فوائد علمية
وآداب إسلامية (8)
عبد الرحمن بن ندى العتيبي
الحمد لله
وبعد: نكمل ما ذكرنا من فوائد علمية وآداب إسلامية.
24-
علم تفسير القرآن الكريم يبحث عن أحوال القرآن الكريم.
التفسير
لغة: الإيضاح والتبيين.
تفسير القرآن الكريم يشتمل على المباحث
التالية:
1- البحث عن أحوال القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد
الله تعالى بقدر الطاقة البشرية.
2- البحث فيه عن أحوال القرآن
الكريم من جهة نزوله وأدائه ومعانيه المتعلقة بالألفاظ ومعانيه المتعلقة
بالأحكام.
3- التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن
ومدلولاتها وأحكامها ومعانيها التي تحمل عليها حال التركيب، وغير ذلك
كمعرفة النسخ وأسباب النزول وما به توضيح المقام كالقصة والمثل.
4-
تفسير القرآن مصدره ما يلي:
أ-- القرآن (تفسير القرآن بالقرآن)
مثاله قوله تعالى (والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق
النجم الثاقب) فعلمنا أن المقصود بالطارق هو النجم.
ب-
السنة النبوية (تفسير القرآن بالسنة كما في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه
لما نزلت (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من
الخيط الأسود من الفجر ([البقرة- 187]، قال عدي بن حاتم: يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين عقالا أبيض وعقالا
أسود أعرف الليل من النهار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إن وسادتك
لعريض إنما هو سواد الليل وبياض النهار« [رواه البخاري ومسلم].
ففسرت
السنة الخيط الأبيض والخيط الأسود وأن المراد بهما بياض النهار وسواد
الليل وهو توقيت بداية الإمساك عن المفطرات.
ت- تفسير القرآن
المنقول الثابت عن الصحابة ومن أشهر الصحابة معرفة بتفسير القرآن عبد الله
بن عباس رضي الله عنه حبر هذه الأمة.
ث- اللغة العربية فإن القرآن
نزل بلغة العرب، وقد ألف العلماء في تفسير القرآن ومن هذه التفاسير (تفسير
ابن كثير- فتح القدير للشوكاني- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
للشنقيطي- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لابن سعدي).
25- شارب الخمر يعزر بالجلد
الخمر أم الخبائث
فمن يشرب المسكر يفقد عقله ويمكن خلال سكره أن يقتل أو يزني أو يسرق ويفعل
أقبح المنكرات تحت تأثير الخمر، وهي من الكبائر المحرمة قال تعالى (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان
فاجتنبوه) [المائدة- 9]،
أكثر أهل العلم على أن شارب الخمر يجلد
أربعين أو ثمانين جلدة، واختلف هل عقوبته حد أو تعزير ورجح بعضهم أنه
تعزير ولا يكون أقل من أربعين جلدة وإذا تكرر شربه حتى بلغ الرابعة، فإن من
يصحح حديث إن شرب فاجلدوه فإن شرب فاجلدوه فإن شرب الرابعة فاقتلوه، يرى
قتله، وأكثر أهل العلم على أنه لا يقتل شارب الخمر وإن تكرر شربه، وأن
الحديث منسوخ، وبعض العلماء يرى أنه محكم وأنه لا صلاح للأمة إلا بقتل من
يدمن شربها وهذا رأي أبي محمد علي بن حزم، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه
لا يقتل إلا إذا لم ينته الناس إلا بالقتل فيعمل به.
ما خلط بالخمر
اليسير لا يحرمه كحال بعض الأدوية مما يذكر أن فيها كحول، وقد ذكر ذلك أهل
العلم في حد المسكر.
