، النفس اللوامة، التعفف عما في أيدي الناس، السيطرة على ارتفاع ضغط الدم، المحافظة على الأكل ومحاربة السمنة وعدم المبالغة في الأكل، السيطرة على السكر، السيطرة على الكلسترول، السيطرة على التهاب اللوزتين والحلق خاصة عند الأطفال، البعد عن ما حرم الله من دخان وخمور ومخدرات، المحافظة على أعضاء الجسم وخاصة الأسنان، ممارسة الرياضة, أما آخرها فقد تستغربون.. الالتزام بقواعد المرور، سوف تقولون يا أبا محمد كيف هذه؟
كيف المرور يقي بأمر الله من الأمراض العضوية؟ وأنا أقول هذه ما سردتها عليكم إنما هي كيف نقي أنفسنا من الأمراض العضوية؟
سوف أبسطها وأسأل الله أن يعينني على ذلك..
كيف الصلاة تقي من الأمراض العضوية؟
أقول لكم ألم يقل المولى جل تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) فمن يصلي الصلاة فقد كان له أمران مُنع عن الفحشاء والمنكر، وتارك الصلاة يا أخوان كالذباب يقع على كل فاجر؛ فقد يكون شارب خمر ويؤذي قلبه، شارب دخان ويؤذي قلبه، شارب مخدرات ويؤذي قلبه.. وقد يكون صاحب غيبة ونميمة وحسد لأنه لم يصل صلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر، فأما ما ذكرت من الثلاث الأول فتعرفون أنها مما لا شك فيه أنها سبب مباشر في الأمراض العضوية للقلب.. وتسألونني كيف يكون الحسد والغيبة والنميمة سبب مباشر للأمراض العضوية للقلب؟ أقول إن صاحب الغيبة والنميمة والحسد في قلق في محنة لا يرتاح فيصاب بأمراض عدة أغلبها الخفقان، ألم تزد هذه الأيام أمراض الخفقانات في مجتمعات أمة محمد؟! ألم تزد تلك منظمات القلب في قلوب أمة الإسلام؟! ما سببها؟
ثم ثانيها ألم يقل سبحانه وتعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) فإذا صليت صلاة مودع اطمئن قلبك وانشرح صدرك ورخصت عندك الدنيا واهتميت بالآخرة، وجعل الله الدنيا أقل شيء عندك وجعل الله الآخرة أكبر همك ومن وصل إلى هذه المنزلة فقد ارتاح قلبه ولن يأتي لابن جبير في عيادته.. تقولون كيف هذا؟ كيف؟
اضرب لنا أمثلة ، اضرب لنا شيء من أمثلتك، أقول أضرب لكم اثنان.. جاءني رجل بعد صلاة العشاء وقال: إن زوجتي مصابة بخفقان وضيقة في الصدر، أريدك يا دكتور أن تراها، قلت: أحضرها غداً الساعة الثامنة إن شاءالله..
جاء بها وعملنا لها فحوصات فلم أجد بها شيئاً في القلب، قلت لها: تعالي.. يا أختي سوف أسألك خمس أسئلة، قالت: نعم؟ قلت: أنت تشتكين من خفقان في القلب، قالت: نعم، قلت: عندك القولون؟ قالت: نعم، قلت: عندك ألم في المفاصل؟ قالت: نعم عندي موعد مع دكتور المفاصل.. قلت: عندك ألم في المعدة؟ قالت: نعم عندي موعد مع دكتورة المعدة، قلت: عندك وجع في الرقبة والرأس وصداع؟ قالت: نعم عندي موعد مع دكتور الأعصاب، قلت: عندك ضيق في التنفس؟ قالت: نعم عندي موعد مع دكتور الصدر. قلت: أختي تريدين أن يشفيك الله؟ قالت: نعم، قلت: سوف أسألك سؤالين أو ثلاثة، قالت: ما هي؟ قلت لها: أتصلين الصلوات الخمس في وقتها؟ قالت: نعم ماعدا الفجر أحياناً، قلت لها: أتذكرين الله في الصباح والمساء؟ قالت: لا، قلت: ألك ورد من القرآن؟ قالت: لا.. أتقومين الليل؟ قالت: لا ... أتوترين؟ قالت: لا ، قلت لها أتريدين الشفاء؟ قالت: نعم، قلت: سوف أكتبُ لك وصفة ولكنها من العزيز المنان الرحمن الرحيم، كتبها لعباده فالكيس منهم من يحفظها، قالت: نعم.. ماذا؟ قلت: تقومين قبل الفجر قليلاً فتصلين ما يفتح الله عليك ثم تصلين الفجر وتذكرين الله بأذكار الصباح وتقرئين القرآن وتأخذين منه ورداً ثابتا ثم تصلين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في وقتها إذا دخل وقتها، ثم تحفظين لسانك من الغيبة والنميمة، فقالت: هذا صعب يا دكتور، قلت: حاولي فوالله ما اتجه للمنان العزيز الرحمن الرحيم أحدٌ إلا ساعده، بعد ثلاث أسابيع يا إخوان جاءني زوجها بعد صلاة العشاء أيضاً، سألته عنها؟ فضحك وقال: مزقت جميع المواعيد.. شفاها الله وجزاك الله خيراً أبا محمد قلت: لا والله ما عملت شيء، هي امرأة فيها خير وصلاح عرفت بتقصيرها فكان هذا حقاً..