26- سلامة
المعتقد في إثبات صفات الله كما جاءت
الله ربنا جل وعلا له
صفات الكمال التي لا يعتريها نقص ولا زوال فهو سميع بصير حي، قال تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، وقال تعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم)،
ومن صفاته
تعالى أنه يحب ويكره، قال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله
فاتبعوني يحببكم الله)، وقال تعالى (ولكن كره
الله انبعاثهم فثبطهم) [التوبة- 46]،
ونثبت هذه الصفات كما جاءت
في كتاب الله أو ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم إثبات دون تعطيل أو
نفي أو تشبيه ومماثلة لصفات المخلوقين، ومن الناس من يتوهم في بعض الصفات
أنها تماثل صفات المخلوقين ثم يريد أن ينفي ذلك الذي فهمه فيقوم بنفي
الصفات وهذا النافي يقع في المحاذير التالية:
1- أنه مثَّل ما فهمه
من النصوص الشرعية بصفات المخلوقين وظن أن مدلول النصوص هو التمثيل.
2-
التعطيل: وذلك أنه إذا جعل التمثيل هو مفهوم النصوص بقيت النصوص معطلة عما
دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله عز وجل وينتج عن هذا مفاسد منها:
أ-
جنايته على النصوص الشرعية الثابتة وتحريفها عن مدلولها.
ب- ظنه
السيئ بالله ورسوله حيث ظن الذي يفهم من كلام الله وكلام رسوله هو التمثيل
الباطل.
ت- نفيه تلك الصفات عن الله عز وجل بغير علم فيكون معطلا
لما يستحقه الرب قال تعالى (ولا تقف ما ليس لك به
علم).
ث- أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات فيكون قد عطل صفات
الكمال التي يستحقها الرب ومثله بالمنقوصات والمعدومات.
ج- وبهذا
نعرف أن الناقص للصفات وقع مما هرب منه وهو التمثيل بالمخلوقين فهو تصور
ذلك أولا ثم نفاه، أما المثبت للصفات كما جاءت فهو في سلامة من ذلك
التمثيل.
والمثال على ما وقع فيه النافي: الاستواء، فإن الله وصف
نفسه بالاستواء فقال تعالى (الرحمن على العرش استوى)
فظن المتوهم أن استواءه على العرش كاستواء الإنسان على ظهور الفلك
والأنعام وبهذا وقع في المحذور الأول وهو التمثيل، ووقع في المحذور الثاني
حيث إنه عطل النص القرآني عما دل عليه من الوصف اللائق بالله جل وعلا.
ووقع
في المحذور الثالث حيث إنه فسر الاستواء بمعنى الاستيلاء وهذا قول على
الله بغير علم، ووقع في المحذور الرابع عندما وصف الله بنقيض صفات الكمال
فوصفه بصفات النقص وهي كونه محتاجا إلى العرش كحاجة المخلوق إلى الفلك
والأنعام إذا استوى عليها تعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرا، هذا
التقسيم مستفاد من كتاب الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وسلامة
المعتقد هي في إثبات صفات الله والإيمان بها فنحن لا نعبد عدما وإنما نعبد
الله العظيم الذي له صفات الكمال التي لا تشابه صفات المخلوقين ولا يسأل
عن كيفيتها كما حصل مع الإمام مالك عندما سأله سائل عن كيفية الاستواء
فأجاب مالك: الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة وأمر بإخراج
السائل من المسجد لأنه سائل متكلف متنطع، والإيمان بالصفات الثابتة لله
يوجب تعظيمه ومحبته والخضوع له والاستسلام والانقياد لأوامره واجتناب
نواهيه والطمع في رضاه وخشية سخطه وله صفة الرضا والسخط قال تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه) [البينة- 8]،
وهو يغضب
ويسخط قال تعالى: ?أن سخط الله عليهم?
([المائدة- 80]، وقال تعالى: ?يا أيها الذين آمنوا لا
تتولوا قوما غضب الله عليهم? [الممتحنة- 13] والسخط بمعنى الغضب.
نسأل
الله العافية والسلام وأن يثبتنا على معتقد أهل السنة والجماعة وأن يجنبنا
الخزي والندامة.