أما الأخرى فقد كلمني عليها أحد الأقارب وما أن جلست هي وزوجها إلا وبادرتني بكلمة تقول: يا دكتور تعبت.. تعبت.. قلت لماذا تعبتي؟ قالت: ذهبت للدكتور الفلاني والدكتور الفلاني لي سنتان وأنا أذهب إلى الدكاترة ولم أشفى تعبت قلت: مما تشتكين؟ قالت: من خفقان ضيق في الصدر كسل وهن في العظام، قلت: خيراً إن شاء الله أرسلتها للفحص وبعد أربعة أو خمسة أيام جاءتني بفحصها نظرت لأوراق فحصها وجدتها سليمة مائة في المائة قلت: أنت سليمة بالمائة لكن أنت عندك مشكلة .. قلت: أنت تفعلين كذا.. قالت: نعم ..تغتابين..نعم .. تفعلين كذا ..نعم قلت: تريدين أن تشفي؟! قالت: نعم إذاً لماذا أتيت لك؟ قلت: تتبعين هذه الأشياء، قالت: أنت دكتور أم شيخ، أنا أريد دواء ما دخلك أصلي فرضي أم لا، قلت: هذا ما عندي.. المهم بعد أسبوعين علمت عن طريق قريبي هذا أنها ذهبت إلى أحد الزملاء ودفعت خمس أو ست آلاف للكشف وفي مستشفى آخر ثلاثة آلاف وبعدها في بريطانيا وبعدها في أمريكا تبحث عن العلاج.. والعلاج عند رب الداء والدواء..
كيف القرآن يحمي به الله قلوب عباده من الإصابة بالأمراض العضوية؟
إذا قرأت القرآن، يقول الله سبحانه وتعالى :(ألا بذكر الله تطمئن القلوب) فيطمئن قلبك وينشرح صدرك وتعلم أنك تخاطب ربك فيذهب سقمك ولا تأتي إلى ابن جبير في عيادته..
أخواني 60% بل 70% ممن يرتادون علي في العيادة أسبابهم أنهم أفرطوا في حق الله وما يرجع بعضهم إلا ويشفون وما يعاند بعضهم إلا ويذهب كما ذهبت تلك المرأة.
الغيبة الحسد النميمة كيف تؤثر على الشخص؟
كذلك تؤثر.. صاحب الغيبة والنميمة يا أخوان تكون عيناها كـ(مساحات السيارة) ينظر إلى الناس هذا كذا وذاك كذا وذاك كذا ومن أين حصل على كذا ومن أين اشترى كذا، ويدخل نفسه في دوامه قلق والمصابون بالقلق هم أكـثـر عرضة للإصابة بالشرايين التاجية.
- جاءني رجل أستاذ في الجامعة من هؤلاء أعلمكم بماذا يعمل؟!
يمشي ساعة ونصف في اليوم، يسبح من نصف إلى ساعة يومياً، يتمرن على الحديد قليلاً، يعمل حمية، يخاف من ماذا؟ يخاف أن يصاب بجلطة في القلب وعمره قد تعدى الخمس والأربعون قليلاً وإذا به يصاب بأسوأ أمراض شرايين نظرت إليها في حياتي جئت إليه وقال لي: يا دكتور لا أدري كيف أصبت بالجلطة، أجري وأسبح وأمشي ثلاث ساعات يومياً رياضة، لا أدري كيف أصبت؟
قلت: أأنت قلق من أجل ذاك قال: نعم، قلت: أنت صاحب كذا؟ قال: نعم، قلت: أنت مما يسمى القلقين لأنك لم تعطي الله حقه، فالقلقين يا أخوان من هم أصحاب النميمة والحقد والحسد ومراقبة الناس والظلم، هؤلاء تحت اسم القلقين وهي أول وأهم أسباب الإصابة بالشرايين فيما تحت الخمسين من عمرهم.
كيف يقي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمراض العضوية بالقلب؟
إذا أنت أمرت بالمعروف الأصل القائم عليه الأمر بالمعروف في الشرع هو الخيرية للأمه، والأصل القائم عليه هو طرد الأنانية، أحب للناس ما تحب لنفسك، تسمو بذاتك لتسعد غيرك، إذا وصلت لهذه الدرجة هانت عليك الدنيا فهان عليك ما فيها وذهبت لخالقها وبارئها فأصبح أكبر همك ربك ثم كتابه..
أما إذا كنت من الذين قد أهمتهم نفوسهم ويروا الخير ولا يدلون الناس عليه ويرون المنكر ولا ينهون الناس عنه ويقول: الحمد لله أنا طيب ولا شأن لي بأحد فهو قلق في نفسه ولا يحب الخير في نفسه فيكون من أصحاب القلق الزائد عن اللزوم ، وانظروا إلى هؤلاء الأنانيين تجدونهم في قلق انظروا لهم قد تجد قريب لك أو أخ أو جار، لا شأن له بأحد إلا نفسه تجده متقوقع على نفسه، تجده قلق بداخله وتجده أكثر عرضة للأمراض وللمصائب.
أما الايمان بالقدر خيره وشره..
فهو أصل المؤمن وهو ميزان المؤمن فمن يكون إيمانه بالقدر خيره وشره في ارتفاع فلا تهمه الدنيا بما فيها يعلم أنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، فيرتاح ما جاء رزقه، ما لم يأته ليس برزقه، فيكون بعيد عن القلقين، يعرف أنه إذا مرض ولده فهو عليه أن يعمل الأسباب بل يجتهد ويجب أن يكون من المؤمنين الأقوياء لينفع الدين ولكن إذا لم تأتي له هذه، فيعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يقدرها له، فيقول: الحمد لله..
وإذا جاءته مصيبة يقول: إن لله وإنا إليه راجعون، كلنا راجعين لربنا، الحمد لله هذه من الله ولم يكتب لي هذا الولد أو لم يكتب لي أن آخذ هذا الرزق، فهو في نشوه لأنه مؤمن بالقدر خيره وشره، فلن يكون من أصحاب القلقين، وقد رأيتم يا إخوان الأمة الآن كيف هي في قلقها.. الواحد إذا ولد له ولد ومازال صغير عمره شهرين ثلاثة يفكر كيف سيدخل هذا الابن الجامعة؟ كيف نطعمه؟ كيف نسقيه؟ أنبحث له عن واسطة من الآن؟ ندخل في قلق منذ الآن ثم نسأل لماذا آباؤنا قليلي الإصابة بأمراض القلوب ونحن هذا حالنا..
بالأمس ثمانية في ليلة واحدة لم نستطع إدخالهم امتلأت المستشفيات من أمراض القلوب والسبب القلق، السبب عدم الإيمان بالقدر خيره وشره، السبب الغيبة والحسد الحقد، السبب نستحي أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، فكيف لا تصاب قلوبنا بأمراض؟ وكيف لا نقلق؟ وكيف لا نكون من أصحاب هذه الأمة؟
ذكر الموت (وكفى بالموت واعظا)..
اتصل بي المستشفى وقال: إن مريضك الفلاني قد هرب، قلت: الحمد لله، -الذي عمليته غدا هرب- الحمد لله، الله لم يقدر له أن تعمل له عمليه، بعد أسبوعين أو ثلاثة جاءني هذا الولد رأيته يتمشى حول العمليات، قال: سكرتيري هناك شخص يبحث عنك، قلت له: دعه يحضر، وجدت شاب عمره 19 سنة، قال: أنا فلان الفلاني، تذكرت؟ قلت له: أنت الذي هربت، قال: نعم، قلت: لماذا هربت؟ قال: والله خفت من الموت، قلت: لماذا خفت من الموت؟ قال: لأني لم أستعد له، قلت: ولماذا لم تستعد له؟ قال: النفس والهوى والشيطان، قلت: متى أطال الله عمرك تريد أن تموت؟ قال: تضحك علي يا دكتور؟ قلت: يعلم الله أني لست بضاحك ولا مازح لكن متى تريد أن تموت؟ قال: ليس بيدي ذلك، قلت: لا ولكن أنت الآن تعترف أن أعداءك الحقيقيين هم المسيطرين عليك متى تريد أن تتفاهم مع أعداءك وتتركهم، لو سألتك الآن أتريد أن تدخل الجنة أم النار لقلت ملئ فمك أريد الجنة.. فهل عملت لها، قلت: لا.. أعدائي الثلاثة سيطروا علي، متى إذاً تريد أن تموت، قال: يا دكتور أنا في قلق وأنتم قلتوا لي خطورة العملية 2% فخفت وهربت، لأني فعلاً لا أصلي لا أفعل أي شيء فخفت أن أموت، قلت: يا بني، هل تضمن أن تخرج مع هذا الباب؟ قال: لا، قلت: دعني إذاً أقولك لك بعض القصص، قلت له: ذهبت إلى شخص كان ساهي عن الصلاة ومن الساهين الساهين عن الصلاة ومن الذين يصلون مجاملة أو في رمضان، فذهبت إليه يوم الثلاثاء عصراً أناصحه في الصلاة وبعد أن جادلني وجادلته وجادلني وجادلته، قال: يا أخي أبا محمد إذا كان الذي أتى بك موضوع الصلاة فأنسى الموضوع لا أريد أن أصليها، قلت له: يا رجل لا يجوز قد تموت غداً أو بعد غد، قال: أنا عمري أربعين سنة الآن وأبي وصل التسعين وجدي وصل المائة وإن شاء الله إذا وصل عمري للستين صليت، جادلته جادلته، فالشيطان ونفسه وهواه سيطروا عليه فتركته قُبيل المغـرب.. يوم الأربعاء، الساعة العاشرة اتصل بي أحد الأخوة قال لي: يا أبا محمد إن شاء الله سنصلي على أبا فلان الذي كنتُ عنده يوم الثلاثاء، قلت: ماذا حصل؟ ذهب على طريق منطقة الشرقية يوم الأربعاء عصراً فمات في الطريق..
أخي.. أخي هذا أراد كم ليتوب؟ عشرون عاماً، أمهله ذا الطول شديد العقاب كم؟ عشرون ساعة؟
فلا يغتر أحد.. مشكلتنا يا أخواني أننا نغتر بصحتنا، بسننا، بصغرنا، بعافيتنا، ثم إذا ذهبنا لشخص في المستشفى ظننا أنه هو الذي سيموت ونحن الذين سنحيى ثم يخرج الواحد ويموت في الشارع بحادث أو خفقان كما مات أحد الأخوة من أسبوعين أو ثلاثة ذهب للمستشفى ليعود شخص في الإنعاش فمات عند باب الإنعاش.
-أجريت عملية لشخص مسن عمره 85 عاماً قد توقفت كلاه وضعف قلبه ضعفاً شديداً شديداً شديدا، وأصيب بجلطة في دماغه ورئتاه تعبه، جاءني أخصائي القلب وقال لي: يا دكتور أجري عملية لهذا الرجل ليس هناك حل إلا هذه العملية؟ ففكرت وقلت: لعلي أحتسب أجر هذه العملية ولعله يسبح ويهلل يوم أو يومين فأشاركه أجره، ثم توكلت على الله وكانت نسبة خطورة وفاته أكثر من 95% فطلبت من موظفي الدخول أن يضعوا لي حالة صغيره خطورتها قليلة جداً جداً حتى تكون حاله طويلة ومعقدة، وحاله صغيره حتى لا أجهد نفسي، فماذا كانت النتيجة؟
المحيي من؟ الله.. المميت من؟ الله.. وليس ابن جبير، والمقدر من؟ ربي.. كانت النتيجة لهذا المسن صاحب 95% وفاة يخرج من غرفة العمليات طيب مشافا الساعة 12 ظهراً، وذلك الشاب الذي لو رأيته لقلت لاعب كرة نسبته وفاته أقل من نصف في المائة، لديه صمام يريد أن يصلحه تصليح فقط، يخرج فجراً مُتوفياً من العمليات انظروا فلا تغركم حياتكم..
قصـــــــة ووقفــــــة..
أما القصة فهي ذهبت مرة معزياً إلى رجل قد توفى الله ابنه في ثاني ثانوي وما أن ذهبت إليه وجدت ذلك الرجل المحتسب كأن لم يمت له أحد في تسبيح وتهليل وحمدت الله أن وجدت من أمة محمد على مثل هذا الاحتساب، وبعد سبعة أشهر أو ثمانية، ذهبت إلى ذاك الرجل نفسه فقد مات أخوه في أولى جامعة ووجدته عجباً وجدته باكياً ساخطاً كلما سكت دقيقة بدأ بالبكاء دقائق تعجبت من أمره، فأخذته على جنب، وقلت: عجباً لأمرك.. يموت ابنك ويكون هذا حالك من احتساب، ويموت أخوك ويكون هذا أمرك! من السخط!.. فبكى ثم بكى وقال: أبا محمد ابني مات -أحسبه إن شاء الله على طاعة على صلاة وصيام- فكلما تذكرته تذكرت قبره بأمر الله أحسبه والله حسيبه روضة من رياض الجنة، أما أخي مات وهو على معاصي بل لا يصلي فكلما ذكرته ذكرت قبره وقد أصبح حفرة من حفر جهنم، كلما ذكرته تذكرت تلك الحية السوداء وتلف على جسده، وكلما ذكرته ذكرت الملائكة وهم بالمطارق فوق رأسه، فكيف تراني لأبكي؟ فوالله ما بكيت على قدر الله ولا سخطت من قدر الله، وإنما بكيت على حال أخي، قلت له: غفر الله لي ولك فوالله إني حزين منذ ثلاثين عاماً على صديق لي مات على هذه الحالة كلما ذكرته...
أخي.. لماذا لا نتعظ بغيرنا ونضع الموت أمامنا.. وسؤال ووقفة: كم منا من الجالسين من زار المقابر في آخر عشر سنوات للاتعاظ وليس للعزاء أو المجاملة؟ كم منا يا أخوان من إذا دخل المقبرة ولو كان ذاهباً لمجاملة أو طالباً لأجر في تعزية وعندما دخلها وقف جسمه وارتفع شعره ثم بكى وتباكى عندما نظر إلى قبر من القبور وليس لتلك المقابر؟
كم منا يا أخوان ذاك الرجل؟ للأسف يا أخوان نحن إذا ذهبنا إلى المقابر للمجاملة ننسى ثلاثة أشياء أو ينسينا الشيطان والسبب قلة الإيمان وأننا وضعنا الموت خلفنا، لم نضعه أمامنا، ونسينا أن نقول الذكر الذي يقال لأهل المقابر، كأننا داخلون لبيوتنا لساحة المنزل، ثانياً ننسى التباكي والبكاء ونتذكر، أعوذ بالله.. لو كنت أنا الذي بالقبر وعلى هذا الذنب أو هذه الغيبة والنميمة أو الظلم، ماذا سيحصل لي؟ كم منا ذاك الرجل؟ كم منا من يفعل المواقف لردع نفسه وتوبته؟
أخواني.. أسألكم سؤالاً أخيراً في الموت.. كم منا يا أخوان من إذا لبس ثوبه الأبيض، تذكر الكفن فبكى وتباكى، أو كم منا يا أختاه إذا جاءت وألبست طفلها ثوبه الأبيض بكت أو تباكت لأنها تذكرت الكفن، ثم قالت: ربي أعني على التوبة من ذاك الذنب، صلاة الله أعلم بها.. يارب يا كريم يا منان يا رحيم تب علي قبل أن أصل هذا الموقف، وأعني على التوبة والمحافظة عليها، كم منا ذاك الرجل؟ وكم منا تلك المرأة؟
يتبع ...